المحتوى الرئيسى

دراسة إسرائيلية: الصين تمنح السيسي قبلة الحياة

02/14 15:35

تحت عنوان "مصر والصين في شراكة استراتيجية شاملة" نشر معهد أبحاث الأمني القومي الإسرائيلي دراسة عن مآلات التعاون بين القاهرة وبكين بعد الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني شي جين بينغ للقاهرة الشهر الماضي.

ورأت الدراسة أن مصر في عهد السيسي تميل لتبني سياسة تنويع الدعائم، فترفض إخضاع سياستها لواشنطن ولا حتى للرياض، وتنطلق من سياسة خارجية مستقلة على قاعدة المصلحة الوطنية ليس إلا.

الدراسة التي أعدها 3 باحثين إسرائيليين رأت أن زيارة الرئيس الصيني منحت نظيره المصري السيسي فرصة ذهبية لبث الأمل بين مواطنيه في غد أفضل وتعزيز شرعية نظامه، معتبرة أن المال الصيني حيوي لازدهار الاقتصاد المصري ولخلق فرص عمل لملايين العاطلين الذين يهددون استقرار النظام.

وخلصت الدراسة إلى أن إسرائيل "يمكن أن تتبارك بأي تعاون مصري- صيني، يعمل على تحسين الواقع الاقتصادي- الأمني في مصر ويساهم في تعزيز استقرار النظام الحالي".

أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ في 20-22 يناير 2016 زيارة لمصر، أعلنت خلالها الدولتان عن اتفاق للتعاون متعدد المجالات بينهما، لخمس سنوات.

الاتفاق يلقي بالضوء على "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي نسجت خيوطها بين الدولتين في زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين في ديسمبر 2014 وفي سبتمبر 2015. رمزيا، أعلنت مصر والصين عام 2016 “عاما للثقافة المصرية- الصينية".

جاءت زيارة مصر وسط جولة إقليمية للرئيس الصيني، بدأت بالسعودية وانتهت بإيران. من وجهة النظر الصينية، ترمز الرحلة لمحاولة تعزيز النفوذ الصيني بالشرق الأوسط، وتوسيع نشاطاتها الاقتصادية وترسيخ هيبتها السياسية.

هذا، بينما في الخلفية حديث إقليمي يقظ ومنتقد حول ضعف التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، يحفز البحث عن دول داعمة متنوعة. كما عكست الزيارة القلق المتزايد لدى الصين من تهديد "الدولة الإسلامية" للمصالح الصينية وتطلعاتها لكبح زمامه بعيدا عن حدودها والتخندق في المعسكر المحارب للإرهاب.

هذا التهديد يأتي في الأساس مدفوعا من إمكانية عودة ألاف المتطوعين المسلمين الصينيين من الحركة الإيجورية الانفصالية في مقاطعة شينجيانغ، الذين خرجوا للقتال في صفوف "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق.

تنظر الصين إلى مصر كشريك في الحرب على الإ`رهاب على خلفية صراعها ضد "ولاية سيناء" التابعة لـ"الدولة الإسلامية" بشبه جزيرة سيناء، في ضوء انتمائها للمعسكر السني- المحافظ، وبسبب وزنها الإقليمي وكذلك الدولي، كعضو غير دائم بمجلس الأمن.

بينما بالنسبة للصين يمثل التقارب لمصر استكمالا لسياستها منذ سنوات طوال في إفريقيا، فبالنسبة للسياسة الخارجية المصرية التقليدية تجسد "الشراكة الاستراتيجية" مع الصين تطورا هاما للغاية.

القاهرة، التي خلال حكم حسني مبارك كانت بمثابة مرساة رئيسية في المحور الإقليمي السني الموالي لأمريكا، تميل خلال حكم السيسي لتبني سياسة تنويع الدعائم. فإلى جانب علاقاتها بواشنطن لا تتورع عن توطيد العلاقات مع روسيا والصين- القوتان اللتان تتحديان الهيمنة الأمريكية.

علاوة على ذلك، تقود منظومة علاقات متوترة مع تركيا وقطر بسبب دعمهما للإخوان المسلمين، ولا تخشى مواجهتهما أيضا بما يتناقض مع موقف واشنطن ( مثلما انعكس مثلا في اعتراضها على قناة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، التي قادتها الدولتان خلال عملية "الجرف الصامد").

ترفض مصر إخضاع سياستها حتى لمصالح السعودية رغم أن الأخيرة منحتها خلال السنوات الماضية مساعدات اقتصادية سخية وحيوية. الخلافات في وجهات النظر بين مصر والسعودية تجلت في الشهور الماضية في سلسلة قضايا إقليمية، في مقدمتها التدخل الروسي في الحرب بسوريا، والموقف من إيران، والحرب الأهلية في اليمن.

تمثل الصين بالنسبة لمصر شريك مثالي للمصالح، فالتقارب إليها يخدم على أفضل وجه جدول أعمالها الاقتصادي والأمني. فالتعاون مع الصين يتسق مع تطلعات مصر لصياغة سياسة خارجية سيادية ليست رهن محاور دولية وإقليمية، على قاعدة المصالح المصرية المختلفة.

في وقت تعلق فيه الولايات المتحدة مساعداتها بتوقعات لإصلاحات ديمقراطية، وجر الاعتماد على السعودية توجه إقليمي محدد، فإن التعاون مع الصين معفي من القيود على السياسة الداخلية والخارجية لمصر.

مثلما فاجأ الرئيس الصيني بالقفز في زيارته بين الدول المتخاصمة، السعودية وإيران، كذلك أيضا يسعى نظيره المصري لإيجاد حرية مناورة قصوى في جهوده لإنقاذ مصر من الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار الأمني.

لم يكن عبثا أن حظيت الصين بمديح رئيس مجلس إدارة صحيفة "الأهرام" الحكومية المصرية، أحمد السيد النجار، كونها خلقت نموذجا لـ" للعلاقات الاقتصادية الدولية القائمة على التعاون السلمي وتبادل المنافع، دون نزوع للهيمنة من دولة على الدولة الأخرى".

بالفعل، في خلفية ازدهار العلاقات بين مصر والصين تقف أولا وقبل كل شئ مصالح اقتصادية متينة. فالصين حاضرة بالسوق المصري، الذي يصل لنحو 90 مليون نسمة، ويمثل فرصة ملائمة لتوسيع مستوى تصدير منتجاتها، في ضوء ارتفاع فائض الانتاج.

إضافة إلى ذلك، قناة السويس ممر تجاري حيوي بالنسبة للصين، بما في ذلك في إطار استراتيجية "حزام واحد، طريق واحد" (One Belt One Road – OBOR) لربط البنى التحتية للنقل والاتصالات بين الصين وأوروبا وإفريقيا.

مصر من جانبها، تسعى لجعل نفسها مقصدا جاذبا للاستثمارات الصينية في فروع الصناعة والمعادن، والزراعة والصيد والسياحة والسيارات والسفن.رأس المال الصيني حيوي لازدهار الاقتصاد المصري ولخلق فرص عمل لملايين العاطلين الذين يهددون استقرار النظام.

بين حصيلة إنجازات الزيارة أُعلن عن تدشين 15 مشروعا بمشاركة 100 شركة صينية، وحشد استثمارات صينية بقيمة 15 مليار دولار، وتوقيع 21 مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات الكهرباء والتجارة والطيران المدني، والعلوم والتكنولوجيا، والاتصال والفضاء.

كما تعهدت الصين بمنح مصر التي تعاني نقصا حادا في احتياطي النقد الأجنبي، مساعدات بقيمة 180 مليون دولار وقرضين بقيمة 1.7 مليار دولار، لدعم الصناعات الخفيفة والمتوسطة. اختبار الاتفاقات المعلنة سيكون بالطبع عبر تحقيقها.

زيارة الرئيس الصيني منحت النظام المصري فرصة للإعلان عن إنجازات اقتصادية في توقيت متعدد الرمزية، عشية الذكرى الخامسة لـ"ثورة 22 يناير". خيم على التاريخ الاحتفالي هذا العام الخوف من تجدد الاحتجاجات والتظاهرات ضد النظام، في أعقاب الإحباط المتصاعد لجيل الشباب من الواقع السياسي والاقتصادي في البلاد.

في هذا السياق، زعم مقال في "الأهرام" أن القمة المصرية- الصينية أنقذت مصر من "مخطط أجنبي يهدف لإثارة حرب أهلية في الشارع المصري"، في الذكرى السنوية للثورة. لكن هذه المزاعم لا تبدو مبالغا فيها كثيرا، فالثمار المرجوة لزيارة الرئيس الصيني منحت الرئيس السيسي فرصة ذهبية لبث الأمل بين مواطنيه في غد أفضل وتعزيز شرعية نظامه.

بالنسبة لإسرائيل يحمل التقارب بين مصر والصين تبعات سياسية متنوعة. في الجانب السلبي لوحظ أن الرئيس الصيني يتوقع أن يتصرف بما يعارض المصلحة الإسرائيلية لإرضاء مصر والدول العربية، مثلما اعتادت أن تفعل الصين في العقود الماضية.

في رسالة مفتوحة للجمهور المصري، وبعد ذلك في زيارة أجراها لمقر الجامعة العربية، أبدى شي جين بينغ دعم الصين غير المحدود لـ"إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية".

مسألة مقلقة أخرى أبرزتها الزيارة تتعلق بالصلة المتآكلة لمصر بالولايات المتحدة، لصالح دول أخرى داعمة.

على الجانب الإيجابي، في مقابل ذلك، يمكن أن تتبارك إسرائيل بأي تعاون مصري- صيني، يعمل على تحسين الواقع الاقتصادي- الأمني في مصر ويساهم في تعزيز استقرار النظام الحالي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل