المحتوى الرئيسى

صورة الكون منذ ألف عام

02/13 13:07

الخرائط الأوّلية للكون والعالم والكرة الأرضية، 96 صفحة من العجائب والغرائب، وصور غير مسبوقة عن بحار وأنهار ومجرّات وسماوات، يمكن للمتخصّصين وغير المتخصّصين التعرّف إليها وتصفّح محتوياتها بعد أن اقتنت مؤخراً مكتبة البودليان، مكتبة جامعة أوكسفورد، مخطوطاً نادراً في دراسة تاريخ العلوم خصوصاً علم الخرائط والفلك.

يعود الأمر ليونيو 2002، حين حصلت مكتبة بودليان على مخطوطة مصوّرة بالعربية مجهولة المصدر عنوانها "كتاب غريب الفنون وملاّح العيون". عملت على تحقيقها مجموعة باحثين على رأسهم المحرران: إيميلي سافاج سميث ويوسف رابوبورت، وهي متاحة للتصفّح مجاناً على الانترنت منذ مارس 2007، تحت عنوان بالإنجليزية "كتاب الفضول من العلوم والعجائب للعيون".

يُرجّح أن المخطوطة من مصر وتعود إلى أواخر القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر ميلادي، وجُمعت في النصف الأول من القرن الحادي عشر. وتُعد أطروحة مهمّة في تاريخ علوم الفلك ورسم الخرائط، وتحتوي على خرائط نادرة للفضاء ومدار الكواكب وخرائط أخرى للكرة الأرضية.

شارك غردمخطوطة نادرة تعود لمصر الفاطمية عن الفلك والأبراج وخرائط أوّلية عن مساحات الأرض والأنهار

يحتوي الموقع الإلكتروني للمخطوطة على نسخة إلكترونية عالية الجودة، وهي نسخة طبق الأصل من المخطوطة والرسوم التوضيحيّة بحجمها الطبيعي وألوانها الأصلية.

كانت هذه المخطوطة النادرة مجهولة تماماً للعلماء قبل الإعلان عن طرحها للبيع في مزاد في لندن يوم 10 أكتوبر عام 2000. اشترى سام فوغ المخطوطة، وهو تاجر كتب ومخطوطات معروف في لندن. ثم لم يمض وقت طويل حتى عرضت عليه مكتبة بودليان قسم المقتنيات الشرقيّة، شراء المخطوطة. 

أهمية المكتبة لا تقاس بحجم مقتنياتها أو ندرتها، بل الخدمات التي تقدمها للقرّاء. ولا تتعالى عليهم بوضع علامة مائية على معروضاتها بشكل يعوق القراءة.

احتفلت المكتبة في يونيو 2002 باقتناء هذه المخطوطة العربية الفريدة من نوعها، وإخضاعها لعمليات ذات معايير دقيقة وحديثة من الحفظ والتجديد وتحليل الأصباغ التي احتوى بعضها على مواد ذهبية. ونشرت نتائج التحليل عام 2006 في مجلة علمية إنجليزية. ثم جرى مسحها ضوئياً وإتاحتها للقرّاء بجودة عالية جداً، وبأدوات بحث ممتازة مع تحقيق للنص العربي.

تتضمّن مادة المخطوطة والرسوم التوضيحية المصاحبة لها، شروح عدد من علماء الفلك المسلمين والمسيحيين والمؤرخين والرحّالة، من القرن التاسع حتى القرن الحادي عشر ميلادي. وغالبها مفقود إلا من بعض الإشارات في كتب متفرقة. المثير في ما تقدمه مكتبة بودليان، هو مشروع رقمنة المخطوطة غير المؤرّخة وغير الموقّعة. بالإضافة إلى إتاحة تحميل "ملزمة المدرّس". وهو دليل تعليمي وشرح مبسّط مستوحى من محتويات المخطوطة، فيه معلومات مبسطة ومختصرة من أجل المزيد من الاستفادة للطلاب والدارسين لمجال علوم الفلك.

وتتيح النسخة الإلكترونية مسح المخطوطة والرسوم البيانية ليتعرّف القارىء إلى النص العربي بصورة أوضح، ملحقة به ترجمة إلى الإنجليزية للمصطلحات. وعلّق متخصصون أن هذا الشكل الإلكتروني هو الأنسب لنشر المخطوطة، بسبب حالتها البالية، ولأن الكثير من المواد في صورة رسوم بيانية وخرائط.

عرضت رسوم وصور من المخطوطة في معرض بلندن أواخر عام 2003، وامتد لـ2004. وفي العام نفسه، استعان معرض آخر تابع لمكتبة بودليان بخرائط للأرض والنجوم تضمّنها كتاب الفضول.

المحتوى الحافل لهذا الكتاب عبارة عن "مشاهدات للكون من القرون الوسطى"، وهو العنوان العريض الذي جرى عبره تداول أخبار المخطوطة فور الإفراج عنها.

واهتمت الأبحاث التي تلت الإعلان عن هذا الحدث بتتبّع تطورات علم رسم الخرائط والمقارنات بين الإسهامات الإسلامية والمسيحية في هذا المجال.

تشتمل المخطوطة على 5 كتب (مقالات)، الأوّل عن الفلك، ويتكوّن من 10 فصول، ويبدأ بوصف المذنّبات وعدد من النجوم القريبة من القمر، والنجوم في مدارات الشمس، وخريطة تصوريّة عن الأرصاد الجويّة والتنبؤ بالأمطار، ومنازل القمر، وهبوب الرياح. وينتهي بفصل خاص بعلم الفلك الرياضي، والعرّافة وعلوم الأبراج.

الكتاب الثاني، "في مساحة الأرض"، ينقسم 25 فصلاً. مفقود منها الفصلان الثامن والتاسع، ويعتمد إلى حد كبير على جغرافية بطليموس، وعدد من النصوص الجغرافية والتاريخية.

ويضم الجزء الثاني خريطتين للعالم، وخرائط للبحار العظمى حينذاك: المحيط الهندي والبحر المتوسط، وبحر قزوين. وأبدى المؤلف المجهول اهتماماً خاصاً بتصوير شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وخريطة مفصلة لسواحل وجزر المتوسط.

أهمية هذا الجزء اعتماده على خرائط فريدة من نوعها، لصقلية وقبرص وشمال إفريقيا ومصر. وملحقة به 5 خرائط لنهر النيل، والفرات، ودجلة، وجيحون (الهند الصينية)، والسند.

أما الفصول الثلاثة الأخيرة، فهي فصول "العجائب"، وفيها شرح للحيوانات الوحشية والنباتات النادرة. وفصول عن الخيول والجمال وأنشطة الصيد، والطيور العجيبة والأسماك، وجزء من هذه الفصول محفوظة في دمشق.

اعتمد ترجيح عودة هذه المخطوطة إلى مصر على نتائج تحليل الأحبار والأصباغ التي أكّدت تطابقها مع مواصفات المنتجات المصرية والسورية في القرن الثالث عشر وحتى وقت مبكّر من القرن الرابع عشر. أمّا ما يزيد من صحة هذا الاحتمال، فهو اللمحة التاريخية التي تبدأ بها مخطوطة كتاب غريب الفنون عن الخلافة الفاطمية لمصر، والتي حكمت القاهرة من 973 حتى 1171 ميلادية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل