المحتوى الرئيسى

«التحرير» ترصد تجربة «معاك» لعلاج ذوي الاحتياجات الخاصة.. عطاء بلا مقابل

02/11 12:35

طرقة صغيرة على جانبيها أزهار وأشجار وفى النهاية باب صغير، بمجرد الدخول تظهر أمامك "لوحة الشرف" تحتوى على صور أو يمكن وصفها ببعض الذكريات، تجلس على الأريكة فى يمينك، ترى أشخاصًا بيدهم أطفال صغار إما أن يسلموهم للأسر المنتظرة فى الخارج، أو يقومون بتسلمهم أسرهم، خلية نحل لا تكن ولا تستكين.

لسنا فى مدرسة أو حضانة أطفال، ولكننا داخل مركز "معاك" لرعاية وتأهيل الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة فى مدينة العريش.

ملائكة صغار ليس لهم ذنب فيما هم فيه، ولدوا من بطون أمهاتهم على تلك الشاكلة، إما إعاقة أو لديهم اضطرابات نفسية أو عقلية، أو إصابة بأحد أعراض التوحد، أو تعرضوا لصدمات نفسية عميقة أثرت على تواصلهم مع أفراد المجتمع.

 "التحرير" تجولت داخل مركز "معاك" لذوى الاحتياجات الخاصة فى مدينة العريش، لتكشف الكثير من التفاصيل عن عالم هؤلاء الصغار المنسيين.. 

تقول الأستاذة مروة عدنان مدير إدارة المركز، إن المركز يضم حوالى 230 طفلاً، ويتخصص فى تأهيل الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة والعاديين من سن عامين وحتى 11 عامًا، ممن لديهم اضطرابات فى النطق والكلام أو اضطراب سلوكى أو نفسى، ويقدم المركز جلسات تنمية مهارات وصعوبات تعلم وتخاطب وتعديل سلوك.

وأوضحت أن الإعاقات التى يصاب بها الأطفال إما يكونون قد ولدوا بها أو حدثت أثناء الولادة أو بعد الولادة، وتنقسم إلى إعاقة سمعية أو ذهنية أو بصرية، لافتة إلى أن الغالب فى شمال سيناء هى الإعاقات السمعية والذهنية.

وعن إجراءات استقبال الأطفال فى المركز لبدء كورسات العلاج، ذكرت مروة عدنان أنه بمجرد أن يحضر الطفل إلى المركز يتم عمل تشخيص طبى كامل للطفل لمعرفة نوعية الإعاقة المصاب بها، ومن ثم تشخيص تربوى واختبار ذكاء لتحديد مدى الادراك الذهنى للطفل، ثم يتم استدعاء الإخصائى المناسب لحالة الطفل.

أما عن الجانب المادى، فتؤكد مدير إدارة المركز أنه فى البداية يتم عمل بحث حالة من قبل الشؤون الاجتماعية على أسرة الطفل، يتم خلاله تحديد المبلغ المادى الذى يتم تحصيله، مشيرة إلى أن جميع المبالغ تكون رمزية للغاية ولا يتم تحصيل أى مبالغ من أسر الأطفال مقابل كورسات العلاج.

تتذكر مدير إدارة المركز بدايات افتتاح المركز فى محافظة شمال سيناء عام 2010، فتقول "فى البداية قمنا بعدد من الحملات للكشف المبكر عن الإعاقة بين الأطفال فى الأسر بجميع مدن المحافظة، لكن للأسف ماكنش فيه تفاعل كبير أو ربما يكون منعدمًا، والسبب أن الناس كانت خايفة تقول إن عندها أطفال معاقين ذهنيًّا أو عندهم اضطرابات فى السلوك، خوفًا على سمعة الأسرة، وأن بناتهم الأصحاء مايتجوزوش خوفًا من أنهم ينجبوا أطفال عندهم نفس الإعاقة".

وتابعت " فوجئنا أنه بعد ما الحملات بتمشى من القرى والمدن، بنلاقى الأسر جاية بالليل بعد الساعة 8 وجايبين الأطفال فى سياراتهم الخاصة علشان نعالجهم بدون ما حد يعرف".

واكدت أن حاليًا الأمر اختلف تمامًا، وحملات التوعية جعلت الأسر لا تخشى استقدام أطفالها إلى المركز لبدء كورسات العلاج بدون خجل.

يتكون فريق العمل داخل المركز من 19 إخصائيًّا وخدمات معاونة، ويتم تقسيم العمل عليهم على "شفتات" صباحية ومسائية.

"اتعلمنا الصبر" هكذا لخصت سارة فهيم إخصائية التربية الخاصة فى المركز تجربتها فى العمل، وأضافت أن التعامل مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة ليس بالأمر الهين، لأنه مطلوب من الإخصائى النزول لسن الطفل وجعله يحبك ويتعامل معك بتلقائية وحرية، وهذا أمر صعب مع الأطفال أصحاب الاضطرابات السلوكية والذهنية.

وتشير إخصائية التربية الخاصة إلى انها استمرت مع أحد الاطفال 6 أشهر دون أن يستجيب لها، ولكن بعد ذلك تغير الطفل تمامًا وأصبح مدركًا بشكل كبير لما يحدث حوله، وتتذكر أن هذا الطفل فى إحدى الندوات فى المدارس بعد أن أنهى المحاضر كلامه، قام تلقائيًّا "بالتصفيق" دون الآخرين، وهذا دليل على أن الطفل استجاب لكورسات العلاج ولكن بعد فترة طويلة.

أما مروة محمد إخصائية نفسية أيضًا، فأشارت إلى أن هناك صعوبة فى التعامل داخل جلسات المخاطبة وتعديل السلوك مع الأطفال أصحاب البيئات المختلفة، خاصة "البدو" لأن مفردات الكلام والتعبيرات تكون مختلفة عن الأسر فى الحضر، ولكن نحاول قدر الإمكان تخطى تلك العقبات وتقريب التعبيرات.

وتشير نسرين صفوت إخصائية تربية أيضًا، إلى أنه من يعمل فى ذلك المجال لابد أن يكون على دراية تامة بطرق التعامل مع الطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة، لافتة إلى أنها استقبلت أحد الأطفال وكان يبلغ من العمر 11 عامًا وكان مصابًا بحالة من الهياج العصبى، ولكن تمت من السيطرة عليه بعد محاولات أكثر من شهر.

رغم تلك الصعوبات التى يوجهها الإخصائيون فى التعامل مع الأطفال، فإن العمل تطوعى ودون مقابل إلا أنه فى بعض الأوقات يتم صرف مكافآت رمزية لبعض الإخصائيين.

ويؤكد الإخصائيون العاملون داخل المركز أنهم متقبلون و"راضيين" بذلك لأنهم محبون لعملهم، لافتين إلى أنهم يشعرون بقيمتهم الإنسانية عندما يستجيب الأطفال للعلاج، ناهيك عن فرحة الآباء والأمهات بتقدم حالة أطفالهم.

ولفتت مروة عدنان إلى أن هناك بعض كورسات العلاج التى تستمر لثلاث سنوات متتالية، حتى يبدأ الطفل فى الاستجابة ويتحسن الإدراك لديه.

وعن احتياجات المركز من إمكانيات، أوضحت أن مجال تنمية وتطوير مهارات ذوى الاحتياجات الخاصة فى تطور مستمر، وأساليب التدريس كل يوم يظهر بها الجديد، مؤكدة أن المركز لا يقبل التبرعات المالية نهائيًّا، ولكن أهل الخير ممن يريدون المساهمة نشير إليهم باحتياجاتنا داخل المركز ويقومون بإحضارها لنا كل حسب مقدرته.

ويتذكر الإخصائيون العاملون داخل المركز بعض المواقف التى لا يمكن أن تمحى من ذاكرتهم أثناء فترة عملهم داخل المركز، فيقولون إنه فى يوم حضرت أم وكانت منهارة بشكل تام ومعها طفلها، وطالبتنا بأخذ الطفل طوال اليوم مقابل أى مبلغ مالى تحدده إدارة المركز.

 وقالت الأم إن والد الطفل قام بضرب الطفل بشكل بشع وكان يريد أن يحرقه بملعقة ساخنة، لأن الطفل تعدى على شقيقته الصغيرة جنسيًّا، ولكن تبين بعد ذلك أن الطفل تم التعدى عليه جنسيًّا من أحد الأشخاص مما أثر على سلوكه وحاول أن يعيد ذلك ولكن على شقيقته الصغرى، وأكد الإخصائيون ان الطفل تم علاجه داخل المركز وهو الآن لا يعانى من أى اضطرابات.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل