المحتوى الرئيسى

الأعجوبة الهندسية "لايغو" بطل رصد الموجة الثقالية

02/14 14:57

 الموجات الثقالية لنظام ثنائي مدمج 

ملكية العمل: موكوسومرز (MoocSummers) نشر في ويكيميديا العامة wikimedia

وفقاً لتعريف ميثاق مختبر "لايغو" (LIGO) (مرصد الليزر لقياس التداخل في الموجات الثقالية)، فإن مهمة لايغو هي فتح مجال الفيزياء الفلكية "للموجة الثقالية "(gravitational wave) من خلال الرصد المباشر لهذه الموجات.

تستخدم كواشف لايغو "التداخل الليزري" (laser interferometry) لقياس تشوهات الزمكان بين الكتل المعلقة الثابتة والناتجة عن مرور الموجات الثقالية. ولايغو هو مرفق وطني لأبحاث الموجة الثقالية، يوفر الفرص للمجتمع العلمي حول العالم للمشاركة في تطوير الكاشف والمرصودات وتحليل البيانات.

يُموّل لايغو من قبل مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية NSF ويديره معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك Caltech) ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT. إضافة إلى ذلك تلقت كواشف لايغو المتقدمة الدعم المالي لبنائها من أستراليا وألمانيا والمملكة المتحدة. وكواشف لايغو متاحة لاستخدام أفراد فريق شراكة لايغو العلمية LSC، الذي يتألف من الباحثين لدى المؤسسات الشريكة في جميع أنحاء العالم.

لايغو الذي يتألف من الأجهزة البصرية الأكثر دقة في العالم، ومن نظامين يُعدان من ثاني أكبر أنظمة التفريغ في العالم، يعتبر أعجوبة من أعاجيب الهندسة وبراعة الإنسان. واصل القراءة لتتعرف على بعض الحقائق السريعة عن لايغو وماضيه ومستقبله المثير كمرفق بحثي.

اكتمل بناء كاشفي لايغو الأصليين للموجة الثقالية في العام 1999. وبدأ أول بحث عن الموجات الثقالية في العام 2002، واختتمَ في العام 2010، وفي أثناء هذه الفترة لم تُكتشف أي موجات ثقالية. بيد أن هذه الخبرة أفادت كثيراً في التحضير للمرحلة الثانية من بحث لايغو عن الموجات الثقالية.

أدت الدروس المستفادة من عملية تشغيل لايغو الابتدائية إلى إعادة تصميم شاملة لأجهزة لايغو، التي أعيد بناؤها لاحقاً بين العامين 2010 و2014. لقد أدت إعادة التصميم هذه إلى جعل مقياس التداخل (interferometers) الخاص بلايغو أكثر حساسية بـ 10 مرات. وزيادة الحساسية إلى 10 أضعافها تعني أن لايغو الجديد والمحسن سوف يتمكن من الاستماع للموجات الثقالية على مدى 10 مرات أبعد من لايغو الابتدائي.

يمثل هذا تطوراً كبيراً، حيث أن الاستماع على مدى 10 مرات أبعد سيتيح للايغو الوصول إلى حجم (volume) فضاء أكثر 1000 مرة (يزداد الحجم مع مكعب المسافة، لذلك 10 مرات أبعد تعني\( 10×10×10=1000\) مضروبة بحجم الفضاء)، وإلى 1000 مرة أكثر من المجرات التي تستضيف مصادر الموجات الثقالية. بدأ هذا البحث الأكثر عمقاً عن الموجات الثقالية في سبتمبر/أيلول 2015.

في الواقع، إن لايغو هو تجربة فيزيائية رفيعة صممت لرصد الموجات الثقالية من بعض أكثر أحداث الكون عنفاً وقوة. وسيزود لايغو علماء الفيزياء بسبل للإجابة عن أسئلة علمية رئيسية عبر تحقيقه رصداً للموجات الثقالية، على سبيل المثال:

 لمعلومات أكثر تفصيلاً عن تأثير لايغو على المجتمع العلمي عالمياً زر (تأثير لايغو على العلوم).

يعد لايغو مثالاً على الهندسة والتقنية الفائقة. حيث يتألف لايغو من:

وفي ما يلي بعض أبرز الحقائق الهندسية الخاصة بلايغو. 

مرفق بحثي على المستوى الوطني

على الرغم من أنه يعتبر مرصداً واحداً، إلا أن لايغو يتألف من أربعة مرافق متميزة في أنحاء الولايات المتحدة: اثنان من كواشف الموجات الثقالية (مقياسي التداخل) ومركزا أبحاث جامعيين. ويقع مقياسا التداخل في مناطق معزولة إلى حد مقبول من واشنطن (لايغو هانفورد) ولويزيانا (لايغو ليفينغستون)، ويفصل بينهما 3002 كيلومتر (1865 أميال). ويقع مركزا الأبحاث الرئيسيين في معهد كالتك في باسادينا، كاليفورنيا، ومعهد MIT في كامبريدج، ماساشوستس.

بدأت أحدث مقاييس التداخل "المتقدمة" لدى لايغو بجمع البيانات في سبتمبر 2015. وجمع كاشفا هانفورد وليفينغستون البيانات في وقت واحد، وهما يعملان معاً كأنهما مرصد واحد. هذا التنسيق ضروري للتمكن من التحقق من كشف الموجات الثقالية المحتملة.

لمعرفة سبب الأهمية الحاسمة لذلك في تشغيل لايغو، قم بزيارة كاشفي لايغو المزدوجين

في سبعينيات القرن العشرين بدأت دراسات الجدوى والعمل المبكر على مقياس التداخل الليزري للأمواج الثقالية، بما في ذلك ورقة بحثية من معهد MIT صدرت في العام 1972 وصفت كاشفاً على مستوى الكيلومتر (kilometer-scale) وقدرت مصادر الضوضاء الرئيسية.

فيما يلي إجابات على بعض من أكثر الأسئلة تكراراً عن لايغو. 

سؤال جيد! إنه جيد لدرجة أن لدينا صفحة إلكترونية مخصصة كلها للإجابة عنه.

 لمعرفة المزيد قم بزيارة صفحة ما هي الموجات الثقالية.

كيف سيعرف لايغو ما إذا كانت إشارة ما ضمن البيانات قد أتت حقاً من حدث في الفضاء؟ هل يمكنكم أن تتيقنوا من ذلك 100% على الإطلاق، حتى عندما تقيس مختبرات متعددة نفس الاهتزاز؟ 

هذا في الواقع هو جزء كبير من العمل الذي قام به كثير من العلماء في تعاون لايغو العلمي - عزل اهتزاز موجة ثقالية عن كل الاهتزازات الأخرى التي تستشعرها الكواشف (لايغو يسمي أي اهتزاز لا ينتج عن موجة ثقالية "ضوضاء"). ونحن نستخدم تقنيات متعددة لتساعد على غربلة الضوضاء، منها:

ولكن، على الرغم من هذه الاحتياطات، ليس هناك جهاز قياس دقيق أو مضبوط 100%، ولذلك، ليست هناك أي نتيجة تجريبية مؤكدة 100% أبداً. بالنسبة إلى لايغو، نحن نود أن نكون متأكدين أكثر من 99.9999 % من أن أي رصد محتمل لم يكن مجرد ضوضاء. وما أن نبدأ في مشاهدة الإشارات بشكل منتظم بالتزامن مع مشاهدات أخرى ومراصد أخرى في العالم، فإن ثقتنا بأننا حقا نرصد موجات ثقالية سوف تنمو إلى حد أن أي شكوك ستكون أصغر من أن تثير القلق.

لماذا نحتاج إلى خلق فراغ للحصول على بيانات دقيقة؟ 

هناك سببان رئيسيان لحاجة لايغو للعمل في فراغ خالص.

كيف تمنعون المرايا من رصد الاهتزازات الأرضية؟ 

يستخدم لايغو استراتيجيتين أساسيتين لحماية الكواشف من الاهتزازات الأرضية. ويشار إليهما بنظام عزل الاهتزاز "السلبي" ونظام عزل الاهتزاز "النشط".

في العام 1916، تنبأ ألبرت أينشتاين بوجود الموجات الثقالية في نظريته النسبية العامة. ونحن نعلم الآن من الملاحظات غير المباشرة أنها موجودة، ولكنها لم تُرصد مباشرة أبداً. ما أن يبدأ لايغو برصد الموجات الثقالية بانتظام وبثقة، فسوف تستخدم هذه البيانات للإجابة عن الأسئلة المعلقة حول الفيزياء والكون بشكل عام. بما أن كل مصدر من مصادر الموجات الثقالية يعزف "نغمة" فريدة، فإن أول ما سنعرف هو أي حدث مذهل في الكون ولّد الموجة. الاحتمالات المعروفة هي:

هناك دائماً احتمال أن نرصد شيئاً لم يخطر لنا على بالٍ قط. وبعد ذلك، ستضاف نتائج لايغو لمعرفة علماء الفلك الذين يقومون بالرصد في الطيف الكهرومغناطيسي (في هذه الأيام، يدرس علماء الفلك الكون ليس فقط بواسطة الضوء المرئي، بل أيضاً بواسطة موجات الراديو وضوء الأشعة تحت الحمراء، وحتى الأشعة السينية، وهي كلها جزء من الطيف الكهرومغناطيسي). في بعض الحالات، نأمل في أن بيانات لايغو سوف تتضمن الأجزاء الرئيسية من المعلومات اللازمة للإجابة عن هذه الأسئلة الكبرى:

يعتقد أن ظهور الموجات الثقالية القوية هو على قدر من الندرة لم يسمح للايغو برصد أي منها خلال السنوات الثلاث والنصف الأولى من تشغيله بين 2005-2010. ولكن، مع ترقية لايغو (تجهيز لايغو بسماعات خاصة جداً لإلغاء الضوضاء وليزرات عالية الطاقة ومرايا أكبر) فإننا نأمل في الإجابة على هذا السؤال بحسم أكبر.

وحتى مع الترقية، سوف "يسمع" لايغو فقط الأعلى صوتاً من بين الأحداث التي تُنتج الموجات الثقالية في الكون (أي، الأحداث التي وقعت في غضون مائتين أو ثلاثمائة مليون سنة ضوئية)، على سبيل المثال، اندماج الثقوب السوداء أو تصادمات نجم نيوتروني. تُنتَج موجات ثقالية عديدة في الكون طوال الوقت، ولكنها ستقع دون حساسية الكواشف الحالية في العالم. لتوضيح ما نعنيه، تخيل أنك تقف في وسط حقل يبلغ حجمه بضعة هكتارات قليلة.

وهناك حفنة قليلة من الناس منتشرين في أرجاء الحقل وليس من أحد منهم قريب منك، واحد أو اثنان منهم يصرخون وبعضهم يتحدثون والبعض الآخر يهمسون، وكل موجاتهم الصوتية تمر بأذنيك، فهل ستسمعهم كلهم؟ لا - على الأرجح ستسمع فقط من يصرخون، وإذا لم تكن أذنك حساسة بما يكفي، فإنك قد لا تسمع حتى الصراخ القادم من مكان بعيد بما يكفي.

وإذا ما كانت هناك أيضاً حركة سير ورياح وطائرات تحلق في الجوار (مثل الضوضاء البيئية التي يجب على لايغو أن يتعامل معها)، فستزداد صعوبة سماع محتوى هذه المحادثات. قد تسمع "طنين" صوت، ولكن سيكون من الصعب تمييز محادثة واحدة معينة من أخرى. الصوت (أو الأصوات) التي ستستطيع سماعها وفهمها ستكون تلك الأعلى من بين كورال الأصوات الأخرى التي تقتحم أذنك.

إذا كانت التقديرات الحالية تقول أن دمج النجوم النيوترونية تولد الموجات الثقالية في مجرة مرة واحدة كل 10,000 سنة، فكم عدد الأحداث التي نستطيع رصدها في السنة؟

لقد توقعنا فعلاً أنه ما أن يبلغ لايغو حساسيته القصوى، فإننا قد نرصد حوالي 40 سنوياً، وهذه فقط من دمج النجوم النيوترونية. وسيكون هناك المزيد إذا رصدنا مصادر أخرى مثل اندماج الثقبوب السوداء والمستعرات العظمى.

كيف يمكن ذلك إذا كانت هذه الأحداث نادرة جداً في مجرتنا؟

إذا كانت أبعد مسافة يستطيع لايغو سماعها موجودة فقط داخل مجرتنا (قُل على بعد 30,000 إلى 80.000 سنة ضوئية)، فربما كان من المرجح أننا سننتظر طويلاً جداً لرصد موجة ثقالية. ولكن كاشفي لايغو المتقدمين يستطيعان سماع مسافة أبعد بآلاف المرات من هذا. وفي حين لا يزال هناك كثير من الأمور المجهولة، فإننا عادة ما نستخدم المسافة إلى الخارج التي يستطيع لايغو أن يرصد فيها بشكل موثوق دمج النجوم النيوترونية الثنائية لتحديد تقديرات الرصد. وعلى درجة الحساسية التي نأمل في أن يحققاها، سيرصد كاشفا لايغو دمج النجوم النيوترونية من مسافة تبعد 650 مليون سنة ضوئية.

ولكن هذه مسافة فقط. أما من حيث حجم الفضاء، فإن 650 مليون سنة ضوئية تُترجم إلى حجم كروي يزيد على بليون سنة ضوئية مكعبة! هذا الفضاء أكثر كثيراً مما تحتله مجرتنا، أو حتى مجموعة المجرات المحلية. في الواقع، إن بليون سنة ضوئية تحتوي حوالي مليون مجرة من نوع درب التبانة.

مع هذه الكثرة الكثيرة مما يعادل مجرات من النجوم والثقوب السوداء وغيرها من الأجسام الرائعة هناك، فإن هنالك مزيداً من الفرص لسماع موجة ثقالية في كواشفنا في أي لحظة. حين تُجري الحسابات، فإننا نتوقع رصد (في المتوسط) حوالي 40 موجة ثقالية سنوياً.

من المحتمل ألا تفيد الموجات الثقالية في فهم عملياتٍ على الأرض، ولكنها سوف تساعدنا على فهم العمليات التي تحدث في الفضاء الخارجي، على سبيل المثال اصطدام زوجين من الثقوب السوداء. كما يمكن أيضاً أن تساعد المعرفة التي يكتسبها علماء الفلك من قياس الموجات الثقالية في تحسين فهمنا للمكان والزمان والمادة والطاقة، والتفاعلات بين كل هذه الأمور. وبذلك، يمكن لهذا الحقل المعرفي أن يحقق ثورة في المعرفة الإنسانية وفهم طبيعة الوجود ذاته. بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير لايغو على العلوم بشكل عام سيتجاوز إلى ما هو أبعد من مجالات علم الفلك والفيزياء الفلكية فقط. 

 للاستزادة، قم بزيارة لماذا نرصدها؟ في تعرف على المزيد.

ما نوع المعلومات التي يمكن أن توفرها الموجات الثقالية؟ 

ستوفر الموجات الثقالية اختباراً لنظرية أينشتاين النسبية العامة في ظل ظروف فائقة القسوة، حيث لم يسبق أن اختُبرت في حقول ثقالية ديناميكية (أي الكتل المتحركة ذات الحقول القوية). كما أنها ستوفر لنا مزيداً من المعلومات عن شكل من أشكال المادة التي لا يمكن تصور مدى كثافتها والتي تُصنع منها النجوم النيوترونية.

تحتوي النجوم النيوترونية مادة أكثر من شمسنا محشوة في كرة بحجم مدينة - حوالي 10 كيلومترات (6 أميال) عرضاً. هذه الأجسام كثيفة إلى حد أن شخصاً يزن 150 رطل (68 كلغ) على الأرض سيبلغ وزنه على النجم النيوتروني حوالي 21.000.000.000.000 رطل (9،545،000،000،000 كلغ)! هذه المادة، المحشورة معاً بشكل وثيق ومكتظ، والتي تصنع النجم النيوتروني، تسمى "مادة متحللة" (degenerate matter)، وهي ليست مفهومة جيداً. وسوف يساعد لايغو على تحسين فهمنا للمادة المتحللة.

Comments

عاجل