المحتوى الرئيسى

تقرير| معرض الكتاب غارق في المحلية.. واختفاء واضح لرموز الثقافة

02/06 15:40

مازال من الصعب الإفراط فى التقييم الإيجابى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدروته الـ47، فلازال المعرض يدفع ضريبة الاضطرابات السياسية منذ اندلاع ثورة يناير فى 2011، ورغم جهود وزارة الثقافة المبذولة في استعادة رونق المعرض بل وإصلاح عدد من المشكلات التنظيمية الهامة التي لازمت المعرض منذ نشأته (حتى في أنجح دوراته)؛ إلا أن المعرض مازال مفرطا في المحلية، مكتفيا بالزحام كدليل نجاحه.

مقارنة قاسية يخضع لها المعرض في كل عام، لكنها أكثر حدة هذه الدورة مع اختيار إدارة المعرض إقامة محور "ذاكرة المعرض" خلال فعاليات المعرض، والتى تتيح للجمهور مشاهدة أهم مناظرات المعرض خلال الأعوام الماضية وعلى رأسهم ندوات الدكتور فرج فودة، والدكتور نصر حامد أبو زيد، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وعبد الرحمن الأبنودي ونزار قباني.

هذا الاختيار رغم أنه محمودا وبدا فكرة ذكية لاستغلال أرشيف الندوات الذي يبلغ 3000 ساعة من التسجيلات، بحسب تصريح رئيس الهيئة العامة للكتاب دكتور هيثم الحاج، لكنه في الوقت ذاته طرح تساؤلا عن غياب الوجوه البارزة للثقافة العربية عن المعرض.

وأكد مصدر فضل عدم ذكر اسمه لـ"التحرير" أن هيئة الكتاب تأخرت في الترتيب لاستضافة الكثير من الضيوف العرب، فاضطر أغلب من وجهت لهم الدعوة إلى الاعتذار، وأبرزهم الشاعر العراقي سعدي يوسف، والكاتب السوري صادق جلال العظمة، والروائية اللبنانية هدى بركات، ناهيك عن الكاتب السورى خليل صويلح الذى تأخرت الهيئة فى استخراج أوراق سفره، رغم صدور اسمه من بين ضيوف المعرض، أما الروائي التونسي شكري المبخوت، فقد لبى الدعوة لكنه حتى اللحظة لا يدري أي ندوة هو مدعو للتحدث فيها، فضلا عن أن أحدا من المنظمين لم يتواصل معه منذ وصوله.

الأمر الذى انعكس بدوره على أروقة المعرض نفسها وأبرزها المقهى الثقافي الذى كان يتميز في الأعوام السابقة بصالة طعام شاسعة المساحة مستوحاه من مقاه وسط البلد، في كل خطوة به تلتقى ناشرا أو كاتبا عربيا مهما يتبادلون النقاشات الساخنة والكتب والإهداءات، تحول المقهى الثقافي هذا العام إلى صالة طعام ثانوية، ولا وجود فيها للوجوه الثقافية.

حكاية الممشى الرئيسي.. وإنجازات العام الماضي

واستطاعت الهيئة العامة للكتاب المنظمة للمعرض تلافي عدد من المشكلات التنظيمية التي شابت المعرض طوال سنوات مثل انتشار الباعة الجائلين، كذلك أجنحة الترويج للسلع البعيدة عن الكتب ومهنة النشر للعام الثاني على التوالي، فلا برمجيات حديثة ولا ترويج لأواني بهذا المعرض، كذلك طورت الهيئة الشكل الخارجي لأجنحة دور النشر الحكومية وأبرزها جناح مكتبة الأسرة وجناح المركز القومي للترجمة، كما احتلا موقعا متميزا على الممشى الرئيسى المواجه لصالة 3 و4 بالمعرض.

وإن كانت أجنحة دور النشر الحكومية لم تتخلص من أزماتها في النشر ولا أدل على ذلك من أن وزير الثقافة حلمي النمنم اضطر إلى أن يتدخل قليلا في طريقة عرض هيئة الكتاب لأحدث إصداراتها، إذ فوجئ بأن كتاب القاهرة للدكتور أيمن فؤاد سيد متصدرا للجناح، رغم أنه عرض بهذه الطريقة في العام الماضي، باعتباره كتابا جديدا في العام 2015، وقد حصل وقتها المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء آنذاك على نسخة منه.

ناهيك عن بعض الفوضى في جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تضطر لالتقاط كتبك من أعلى رزم موضوعة في الأرض، صحيح أنك ستحصل على نسخة مخفضة بنسبة 50% من السعر المدعوم أصلا، لكن العثور على العناوين يتطلب سهولة الاطلاع عليها أولا.

للعام الثاني على التوالي استطاعت الهيئة تخليص أجنحة العرض المفتوح بالممشى الرئيسي من احتلال دور النشر التراثية التى تعيد طبع الكتب الدينية، وظهرت على جانبى الممشى دور نشر مثل ميريت ، والكرمة، ونون إضافة إلى الموقع التقليدي لجناح المصرية اللبنانية والشروق، ونهضة مصر وأطلس.

ابتكرت أيضا الهيئة فكرة جديدة هذا العام لمكافحة ظاهرة تزوير الكتب إذ أغلقت عددًا من أجنحة دور النشر بسبب عرضها كتبا مزورة، ووضع على أجنحة هذه الكتب لاصق أحمر مكتوب عليه "مغلق بسبب تزوير الكتب".

إن كان هناك فائزا فى الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فهم الأطفال بامتياز، رغم أن إدارة المعرض لم تقصد ذلك فلا اهتمام خاص بدور نشر أو أجنحة كتب الأطفال لكن مع ذلك خرجت الأجنحة الأكثر بهاءا والأكثر نشاطا فى المعرض.

الأجنحة التقليدية لأطفالنا ودور النشر المعنية بالأطفال وأخرى تبيع ألعاب منتسورى وتنمية مهارات الطفل وصلت تخفيضاتها إلى 50% بالإضافة لاستعانة بعضها بمجسمات الشخصيات الكارتونية، وعرائس والرسم والتلوين لجذب الأطفال بين سن 3 لـ7 سنوات وعائلاتهم.

مئات حفلات التوقيع.. والقاعات الرئيسية في كوكب آخر

تعج عشرات من أجنحة دور النشر بمئات حفلات التوقيع يوميا لا يسعك اكتشافها سوى مصادفة على صفحات الفيس بوك الخاصة بهذه الدور، كما تزيد الفعاليات الرسمية خلال اليوم الواحد بأجنحة وزارة الثقافة المختلفة على 50 فعالية يوميا تحت شعار "الثقافة فى المواجهة"، تضمها القاعات الرئيسية المطلة على بوابة صلاح سالم.

إن كان هناك عنوان يستطيع أن يصف فعاليات المعرض فهي كالعادة "أجنحة التنظير والقاعات الفارغة" فهي من جهة المكان بعيدة نسبيا عن بقية أجنحة دور النشر وصالات المعرض، لذا فعادة ما يكون جمهورها هو الجمهور المتخصص والمتابع للشأن الثقافى. ومن جهة أخرى لم تستطع إحداها أن تحرك أي جدل عام حتى الآن يلقى بظلاله على ساحة الرأى العام، أو أن تستضيف شخصيات جاذبة لجمهور المعرض، وإن كانت فعاليات الملتقى الثقافي استطاعت من خلال عدد من الأنشطة الفنية والموسيقية أن تضيف بعض البهجة، وأن تجذب جمهور المعرض. خاصة وأن بعض الفرق قدمت عروضها في الممشى الرئيسي وليس داخل خيمة المقهى الثقافي.

منت الكثير من وسائل الإعلام بعض زائري المعرض بأنهم يمكنهم الحصول على الكتب بتخفيض كبير، وخاصة مبادرة "كتاب ورغيف" التى أطلقها مشروع "بتانة"، والتي تمنح زائريها كتابا واحدة ببطاقة التموين مجانا، أما الخصومات التي أعلنت عنها الهيئة العامة للكتاب فهي تنطبق فقط في أجنحة دور النشر الحكومية التابعة لوزارة الثقافة، وإن كانت أغلب دور النشر الأخرى خفضت كتبها بنسبة من 10 % إلى 50 % بمناسبة المعرض.

وأعلنت الهيئة عن تطبيق عم أمين باعتباره التطبيق الرسمى للمعرض، والذى كان من المفترض أن يساعد الزوار عن طريق تقنية جى بى اس للوصول لدور النشر المختلفة، كما أنه من المفترض أن يستطيع الزوار من خلاله التعرف على جدول فعاليات المعرض سواء بالتاريخ أو بمكان الفعالية، لكن أيا من تلك الإمكانات لا تعمل بالتطبيق، ليظل مجرد خريطة ترشدك لأماكن صالات المعرض فقط.

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل