كل ما تحتاجه هو «القرار».. مصري يسافر إلى 18 دولة في 3 سنوات فقط
تملكه الشغف وفضول الثقافات حتى بات جزءا من عروقه لا يمكنه أن يعيش من غيره، يعمل طوال العام بأقصى طاقته ويجمع الإجازة تلو الأخرى ويختار البلد التي يرغب في اكتشافها وينطلق كاسرًا حاجز القلق من المسافات والغربة فقط بمفرده في بلد جديدة يشبع بها عشقه للترحال والاستكشاف، ليستطيع الشاب العشريني محمود مصطفى كمال، أن يحقق ما يعجز عنه من هم في أضعاف عمره من ترحال، وقد بلغ عدد الدول التي وطأتها قدمه في 3 سنين 18 دولة كل دولة منها تشمل عشرات المدن التي تحمل كلًا منها روحًا مختلفة تمامًا تأخذه في مغامرة استكشافية جديدة.
شغل حلم السفر وجدانه لسنوات لكن لم تخط قدماه خارج مصر إلا بعد الجامعة، ففي عمر 24 اتخذ قراره وبدأ أولى رحلاته وكانت وجهته الأولى لتركيا، على الرغم من أنه لم يسافر قبل ذلك العمر إلا أنه كان يجد نفسه بين الكتب وثقافات دول العالم يقرأ عنها ويتشبع من ثقافاتها.
ويقول محمود لـ"التحرير - لايف": "طبيعة شغلي ودراستي للإعلام كانت مخلية فيا حتة استكشاف للناس والأماكن والثقافات، أو هي دي طبيعتي أصلاً اللي دخلت عشانها إعلام".
واستكمل: "حسيت أن الوقت اللي كنت بحب اقرأ فيه عن البلاد التانية بدون سفر كان مفيد ليا لما ابتديت أسافر، وتركيا كانت تجربة غيرت نظرتي للحياة بالاختلاط بثقافة تانية ومجتمع متقدم قياسًا بحياتنا هنا، حسيت أن هيكون أحسنلي الاستمرار في السفر عشان أكون إنسان أفضل".
يؤمن محمود أن السفر متعة ومغامرته في الاستكشاف في كل شئ حتى في خطة سفره فهو لا يحدد خطة معينة لسفره في أي من رحلاته، وأنه يزور بلد لا يعني أن يجلس في أحد الفنادق متبعًا برنامج سياحي بل إنه يعيش وسط أهل البلد ويكتشف طبيعتها بنفسه ويجوب شوارعها ليكتشف الجوهر الحقيقي لها.
ويروي عن خطته في أول تجربة فعلية له: "طلعت مع شركة سياحة ودي المرة الأولى والأخيرة اللي عملت فيها كده لأن من خلال التجربة نفسها عرفت إزاي بعد كده ارتب بنفسي كل حاجة وأقلل التكاليف، مكنش عندي أي خطة في أول مرة مجرد كنت عايز أسافر.. وكررتها بعد كده موضوع السفر بدون خطة بس مش كتير".
تفاصيل أول رحلة لمحمود خارج مصر
ويحكي كمال عن إحساسه في تركيا للمرة الأولى بعيدًا عن العالم الذي يعرفه وعاش وسطه لأكثر من 24 عامًا، قائلًا: "مكنتش لوحدي تمامًا كان معايا صديق وبالصدفة البحتة قابلنا صديقة كمان على نفس الطيارة صدفة أفلام، بس كانت تجربة تشجع علي أني أعمل ده تاني، وأفصل من الثقافة اللي أنا فيها بكل ما فيها وأسمع وأتواصل بلغة تانية مع ناس تانية في مكان تاني بعادات تانية وجو تاني.. أعيش حياة يومية مقدرتش أعيشها في مصر وأتعرف علي ناس تجربتها ثرية في مكان تاني في العالم".
في بداية الأمر، كان هناك عائق التوفيق بين العمل والسفر ومتعة الاستكشاف يواجه محمود؛ إلا أنه لم يصبح أزمة بأي شكل بعدها، ويقول: "ابتديت أسافر بشكل مكثف في أخر سنتين وكده يبقي بقالي تلات سنين عشان أنا سافرت في ديسمبر ٢٠١٢".
وبدأت خطة محمود في التوفيق بين إجازته والسفر بجعلها متتالية ليحصل على 3 أيام إجازة متتالية ويمكنه الطيران لأي دولة يريد، أو يستغل الأعياد ليعيش المغامرة على طريقته لكن أهم ما يقف عنده ويؤكد عليه هو أن الفرد يتخذ قرار السفر منذ مطلع العام هنا يمكنه ببساطة ضبط إجازاته مع سفره ودون الضرر بعمله، حيث إنه يعمل كصحفي سيارات، يكتب تقييمات للسيارات الجديدة في مصر والعالم، بجانب كونه رئيس تحرير موقع "ElTawkeel" ومعد ببرنامج "في العجلة السلامة" على ميجا FM وكاتب بموقع "ياهو".
الإنترنت مفتاحك للسفر حتى في حجز تذكرة الأتوبيس
أما عن خطة السفر وتذاكر وأسعارها والأقامة، فيوضح محمود: "كل حاجة دلوقتي موجودة علي الإنترنت، إحنا ممكن دلوقتي حالاً نشتري تذكرة أوتوبيس في كمبوديا ولا تذكرة قطر في النرويج، كل شركات الطيران موجودة، كل الفنادق موجودة، كل المعلومات عن الأماكن موجودة، الحاجز الوحيد موجود في الدماغ لأن احنا مش في عصر البوصلة والخريطة الورق، السفر دلوقتي سهل جدًا، لو حد عايز يسافر يسيب دماغه القلقانة في البيت ويسافر، وأنا بتكلم طبعًا عن السياحة مش الهجرة".
ولا تقاس زيارات دول العالم لدى الرحالة الشاب بعدد الدول، فبالرغم من زيارته لما يقرب من ١٨ بلدًا حول العالم حتى الآن؛ إلا أن المتعة لديه تقاس بالمدن فهي أشبه بالمحافظات، لدينا في كل محافظة حالة خاصة وثقافة مثيرة للجدل، ويعلق محمود: "الموضوع مش بالدول.. الموضوع بالمدن.. زي هنا في مصر اللي ييجي القاهرة مش زي اللي يروح الأقصر.. فيه اختلاف كبير بين مدن الدولة الواحدة.. وأنا بهتم بزيارة مدن كتيرة أكتر ما أزور دول كتير.. يعني أنا لفيت أماكن كتير جدًا في البرتغال وإيطاليا، ودول تقريبًا أكتر بلدين لفتهم ولسه فيه أماكن فيهم عايز أروحهم، وألمانيا كمان، كل مدينة في العالم مختلفة عن باقي اللي حواليها مش بس الدول، الاختلاف فعليًا في كل حاجة.. الثقافة.. الناس.. الطبيعة.. المعمار.. أسلوب الحياة.. وأحيانًا اللغة جوة البلد الواحدة".
أكثر البلاد تأثيرًا في محمود
وعلى الرغم من زيارة محمود كمال لألمانيا قرابة الخمس مرات وإسبانيا وإيطاليا مرتين وكذلك هولندا وبلجيكا؛ إلا أن كمبوديا كانت أكثر البلاد تأثيرًا في شخصه ويصفها بأنها "مميزة بروحها تحسها لسه نقية والحياة فيها بدائية إلى حد ما وأنا بحب الجو ده جدًا".
وينصح محمود من يبحث عن أرخص سعر لتذكرة طيران أن يتابع المواقع المتخصصة في البحث علي تذاكر الطيران مثل "skyscanner"، ويؤكد أن السفر عبر الأتوبيس بين البلدان المتجاورة يكون أرخص بكثير وأكثر متعة.
كسر الصورة التقليدية عن السفر
ومع كثرة سفر الرحالة الشاب لم يندم يوم واحد على سفره على عكس الترهيب الذي يجول حول فكرة السفر وحيدًا أو للخارج، وعن سبب ذلك يوضح "أنا بسافر بطريقة مختلفة، أنا مش مسافر اتفسح، أنا بسافر استكشف الناس والحياة والأماكن.. وده مش لازم يكون وردي دايمًا، يعني أنا مش كل سفرياتي أصلاً دول سياحية بمفهوم الدلع بتاعنا اللي هو أسافر باريس وأتصور وأنا عامل إيدي كأني ماسك برج إيفل، أنا ممكن أسافر فيتنام أقعد في هوستيل صغير وانزل أكل من الشارع واتعب هناك كل دي تجارب حياتية حقيقية.. مش اللي هو السياحة بتاعة شركة سياحة وكل حاجة مترتبة وسهلة واحنا رايحين نتفرج ونتبسط، أنا بهتم بالاستكشاف.. ده طريقي للاستمتاع أكتر من الدلع السياحي، وعشان كده برضه بسافر لوحدي، عشان استكشف الثقافة واللغة من ناحية.. وعشان محدش هيقدر يجاري الشقا بتاعي، أنا بمشي في اليوم وأنا مسافر أحيانًا ١٥ ساعة عادي.. طول اليوم بلف".
يستمتع بكل لحظة دون أن يترك للمرض فرصة أن يعكر عليه صفو رحلته، فإذا مرض يأخذ الدواء ويكمل وكأن شيئًا لم يكن ويحكي لحظات مرضه وحيدًا بالخارج، قائلا: "الأكل في فيتنام تعبني جدًا، يومين وجع في بطني فظيع لدرجة قلقت تكون حاجة كبيرة بس عدت على خير، ومرة ضرسي اتكسر وأنا في باريس أخدت مسكنات لحد ما رجعت الضرس هيخف لكن أنا مش كل يوم هناك".
أزمة كادت أن تمنع محمود من الخروج من المطار
أما أكثر أزمة تعرض لها كانت في ماليزيا، حيث تعطل هاتفه الذي يحوي كل شئ عن رحلته ومكان الفندق وحجوزات الطائرة للبلاد التي تليها، ويحكي: "الحمد لله مجتش في العينة العشوائية اللي بيسألوهم فا دخلت وبعدين عرفت أصلحه إزاي مؤقتًا".
أرخص وأغلى بلد في التعاملات
يقول محمود: "كل بلاد آسيا رخيصة لأن هما أصلا بينتجوا معظم الحاجات بشكل مباشر سواء لبس أو تذكارات وحتى لو مش الدولة اللي بتنتجها فهما قريبين جدًا من بعض كدول منتجة فالنقل تكاليفه مش كتير والحاجة بتبقي رخيصة، أما أغلى بلد كنت بخطط أروحها هي النرويج ولما حسبتها لقيت الموضوع هيوسع فروحت أمستردام تاني".
يستكمل محمود: "عمر ما الموضوع يوصل للعدوانية بس وقعت في ناس عنصرية طبعًا، واحد في التشيك رفض يبيعلي أي حاجة عشان مش أبيض زيهم، وموظف في خطوط طيران في مطار كوالا لامبور لما اديته الباسبور معاملته اتغيرت وقعد يطلعلي عقبات عشان الطيارة تفوتني ومسافرش، مجرد ماخدت الباسبور وروحت لموظف تاني الدنيا مشيت".
يقول محمود: "أغرب موقف حصلي كنت ماشي في المطار بتاع كوالا لامبور وخلاص هسافر لقيت حد بيقولي إيه دا! أنت بتاع صفحة "No Fixed Address؟!" وطلع مصري مسافر زيي برضه وبقينا أصدقاء بعد كده، وموقف آخر حصلي وهو أن بنت برازيلية اتعرفت عليها صدفة في برشلونة، وبعدها بأسبوعين قابلتها صدفة في روما".
هدف الرحالة بعد 18 دولة سفر حول العالم
"الهدف اللي نفسي أوصله، مفيش هدف هو أسلوب حياة أكتر منه هدف أو حاجة أنا بجري وراها، انا أحب أكون عايش بطريقة أنا راضي عنها مش عايش حياة أنا بكره نصها حتى لو فيها أمان واستقرار أكتر".
Comments