المحتوى الرئيسى

اللقاحات مقابل الجراثيم

02/16 21:56

سلط انتشار فيروس زيكا -مثل إيبولا قبله- الضوء على الخطر الذي تشكله الأمراض المعدية على صحة بلدان بأكملها، وكذلك أهمية اللقاحات لمكافحة الأوبئة التي تتحرك بسرعة.

وفي الواقع فإن الجهود جارية بالفعل لإيجاد السبل لتحصين الناس ضد كلا الفيروسين، ولكن اللقاحات لها دور مهم أيضا في حمايتنا ضد تهديد فتاك وأكثر قابلية للتنبؤ: عدوى مقاومة العقاقير.

وعلى عكس الانتشار السريع وغير المتوقع مثل تفشي وباء زيكا فإٍن مقاومة مضادات الميكروبات تشبه حادث سيارة بطيئة الحركة والذي بدأ بالفعل، إن مسببات الأمراض المقاومة تؤدي إلى نحو سبعمئة ألف حالة وفاة كل عام، فإذا فشلنا في اتخاذ الاحتياطات اللازمة فسيتم قتل نحو عشرة ملايين شخص سنويا بحلول عام 2050.

سيساعد تطوير مضادات حيوية جديدة ووضع أساليب لتمديد فترات حياة الأدوية الحالية في الحفاظ على ضمان العلاجات الفعالة، لكن اللقاحات توفر فرصة فريدة من نوعها، فهي تساعد على الحد من عدد الإصابات وبفضلها لن تكون هناك حاجة لتناول الدواء، ولأن استخدام (أو الاستخدام المفرط) للمضادات الحيوية هو ما يؤدي إلى مقاومة العقاقير فسيتم تخفيف الضغط على أنابيب العلاجات الفعالة.

ومع الأسف، لم يتم بعد التعرف وبشكل واضح على القيمة التي يمكن للتلقيح أن يوفرها في هذا المجال، ونتيجة لذلك فإننا لا نتحرك بسرعة كافية لتطوير أنواع اللقاحات التي يمكن استخدامها لمنع مقاومة مضادات الميكروبات.

وعادة ما يستغرق تطوير اللقاح فترة طويلة، وفي كثير من الأحيان يستمر لأكثر من عشر سنوات، وهو مسعى له مخاطر بالغة، بالإضافة إلى أغلبية اللقاحات التي يتعذر عليها الوصول إلى السوق، ونتيجة لذلك فإن العديد من اللقاحات ليست مجدية تجاريا حتى لو كانت مفيدة للمجتمع.

وفي الحقيقة، لا يوجد لقاح متاح لأي من التهديدات الثلاثة للمقاومة التي تعتبرها المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية مسألة "مستعجلة"، وهي بكتيريا (Clostridium difficile) وبكتيريا الأمعائيات المقاومة للكاربابينيم (carbapenem-resistant enterobacteriaceae)، والبكتيريا النيسيرية البنية المقاومة للعقاقير (drug-resistant Neisseria gonorrhoeae)، ولا توجد لقاحات كافية ضد هذه الجراثيم الخاضعة للتجارب السريرية.

وهناك أيضا مشاكل تخص تطوير اللقاحات لمكافحة داء السل والسل المقاوم للأدوية المتعددة، وقد حذرت منظمة الصحة العالمية من أن أحد أهداف التنمية المستدامة -وهو القضاء على السل بحلول عام 2035- لن يتحقق ما لم يتم تطوير عقاقير جديدة وتشخيص أفضل وتحسين اللقاحات، ومع ذلك فقد ظل اللقاح الجديد مستبعدا لسنوات عديدة، خصوصا أن تمويل بحوث لقاح السل قد تراجع في السنوات الأخيرة.

ولم يتم استعمال حتى اللقاحات المتوفرة بالفعل على نطاق واسع بما فيه الكفاية لكي يكون لها تأثير كبير على استخدام المضادات الحيوية والمقاومة، ومن شأن التلقيح الشامل أن ينقذ ملايين الأرواح وأن يحول دون استخدام نحو 11.4 مليون يوم من المضادات الحيوية سنويا بالنسبة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات.

كما يمكن استخدام لقاح فيروس الروتا لمنع تفشي الإسهال، وهو السبب الرئيسي لوفيات الأطفال في البلدان النامية والمحرك الرئيسي لاستخدام المضادات الحيوية.

وللقاحات أيضا دور مهم في حماية الثروة الحيوانية والسمكية من الأمراض، وتحسين تطبيق المضادات الحيوية في الزراعة، حيث إن الإفراط في استخدامها هو أحد أهم أسباب المقاومة المتنامية.

ويتطلب تعظيم إمكانات اللقاحات لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات تطبيق اللقاحات الموجودة في البشر والحيوانات على نطاق أوسع، لكن ذلك سيستتبع تطوير لقاحات جديدة التي على المدى القصير يمكن أن تبدأ بملياري دولار من صندوق الابتكار العالمي، وذلك من أجل البحث في مرحلة مبكرة عن اللقاحات والبدائل الصالحة للمضادات الحيوية.

وفي المناطق التي ليس فيها إقبال على البحث والتطوير يجب إعطاء فرصة للمطورين لتحقيق عائدات من منتجات مفيدة اعتمادا على خصائص المنتجات المختلفة، وستشمل التدخلات الممكنة التزامات السوق المسبقة ومكافآت دخول السوق.

ويمكن للقاحات أن تؤثر بشكل كبير على مقاومة الأدوية إذا كانت مدرجة كجزء من سلسلة واسعة من التدخلات لمكافحة هذه المشكلة، ولحسن الحظ فقد بدأ الوعي بشأن هذا التحدي ينمو.

ففي تجمع المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس الشهر الماضي التزمت 85 شركة -بمن في ذلك مطورو اللقاح وشركات الأدوية الكبيرة ومطورو التشخيص وشركات التكنولوجيا الحيوية- باتخاذ المزيد من الإجراءات للحد من مقاومة الأدوية.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل