المحتوى الرئيسى

السعودية قادرة على تحمل حرب استنزاف نفطية طويلة

01/30 05:59

السعودية قادرة على الصمود في معركة إنهيار أسعار النفط

النفط الأميركي ينتظر النجدة من السعودية

اوبك تدعو روسيا الى خفض انتاج النفط

حرب الاستنزاف النفطية مستمرة، ويبدو أن السعودية مصممة على عدم االتراجع، وهي تتحمل هذه الحرب، لأنها لا تستطيع أن تغامر بحصتها في السوق، والتي لا يمكنها استعادتها بسهولة.

إعداد عبد الإله مجيد: أخذت أسعار النفط تهبط بحدة منذ 14 شهرًا، حين اعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك"، باصرار من السعودية، أن الدول الاعضاء لن تحاول دعم الاسعار بخفض الانتاج. وقال الامين العام للمنظمة عبد الله البدري للصحفيين خلال اجتماع اوبك في فيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014: "لا نريد أن نصاب بالذعر بل نريد أن نرى كيف تتصرف السوق".

ومنذ ذلك الحين، تصرفت سوق النفط تصرفًا لم يتوقعه أحد، ولا حتى السعودية، أكبر البلدان المصدرة للنفط في العالم، بحيث انهار سعر النفط تحت وطأة الفائض الدولي المتزايد وازداد الانهيار تفاقمًا بسبب بطء نمو الاقتصاد العالمي.

مع ذلك، يواصل السعوديون ضخ النفط بطاقة قصوى، واقنعوا حلفاءهم الخليجيين في أوبك بأن يحذوا حذوهم على الرغم من الضغوط المتزايدة من بلدان كبيرة أخرى اعضاء في أوبك للحد من الانتاج. وهذه استراتيجية خطيرة تستنزف الموارد المالية السعودية وتهدد قدرة البلد على الاستمرار في توفير برامج اجتماعية سخية، كالسكن المدعوم والطاقة الرخيصة، استخدمتها القيادة السعودية لتأمين حاجات الشعب السعودي.

ويوفر النفط ما يربو على 70 في المئة من عائدات الحكومة السعودية. وعلى الرغم من أن السعوديين يمتلكون احتياطات نقدية تبلغ نحو 630 مليار دولار، فإنهم ينفقونها 5 إلى 6 مليارات دولار في الشهر، بحسب رايتشل زيمبا، المحللة في شركة روبيني غلوبال ايكونوميكس في نيويورك.

لكن السعودية تراهن على انتصارها في حرب استنزاف نفطية، لا ضد دول منافسة لها في أوبك مثل ايران والعراق وفنزويلا فحسب، بل ضد دول خارج أوبك مثل روسيا وشركات انتاج النفط الصخري العديدة في الولايات المتحدة التي أسهمت في تخمة السوق. 

وانخفضت احتياطات السعودية من النقد الأجنبي 100 مليار دولار في العام الماضي، ومن المتوقع أن يستمر انخفاضها حتى نهاية 2017 مع محاولة البلاد تمويل العجز المالي في غمرة هبوط اسعار النفط. ومن المتوقع ألا يقل العجز عن 10 في المئة مرة أخرى هذه المرة. 

يقول السعوديون إن خفض انتاج النفط لرفع الاسعار على المدى القريب هو بمثابة رمي طوق النجاة لشركات انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، التي اخذت بوادر الانهيار تظهر على بعضها. فقد خفضت هذه الشركات عدد آبارها في الولايات المتحدة مع تفشي ظاهر الافلاس في الصناعة النفطية، لكن الانتاج اليومي ظل قويًا مع ارتفاع انتاجية الآبار المتبقية وانجاز مشاريع نفطية كبيرة في خليج المكسيك التي أُعدت خططها حين كان سعر النفط 100 دولار للبرميل.

علاوة على ذلك، تستطيع ايران تصدير نفطها الآن بعد أن رُفعت العقوبات الغربية جزئيًا عنها، بحيث يمكن أن تزيد انتاجها اليوم فوق المستوى الحالي البالغ 2.9 مليون برميل في اليوم. 

وإزاء تخمة العالم بالنفط الآن، يخشى السعوديون ألا يحقق خفض الانتاج سوى تأكّل حصتهم من السوق البالغة برميل من بين كل تسعة براميل تُنتج في العالم. ويؤدي هذا كله إلى اسعار من المستبعد أن تسجل أي ارتفاع مهم في وقت قريب، ما لم تغير المملكة نهجها بصورة مفاجئة. وقال خالد الفالح، رئيس مجلس ادارة ارامكو السعودية، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الاسبوع الماضي: "إذ بقيت الأسعار منخفضة سنكون قادرين على تحمل ذلك لزمن طويل جدًا". 

بلغ سعر برميل خام برنت نحو 31.80 دولارًا الأربعاء بعدما هبط إلى أدنى مستوياته منذ 12 عاما، حين بلغ 27 دولارًا الاسبوع الماضي. لكنه ما زال يقل 70 في المئة عن سعره الذي بلغ نحو 114 دولارا في منتصف 2014 قبل انهيار الأسعار. 

الموقف السعودي جريء، أو يهزم نفسه بنفسه، لكنه نابع من سياسة براغماتية. وايًا يكن ما تفعله السعودية بانتاج النفط، فإن جارتيها الكبيرتين في اوبك، واكبر منافسيها اقليميا، أي العراق وايران، قد تكون لديهما اسبابهما الاقتصادية والجيوسياسية الخاصة للاستمرار في ضخ النفط أو حتى زيادة الانتاج. وتعيش روسيا، المنتج الكبير خارج اوبك، ازمة مالية بسبب هبوط اسعار النفط والعقوبات الغربية، قد لا يبقى لديها من خيار سوى الحفاظ على مستوى انتاجها الحالي وتحقيق ما يمكن أن تحققه من عائدات. 

كما يحتاج السعوديون إلى مستوى عال من الانتاج لدعم شبكتهم التصديرية ومصافيهم الداخلية وصناعتهم البتروكيمياوية. وقال سداد الحسيني، نائب الرئيس التنفيذي السابق في ارامكو، ويدير الآن شركة حسيني انيرجي للاستشارات في البحرين والسعودية: "من أجل الحفاظ على اقتصاد ذات كفاءة عالية من حيث الاستثمار، لا يمكن رفع الانتاج وخفضه نصف مليون برميل كلما احتاجت السوق إلى دعم الاسعار". ومع ذلك، يعرف السعوديون أنهم مقبلون على أوقات صعبة، واعتمادهم على النفط أبقاهم مكشوفين.

في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط غليانًا سياسيًا كبيرًا، فإن هبوط اسعار النفط خفض بحدة عائدات التصدير التي كانت تدفع عجلة النمو الاقتصادي في السعودية ودول الخليج الأخرى في السنوات الأخيرة. وتقف المملكة أمام عجز مالي متزايد وتواجه شبح ركود اقتصادي. 

تعين على الحكومة السعودية خفض بعض برامجها الاجتماعية السخية، فرفعت أخيرًا اسعار البنزين. وبأمل إيجاد طرق جديدة لتحقيق عائدات مالية من ثروتها النفطية والشروع في تنويع اقتصادها الذي يعتمد على النفط، أقدمت المملكة على تعويم فكرة طرح اكتتاب عام لارامكو السعودية. 

وعلق نور الدين آيت الحسين، وزير الطاقة الجزائري السابق، على التزام السعودية إبقاء الانتاج مرتفعًا: "هذه الاستراتيجيا غير مجدية".

ومن الواضح أن البدري راقب تصرف السوق فترة طويلة بما فيه الكفاية، ودعا هذا الاسبوع إلى مجهود جمعي لخفض الفائض في سوق النفط العالمية. وقال في كلمة القاها في مؤسسة تشاتهام هاوس للأبحاث في لندن الاثنين "جلوس جميع الدول المنتجة الكبرى للخروج بحل لهذا الوضع يكتسي أهمية كبيرة"، فيما تطالب فنزويلا باجتماع طارئ للدول الأعضاء في اوبك، لكن السعوديين ثابتون على موقفهم، وقال الفالح الاثنين: "استثماراتنا في بناء الطاقة الانتاجية للنفط والغاز لم تتباطأ".

ما يزال السعوديون يتحدثون بمرارة عن الثمانينات عندما أقدموا بوصفهم القوة الترجيحية في أوبك على خفض الانتاج لدعم الاسعار، لكن أصابعهم احترقت عندما امتنعت دول منتجة أخرى عن مجاراتهم في تخفيضهم. وإذ رأت السعودية انخفاض عائداتها النفطية وتناقص حصتها من السوق كافحت لاستعادتها بحرب أسعار اشعلتها هي هذه المرة. 

تعني موافقة السعوديين على خفض الانتاج في إطار أوبك التي تبلغ حصتها نحو ثلث السوق العالمية، اقناع منتجين آخرين خارج اوبك، بينهم روسيا، على اجراء تخفيضات متناسبة. ويقول محللون إن ترتيب مثل هذا الاتفاق سيكون صعبًا رغم أنه قد يصبح ضروريًا في نهاية المطاف.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل