المحتوى الرئيسى

طبول الحرب تدق في ليبيا.. والمخاوف في تونس!

02/11 02:15

تتواتر العلامات على قرب تدخل عسكري من بعض دول الحلف الأطلسي في ليبيا تحت عنوان منع تنظيم «الدولة الاسلامية» من التوسع، وتفادي ما حدث في الموصل العراقية والرقة السورية.

طبول الحرب تدق في سواحل ليبيا وخليج سرت، حيث يفترض أن يوجد «الدواعش»، لكن المخاوف من هذه الحرب توجد في تونس، وخصوصاً جنوبها أي الحدود الوحيدة المفتوحة على التراب الليبي، إذ يتخوف التونسيون من أن تكون هذه الحرب المنتظرة سبباً لموجات هجرة بعشرات، وربما بمئات الآلاف، من الليبيين الهاربين من الحرب والأفارقة والمصريين المقيمين في ليبيا، فضلاً عن المخاوف من تسلل عشرات الإرهابيين ضمن الهاربين من ليبيا للقيام بعمليات إرهابية في تونس.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أبدى، يوم أمس، قلقه من تدخل عسكري أجنبي محتمل في ليبيا المجاورة لتونس والغارقة في الفوضى، وطالب بأن يتم التشاور مع بلاده قبل اي قرار بهذا الصدد.

وفي كلمة القاها، خلال لقائه اعضاء السلك الديبلوماسي، قال السبسي إنه «ينبغي على الدول التي تفكر في التدخل العسكري في ليبيا مراعاة مصالح الدول المجاورة وفي مقدمتها تونس، وعليها ان تتشاور معنا في هذا الخصوص لأن ما يفيدهم قد يسيء الينا».

وفي موازاة ذلك، حاولت السلطات التونسية تخفيف القلق السائد إزاء التطورات على حدودها الشرقية، بالاعلان عن بناء منظومة حواجز على طول حدودها مع ليبيا.

وقال وزير الدفاع فرحات الحرشاني إن بناء السواتر والخنادق المليئة بالمياه هو «يوم مهم» بالنسبة لتونس في تصديها لـ«الإرهاب».

وقال الوزير التونسي إن المرحلة الثانية من المشروع ستشتمل على تركيب معدات الكترونية بمساعدة المانيا والولايات المتحدة، لافتاً الى ان الحواجز التي تطلق عليها تونس اسم «منظومة الحواجز الحدودية» اثبتت فعاليتها، موضحاً أن السلطات تمكنت مراراً من اعتقال اشخاص حاولوا تهريب اسلحة.

وفي مؤشر على التهديدات التي بات يمثلها تنظيم «داعش» على تونس، اعترف الإرهابي الوحيد الذي نجا من الموت في عملية عسكرية في ولاية مدنين في جنوب البلاد، قبل اسبوع، بأنه جاء من الجزائر، وانضم إلى ثلاثة إرهابيين تونسيين لكي يتجهوا إلى ليبيا، استجابة لـ «النفير» الذي اطلقه «داعش» في خليج سرت.

وكان التنظيم التكفيري قد أطلق هذا النفير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، موجهاً نداءات متكررة إلى أنصاره للحشد في مواجهة الحرب المحتملة التي أصبحت علاماتها واضحة في حوض المتوسط، بعدما تحدثت وسائل إعلام إيطالية عن تحرك عشرات الوحدات من البحرية الإيطالية نحو الجنوب، فيما تتحدث شهادات متواترة ومؤكدة عن ان طائرات استطلاع تجوب سماء شمال ليبيا منذ أكثر من أسبوعين، خصوصا في اجواء سرت التي اتخذ منها الفرع الليبي لتنظيم «الدولة الاسلامية» مقراً محورياً له، مع القيام بأعمال متفرقة لتوسيع سيطرته نحو منابع النفط ومعامل التكرير وموانئ التصدير بحثا عن مصادر تمويل كما حدث في العراق وسوريا.

ولم تتوقف المسألة عند حد طائرات الاستطلاع المتطورة، التي لا يملكها لا الجنرال الليبي خليفة حفتر ولا بقايا الجيش الليبي، بل تجاوزها إلى ضربات جوية دقيقة «مجهولة المصدر» استهدفت مواقع حول مدينة سرت، ثم في ضواحي درنة شرق ليبيا، والتي تعرف بأنها من المعاقل التاريخية لتنظيم «أنصار الشريعة» المتطرف التابع تقليديا إلى تنظيم «القاعدة».

دوي طبول الحرب يسمع جيداً في العواصم الأوروبية خصوصاً روما، التي ترى نفسها معنية بشكل مباشر بما يحدث في ليبيا بسبب القرب الجغرافي، وخوفاً من أن يتكرر سيناريو سوريا في ليبيا مع مشاهد مئات الآلاف من المهاجرين العرب والأفارقة الهاجمين على الزوارق الهشّة على شواطئ إيطاليا.

وثمة تسريبات في الإعلام الإيطالي تقول إن خطة الحرب جاهزة منذ أشهر، وستكون بقيادة أميركية ومشاركة إيطالية وفرنسية وبريطانية وربما تساهم إسبانيا بتوفير قواعد الطائرات والتموين.

وتقول هذه التسريبات التي وصلت إلى تونس أيضاً إنّ الحرب على المجموعات الإرهابية سواء «داعش» أو «أنصار الشريعة» أو «القاعدة» هي مسألة أسابيع قليلة، وربما لن تتجاوز الأسبوع الأول من شهر آذار المقبل، ولذلك تعمل الأمم المتحدة تحت تأثير القوى العظمى ودول حلف شمال الاطلسي على الضغط على الليبيين حتى يتم تشكيل حكومة تحت إشراف فايز السراج يمكنها أن تمنح الشرعية لتدخل عسكري أجنبي في لييبا «لمساعدة الليبيين بطلب منهم»، بهدف استعادة الأمن والسيطرة على الوضع وتفادي ما حدث في العراق.

في المقابل، يعتقد كثيرون أن هذه الحرب لن تكون فسحة، خصوصاً حين تنتشر صور الضحايا الأبرياء والأجساد البشرية الممزقة، والتي ستكون «دعوة جهاد» جديدة لآلاف المقاتلين خصوصاً من المجموعات الجهادية في إفريقيا وجنوب الصحراء مثل «بوكو حرام» والعديد من الفصائل المتفرعة من «الجماعة الإسلامية المقاتلة» الجزائرية ومن «القاعدة في بلاد المغرب العربي»، والتي ستجد في حرب أطلسية على ليبيا عنوانا لـ»جهاد» جديد ضد «الصليبيين»، وما إلى ذلك من شعارات التكفيريين.

الحرب ستكون على «الدواعش» في ليبيا، لكن المخاوف والتوجس من مخاطرها في تونس.

وكان الرئيس التونسي قد عبر علنا عن انشغاله، وطلب من الدول المعنية إبلاغ تونس مسبقاً بهذه الحرب، لأن تونس أصبحت تملك معلومات مؤكدة عن قرب انطلاقها، ولكنها تشعر بالإحباط لأنه لم يتم إعلامها، ولم تتم مراعاة وضعها، بما أنها ستكون البلد الوحيد التي سيتضرر مباشرة من هذه الحرب بعشرات وربما مئات الآلاف من الليبيين الهاربين من جحيم الحرب، كما حدث في العام 2012، حين بلغ عدد الليبيين الهاربين إلى الجنوب التونسي أكثر من مليون و200 ألف شخص، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العمال الأفارقة الذين تحولوا وقتها إلى مشكلة حقيقية على المستويات الانسانية والاجتماعية والاقتصادية طيلة عام ونصف العام في مخيمات اللاجئين في الجنوب التونسي.

وإذا كانت تونس تستطيع أن تعول على أصدقائها الأوروبيين لمساعدتها في مواجهة موجات الهجرة، فإنها تعرف أنها قد تكون تحت خطر مئات، وربما آلاف، المقاتلين المتطرفين، خصوصاً أولئك التونسيين الموجودين في ليبيا والذين لا يقل عددهم عن ألفي شخص، والذين يمكنهم التسلل في هيئة تونسيين عاديين هاربين من الحرب لينظموا مئات الخلايا الإرهابية الجاهزة لأعمال انتحارية كما حدث مراراً في السابق.

ولذلك، يعيش الجيش التونسي على خط الحدود مع ليبيا في حالة استنفار قصوى، توقعاً لأن تظهر بعض الوحدات المقاتلة سواء الهاربة من الحرب، أو تلك التي قد تحاول اقتحام الحدود.

ويعول الجيش التونسي على عقود تعاون ومساعدة وعدته بها كل من ألمانيا وتركيا والولايات المتحدة لتوفير معدات الكترونية لمراقبة الحدود.

ولا تتوقف مخاوف التونسيين من الحرب المتوقعة في ليبيا، إذ يتذكر الخبراء أن تونس وقّعت في العام 2014 على اتفاقية جعلت منها الحليف المقرّب لحلف شمال الأطلسي، وكثيرون يخشون أن يكون حلف «الناتو» بصدد سحب تونس إلى المشاركة في حرب بالوكالة في ليبيا في إطار الحليف المقرّب.

ويعتقد كثيرون في تونس أن الدول التي تعد للحرب على «داعش» قد لا تطلب من تونس مشاركة عسكرية في الميدان في ليبيا، لكنها قد تطلب منها تمكينها من قواعد أرضية ومستشفيات ومراكز لوجستية على الحدود الجنوبية التونسية، لتكون منطلقا لشن هجمات على أهداف في ليبيا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل