المحتوى الرئيسى

رسالة من صحفي إسرائيلي للسيسي

02/13 16:37

طالب "جاكي حوجي" الصحفي والمحلل الإسرائيلي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بفتح باب التطبيع بين المصريين والإسرائيليين في مختلف المجالات.

وأمتدح "حوجي" الرئيس السيسي في رسالة مطولة نشرتها صحيفة "معاريف"، وقال إنه "خرج في صراع ضد الإخوان المسلمين" وواجهه تنظيم دولي كبير واتخذ خطوات شجاعة من أجل شعبه.

وناشد في نهاية رسالته الرئيس المصري ألا تبقى الاتصالات بين الجانبين مقصورة على الاتصالات "البعيبدة عن الأعين" بين جنرالات ودبلوماسيين من كلا الجانبين.

حضرة السيد عبد الفتاح السيسي

مرحبا سيدي. أكتب إليك كمواطن إسرائيلي وكصحفي يغطي منذ 17 عاما منظومة العلاقات بين إسرائيل ومصر.

وضع سابقوك بين يديك آداة سياسية خصصت لممارسة ضغط على حكومات إسرائيل: مقاطعة لأي نوع من الاتصال مع المجتمع المدني هنا لدينا.

يطالب علماء وصحفيون ورياضيون وأكاديميون وفنانون مصريون بعدم الاتصال مع إسرائيل والإسرائيليين، عقابا لها على سيطرتها على الفلسطيين.

اليوم أكتب إليك، سيدي الرئيس، أنه آن الأوان للتخلص من هذه المقاطعة المفروضة على إسرائيل. بعد إذنك، سأقوم بالتوضيح.

دعنا من أن المقاطعة تمنعنا من تناول الثقافة المصرية بالكامل، لكن لماذا نضر المواطن المصري؟ هناك بالطبع بين الـ 90 مليون مصري من يريد مشاهدة السينما الإسرائيلية، ومشاهدة المسريحيات التي كتبت هنا، بل ويرينا إلى أي مدى كرة القدم عندكم خشنة وحيوية.

أنا واثق أن الأهلي بطل مصر كان ليثير الكثير من الحماسة في العالم بأسره إذا لعب في إسرائيل، أو استضاف بطلنا مكابي تل أبيب.

أيضا من بين قراء الكتب الكثيرين في بلادك، هناك بالطبع من يدفعهم الفضول لمعرفة أفضل أدبائنا. أتساءل سيدي الرئيس، إذا ما استطلع أحدهم رأيهم، مثلما قرر منعهم من قراءة إبداعات ديفيد جروسمان وعاموس عوز، التي ترجمعت لعشرات اللغات، أو منعهم من مشاهدة مسرحيات حانوخ لفيان ويهوشع سوبول، التي تعرض بنجاح في أنحاء العالم.

لماذا يتم منع عشاق السينما المصرية من متعة مشاهدة فيلم عيران كوليرين “زيارة الفرقة الموسيقية” الذي يطري كثيرا على مصر وشعبها.

أسمع أحيانا مفكرين مصريين يدعون القراء لمنع “غزو” إسرائيلي للثقافة المصرية. حسنا، ثقافتكم متجذرة في أعماق التاريخ، وأقوى وأكثر استقرارا من أن يضرها أي إبداع أجنبي. تلاقي الثقافات ليس احتلالا. لكنه تخصيب.

يمكننا أن نتعلم من ثقافتكم، ونأمل أن يكون باستطاعتنا إثرائها قليلا. ُسئل شيخ أدباء مصر نجيب محفوظ ذات مرة في هذه المسألة، فأجاب بقوله:”إذا كنتم تعتقدون أن بإمكان الثقافة الإسرائيلية المساس بالثقافة المصرية فمن الأفضل أن تموتوا".

سيدي الرئيس، انظر حولك لترى إلى أين تدهورت منطقتنا. في ليبيا والسودان وسوريا والعراق وسيناء، سيطر منطق الشيطان على مئات آلاف الفتيان الصغار. يقتلون، يذبحون، يدمرون الممتلكات، يحطمون الثماثيل العتيقة، ويقتلون الضعفاء.

ردنا المحق على سافكي الدماء هؤلاء، إضافة إلى الصراع العسكري ضدهم، يجب أن يشمل تشجيع المعرفة والثقافة. تعرف مصر وإسرائيل أنه حال رغبتا في الاتحاد ضد التهديد العسكري، فعليهما تشبيك الأيادي والتصدي لعدو جاهل.

لا يتضمن كلامي دعوة للتخلي عن القضية الفلسطينية. فكلكم أبناء أمة واحدة، ودعم القاهرة للتطلعات الفلسطينية لحياة أفضل أمر مفهوم.

لكن ربما انتبهت إلى أن مقاطعة التطبيع لم تغير وضع الفلسطينيين إلى الأفضل. وإذا ما تطرقنا للفلسطينيين، أذكر لك كلمات قالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لنا نحن الصحفيين الإسرائيليين قبل أسبوعين فقط. “ليست هناك علاقات" قال، "لكن هناك اتصالات".

هذه الاتصالات لا تجرى فقط بين العناصر الرسمية في القدس ورام الله، بل أيضا بين تجار إسرائيليين وفلسطينيين، بين صحفيين من كلا الجانبين، بين نشطاء سياسيين وكذلك بين فنانين.

بل حتى الاتصالات أيضا مع صحفيين إسرائيليين ونشطاء سياسيين محليين تجريها شخصيات في حركة حماس، حتى في أوقات الطوارئ. إذا ما كانوا هم، الفلسطينيون، يجرون اتصالات معنا ( انطلاقا من مصلحتهم) فلماذا ترفضون أنتم، وباسم القضية الفلسطينية؟.

أحيانا، سيدي الرئيس، تصل تلك المقاطعة إلى حد السخافة. قبل ست سنوات اندلعت احتجاجات بالقاهرة. اتضح أن رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم نسق مع نظيره المصري زيارة لمنتخب مصر، بطل إفريقيا في اللعبة لمباراة ودية في القدس الشرقية.

زعم المعترضون أن اللاعبين المصريين سيضطرون للمرور عبر حواجز إسرائيلية، ولماذا يمنح الإسرائيليون هذا الحق. في النهاية انهارت الفكرة. لم أفهم أنا وأصدقائي في إسرائيل كيف هدفت تلك الاحتجاجات للمساس بنا نحن الإسرائيليين. فقبل كل شئ تمس بمشجع الكرة الفلسطيني.

سخافة أخرى ولدتها المقاطعة هي التنديد الجماهيري بمتحدثي العبرية لديكم. شباب وفتيات، بذلوا جهدا وعرقا في تعلم لغة جديدة وثقافة أخرى، ليس بالسرقة- بل في كليات أفضل الجامعات.

وصلت الأمور مؤخرا إلى ذروتها، عندما لم يتم قبول المعلمة نهال طه في العمل، لأنها اعترفت أنها خريجة الدراسات العبرية. لماذا يتم معاقبة من يسعى لنشر العلم بين الجماهير؟.

سيدي الرئيس، منذ عامين ونصف وأنت تمسك بزمام الأمور وتترأس أكبر دولة عربية في العالم. في هذه الفترة بدأت بسلسلة خطوات من النوع الذي يرتدع الزعماء عن اتخاذها. أعلنت حربا على الإرهاب، رغم أنها خلفت عنفا واسعا وثكلا. لم تتردد في الوقوف أمام علماء الأزهر، وتحذرهم أن شيئا تشوش داخل المجتمع الإسلامي، ولذلك يتطلب إصلاحا.

خرجت في صراع ضد الإخوان المسلمين، رغم أن أمامك وقف تنظيم دولي واسع التأييد والتمويل. مشغول أنت على مدار اليوم في تحسين الوضع الاقتصادي لبلادك. هذه زعامة شجاعة وجديرة بالتقدير، تعمل لأجل شعبها، لا ضده.

أهيب بك الآن القيام ببادرة تجاه الإسرائيليين، وليس مبادرة خطيرة أو لا تقدر بثمن. مطلبي الخاص بالتقليل إلى حد كبير من حدة حظر الاتصال مع إسرائيليين، يرنو إلى الخروج معا من الصياغات الضعيفة للعالم القديم ودمجنا في العالم العصري.

القضاء على هذه المقاطعة يهدف إلى منح الأجيال القادمة على كلا الجانبين ميراثا من التحدي والتجدد. هذا الميراث سيدي، والتفاؤل، سيولدان الإبداع الإنساني- وليس اتصالات بعيدة عن الأعين بين جنرالات دبلوماسيين.

جاكي حوجي، محلل الشئون العربية بإذاعة جيش الاحتلال، ومؤلف كتاب "ألف ليلة دوت كوم" الذي يتناول الإنسان العربي العصري وخياراته. ترجم الكتاب مؤخرا للعربية ووزع في القاهرة، ما أثار عاصفة حول شرعية ترجمة الأعمال الأدبية من العبرية للعربية.

رسالة من تل أبيب لـ السيسي: شعب إسرائيل معك

معاريف تكشف أسرار التقارب بين السيسي وتل أبيب

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل