المحتوى الرئيسى

«الإخوان» من ربيع الثورة إلى خريف «داعش»

02/15 10:39

• وثيقة تشير إلى أن صاحب «خطة الحسم» المؤسسة لـ«العمليات النوعية» هو محمد عبدالرحمن رئيس لجنة الإدارة العليا والمحسوب على جبهة عزت

يعد البحث فيما يتعلق بجماعات الإسلام السياسى فى الوقت الراهن، أمرا بالغ الدقة والحساسية، لندرة المعلومات المتوفرة فى ظل سرية التنظيم وانقسامه لأكثر من جبهة، إضافة للحساسية الأمنية التى تجعل من الصعوبة لأى باحث أو صحفى التحرك فى مثل هذه الملفات.

«الشروق» حاولت البحث عن الحقيقة من داخل الجماعة..

لا يستطيع أحد تحديد النسبة أو كتلة المؤمنين بأفكار العنف الصريحة، أو ما تسمى بمجموعة «كمال»، نسبة إلى عضو مكتب الإرشاد ورئيس لجنة إدارة الأزمة السابق محمد كمال.

أحد الشباب القريبين من دوائر صنع القرار، قال لـ«الشروق» إن عدد من يؤمن بأفكار كمال لا يتجاوز الـ5%.

من جهة أخرى، قال قيادى شبابى إن مجموعة كمال تقريبا لم يعد منهم إلا عدد محدود، وكان المعتقد أنهم سيستغلون ذكرى 25 يناير الماضى، لإعادة إحياء نشاطهم، لكن ما وضح أن تأثيرهم بات محدودا للغاية بعد اعتقال وقتل معظم المجموعات التابعة له.

وحول نسبة من يحمل تلك الأفكار داخل التنظيم، أوضح القيادى الشاب إن هناك نحو 15% من المتواجدين بالجماعة داخل مصر، يؤمنون بتلك الأفكار، أما من ينفذ ويتواجد على الأرض ويترجم تلك الأفكار لأفعال، فنسبتهم أقل من ذلك بكثير، لأن الغالبية العظمى منهم إما قتلوا أو اعتقلوا، والبعض سافر إلى سيناء لتكوين مجموعات بعيدة عن أعين الأمن، وآخرين سافروا إلى سوريا.

وانضم محمد كمال إلى لجنة الإدارة العليا الجديدة التى تشكلت فى أكتوبر 2015، بصفته عضوا فى مكتب الإرشاد القديم، هو والقائم بأعمال المرشد محمود عزت، ومحمد عبدالرحمن رئيس اللجنة المحسوب على عزت أيضا، ليرفع الحرج عن جبهة الشباب الجدد، التى تضم غيره من رؤساء القطاعات.

وحول مستقبل ذلك التيار داخل الإخوان، أوضح القيادى الشاب: «لا أظن أن لهذا التيار مستقبلا، خاصة أن المؤمنين بالعنف فى الفترة الأخيرة أصبحوا أفرادا قليلين فى عدد من المحافظات، بخلاف من سافر منهم».

وحول طبيعة عقيدة العنف لدى هؤلاء الأفراد أو أبناء ذلك التيار، أوضح أن منهم من يؤمن بالعنف ضد الدولة وأجهزتها بشكل عام، ومنهم من يتوقف عنده حد العنف عند مستوى الدفاع عن النفس فقط.

فى الوقت ذاته، قيادى شاب آخر: «ليس صحيحا أن هذه المجموعات تستهدف الأجانب أو البعثات الدبلوماسية، فالإخوان حتى من شطح منهم نحو العنف، مازال يحافظ على الصورة الذهنية للجماعة لدى الغرب، وكذلك هناك الكثير منهم من يوقفه نصوص شرعية تحرم التعرض للأجانب والمدنيين بشكل عام».

وحول الفرق بينهم وبين مجموعة القيادة الشبابية الجديدة، أوضح القيادى قائلا: «المجموعة الجديدة مشكلتها إنهم يرون أن المجموعة القديمة بطرفيها ــ كمال وعزت ــ يكفيهم الفترة التى قضوها فى إدارة الجماعة»، مضيفا: «هم يريدون أن يأخدوا إجراءات خاصة باللائحة والانتخابات، والتى بشكل تلقائى ستأتى بقيادات جديدة، وأعتقد أنهم أخذوا خطوات خاصة باللائحة، سيكون بها إجراءات إصلاحية فى هذا الاتجاه»، ويتابع القيادى الشاب: «المجموعة الجديدة أكثر ثورية من مجموعة عزت، ولكن فى نفس الوقت ترفض العنف الذى يتبناه كمال».

أما فيما يتعلق بطبيعة تأثير القيادة الشبابية الجديدة ومجموعة القيادات التاريخية، يوضح القيادى الشاب: «واقعيا ووفقا للتأثير على الأرض، القوى متقاربة بمعنى 50% للشباب و50% للكبار، من حيث أوراق القوة والضغط فى يد كل طرف منهم، وعلى الرغم من امتلاك مجموعة عزت لمحفظة أموال الجماعة، إلا أن الشباب يمسكون بالقوة الضاربة فى المكاتب الإدارية الأبرز والأهم، وهى مكاتب القاهرة والإسكندرية».

فى المقابل، يضيف القيادى الشاب: «الكبار يسعون بكل السبل لفتح طرق تسوية مع الدولة، ولكن ما يدركه جميع الإخوان أنه لا النظام السياسى الحالى ولا الجماعة بشكلها الراهن، مؤهلين لإتمام أى اتفاق».

هل الفرق بين مجموعتى عزت والقيادة الشبابية الجديدة الممثلة فى غالبية أعضاء لجنة الإدارة العليا، إضافة لتيار كمال، هو مسألة العنف والسلمية، أم أن هذه المسألة ستار لصراع أكثر عمقا، مغزاه السيطرة على مقاليد إدارة الجماعة؟.

الإجابة توضحها وثيقة يعود تاريخها لبداية الخلاف بين مجموعة القيادات التاريخية، ولجنة إدارة الازمة القديمة التى تشكلت فى فبراير 2014، والتى اطلعت «الشروق» على جزء منها، وتشير إلى أن صاحب الخطة التى تسمى بـ«الحسم»، والتى تعتمد على استخدام العنف فى الدفاع عن النفس وإعاقة الدولة، فيما عرف بعد ذلك باسم العمليات النوعية، وأن من قام بالتأصيل لها عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، هو محمد عبدالرحمن رئيس لجنة الإدارة العليا والمحسوب على جبهة عزت، التى تدعى رفضها للعنف وجنوحها للسلمية المطلقة، وهو ما أكد عليه محمد كمال خلال الوثيقة التى بعث بها لأطراف فى التنظيم عقب اعتراف قيادات مكتب الإرشاد محمود غزلان وعبدالرحمن البر وعبدالعظيم الشرقاوى، أمام النيابة العامة عقب إلقاء القبض عليهم يونيو الماضى، بأنه أى كمال هو المسئول عن العنف، مؤكدا أن الخطة التى تعتمد على استخدام العنف والعمليات النوعية ضد مرافق الدولة لإحداث شلل بها، وكذلك ما سماه حق الدفاع عن النفس، خرجت بمباركة وتأييد عبدالرحمن، على عكس ما تؤكد جبهة عزت التى تحمل كمال مسئولية العنف بالكامل.

فى المقابل، يرفض أحد القيادات المحسوبة على جبهة عزت، طرح أن قيادات جبهته مؤمنون بالعنف وأنه مترسخ لديهم.

وعند مواجهته بوثيقة كمال، التى أكدت مسئولية عبدالرحمن عن خطة الحسم ومباركة العنف، قال القيادى: «ربما يكون هذا صحيحا، ولكن ربما أيضا يكون عبدالرحمن وافق على هذا الاتجاه فى البداية نظرا لتأثره بمقتل زوجته سهام الجمل البرلمانية السابقة خلال تظاهرة بالمنصورة عقب فض اعتصام رابعة، إلا إنه سرعان ما عاد لمنهج الجماعة الذى يسعى للحفاظ على التنظيم صامدا فى مواجهة الانشقاقات والانجرار للعنف»، وهو ما يظهر فى مقال له يرجع تاريخه إلى يناير 2009 بعنوان «نموذج الإمام البنا لمواجهة الضغوطات والازمات»، والذى يؤكد خلاله أن مؤسس الجماعة حسن البنا كان يحرص فى جميع الفترات والأزمات التى مرت بها الجماعة، على بقاء قناة اتصال مع الدولة ومع الحاكم تحت أى ظرف.

من جانبه، يقول قيادى شاب فى الجبهة الجديدة: «نرفض عنف كمال، ولكننا أكثر ثورية من عزت»، بهذه الجملة اختصر القيادى الفرق بين لجنة الإدارة العليا والمجموعتين الآخرتين، وتابع: «لا يمكن أن ننكر أن هناك من بالغوا فى العنف وفقا لأفكار كمال، ولكن أيضا لا يمكن أن نغفل أنه كلما ضاقت طرق السياسة اتسعت الطرق الأخرى».

الجماعة لم تعد بشكلها الطبيعى، فأخيرا انقسمت بشكل كامل إلى جماعتين، إحدهما تقودها لجنة الإدارة العليا ممثلة (القيادة الشبابية) برئاسة أمين عام اللجنة، وهو شخصية ترفض تلك الجبهة الكشف عن اسمه، ومعه 7 مسئولين للقطاعات الجغرافية على مستوى الجمهورية، ويتبعه مجموعة من المكاتب الإدارية التى يصل عددها إلى نحو 11 بينها القاهرة والإسكندرية، ويعد من أبرز رموز تلك الجبهة الإعلامية محمد منتصر المتحدث الإعلامى باسمهم، ولها امتداد خارج مصر ممثلا فى المكتب الإدارى بالخارج بقيادة أحمد عبدالرحمن عضو مجلس شورى الجماعة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل