المحتوى الرئيسى

«يا دنيا يا غرامي».. إعادة تشكيل الواقع على إيقاع هادئ

01/31 22:25

في ديوانه «يا دنيا يا غرامي»، الذي يتكون من 16 نصاً، يثبت الشاعر والصحفي، هيثم عبد الشافي، أن أدواته متمرسة لحد بعيد، إذ نجد القصيدة الإيقاعية التي تشدنا فتعلق قلوبنا في شراك «النوستالجيا»، ففي نص «ماتطلبيش»، يقول: «كده كتابك ينكرني؟!/ أنا كنت جني/ ومنقار لطير جارح/ كفي حدد بكره فـ وشك ملامح/ صليب و آية/ شوارع تخلق سهرايه/ حواري متنمشي/ تيجي نمشي/ وما تطلبيش».

ونجد أيضًا القصيدة النثرية، التي تؤكد امتلاكه جناحًا خاصًا به، ففي نص «للشرخ اللي بيغير فـ ملامحي»، يقول: «دلوقت/ بأفوت في كلام الجرنان المتقطع/ بالخانة ولاتنين/ مبقتش أشد خط تحت برج السرطان/ لما يعجبني كلامه ويفضحني».

لغة الديوان، الصادر عن دار «أوراق» للنشر والتوزيع، تتفجر بنبرة ذات إيقاعية هادئة بالرغم من ضجيج الظلال التي يطرحها المعنى، وهكذا يبقى الحلم في قصيدة «عبد الشافى»، يعيد تشكيل الواقع وينقلنا إلى فضاءات أولى بالتحليق، «ح أشوفك/ فـ بجاحة الشوارع لما خدوك مستأذنوش/ كنت خطيئة بتكبر جواك/ والصلب فـ حالتنا ماكنش خلاص/ المجد للنسيان».

ونلمح كالعادة في نصوص الديوان أن الشاعرية تكمن في العادي والمُعاش: «لما/ سجايرك/ نقصت م السوق مرة واحدة/ عرفت إنك بتدخن كتير»، فالشاعر نجح في الابتعاد عن التيمات الشعرية الكبرى، وأصر على قنص الشعر من تفاصيل حياتية بسيطة ربما لا يلتفت إليها أحد، ونجح بشكل لافت في هذا.

«صانك الحلاوة / نمل الشتا بناه بيوت وجناين».. من هذا المشهد المعروف والمألوف، نلمح الشعر بهيًا متجليًا، فالنمل ليس أداة الهدم التي زلزلت الحصان الجميل، بالعكس حولته إلى بيوت وجنائن صالحة للسكنى.

في «يا دنيا يا غرامي»، تتواطأ الذات الشاعرة لتغلف قلقها من العالم بالطمأنينة التي تجدها في مفردات «العشق/ الذكرى/ البيت/ الفرن/ التراب»، كلها مفردات أثيرة لدى الذات، تحتمي بها من كل هذه الأنياب التي تتربص بها لتنشئ نسيجًا واقيًا تحتمي به من قبح العالم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل