المحتوى الرئيسى

النفط بين الدبلوماسية والاقتصاد

02/17 14:39

انقسم المتابعون لاتفاق الدوحة الرباعي على تثبيت إنتاج النفط عند مستويات يناير/كانون الثاني الماضي بين متفائل ومتشائم، لكن الجميع يرى أن الاتفاق -الذي جاء مشروطا بمشاركة المنتجين الآخرين- كان سياسيا بعباءة اقتصادية.

ويرى هؤلاء أن الاتفاق قد تكون بانتظاره عقبات كثيرة ربما تحول حتى دون تنفيذه، لكن تبقى للقاء بذاته أهمية كبيرة، وربما تكون له انعكاسات أهم في ملفات أخرى بعيدة عن الاقتصاد، وقريبة أكثر من السياسة.

وقد اتفق وزراء النفط في كل من السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا أمس الثلاثاء على تثبيت إنتاج الخام عند مستويات يناير/كانون الثاني الماضي، لكنهم قالوا إن الاتفاق مشروط بمشاركة المنتجين الآخرين.

وقد ناقشت حلقة من برنامج "ما وراء الخبر" دلالات التوصل إلى الاتفاق، وأبعاده السياسية، وكيف سيؤثر الاتفاق على ملفات أخرى متقاطعة بين الأطراف المشاركة في المنطقة، فقد جمعت الدوحة وزيري النفط السعودي والروسي في وقت تتزايد فيه التوترات السياسية، وانعكاسات الوضع المتأزم في سوريا.

ورأى ضيف الحلقة عضو مجلس الأمة الكويتي السابق عبد الرحمن العنجري أن اجتماع الدوحة كان لقاء "سياسيا مغلفا باجتماع اقتصادي يتعلق بالنفط"، لافتا إلى أن النفط رغم كونه سلعة اقتصادية إستراتيجيه إلا أنه جزء أصيل من السياسة.

ورأى العنجري أن الأسواق كانت تتوقع من اجتماع الدوحة ما هو أكبر من الاتفاق الذي تم الإعلان عنه، مؤكدا ضرورة خفض الإنتاج. وقال إن الاتفاق قد يكون بداية لاتفاقات أخرى.

ولفت إلى أن دول الخليج تعتمد على النفط كمصدر أساسي لإيراداتها، وقد تأثرت كثيرا من انخفاض أسعار النفط، معربا عن اعتقاده بضرورة خفض الإنتاج بنسبة 10% إلى 20% حتى يصل سعر البرميل إلى ستين دولارا.

وأشار إلى عجز يصل إلى أرقام فلكية غير مسبوقة في ميزانيات بعض دول الخليج -مثل السعودية- إذا استمر التدهور في سعر النفط، وحذر من أزمات مالية كبيرة تواجه هذه الدول في حال استمرار أزمة النفط.

المستشار في شؤون النفط والطاقة مصطفى البازركان قال في "ما وراء الخبر" إن الأسواق كانت تتوقع أكثر من هذا الاتفاق، مضيفا أن اشتراط موافقة باقي الدول على تثبيت إنتاج يناير/كانون الثاني الماضي أمر صعب، مشيرا إلى أن إنتاج الشهر الماضي بالنسبة لروسيا -على سبيل المثال- هو أعلى إنتاج على الإطلاق منذ تفسخ الاتحاد السوفياتي.

هذا الاتفاق -يقول البازركان- قد يمهد لاتفاقات أخرى، لكنها لن تكون يسيرة.

ووصف الاجتماع بـ"دبلوماسية النفط"، بمعنى استخدام النفط لتحقيق تقارب سياسي للدول المجتمعة، وأكد أنه لا بد أن يتبع الاتفاق خفض للإنتاج لأن الأسواق تعاني من وفرة.

فقد أعلنت منظمة أوبك سابقا عن نية تخفيض الإنتاج بالتوافق مع الدول المنتجة للنفط من خارجها، لكن هذا الاتفاق لم يتم. ويلفت البازركان إلى أن روسيا لم توافق على خفض إنتاجها وإنما تثبيته، في حين أن مستوى هذا الإنتاج هو الأعلى منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، كما يؤكد ضرورة التزام دول منتجة أخرى بالاتفاق.

النفط ليس مجرد سلعة اقتصادية، بل هو أداة سياسية، وهو إحدى أدوات السياسة الخارجية وإحدى أدوات الضغط على بؤر الصراع في سوريا وأوكرانيا، هذا ما يراه العنجري.

ويشير إلى دور للولايات المتحدة، ويقول إن هناك دراسة أميركية سابقة ركزت على البحث عن "الزلزال الذي يركع الاقتصاد الروسي"، وانتهت إلى ضرورة أن يصل سعر النفط إلى ثلاثين دولارا للبرميل ويستمر كذلك لفترة، وكذلك ضرب العملة الروسية، وهو ما تحقق بالفعل.

كما يرى أنه إذا لم تحل الأزمة السورية في ظل التدخل الروسي المباشر بها فإن أسعار النفط ستظل على انخفاضها، مشيرا إلى أن سوريا نقطة خلاف سعودي روسي كبيرة.

من جانبه، يقول البازركان إن الاقتصاد والسياسة في هذه الحالة متشابكان بشكل كبير، ويضيف أن حضور روسيا اجتماع الدوحة -رغم رفضها ذلك على مدى عام كامل- مرده إلى انكماش الاقتصاد الروسي.

ويلفت إلى أن هناك ضغوطا سياسية على روسيا، خاصة أنها خرجت بخفي حنين من الاتفاق النووي الغربي مع إيران، وتحاول تعويض ذلك بانتصار في سوريا، مؤكدا أن روسيا ستضطر إلى الرضوخ لهذه الضغوط في النهاية.

وفي إطار تشابك السياسة والاقتصاد في الشرق الأوسط، أعطت إيران اليوم الأربعاء إشارات على أنها ستتبنى نهجا متشددا في المباحثات بين منتجي النفط بشأن تقييد الإنتاج، قائلة إنها ستواصل زيادة الإنتاج إلى أن يصل إلى مستوى ما قبل فرض العقوبات الدولية عليها بسبب برنامجها النووي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل