المحتوى الرئيسى

البحوث الإسلامية: رواية «التحيات اسم طائر في الجنة» مكذوبة وليست حديثًا نبويًا

02/01 09:48

تدوال مؤخرًا بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، رواية، يدعون أنها حديث نبوي مفادها: «الْتَّحِيَّاتُ اسْمَ طَائِرٍ فِيْ الْجَنَّةِ عَلَىَ شَجَرَةِ يُقَالُ لَهَا الْطَّيِّبَاتِ بِجَانِبِ نَهْرِ يُقَالُ لَهُ الْصَّلَوَاتِ فَاذَا قَالَ الْعَبْدُ التحَيَاتُنَ لِلَّهِ وَالْصَّلَوَاتُ وَالْطَّيِّبَاتُ نَزَلَ الْطَّائِرِ عَنْ تِلْكَ الْشَّجَرَةِ فَغَطُسَ فِيْ ذَلِكَ الْنَّهَرِ وَنَفَضَ رِيْشُهُ عَلَىَ جَانِبِ نَهْرٍ بِكُلِّ قَطْرَةٍ سَقَطَتْ مِنْهُ خُلِقَ مِنْهُ مَلِكَا يَسْتَغْفِرُ لِقَائِلِهَا الَىَّ يَوْمِ الْقِيَامَ».

قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هذا ليس حديثًا فلا أصل له ولا سند عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا تجوز نسبته إلى الشرع، بل يجب التحذير من مثل هذه الأحاديث المكذوبة، وبيان أنها موضوعة لا أصل لها، وأن كل من يساهم في نشرها يناله نصيب من الإثم.

وأضاف الجندي لـ«صدى البلد»، أنه تَلُوْحُ عَلَى هذه الرواية أَمَارَاتُ الْوَضْعِ وَالْكَذِبَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ تَفْسِيْرِ الْتَّحِيَّاتُ وَالْطَّيِّبَاتُ وَالْصَّلَوَاتُ، وَلَمْ يَذْكُرُوْا مَنْ ذَلِكَ شَيْئا، فقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: «وَمَعْنَىً الْتَّحِيَّةِ الْمَلِكُ» وَقِيْلَ: الْتَّحِيَّةِ: الْعَظَمَةِ لِلَّهِ. وَالْصَّلَوَاتُ: هِيَ الْخَمْسِ، وَالْطَّيِّبَاتُ: الْأَعْمَالِ الْزَّكِيَّةِ.

وَتابع: قَالَ الْنَّوَوِيُّ: «وَأَمَّا الْتَّحِيَّاتُ، فَجَمْعُ تَحِيَّةً، وَهِيَ الْمُلْكُ»، وَقِيْلَ: «الْبَقَاءِ»، وَقِيْلَ: «الْعَظَمَةِ»، وَقِيْلَ: الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا قِيَلَ الْتَّحِيَّاتُ بِالْجَمْعِ لِأَنَّ مُلُوْكِ الْعُرْبِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُحَيِّيْهِ أَصْحَابِهِ بِتَحِيَّةٍ مَخْصُوْصَةٍ، فَقِيْلَ: جَمِيْعِ تَحِيَّاتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَىْ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ حَقِيْقَةً، وَالْمُبَارَكَاتُ وَالْزَّاكِيَاتُ فِيْ حَدِيْثٍ عُمَرَ رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ بِمَعْنَىً وَاحِدٍ، وَالْبَرَكَةِ كَثْرَةِ الْخَيْرِ، وَقِيْلَ: الْنَّمَاءِ، وَكَذَا الْزَّكَاةُ أَصْلُهَا الْنَّمَاءُ، وَالْصَّلَوَاتُ هِيَ الْصَّلَوَاتِ الْمَعْرُوْفَةِ. وَقِيْلَ: الْدَّعَوَاتِ وَالْتَّضَرُّعِ، وَقِيْلَ: الْرَّحْمَةِ أَيْ: الْلَّهِ الْمُتَفَضِّلِ بِهَا، وَالْطَّيِّبَاتُ، أَيُّ: الْكَلِمَاتّ الْطَّيِّبَاتِ .

وَأشار المفكر الإسلامي، إلى أن ابْن رَجَبٍ الحنبلي قال: إن معنى «وَالْتَّحِيَّاتِ: جَمْعُ تَحِيَّةٍ، وَفُسِّرَتْ الْتَّحِيَّةِ بِالْمُلْكِ، وَفُسِّرَتْ بِالْبَقَاءِ وَالْدَّوَامَ وَفُسِّرَتْ بِالْسَّلامَةِ؛ وَالْمَعْنَىْ: أَنْ الْسَّلامَةَ مِنْ الْآَفَاتِ ثَابِتٌ لِلَّهِ، وَاجِبٌ لَهُ لِذَاتِهِ، وَفُسِّرَتْ بِالْعَظَمَةِ، وَقِيْلَ: إِنَّهَا تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَمَا كَانَ بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ».

ولفت إلى أن ابْن قُتَيْبَةَ قال: «إِنَّمَا قِيَلَ "الْتَّحِيَّاتُ» بِالْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ تَحِيَّةً يَحْيَا بِهَا، فَقِيْلَ لَهُمْ: «قُوْلُوْا: الْتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» أَيُّ: أَنِ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّهُ الْلَّهُ وَحْدَهُ، وَقَوْلُهُ: «وَالْصَّلَوَاتُ» فُسِّرَتْ بِالْعِبَادَاتِ جَمِيْعَهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِيْنَ: أَنَّ جَمِيْعَ الطَّاعَاتِ صَلَاةِ، وَفُسِّرَتْ الْصَّلَوَاتِ هَاهُنَا بِالْدُّعَاءِ، وَفُسِّرَتْ بِالْرَّحْمَةِ، وَفُسِّرَتْ بِالْصَّلَوَاتِ الْشَّرْعِيَّةِ، فَيَكُوْنُ خِتَامُ الصَّلَاةَ بهْدِهُ الْكَلِمَةُ كَاسْتِفْتَاحِهَا بِقَوْلِ: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِيْ وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِيْ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ».

واستطرد: وَقَوْلُهُ: «وَالْطَّيِّبَاتُ»، فُسِّرَتْ بِالْكَلِمَاتْ الْطَّيِّبَاتِ، كَمَا فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَىْ: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الْطَّيِّبُ»، فَالْمَعْنَىْ: إِنِ مَا كَانَ مِنْ كَلَامِ فَإِنَّهُ لِلَّهِ، يُثْنّىْ بِهِ عَلَيْهِ وَيُمَجَّدَ بِهِ، وَفُسِّرَتْ «الْطَّيِّبَاتِ» بِالْأَعْمَالِ الْصَّالِحَةِ كُلَّهَا؛ فَإِنَّهَا تُوْصَفُ بِالْطَّيِّبِ، فَتَكُوْنُ كُلُّهَا لِلَّهِ بِمَعْنَىً: أَنَّهُ يُعْبَدُ بِهَا، وَيُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَيْهِ.

وعن الأحاديث التي وردت عن التحيات في «الصحيحين»، أكد أنه ورد حديث في البخاري، باب التشهد في الآخرة (148) / (831): حدَّثنا أبو نُعَيمٍ قال: حدَّثَنا الأعمشُ عن شَقيقِ بنِ سَلمةَ قال: قال عبدُ اللهِ بن مسعود رضي الله عنه: «كّنا إذا صَلَّينا خلفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قلنا: السلامُ على جِبريلَ وميكائيلَ، السلامُ على فلانٍ وفلان، فالتفتَ إلينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: إن اللهَ هو السلامُ «أي السالم من كل نقص وعيب»، فإذا صلَّى أحدُكم فلْيَقُلْ: التحيّات للّهِ «أي جميع التعظيمات لله» والصلواتُ «أي جميع الصلوات لله» والطيِّبات «أي جميع الكلمات الطيبات لله»: السلامُ عليكَ أَيُّها النبيُّ وَرحمةُ اللهِ وَبرَكاتهُ، السلامَ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحينـ فإنكم إذا قُلتموها «أي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» أَصابتْ كلَّ عبدٍ للهِ صالحٍ في السماءِ والأرضِ أَشهدُ أن لا إلٰهَ إلاّ اللهُ، وأشهَدُ أَنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه» هذا التشهد الأول.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل