المحتوى الرئيسى

ما هو وضع الأقليات الدينية في إيران اليوم؟

02/16 14:22

مع استعداد المنتخب الوطني الإيراني لخوض منافسات كأس العالم العام الماضي، وقف أندرانيم تيموريان Andranik Teymourian في الصف مع زملائه وهم يقبلون القرآن كطقسٍ من طقوس حفلات الوداع.

مع أنّه ليس مسلماً،  لم يرد الإيراني، من أصل أرميني، أن يفتعل المشاكل، لذلك أدى هذا الطقس الذي يعتبر مهماً في الثقافة الإيرانية. حتى أن الشيخ الذي يحمل القرآن لم ينجح في إخفاء ردة فعله على "غرابة" هذا المشهد.

لا يخجل لاعب الوسط ابن الـ32 عاماً والمعروف باسم آندرو أو ساموريا، تيمناً بقصة شعره، من إظهار مسيحيته، إذ يؤدي غالباً حركة تدل على ديانته على أرض الملعب. في أبريل 2015 أصبح تيموريان، الذي لعب لفريقي بولتون واندررز وفولهام، القائد المسيحي لمنتخب جمهورية إيران الإسلامية.

وفي مقابلة معه يقول تيموريان: "إنني سعيدٌ لكوني مسيحياً ألعب في منتخبٍ مسلم. لدي جذورٌ أرمنية، ولكنني أحمل جواز سفرٍ إيرانياً، وأنا فخورٌ بذلك وأرفع علمي عالياً، كما أتمنى أن أحسن سمعة الشعب الأرميني في إيران".

يشكل الأرمن غالبية المسيحيين في إيران وعددهم  يصل إلى 300,000. يندمج الأرمن اندماجاً كلياً في المجتمع الإيراني، من الموسيقي لوريس تجيكنافوريان Loris Tjeknavorian إلى سومبات هاكوبيان Sombat Hacoupian الذي أسس أكثر ماركة ملابس رجالية شهرةً في إيران.

ومع أنّ الإسلام هو الدين الرسمي في إيران، تعترف الجمهورية الإسلامية بالدين المسيحي واليهودي والزرادشتية، كأديان الأقليات، إذ يسمح لأتباعها ببناء دور عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية، كما أنهم يحظون بتمثيلٍ في البرلمان الإيراني. وفي دولةٍ تحرّم شرب الخمر وتناول لحم الخنزير يحق للمسيحيين القيام بذلك.

في إيران 600 كنيسة على الأقل، منها كنيسة القديسة ماري في تبريز العائدة إلى القرن السادس، وهي كنيسة أتى ماركو بولو على ذكرها في كتاب أسفاره. كما أن محافظة أذربيجان الغربية المجاورة تحتضن دير القديس تداوس الذي اعترفت به الأونيسكو كموقعٍ تراثي عالمي.

عندما وصل حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة في العام 2013، عيّن علي يونسي وزيراً للاستخبارات والأمن القومي السابق في منصب مساعده الخاص لشؤون الأقليات. ويذكر أنها كانت المرّة الأولى التي يُبتكر فيها هذا المنصب، ومنذ ذلك الوقت حصلت تحسينات مهمة في وضع الأقليات، لكن لا يزال هناك المزيد من التحديات.

وفي شهر أبريل، مع إحياء أرمينيا، الجارة الشمالية لإيران، الذكرى المئوية للمجزرة التي حصلت عام 1915، قامت الحكومة الإيرانية، التي دائماً ما ينتابها التوتر من التجمعات الكبيرة والحشود، باتخاذ قرار نادرٍ يسمح للأرمن بتنظيم وقفةٍ احتجاجية أمام السفارة التركية في طهران.

لقد تغيرت طريقة تعاطي النظام مع الأقليات، ففي فبراير أعلم يونسي أنه لم يعد من الضروري على الطلاب اليهود التوجه إلى مدارسهم نهار السبت، وهو يومٌ مهم في الروزنامة اليهودية، علماً أنّ أيام الدراسة في إيران تمتد من السبت إلى الخميس، ويعتبر نهار الجمعة نهاية الأسبوع.

كتب المدوّن الإيراني الإسرائيلي مأير جافندار: "هناك عدّة أسباب وراء رحيل عائلتي عن إيران عام 1987، والأهم كان قرار الحكومة الإيرانية آنذاك بعدم الاعتراف بيوم السبت المقدّس يوم عطلةٍ للطلبة اليهود".

حاولت إدارة الرئيس روحاني تحسين الصورة الإيرانية، خصوصاً في ما يتعلق بالموقف الرسمي تجاه المجتمعات اليهودية في الدولة، بعد أن شوّه سلفه محمود أحمدي نجاد تلك الصورة، عندما نكر واقعة الهولوكوست وخطابه المعادي للسامية.

قام روحاني باصطحاب عضو البرلمان الإيراني اليهودي الوحيد إلى نيويورك في زيارته الأولى إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، استنكر روحاني القتل الجماعي الذي مارسه النازيون ضد اليهود، واصفاً الحادثة بالجريمة ضد الإنسانية. كما غرد مباركاً لليهود بحلول رأس السنة العبرية، وكرّم الجنود الإيرانيين اليهود الذين قتلوا في الحرب التي دامت 8 سنوات ضد العراق في الثمانينيات.

كذلك زار الشيخ يونسي منذ تعيينه، دور العبادة اليهودية والكنائس في البلاد. وبحسب صحيفة الشرق الإصلاحية اليومية، قال يونسي بعد إحدى زياراته لمدينة شيراز: "إيران لكل الإيرانيين مهما اختلفت أديانهم وأعراقهم، ويتمتع جميعهم بحق العيش بسلام. لا يحق لأحدٍ التعدي وقمع حقوق أي فئة من الأقليات فجميعنا نتمتع بالحقوق نفسها".

قدمت الحكومة العام الماضي نحو نصف مليون دولار للمستشفى اليهودي في طهران، لكن المتشددين الذين عارضوا هذه الخطوة الاسترضائية، لم يبقوا مكتوفي الأيدي، بل قاموا بتنظيم مسابقة لعرض الرسوم الكرتونية، التي تنفي مزاعم الهولوكوست في العاصمة طهران.

يعتقد أنّ إيران لديها أعلى نسبة يهود في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، لكن هذه النسبة انخفضت بعد الثورة الإسلامية، حين سافر العديد منهم إلى إسرائيل أو بلدانٍ أخرى.

وعلى الرغم من العداء القائم بين إيران وإسرائيل، فإنّ الشعب الإيراني هو الشعب الأقل تطرفاً تجاه السامية في الشرق الأوسط، استناداً إلى الإحصاءات الأخيرة التي أجرتها جامعة مكافحة التشهير التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها. لكن على الرغم من السماح لليهود بممارسة شعائرهم الدينية، كالأقليات الأخرى، أشارت بعض التقارير إلى أنهم يعاملون معاملة المواطن من الدرجة الثانية.

وضع الزرادشتية في إيران أفضل من وضع اليهودية، فقبل الإسلام اعتنق الإيرانيون الزرادشتية، كما أنّ ثقافة الدولة تمثل خليطاً بين التقاليد الزرادشتية والإسلامية. لا تزال بعض التقاليد موجودة في إيران حتى اليوم، منها النوروز أو  رأس السنة الفارسية، وهو أيضاً يومٌ مقدّس لدى أتباع الزرادشتية، ويومٌ مهم لملايين المسلمين الإيرانيين.

وعلى الرغم من التحسينات، لا تزال البهائية ممنوعة، ولا يزال أتباعها يتعرّضون للسجن. ومن بين أولئك المساجين فاران هيسامي، وهي أم بهائية لطفلٍ في الرابعة من عمره، تم إلقاء القبض عليها لإعطائها دروساً لبعض الأشخاص الممنوعين من دخول الجامعات الإيرانية بسبب انتمائهم الديني، كما يقبع في السجن 7 من قادة البهائية، وحكم عليهم بعشرين سنة سجن.

تقول ممثلة البهائية حول العالم لدى مجلس الأمن ديان علائي: "هناك 100 من أتباع البهائية سجنوا ظلماً لأنّهم يتبعون البهائية، وهناك الآلاف من الشباب لا يحق لهم التعلم بسبب انتمائهم للبهائية، كما أن المجتمع البهائي برمّته يقع ضحية التمييز عندما يتعلق الأمر بالعمل، كذلك يمنع علينا الاجتماع لممارسة شعائرنا".

تبقى إيران متحفظةً جداً في موضوع تغيير الديانة، فتم إيقاف المسلمين الذين اعتنقوا دياناتٍ أخرى، ووصل عددهم إلى 90، وجميعهم في السجن. ومن ضمنهم القس سعيد عابديني الذي يحمل الجنسيتين الإيرانية والأمريكية. يقع الإيرانيون المسلمون الذين لا تحظى طوائفهم بقبولٍ في إيران، مثل طائفة دراويش الجنابذ ضحية الاضطهاد، ويقبع العديد منهم خلف القضبان.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل