المحتوى الرئيسى

محمد ربيع.. الرواية والعنف الكامن في النفوس

02/14 13:53

يعد الروائي المصريّ محمد ربيع واحداً من أبرز الروائيين الشباب في أرض الكنانة، اختيرت روايته "عُطارد" ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في دورتها الحالية.

ربيع المولود في القاهرة (1978)، تخرج من كلية الهندسة عام 2002، واتجه نحو كتابة الرواية فكانت روايته "كوكب عنبر" (2010) التي حصلت على جائزة ساويرس الثقافية بوصفها أفضل رواية لكاتب شاب عام 2012. كما نشر رواية "عام التنين" (2012)، وشارك في ندوة الجائزة العالمية للرواية العربية وهي عبارة عن ورشة إبداع للكتاب الشباب الواعدين.

يصور ربيع في "عطارد" جانباً من العنف الكامن في النفوس ويشير إليه، ويحاول وصف الشرور التي تنتج عن تفاقم العنف وتفشيه بين الناس، وكيف أن ذلك يمهد السبيل لتدمير البلاد نفسها. ويعتقد ربيع أن الكابوس الحقيقي هو الحياة بلا سعادة، والانتظار الدائم لأي حادث مفاجئ سعيد من دون السعي نحو السعادة، أو حتى السعي نحو أي معنى جيد وقيم.

الجزيرة نت حاورت الكاتب ربيع بمناسبة اختيار روايته "عطارد" ضمن اللائحة القصيرة للبوكر، وفي ما يلي نص الحوار:

"خيط الدم هذا يذكرني بأشياء كثيرة".. هذه الجملة الاستهلالية في "عُطارد" تحمل كثيراً من دلالات العنف بمختلف أشكاله في الحاضر والماضي، وترسم صورة كابوسية للمستقبل، هل هذا للإنذار والتحذير؟

  ربما لا يكون العنف الحاصل في مصر واضحاً بالنسبة للجميع، لكن العنف كامن في النفوس الآن حتماً، الكل يتمنى العنف الجسدي لغريمه، لكن لا أحد يقدم على الخطوة الأخيرة وهي تنفيذ هذا التمني، اللهم إلا فئات ومجموعات قليلة جدًا. ولا أظن أن الرواية تنذر أو تحذر من مغبة العنف، بل هي تصف ما سيحدث عندما يخطو الجميع تلك الخطوة الأخيرة.

هناك أيضاً عنف الحياة المعتاد، الجهاد المستمر طوال النهار بداية من النزول من البيت إلى العمل، مروراً بالتعامل مع الآخرين، والتعامل مع موظفي الدولة، والمشي في الشوارع وركوب المواصلات، إلى أن يعود المرء إلى بيته منهكًا تماما جسديًا ونفسيا. لا يمكن الشعور بهذا النوع من الأسى إلا بعد اختباره، وأرى أن رد الفعل المتوقع على كل هذا هو العنف ولا شيء غيره.

 تتخيل في روايتك مصر بعد قرابة عشر سنوات، هل تسعى لأن تكون الكتابة المستقبلية انطلاقا من الخيال مخرجًا أو منفذا لتفادي ذاك الجحيم الذي ترسمه، ويكون مدمرًا للإنسان والبلد معا..؟

  رأى الكثيرون أن أخطر ما كُتب في الرواية هو وقوع مصر تحت احتلال أجنبي، بينما لم أرَ أن هذا أسوأ ما قد نتعرض له، نحن عشنا تحت الاحتلال سنوات طويلة بالفعل، لكننا لم نقاومه تقريباً، وهو ما ذكرته بصراحة في الرواية، الكارثة الحقيقية تكمن في العزوف عن مقاومة المحتل، والرضى بالحصول على الأمن والأمان -تحت ظل احتلال ما- مقابل التخلي عن كل شيء آخر. ودمار البلد يأتي من الخضوع لسلطة غاشمة مستبدة، حتى لو لم تكن سلطة احتلال.

 تعالج في روايتك جوانب مما تفترض أنه مستقبل مصر المتخيل، وهو مرعب وسوداوي، كما تتخيله. هل فعلاً ينحسر الأمل لهذه الدرجة الخطيرة أمام اجتياح كوابيس الموت والانتحار؟ وهل يكون التقريع وجلد الذات عند بعض الشخصيات وسيلة للتحريض في الرواية والواقع؟

  الموت ليس كابوساً كما تقول، بل هو راحة من هموم كثيرة تحيط بنا الآن. الكابوس الحقيقي هو الحياة بلا سعادة، والانتظار الدائم لأي حادث مفاجئ سعيد من دون السعي نحو السعادة، أو حتى السعي نحو أي معنى جيّد وقيم. هذا في ما يتعلّق بحال مصر.

لكن على الجانب الأعم، إذا نظرنا إلى أحوال العالم كله، ربما نرى أن السعادة وهم اخترعناه كي نستمر في الحياة، وربما العدالة والأمل وهمان كذلك، وربما هناك أفكار وقيم وهمية خلقناها فقط كي تساعدنا على الاستمرار بلا أي هدف آخر.

 اعتمدتَ على التاريخ والراهن في رسم عوالم روايتك، وهناك الضابط "أحمد عطارد" الذي لا يعدم ابتكار ذرائع للقتل، سواء بزعم أداء المهمة أو الرحمة على ضحاياه، يفتح الباب أمام إفساد العسكر للحياة المدنية.. كيف ترى دورهم بين الأمس واليوم وغداً؟

   "أحمد عطارد" مثال على ضابط الشرطة الممزق بين ما قيل له إنه واجبه الوطني، وبين ما يراها مأساة إنسانية تحدث في بلده، وهو حال ضباط شرطة كثيرين بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، ستلاحظ أن أفعال "عطارد" ليست شراً طوال الوقت، بل إنه يقوم بعمليات قتل عشوائي كنوع من الرحمة للمقتولين.

"عطارد" شخصية غريبة بالفعل، وللأسف تنشأ أسباب هذه الغرابة من اعتياد صاحبها -مثله كمثل كل الضباط- على حمل السلاح وكثرة استخدامه. أظن أن أدوات القتل هي أسوأ ما اخترعه الإنسان، وهي مسؤولة عن تأجيج كل الصراعات التي تراها تحدث اليوم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل