المحتوى الرئيسى

ملحمة شدوان ... الشرف والكرامة

01/30 17:14

اقرأ أيضا: رحيل العلامة محمد حماسة عبداللطيف.. زلزال هز الجميع الفريق يوسف عفيفي ....رجال صنعوا النصر الدكتور محمد إبراهيم البنا ..بين الدرس اللغوى وتحقيق التراث لماذا يكرهونه ؟!! .. الأصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبى الإسلام حتى لا ننسى نجيب الكيلانى فى ذكراه العشرين

    بدأت حرب الاستنزاف تستعر في بدايات عام 1969م ، وكبدت القوات المسلحة إسرائيل خسائر فادحة ، جعلتها تصرخ وتستنجد بالقوى الكبرى التي كانت تساندها، ومن فكرت إسرائيل أن تخفف الضغط عليها ففتحت جبهة أخرى في منطقة هشة الدفاعات، هي منطقة البحر الأحمر، وكان العدو يهدف من وراء ذلك إجبار القيادة العسكرية على سحب قوات من الإحتياطى الاستراتيجي أو من قواتنا الرابضة على جبهة القناة وبالتالي تخفيف الضغط على قواته التي على هذا الاتجاه ، وكذلك استدراج القوات الجوية المصرية للدخول في معارك جوية غير متكافئة فوق خليج السويس ومنطقة البحر الأحمر، وإحباط أي محاولات من جانب قواتنا لتنفيذ الحشد من أجل إدارة معارك هجومية شاملة ضدها ، ورفع الروح المعنوية للقوات الإسرائيلية  المستنزفة على الضفة الشرقية للقناة ، وعلى الرغم من ذلك فإن معظم عملياتها في إطار الاستنزاف المضاد ونطاق منطقة البحر الأحمر العسكرية لم تحقق الغرض منها كليةً، بل منيت بخسائر كبيرة في القوات الإسرائيلية وأفراد "الكوماندز" المبِرة بحراً وجواً.

   وخلال الفترة من مارس 1969إلى أغسطس 1970 قام العدو بالعديد من الغارات على الأهداف الحيوية بالمنطقة منها العملية الفاشلة بالزعفرانة في 9سبتمبر 1969، والإغارة على جزيرة شدوان في 22/23يناير 1970 وهى من أبرز العمليات في تلك المرحلة ، وقد أبلت القوات المسلحة وأبناء الغردقة من الصيادين والعربان في تحرير الجزيرة وإرغام العدو على الانسحاب والفرار تحت ضغط الهجوم الشرس والعمليات الفدائية الناجحة التحى أربكت أعصاب العدو وشتت شمله ، وها نحن نروى هذه الملحمة للأجيال الذين لم يعاصروها لتكون دافعاً لهم على  حب الوطن والانتماء إليه  الذي كاد أن ينزوي اليوم. 

   وتقع جزيرة شدوان جنوب غرب رأس محمد وفى المدخل الجنوبي تقريباً لخليج السويس، كما تعتبر من أكبر الجزر المتواجدة شرق وشمال شرق مدينة الغردقة (تتوسط المسافة بين رأس محمد والغردقة)، وأثناء عدوان 1956م على مصر دارت بالقرب منها معركة بحرية غير متكافئة بين السفينة البحرية دمياط التي كان يقودها المقدم بحري أحمد شاكر حسين، الذي رفض أن يستسلم مفضلاً الشهادة على الحياة، وقد رأت القيادة تكريمه في الفترة وبعد هذه العمليات التي دارت رحاها عليها وأن أطلقت اسمه على الجزيرة تخليداً لذكراه وقد أبلى اشترك أبناء الغردقة وباقى مدن البحر الأحمر فى هذه المعركة الوطنية التى جعلت  العدو يتقهقر ويفر بعد اقل من يومين وسوف نستعرض الدور الوطنى للصياديين فى هذه المعركة فى المقال القادم .

 وقد هاجم الصهاينة الجزيرة فجر الخميس 22يناير 1970، وقد بهجوم شامل عليها جوا وبحراً وداهمت منازل القوة المكلفة بحماية فنار شدوان وكان هناك مجموعة صغيرة من الصاعقة المصرية البحرية والبرية لحراسة الفنار الذي يقع جنوب الجزيرة، ورغم اعتراض الطائرات الاسرائيلية جوا و"لنشاتها" بحرا، إلا أن أبناء المحافظة لم يتخلوا عن قواتهم وقاموا بتوصيل الذخائر والمؤن والأسلحة في مراكب الصيد من شاطىء الغردقة إلى جزيرة شدوان، واستمر القتال بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وأفراد الصاعقة المصرية الذين خاضوا المعركة ببسالة وأحدثوا خسائر جسيمة بقوات العدو، كما تمكنت وحدات الدفاع الجوي المصري من إسقاط طائرتين للعدو، من طرازي "ميراج" و"سكاي هوك"، وظل العدو يتقدم لاقتحام مواقع قوة الحراسة في جنوب الجزيرة، وكانوا يطلبون من القوة المصرية أن تستسلم، ورغم القصف الجوي العنيف، إلا أن القوات المصرية رفضت الاستسلام وقاتلوا ببسالة وشجاعة، واستمر العدو في محاولاته للسيطرة على الجزيرة ومنع الإمداد الذي يأتي للجنود المصريين من خلال البحر، لكنهم فشلوا رغم تفوقهم العددي والقصف الجوي العنيف والامدادات الكثيرة التي كانت تأتي إليهم. بعدها اضطرت القوات الإسرائيلية التي تقدر بكتيبة كاملة من المظليين، للانسحاب من الأجزاء التي احتلتها من الجزيرة، وفي اليوم التالي للقتال والموافق الجمعة 23 يناير، قصفت القوات الجوية المصرية المواقع التي تمكن العدو من الوصول إليها في جزيرة شدوان، فى الوقت الذي قامت فيه قواتنا البحرية بأعمال تعزيز القوة المصرية على الجزيرة، وهو ما أدى لانسحاب القوات الإسرائيلية من الجزيرة.

      وقام العدو أثناء انسحابه بتحميل كل المعدات والألغام التي كانت مكدسة وكذلك حمل اللوارى المحملة بجنوده وعند وصول السفينة الضخمة " بيت شيفع " التي كانت دوماً ما تثير الذعر والرعب في مياه البحر الأحمر – إلى ميناء إيلات حتى دوى انفجار هائل بها ، تسبب في قتل 19جندى وإصابة 42 وتدمير مقدمة السفينة ، التي رست في الميناء فتم إصلاحها بعد ذلك وعادت للخدمة مرة أخرى ، وقد حاولت الضفادع البشرية تدمير هذه السفينة عبر عمليات عدة  إلى نجحت في الإغارة على ميناء إيلات   وتدمير الرصيف الحربي به وهذه السفينة وسفينة أخرى تدعى ( بيت يام) .

وقد خسرت إسرائيل في هذه المعركة 25 قتيلا وعدد 48 جريح بالإضافة إلى الخسائر التي نجمت عن تدمير السفينة بيت شيفع ، بينما قدرت خسائر قواتنا 70فرداً بين جريح وشهيد وأسير .

وقد اعترف العدو في بياناته ببسالة وصمود  قوة الجزيرة مما تسبب في فشل العملية عسكرياً ودعائياً وقد وجدت إسرائيل بين شرك مصري عجل بانسحابها بالرغم من سهولة سقوط الجزيرة  في براثنها عند  بدء المعركة.

   وهكذا سطرت العسكرية المصرية تساندها عزيمة الشعب الذي لم يستسلم متمثلاً في  صيادين البحر الأحمر ، الذين لم يملكون إلا مراكبهم الذين جادوا بها ، وهى المصدر الرئيسي لرزقهم ، فهل يتم تكريمهم وتعويضهم .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل