المحتوى الرئيسى

مغامرة فى جبال «الشعانبى».. هنا منبع الإرهاب التونسى

02/04 11:19

مدقات جبلية ضيقة ووعرة، تحدها جدران قصيرة من الحجر الجيرى، وأشجار التين الشوكى تنتشر بطول الطريق، كما تكسو الجبل الشاهق غابات الصنوبر، وكل بضعة كيلومترات تبدو بضعة منازل فقيرة من طابق واحد فى الظهور، تتخذ بعضها من الوديان مكاناً، وأخرى تنتشر على طول الطريق يميناً ويساراً، رعاة الغنم ينتشرون وسط الزراعات والأشجار، أطفال ورجال يهشون على الخراف. هنا جبل «السمامة»، جزء من سلسلة جبال الشعانبى، هو ثانى أعلى قمة وارتفاع فى تونس، بعد قمة جبل «الشعانبى» نفسه الذى يتاخمه، ويقع فى الوسط الغربى للجمهورية على الحدود مع الجزائر، بولاية القصرين، وتقطنه كتيبة عقبة بن نافع، وتشن هجماتها على قوات الجيش والدفاع التونسى بين الحين والآخر.

«الوطن» تصعد الجبل «المحظور» فى تونس وتسجل شهادات سكانه

تعد كتيبة «عقبة بن نافع» فرعاً لجماعة جند الخلافة الجزائرية الموالية لـ«داعش»، وكانت فرعاً لـ«القاعدة» سابقاً فى جبال المغرب العربى، وتطورت عملياتها من مهاجمة جنود الجيش التونسى إلى القيام بالعملية الإرهابية الأكبر فى تونس، التى استهدفت متحف «باردو» بالعاصمة، وأسقطت 23 قتيلاً، معظمهم من السياح الأجانب، فى 18 يناير 2015، حتى أصبح جبل الشعانبى ممراً للإرهاب الذى ضرب العاصمة التونسية، مقبلاً من الغرب، ذلك الإرهاب الذى بوجوده قتل الحياة العملية فى مدينة القصرين، وزاد من أوجاع البلدة التى انطلقت منها انتفاضة جديدة للشباب المعطلين قبل أيام.

الأهالى: نعيش فى رعب وفقر بعد أن أغلق الجيش الجبل.. ومسئول أمنى سابق: قضينا على الإرهاب «لكن لا تذكروا اسمى حتى لا تستهدفنى عناصره»

فى سفح الجبال يعيش الكثيرون من رعاة الغنم من أهل مدينة القصرين، وفى قرية «سيدى حراث»، التى أُسست حول مقام أحد الأولياء الصوفيين، يظهر مقامه فى مقدمة القرية، وهو الوحيد من بناياتها الذى يتميز بطلائه الأخضر، ويشغل حيزاً كبيراً من أراضى القرية الصغيرة، التى شهدت العملية الأبشع من قبل الإرهابيين نحو المدنيين فى ولاية القصرين، 10 أكتوبر الماضى، حيث أعلنت الجماعة اختطاف «نجيب القاسمى» أحد رعاة الجبل، لتعاونه مع الجيش فى الإيقاع بعناصرها، وبعد 3 أيام ذبحته وألقت به من الجبل، وذلك بعد أيام من إعلان وزير الداخلية التونسى القضاء على أكثر من 90% من أعضاء الجماعات المتطرفة فى جبال القصرين المتاخمة للحدود الجزائرية، فيما اعتبره البعض تحدياً لقوات الأمن.

تحت سفح الجبل يظهر منزل مطلى بالأبيض، وأمامه افترش رجل عجوز الأرض، يجلس على سجادة عربى صغيرة، ويحتسى كوباً من الشاى. الشيخ أحمد القاسمى، والد «نجيب»، ويقول لـ«الوطن» إن أهل القرية يعيشون فى رعب منذ قتل نجله فى الجبل.

بجبينه المقطب، وجلبابه البنى، جلس الرجل بالقرب من مدق جبل يؤدى إلى موضع سقوط نجله، ويقول إن «نجيب» صاحب 37 ربيعاً كان يعمل على رعى الغنم بالجبل، وهى مهنة توارثها الشباب عن أجدادهم، واعتاد طوال الوقت على لقاء الإرهابيين قاطنى بعض المغارات فى الجبل، وكان يقدم لهم الطعام فى بعض الأحيان، ويأخذون منه بعض الأغنام فى بعض الأحيان ليذبحوها، وفى نفس الوقت كان على تواصل مع أحد ضباط الجيش حتى يخبره بمواعيد قصف القوات الجوية لمعاقل الإرهابيين فلا يخرج للرعى، ويقول الرجل باكياً: «ابنى لم يكن مخبراً للجيش ولكن كل الرعاة على تواصل مع القوات حتى لا يخرجوا فى رعى فى أوقات الاشتباكات والمداهمات التى تنفذها القوات».

يروى الرجل أن ولده خرج فى اليوم المشئوم ومعه ابن عمه للجبل، للقيام بعملهما فى الرعى، واتصل به أحد الإرهابيين للقائه تحت دعوى «شراء خروف»، وتوجه الشاب الفقير إليه على الفور، ولكنه فوجئ بـ6 أشخاص، 4 ملتحين ومدججين بالسلاح، و2 غير ملتحين ولا يحملان سلاحاً، ممن يتوافدون على البلاد لقضاء حوائج الجماعات الإرهابية وحتى لا يشك فيهم أحد، يرتدون ملابس عادية ولا يطيلون لحاهم، خلال النزول إلى عمق مدينة القصرين، وهو ما أكده بيان للجيش التونسى فى 9 أغسطس 2013، حيث ألقى القبض على 3 إرهابيين فى حى الزهور فى وسط مدينة القصرين، وهو يؤكد تخفى الإرهابيين وسط الأهالى فى الولاية بعدما ضيّق الجيش التونسى عليهم الخناق فى الجبل. «نجيب» شك وقتها فى أمرهم وشعر بالغدر، ولكن سرعان ما طمأنه أحدهم الذى كان على تواصل معهم دائماً، وأخذوا فى تناول طعام الإفطار، وبينما يأكلون هاتف وقتها الضابط نجله ليخبره بقيامهم اليوم بهجمات على الإرهابيين فى الجبل، وحينما شاهدت المجموعة الاتصالات قامت باختطاف نجيب: «وقالوا لابن عمه ارجع انت بالغنم وقول لأمه تنساه».

3 أيام ظل فيها «أحمد» وعائلته يبحثون عن الابن الغائب فى الجبال، بمساعدة الجيش، حتى وجدته الطائرات الهليكوبتر ملقى سجياً فى دمه بأحد الأغوار فى الجبال، بعدما أُطلق عليه الرصاص فى وجهه وعينه، وتحت جسده الكثير من الألغام التى وضعها الإرهابيون، لتفجير كل من يحاول انتشال الجثمان.

«كتيبة عقبة» أشهر جماعات التكفير.. ووالد «نجيب»: ذبحوا ابنى وألقوا به فى الأغوار والأمن لا يحمينا

يقول «أحمد» إن الدولة لا تحميهم، وتتركهم فريسة للإرهابيين الذين يقطنون الجبال، وإن همّه همّان، إذ فقد نجله، وفقد لقمة عيشه فى «رعى الأغنام» المهنة التى كان يقتات منها، حيث أغلق الجيش الجبال بعد الحادث ومنعه وجيرانه من الرعاة من الولوج إليها، بجانب الرعب الذى يعيشون فيه.

بعد أيام، بث تنظيم «عقبة بن نافع» فيديو يظهر فيه عملية تصفية راعى الغنم «نجيب القاسمى»، بعدما اعترف بتعاونه مع الجيش التونسى فى الإرشاد عن عناصر التنظيم.

من داخل المنزل خرجت العجوز «محبوبة بنت عمارة» والدة «نجيب»: ترك لى رضيعاً عمره 5 أشهر، بعدما قتله الجبناء، ولا نجد لقمة العيش بعدما تركنا عائلنا الوحيد، بضعة أمتار تفصل بين منزل «نجيب القاسمى» ومنزل «فطومة الجاسم»، التى تعيش على جمع الحطب من الجبال لتوقد به الطعام وتبيع بعضه، لتقتات منه، وتقول إن حياتهم تحولت إلى رعب شديد، بعد مقتل نجل جارها «نجيب»، وإن الجماعات الإرهابية عادة ما كانت تلتقى أبناءهم الرعاة فى الجبال، ويتعاملون معهم، ولكن اليوم بعدما سكنت الجبل لخمسين عاماً تحاول الهروب من الجبل والبعد عنه بعدما أصبح موطناً للإرهابيين، وتشير إلى كثير من المنازل حولها، يكرهها أهلها وهربوا إلى العيش فى مدينة القصرين: «لا معانا فلوس نعيش ولا نحمل السلاح لندافع عن أنفسنا».

يتفق معها زوجها العجوز، محمود القاسمى، عم «نجيب» الذى يعمل فى مبنى بلدية القصرين، ويقول إنهم ينامون من بعد الحادثة بغمض عين وفتح الأخرى، خوفاً من الإرهابيين، وأنهم يغلقون عليهم منازلهم ولا يعرفون إن كان سيأتى عليهم الصباح وهم أحياء: «ضيق الرزق وراتبى الضعيف لا يمكننى من ترك دارى للبحث عن منزل آخر فى القصرين».

«نبيل»: تعاون وثيق بين مهربى الحدود «التونسية والجزائرية» والعناصر الإرهابية

يقول الرجل العجوز بقبعته الحمراء، إن الإرهابيين أول ما ظهروا كان فى جبل الشعانبى، ومنه امتدوا وانتشروا فى جميع الجبال المجاورة له، وعلى رأسها «جبل السمامة» الذى يعيشون فيه.

بضعة كيلومترات تفصل بين جبل «السمامة» و«الشعانبى»، وهو الأخطر على الإطلاق فى سلسلة جبال المنطقة، ويعد القمة الأعلى فى تونس، إذ يبلغ ارتفاعه 1544 متراً فوق سطح البحر، وهو مغطى بغابة كثيفة من الصنوبر الجبلى، وتوجد به الحديقة الوطنية بالشعانبى، التى تعد الأكبر حجماً على مستوى البلاد، وتنتشر فيها المغارات والخنادق التى سهلت كثيراً تمركز العناصر المسلحة ووفّرت لهم فرصة أكبر للتخفى والمناورة، كما زرعت الميليشيات الإرهابية الطريق للجبل بـ«الألغام».. وصلت «الوطن» إلى أقرب نقطة تستطيع منها استطلاع الجبل، فى قرية «بولعابة»، التى يشق طريقها الأوسط الجبل إلى أعلى.

تبعد قرية «بولعابة» نحو 3 كيلومترات عن ولاية القصرين، وكانت محطة استشفائية عالمية تستقبل الكثير من رواد السياحة العلاجية، ولكن داهمها الإرهاب وقضى على كل أثر للسياحة هناك، على بوابتها تستقر غرقة حط عليها السواد جراء عملية إرهابية استهدفت كميناً تابعاً لرجال الأمن الداخلى «الشرطة»، وقتلت ما يزيد على 8 من قوات الشرطة، بعدما أمطرت الكمين بالرصاص، حسب رواية عجوز من القرية، رفض ذكر اسمه، خوفاً من تعقب الإرهابيين له.

بتجاعيد وجهه التى تخفى ملامحه، ومعطفه القطنى الكثيف، جلس العجوز أمام حانوته الصغير يقول باقتضاب شديد، إن الإرهابيين طالما يخرجون من الجبل نحو القرية، للبحث عن الماء والطعام: «جاءونى للمنزل 4 مرات، وفى الأولى طلبوا بعض الماء، والثانية بضعة أطعمة كنت أعتبرها رزقاً يأتى من حيث لا أحتسب، لم يكن يشغل بالى اللثام الذى يغطى وجوههم، ولا وقت مجيئهم بعد منتصف الليل، ودرجة الحرص التى يتعاملون بها»، ظل العجوز يستقبل الإرهابيين، حتى المرة الثالثة التى طالبوه فيها ببعض المعلومات عن أماكن منازل ضباط الشرطة فى القرية، فنهرهم ورفض، ولكن فى المرة الرابعة كانوا أكثر جرأة وطالبوه بالتعاون معهم وهو ما رفضه وطردهم، وطالبهم بعدم القدوم إلى حانوته الصغير مرة أخرى، يقول بصوته المتهدج: كانوا صغاراً فى السن، 3 أحدهم لم يكمل عقده الثانى وآخر فى العشرين، وثالث يبدو من لهجته أنه جزائرى وليس تونسياً.

على بعد أمتار من حانوت الرجل العجوز، تظهر «تبة» صغيرة متهدمة، تقول عنها «أمانى مسعود»، إحدى سكان القرية، إنها كانت موقعاً لتمركز قوات الجيش، حتى أطلقت الميليشيات الإرهابية صاروخ «آر بى جى» نحوهم، وإن تلك الجماعات بدت فى الظهور منذ 3 سنوات على الأكثر.

الفتاة العشرينية تعمل بمدرسة القرية، وتقول إن «الإرهاب خرّب بلدتى الصغيرة، التى كانت تعتبر المحطة الأولى لصعود السياح الراغبين فى التمتع بالمناظر الخلاّبة فوقه، بدلاً من أن نكون مركزاً لشراء السياح لحاجتهم أصبحنا مركزاً لقضاء حوائج الإرهابيين».

اعتادت «أمانى» بعد قيام «ثورة الياسمين» بعام، منذ أواخر عام 2012، على أصوات الرصاص: «اليوم الذى يمر دون سماع صوت الرصاص كأن فيه حاجة ناقصانا، نشعر بشىء غير عادى، لا يمر شهران على الأكثر بين كل حادثة إرهابية وأخرى».

تقول «أمانى» إن قريتهم «البلعابة» تقع ما بين جبلى الشعانبى والسمامة، اللذين يشهدان عمليات إرهابية كثيرة، ولكن أكثر ما أفزعهم هو ذبح الراعى فى الجبل، حيث سكن فى قلوبهم الخوف من وقتها: «كنا دائماً نشعر أننا فى حاجة للأمن، ولكن بعد قتل الراعى أصبحنا نشعر أننا نحن أيضاً فى مرمى النيران».

تبرئ الفتاة قريتها من الانتماء للإرهاب: «لا عندنا راجل ولا طفل حتى يستطيع الانضمام لهم، بل إننا نعيش فى رعب منهم»، كذلك توضح: أكثر ما تعانى منه القرية ويجعل الشباب عُرضة للانضمام لهم فى المستقبل هى «البطالة»، مشيرة إلى مقاهى القرية الفقيرة التى تعج بالشباب: «لحد دلوقتى الأهالى التعساء لم ينضموا ولكن الشباب المعطل وأصحاب الشهادات العليا من الممكن أن يكونوا جزءاً منهم فى المستقبل».

تروى «أمانى» أن زميلها فى الجامعة فى صفاقس، قتله الجيش خلال عملية إرهابية فى الجبل: «إنسان ماتشكش فيه خالص متعلم وجامعى ومن صفاقس المدينة الساحلية الكبيرة، ومع ذلك انضم للإرهاب، وأصبح معهم وكله بسبب البطالة وعدم التشغيل التى تعانى منها تونس كلها، حيث خضع للاستقطاب الفكرى فى ظل عدم وجود أى شىء يحتويه بعد التخرج».

أحد القيادات الأمنية المتقاعدة فى الحرس الوطنى التونسى، قال لـ«الوطن»، إن «الجيش يبسط سيطرته على المنطقة»، ورغم الثقة التى يتحدث بها فى القضاء على الإرهاب فى الجبل، لكنه رفض ذكر اسمه خوفاً من الاستهداف من قِبل الإرهابيين، ما لا يجزم بشكل واضح بالقضاء عليهم نهائياً.

يصف الرجل الذى خدم فى وحدات الحرس الوطنى فى القصرين قبل التقاعد منذ عام، جبل «الشعانبى» بـ«شديد الوعورة»، إذ يتصل بالأراضى الجزائرية، وهو ما يسّهل مهمة الإرهابيين فى التنقل بين الحدود التونسية والجزائرية، ولا يستبعد الرجل الأمنى أن يكون من نفذوا عملية متحف «باردو» الإرهابى، لهم علاقة من قريب أو بعيد بالمتسترين بين كهوف الجبل المرتفع، لكن الرجل استبعد أن تكون تلك الجماعات تشكلت من العائدين من أحضان «داعش» فى ليبيا، مؤكداً أن الدولة تحظر عليهم التنقل وتحاصرهم، بعدما أصدرت قراراً بتحديد إقامة كل العائدين من ليبيا وحتى سوريا، خاصة الذين كانوا منخرطين فى الجماعات الجهادية «داعش».

عصام العسكرى، أحد سكان منطقة القصرين، شاب عشرينى ناشط فى المجتمع المدنى، قال إن أهل الولاية يعانون الأمرّين من الإرهاب، وإن هناك تقاعساً أمنياً غريباً، وحلقة مفقودة وغير مفهومة، ولم يستبعد الرجل تعاون بعض القيادات الأمنية مع الجماعات الإرهابية المنتشرة فى جبل الشعانبى.

لم يقف «العسكرى» وأهالى الولاية مكتوفى الأيدى بل شرعوا فى الخروج فى تظاهرة كبيرة نحو الجبال لمحاربة الإرهاب بأنفسهم، وخطب الأئمة فى المساجد والجوامع لجمع الناس بكل ما يمتلكونه من قوة وعتاد، للخروج لجبل الشعانبى: «قلنا يا نموته يا نموت من الألغام المزروعة فى طريق الجبل، يا نعيش كرماء دون ما يضيعوا مستقبل ولادنا»، ويقول إن شباب القصرين عاطلون، ولا يملكون حيلة فى أيديهم إلا الطرق السلمية للدفاع عن أنفسهم من الإرهاب الذى أمات الولاية.

يتهم الشاب حكومة بلاده بترك الإرهاب يرتع فى القصرين، حتى تكون هناك حجة لإهمال الولاية، وعدم الدفع بمشاريع التنمية، مشيراً إلى أن «جبل الشعانبى لو اهتموا بيه يصير أهم مشروع سياحى فى تونس، ويبدل المنطقة، وينشلها من الفقر هى وأهلها بدل من العيشة المريضة التى تحيط بالبلدة الحدودية».

متعاون مع الإرهابيين لـ«الوطن»: بعت لهم الطعام والمياه.. وحين طلبوا منى عناوين منازل الضباط رفضت

بالقرب من الجبل تظهر الكثير من البنايات والمصانع، وكأنها أطلال وبقايا مدينة صناعية، توقفت عن العمل منذ فترة، دخلت «الوطن» المدينة الخاوية على عروشها «مبان متهدمة، ومصانع أبوابها مغلقة، وماكينات معطلة، والكثير من العربات والأدوات الصناعية التى يعيش بداخلها العنكبوت».

ويقول الشاب «العسكرى» إن تلك هى المدينة الصناعية بالقصرين، التى كان يعمل بها آلاف العمال، ولكن لقربها من سفح جبل الشعانبى، أغلقت أبوابها خوفاً من الإرهاب، وتشرد مئات العمال والفنيين، والأسر: «الحكومة الجزائرية ضبطت الأمور على حدودها، رغم إن الكثيرين من الجماعة المتطرفة جزائريون، ولكن فى تونس ما زال الأمن غير قادر على ضبط الأمور كما يجب، هنا حلقة مفقودة فى تلك القصة».

على مقهى يقع فى وسط سوق الولاية يجلس نبيل بلحاج، عضو الجبهة الشعبية بمدينة القصرين، يقول إن «انتشار عمليات التهريب بين الحدود الجزائرية والتونسية يدعم الإرهاب، وبعض طرق التهريب التى تمر فيها الأغذية المحفوظة والإلكترونيات وغيرها من تلك التجارة، يمر منها إيضا السلاح والإرهابيون».

«العسكرى»: الإرهاب شماعة «إهمال الحكومة».. ولا أستبعد تعاون الأمن مع الجماعات المتطرفة

«بلحاج» يكشف أن هناك بعض أباطرة التهريب فى القصرين يتعاملون مع الإرهابيين ويدعمونهم ويقدمون لهم المال، وبعض المهربين أيضاً شاركوا فى تهريب السلاح للإرهابيين: «الإرهاب يستفيد من حالة عدم ضبط الحدود أمنياً، والسماح للمهربين بالعمل فى سهولة ويسر، فالتهريب معضلة كبيرة فى القصرين»، كذلك يوضح أن «هناك اعترافات ممن قبضوا عليهم بأن دخولهم للحدود التونسية وتهريب السلاح لهم كان بتوافق مع بعض المهربين، وهو ما يؤكد ما قلته».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل