المحتوى الرئيسى

ريهام مهدي تكتب: هما اللي بيرازوا فيا

02/06 10:13

كان ياما كان يا سادة يا كرام، وكل من له نبي من قلبه يبعت له السلام، واللي مالوش خليه قاعد برضه منورنا، مايضرش.

تقول الحدوتة إن كان فيه كتاكيت عايشين في كرتونة، أي أربع حيطان بيتحركوا جواها، واحد من الكتاكيت كانت مؤخرته أكبر من الكتاكيت التانيين، وكان بيعيق حركتهم في الرايحة والجاية جوه الكرتونة، فاجتمع الكتاكيت في ذات ليلة وقرروا إنهم يخلعوا أحد حيطان الكرتونة ويحطوها حاجز بينهم وبين الكتكوت أبو مؤخرة كبيرة، علشان يعرف يتحرك براحته، وفي نفس الوقت هما كمان يتحركوا براحتهم من غير ما يتكعبلوا في مؤخرته العظيمة.. بس وقعوا في قرار ملعبك.. يا ترى دلوقتي الكرتونة هتتقسم جزئين.. جزء يتحركوا فيه براحتهم وجزء تاني هينفوا فيه الكتكوت أبو مؤخرة كبيرة علشان مايقعش عليهم يفطسهم، المشكلة هنا كانت يا ترى أي جزء هم هيقعدوا فيه؟ هل الجزء اللي هيبقى متحوط بـ”أربع” حيطان، ولا الجزء التاني اللي هيبقى عبارة عن تلات حيطان وحتة مفتوحة على الهواء الطلق.

الكتاكيت في نفس ذات الليلة المشئومة، حسموا أمرهم، وقرروا إن يعني إيه نقعد من غير أربع حيطان؟ لا.. كده نستهوى، فاختاروا الجزء “الآمن”، وتلوا حيثيات الحكم والقرار بتاعهم على الكتكوت أبو مؤخرة مرهرطة اللي حس بغصة في نفسه، مش علشان مؤخرته اللي هتفضل منكدة عليه عيشته طول عمره، لكن علشان ماكنش عارف الجزء التاني المجهول بالنسبة له هيكون إيه.

تاني يوم ابتدا التنفيذ واشتغلت الكتاكيت بكل قدم وساق علشان يتخلصوا من المؤخرة الملظلظة اللي مكدرة عيشتهم.. الأيام الأولى شهدت فرحة غامرة ونشوة الانتصار وصوصوات متتالية من الكتاكيت في الركن المنتصر، ومن كتر فرحتهم ابتدوا يزعقوا في الكتكوت الكبير من ورا الحيطة ويتريقوا عليه.. الكتكوت أبو مؤخرة كبيرة ابتدت تتراكم عليه مخاوفه وينجرح الإيجو بتاعه، مش بس إن مؤخرته بتكبر وإنه مقدرش يداريها، لأ لأن كمان دلوقتي بقى في مكان من غير أربع حيطان ومكان الحيطة الرابعة بقي مخيف بالنسبة له لأنه مشافوش قبل كده، ولأن عقله كان مشغول طول الوقت بـ”اللية” ماكنش قادر إنه يشوف الفرصة اللي قدامه.

بمرور الأيام مؤخرة الكتكوت كانت بتكبر وكان خوفه بيكبر معاه، فكل ما كانت مؤخرته تؤرقه وخوفه يشوكه، كان بيرجع بضهره ويسند على الحيطة اللي بتفصل بينه وبين الكتاكيت على الناحية التانية.. لاحظ أن كل سندة بيعملها على الحيطة، بتتزق بفعل تقل المؤخرة، والأغرب أن كل زقة بتخلي الكتاكيت يسكتوا ويتوقفوا عن التريقة عليه وعلى مؤخرته.

في الأول كان بيزق الحيطة خايف، لكن بعد ما قرر إنه خلاص هيعيش جوه الكرتونة دي للأبد، قرر إنه يمارس لعبة “ياللا نزق الحيطة كمان وكمان وكمان”، مرة و را التانية الصمت بتاع الكتاكيت اللي ورا الحيطة ابتدا يكتر بس الزعيق المرة دي ماكنش عليه، والأدهى إنهم نسيوا موضوع مؤخرته وإنها سبب أزمتهم، وابتدوا يزعقوا في بعض، وهنا اكتشف متعته الجديدة اللي خلته يتعافى من عقدة مؤخرته الأزلية، متعة الفرجة على الكتاكيت وهم بيتزنقوا أكتر و بيخانقوا في بعض أكتر، ونسيوا أو تناسوا موضوع الكتكوت التاني على الناحية التانية، بس كانوا دايما بيسمعوا صوت ضحكه، وماكنوش عارفين هو بيضحك على إيه.. لما ضاقت عليهم المساحة بشكل مستحيل إنهم يقدروا يتعايشوا، ولما ابتدى صوت الكتكوت صاحب المؤخرة يعلا من الضحك، فكروا إنه ربما يكون لقي “براح” وحياة أحسن الناحية التانية، ويمكن أخطأوا في قرارهم بنفيه من الأول، وأصلا بقت الحياة في ضيق جزمة مقاس 12.

في اليوم اللي بعده استقر الحال بالكتاكيت إنهم ابتدوا ينقروا في الحيطة اللي بتفصلهم عن الكتكوت الملظلظ.. كان كل ما يسمع صوت نقرهم على الحيطة يخاف أكتر من رجوعهم، ويفتكر معايرتهم له بمؤخرته، فيستخدمها علشان يزق الحيطة عليهم، فالكتاكيت تتزنق أكتر ومساحتهم تقل بزيادة، فيزودوا بالنقر في الحيطة لغاية ما في يوم حصلت المفاجأة!

وهم بينقروا لقوا حاجة طرية ماتشبهش الحيطة اللي كانوا بينقروا فيها طول الأيام اللي فاتت، لكن ده إداهم أمل كتاكيتي إن خلاص هانت وهيشوفوا الناحية التانية فيها إيه.. الحقيقة إنهم كانوا بينقروا في طيز الكتكوت الغبي (آه بقى أنا تعبت غني اقول مؤخرته.. دي حاجة بيض والله) ولما اكتشفوا إنها طيز الأفندي وإنه هو اللي كان بيزق عليهم الحيطة طول الوقت، ماقدروش يعطفوا عليه ولقوا نفسهم بيكملوا تنقير في الكتكوت الغبي، وكل ما بتراودهم مشاعر الكتاكيت في التعاطف أو الشفقة، كانوا بيفتكروا الأيام السودة اللي عيشهالهم وكان بيزق عليهم الحيطة وبيقعد يضحك على الناحية التانية، فكملوا تنقير فيه لغاية ما خلصوا عليه تماما، وأكلوه بسنانهم، بس سابوا منقاره علشان يكون عبرة لأي كتكوت عنده مؤخرة كبيرة هيجي يتغابى عليهم في يوم من الأيام.. الكتاكيت مش بس هدوا الحيطة واتخلصوا من غباء الكتكوت، لكنهم كمان اكتشفوا أن الكرتونة اتفتحت على عالم أكبر من اللي عرفوه قبل كده، وابتدوا يجروا في كل الاتجاهات.

الحدوتة  دي كانت اتحكت لي من زميل في شغل قديم، وكنا بنستخدمها لما بنحب نعمل تمرد كده محندق على ما قوسم علشان نحسن ظروف العمل اللاإنسانية في البلد البعيد.. عملنا جروب سري على الواتس آب سميناه “كتاكيتو بني”، مش تكريما بس لزينات صدقي، لكن كمان علشان نفكر روحنا إن “الكتاكيت قادمون” وإننا هنفضل ننقر في مؤخرة الإدارة لغاية ما نلاقي مخرج، علي الرغم من أن كل محاولاتنا كانت كوميدية وبنحاول بيها نمتص طاقة الغضب اللي جوانا، لكننا فضلنا في “التنقير” لغاية ما لأول مرة الإدراة ابتدت تعمل مراجعات حقيقية وتم تسريح عدد لا بأس بيه مننا.. كان بودي و الله الحياة تبقى شبيهة بالحواديت، بس معلش.. أهلا بيكم في سيت كوم “الحياة صعبة يا ولدي”، وعلي الرغم من أن كل حد فينا في بلد دلوقتي، لكن الجروب كان أول محاولة متعددة الجنسيات للنقر في مؤخرة كل وضع ظالم.

افتكرت الحدوتة دي وأنا بتابع سيل أخبار دولتنا الموقرة، إزاي بتتعامل مع الإرهاب وبتبيعه بزازة للمواطن العيل، وإزاي الحمدلله قفلنا ليفيل “امنعوا الضحك” وداخلين بسرعة الصاروخ في رحلة للثقب الأسود اللي مكتوب علي بابها “مش مهم أي حاجة.. المهم نبقى كده”، وعلي الباب من جوه “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”.

على عكس الحواديت، كان بودي والله إننا نزرع الأمل والخير يجيب الشر من لغلوغه ويطرحه أرضا ويقعد عليه يبططه، لكن يبدو إن جيلنا العظيم التعيس اللي بيتقبض على أحد أفراده علشان خفة دمه، مبقاش قدامه غير خيار واحد، وهو الخيار الكتاكيتي.. نفضل ننقر، ونزن ونترازل ونرازي في الكتكوت أبو لية، اللي هيقع علينا يفطسنا كلنا.. مش علشان لا سمح الله شايفين النور في نهاية النفق، أبسلوتلي علشان مبقاش فيه خيار غير كده، والمساحة بتضيق وعددنا بيختفي في ظروف غامضة.

مبقاش عندنا اختيار غير المرازية، حتى لو في يوم كتاكيت في كتفنا اختاروا اختيارات آمنة مش هيلاقوا قصادهم غير المرازية، ويحضرنا مشهد روبي البديع في مسلسل “سجن النسا” وعنيها بتعكس كل تراكمات الغضب اللي اتحاشت جواها طول الوقت لغاية ما فجأة هتنفجر وتزعق فيهم كلهم بلا استثناء “همّا اللي بيرازوا فيا”.

هنفضل ننقر ونرازي وغالبا البقاء هيكون للي نفسه أطول في المرازية، زي ما قال آينشتاين في قعدة رواق على قهوة كرمش بضواحي الجيزة، وأيده نيوتن في زيارته الخاطفة بعد كده في قانونه الشهير المدفون تحت كرسي في نفس القهوة: “إن كل مرازية يقابلها مرازية مضادة لها في الاتجاه وبنفس القوة والغضب”.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل