المحتوى الرئيسى

بروفايل| فيروز.. رحيل "قطقوطة السينما"

01/30 19:36

"براءة" لا تخطئها عين علت وجهها، وصوت طفولي مميز و"شقاوة" واضحة تطل من عينيها، و"مرح" ممزوج بموهبة مميزة، جذبت إليها الأنظار أينما ذهبت، ودفعت أنور وجدي، إلى تبني موهبتها، وإنتاج أول أفلامها "ياسمين" الذي ترك أثاره القوية في ذهنها بنجاحه، وفي يديها بحريقه، بعد أن اشتعلت لمبة بــ"القش" في أحد المشاهد امتدت إلى ذراعها لتفقد وعيها فيما بعد، إلا أن "الواقع السيء قد يقود إلى مصير أجمل حظًا"، ليحقق الفيلم نجاحا منقطع النظير، وتسطر به "الطفلة المعجزة" التي لم تتجاوز عامها الثامن حين ذاك اسمها من "ذهب" في تاريخ السينما، رغم رحيلها اليوم عن عالمنا.

"بيروز آرتين كالفايان".. لم تكن كغيرها من الأطفال، فمنذ ميلادها في 15 مارس 1943، وهي تشع حيوية وبهجة، وتتمتع بخفة ظل مميزة، ورثتها عن أسرتها السورية من أصول أرمينية، ولكن صديق والدها الفنان إلياس مؤدب، الذي اعتاد لهم العزف على الكمان بينما ترقص هي على الموسيقى، لاحظ موهبتها الاستعراضية والغنائية، فسارع بتأليف وتلحين مونولوجات لها واصطحابها في الحفلات المنزلية التي كان يحييها، لتثير إعجاب الحضور في إحدى المرات وضمها لأحد مسابقات المواهب في ملهى "الأوبيرج".

لم يقتصر الإعجاب الذي حصدت الطفلة ذات الستة أعوام على لجنة تحكيم المسابقة، بل امتد إلى الملك فاروق الذي كان حاضرًا في الملهى، ليمنحها 50 جنيهًا مصرياً، كأول هدية في تاريخها الفني، فتلتقطها أعين الفنان "أنور وجدي" ويصفها بـ"قطقوطة السينما ودمها أطعم من العسل"، فيسعى لإنتاج فيلما لها بالمشاركة مع الموسيقار محمد عبدالوهاب، إلا أن الأخير رفض المغامرة بإنتاج فيلم لطفلة "لا تتقن سوى غناء المونولوج" بحسب قوله حينذاك، ولكن "وجدي" آثر استكمال الأمر وحده لإيمانه الشديد بها، ووقع مع والدها عقد احتكار بقيمة ألف جنيه عن الفيلم الواحد، وغير اسمها لفيروز بدلا من نيروز.

حسه الفني وذكائه، ساعداه على ابتكار أسلوب فريد في الدعاية لفيلم "ياسمين"، فنشر إعلانًا في الصحف صباح يوم العرض دعا فيه الأطفال للحضور في حفل العاشرة صباحا، حيث ستقوم البطلة ذات السبع أعوام بتوزيع هدايا عليهم، وهو ما تم بالفعل، حيث تم تعليق البالونات في صالة السينما ووضع الهدايا في سينما "الكورسال"، ليحقق الفيلم منقطع النظير وتحصد لقبها "الطفلة المعجزة".

وبعد ثلاث أعوام من الشهرة ونجاح ضخم حظيت به فيروز مع الفنان أنور وجدي، قرر والدها الانفصال عنه برفض تجديد العقد الاحتكار، كونه أراد أن ينتج لها أفلامها، وقدمت فيلم الحرمان عام 1952 وشاركت معها شقيقتها الفنانة الشهيرة الآن نيللي، وشقيقتهما الثالثة ميرفت، ولكنها لم تستمر مثلهما في الفن، ثم غابت عن الساحة الفنية ثلاث سنوات، لتعود مرة أخرى بأدوار تتوافق مع عمرها كمراهقة، إلا أنها لم تحقق نفس مقدار نجاحها في طفولتها.

10 أفلام فقط.. صنعت نجومية الطفلة الصغيرة، لتصبح "معجزة السينما"، والأشهر بين نجمات السينما المصرية، والذين مازالوا حافظين لها مكانة في تاريخ الفن حتى يومنا هذا، وهم "ياسمين، فيروز هانم، الحرمان، صورة الزفاف، دهب، عصافير الجنة، إسماعيل يس طرزان، أيامي السعيدة، إسماعيل يس للبيع".

لم تتوقف موهبة "قطقوطة السينما" عند حد التمثيل والاستعراض فقط، حيث امتدت لقدرات مميزة على الغناء، ظلت حتى يومنا هذا محفورة في أذهان الجمهور من الكبار والصغار، سواءً قامت بغنائها بمفردها أو بالاشتراك مع فنان آخر، ومن أشهرها "الميزان" "معايا ريال"  "البلياتشو" "أنا كتكوته" "بحلق لي".

أثناء عملها مع فرقة إسماعيل يس، لتقديم فيلمي "، إسماعيل يس طرزان و إسماعيل يس للبيع "، التقت بالمؤلف بدرالدين جمجوم، الذي تزوجته فيما بعد وجمعتهما علاقة حب ومودة، وأنجبا "أيمن، وإيمان"، واستمرت على مدى ثلاثون عاما، عاشا فيما سويا بسعادة وهدوء، بعيدا عن أضواء الشاشة.

فضلت فيروز الابتعاد عن الشاشة الفضية، لكونها لم تحقق لها النجاح المتوقع كما حدث في طفولتها، وانقطعت علاقتها بالفن قبل اكتمالها عامها العشرين، إلا أنها ظهرت عام 2001، في حفل تكريمها بمهرجان القاهرة السينمائي، وظلت تطل على محبيها بين الحين والآخر بحواراتها التليفزيونية المميزة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل