المحتوى الرئيسى

خدعة تنحى المخلوع..

02/11 22:09

من بعد علامة الاستفهام تبدأ الحياة، لا مستقبل دون أسئلة، كل مرحلة من مراحل التطور البشرى، انطلقت وبدأت بعد سؤال فردى أو جمعى، سؤال نيوتن عن التفاحة فتح باباً واسعاً لتطوير نظرية الجاذبية وتطوير علوم الفيزياء، وسؤال علماء أوروبا عن كهنوت الكنيسة فى العصور الوسطى هو الذى فتح باب الثورة عليها. باختصار كل ثورة صناعية أو مجتمعية أو دينية انطلقت شرارتها بعد أول علامة استفهام، وآفة حارتنا المصرية أن بعض أهلها يكره الأسئلة، لذا يتوقف نمو الأشياء. تبدأ وليدة ومبشرة، ولكنها تموت قبل أن تحبو.

اليوم هو الثانى عشر من فبراير، وفى مثل صباحه من 5 سنوات استيقظ المصريون على شمس مصر دون مبارك، كان الرئيس المخلوع قد أعلن تنحيه مساء 11 فبراير، واحتفل المصريون وانطلق السياسيون وأهل التيارات المختلفة يقدمون الوعود، ويرسمون للمصريين المرتبكين من المصير صورة تخبرهم بأن مصر ستصبح جنة صباح الثانى عشر من فبراير طالما مبارك قد رحل، فعل أهل الثورة والسياسة ذلك، لأن حلولهم وبدائلهم لم تكن جاهزة بعد ولم تجهز يوماً بعدها، فلجأوا للوتر العاطفى المصرى، ولكنهم عزفوا عليه بقسوة حتى ارتد فى

وجوههم على شكل موجات إحباط وكفر بالسياسة والتيارات الثورية والحزبية التى وعدت الناس بالجنة، ولم تخلقها على الأرض.

أخطأ الكل فى تقديم نفسه للشعب المصرى بعد تنحى مبارك لأنهم تعجلوا رسم الأحلام والوعد بها، قبل أن يسألوا أى شكل للحكم يريدون، وأى تيار سياسى يرغبون فى تقديمه للأمام، وأى مشروع لمصر يحلمون، وهل يجوز التعاون مع الإخوان؟ وهل يجوز تصديقهم بعد كل كذبة؟ وهل يجوز إعادة تصدير وجوه سياسية استنفدت مرات رسوبها السياسى طوال فترات حكم مبارك؟، وهل يجوز الاعتماد على شخص متردد، وبلا هوية سياسية مثل البرادعى؟، وهل كانت المشكلة مع مبارك فقط، أم نظامه، وهل أسقطوا مبارك فقط وتخيلوا أنهم أسقطوا نظامه؟ وغفلوا عن السؤال الأهم: هل كانت المشكلة فى مبارك، أم فى المجتمع السياسى بأكمله بمن فيهم بعض من ثاروا على مبارك؟

ولأنهم لم يسألوا، لم تأتِ الإجابات، وطالما أن الإجابات على أسئلة تتعلق بالمستقبل لم تأتِ، فلا أساس تم وضعه للبناء على ما بعد 11 فبراير 2011، وكان ذلك سبباً كافياً لما نعيشه فى السنوات الخمس الماضية من ارتباك، وعشوائية وتعثر، دائرين فى فلك عدة أسئلة أبرزها: هل سقط نظام مبارك فعلاً؟ أم كان تنحى مبارك مجرد إشارة لبدء انهيار نظامه فهمها السياسيون الثائرون خطأ أو ربما فهموها جيداً وضحكوا على الشعب المصرى، واهمين إياه بأن وقت الاحتفال حان، بينما لو كنا وقتها بدأنا فى العمل يداً واحدة لوضع أساس قوية لانتقال مصر من مرحلة نظام مبارك إلى مرحلة جديدة وفق خطة زمنية محددة، حتى ولو طويلة، لكان أنسب وأصلح وأفلح.

خمس سنوات يعمل خلالها غربال الفرز بمهارة بارعة ليكشف لنا عن كمية متلونين سياسيين كفيلين بتعطيل تقدم أوطان وليس مجرد بلد مثل مصر، يحبو أصلاً نحو المستقبل، فمن كان يعبد مبارك، وقف فى أول الصف ليهاجمه ويقدم ضده البلاغات، ومن كان ضد الإخوان تودد لهم، ثم انقلب عليهم، ومن كان يميناً أصبح فى اليسار، ومن كان فى اليسار أصبح فى اليمين، ليصنعوا بتلونهم

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل