المحتوى الرئيسى

علماء يصنعون أول ثقب دودي مغناطيسي.. اختصار الزمكان أم بداية «طاقية الإخفاء»؟ - ساسة بوست

01/29 14:17

منذ 12 دقيقة، 29 يناير,2016

هل سمعت عن الثقوب الدودية؟ بالتأكيد سمعت عنها في أفلام الخيال العلمي، خصوصًا تلك الأفلام الخاصة بعاصمة صناعة السينما هوليوود. الثقب الدودي الذي تدخله السفينة الفضائية فتجتاز المكان والزمان، وتخرج إلى نقطة أخرى من الكون تبعد ملايين الكيلومترات وربما السنوات الضوئية في لمح البصر.

عبارة عن ممرات تخيلية موجودة داخل الثقوب السوداء لكنها تظل أسيرة للحسابات الرياضية والنظريات الافتراضية، لكن لم يتم رصدها بأي وسيلة ممكنة، لسببين: الأول أنه ليس لدينا أي وسيلة لرصد ما يوجد داخل الثقب الأسود، والثاني لأنه لم يدخل أي بشر إلى الثقب الأسود، ولا نعلم ما إذا كان سيخرج منه إن دخل أساسًا.

والثقب الدودي له اسم علمي يسمى “جسر أينشتاين–روزين“، وهو خاصية فراغية افتراضية للزمكان (الأبعاد الأربعة التي أوضحها أينشتاين في نظريته النسبية)، والتي من شأنها أن تكون اختصارات عبر الزمان والمكان. ولتسهيل فكرة الثقب الدودي فتخيل أن الكون عبارة عن مجموعة كبيرة من الأنابيب المتراصة فوق بعضها، ولكي تنتقل مركبة فضائية من نقطة في أنبوبة إلى نقطة في الأنبوبة الموجودة فوقها فهي ستحتاج أن تعبر بطول الأنبوبة السفلي ثم تستدير وتدخل للأنبوبة العليا حتى تصل للنقطة المرادة. الثقب الدودي هنا عبارة عن ثقب في الجدار الفاصل بين الأنبوبتين لتعبر المركبة الفضائية في لحظات معدودة إلى الأنبوبة العليا دون مشاكل.

تمكن علماء من اختراع جهاز قادر على توليد أول ثقب دودي مغناطيسي في العالم أجمع، وذلك في أحد معامل الأبحاث الإسبانية. فالباحثون في جامعة برشلونة المستقلة تمكنوا من تصميم جهاز كروي قادر على نقل حقل مغناطيسي من إحدى النقاط في الفضاء إلى نقطة أخرى.

ويقول العلماء إنهم تأثروا بالأبحاث النظرية للعالم وأستاذ الرياضيات في جامعة روشيستر في نيويورك، ألان غرينليف. وإن أبحاث هذا العالم تقدم فكرة الثقب الدودي الكهرومغناطيسي الذي يمكنه نقل موجات حقل مغناطيسي من خلال نفق غير مرئي بين نقطتين في الفضاء.

وعلى الرغم من أن الجهاز قد تم تصنيعه إلا أن علماء جامعة برشلونة يقولون إنه لا يمكن أن نتحقق فعليًّا من هذا الأمر حتى هذه اللحظة. ويوضحون أن استخدام مواد خارقة (وهي مواد مصنعة تم هندستها لتحصل على خصائص لا توجد في المواد العادية، إذ يتم تصنيعها من مواد تقليدية مجهرية بترتيب دوري لتحصل على خصائص جديدة نتيجة تصميمها المتقن. هذا التصميم قادر على التأثير على الموجات الضوئية والصوتية بطرقة غير اعتيادية)، وأسطح خارقة (وهي عبارة عن نوع من الأسطح التي تتميز بتركيب يعطيها معامل انكسار للضوء بقيمة سالبة، ويجعلها تحمل خصائص معينة)، فإن الثقب الدودي المصنع هذا يمكنه نقل حقل مغناطيسي بين نقطتين، دون أن يمكن ملاحظة النفق الذي انتقل الحقل خلاله بأي أشعة.

ولك أن تتخيل الصعوبات الجمة التي واجهها فريق العمل في جامعة برشلونة حتى تمكنوا من تصنيع المواد الخارقة هذه بخواص وتركيب محدد، لكنهم في النهاية نجحوا.

وقام فريق العمل بتصنيع جسم من ثلاث طبقات، يتكون من كرتين متحدتي المركز مع وجود أسطوانة حلزونية مركزية. الطبقة الداخلية تقوم بشكل أساسي بنقل المجال المغناطيسي من البداية إلى النهاية، في حين تعمل الطبقتان الأخريان على إخفاء وجود الحقل الكهرومغناطيسي.

الأسطوانة الداخلية تتكون من مادة مغناطيسية مكونة من الحديد ومن سبيكة الحديد والنيكل الناعمة، المواد المكونة من الحديد تتميز بأن لها أقوى مغناطيسية، وسبيكة النيكل والحديد تتميز بنفاذيتها العالية، وتستخدم دائمًا لتغليف الأجهزة الإلكترونية.

يحيط بالجهاز درع رفيع مصنوع من مادة فائقة التوصيل للحرارة تدعى “ياتريوم باريوم كوبر أكسيد“، هذا الدرع يبطن الأسطوانة الداخلية، ويسبب انحناء في الحقل المغناطيسي المتنقل. هذا الدرع الأخير مصنوع من سبيكة النيكل كروم لكنه مصنوع من 150 قطعة من السبيكة، ويعاد تموضعها بشكل معين بحيث تلغي تأثير الانحناء الحادث من الدرع السابق.

في النهاية، فإن هذا الجهاز كله يتم وضعه في وعاء من النيتروجين السائل لأن الموصل الفائق للحرارة يحتاج إلى محيط منخفض الحرارة كي يعمل.

خوردي براتكامبس، كان أحد المشاركين في صناعة الجهاز، قال إنه بعد الكثير من الأبحاث المكثفة أدركنا أن مفهوم هذا الثقب الدودي هو أمر ممكن عمليًّا. لكن علينا هنا أن نوضح أن هذا الثقب الدودي ليس ثقبًا دوديًّا كالذي ذكرناه في الأعلى كونه ثقبًا يختصر حدود الزمان والمكان مثل الثقوب الدودية التي ذكرتها العديد من الأفلام مثل “interstellar”.

لا تجعل الأمر يحبطك عند هذا الحد، لأن تقارير علمية أمريكية أشارت إلى أن هذا الثقب الدودي المكتشف سيكون بداية دراسات واكتشافات مستقبلية تتعلق بأحد أبرز ما تناولته الأفلام وهو “العباءة الخفية“. فهذا الثقب يمكنه أن يخفي مجالًا مغناطيسيًّا؛ فلا يمكن ملاحظته للمشاهد أو الملاحظ الخارجي مهما استعمل من أجهزة.

الجهاز بالتالي سيتمكن من نقل حقل مغناطيسي من نقطة لأخرى كما لو أن الانتقال تم خارج حدود المكان. والجهاز حتى هذه اللحظة مصمم لنقل المجالات المغناطيسية فقط ولا يمكن أن ينقل المادة. (تخيل لو فعل، لقلنا وقتها أهلًا بنا إلى عالم الانتقال الآني). بمعنى آخر فإن الجهاز سينقل المجالات المغناطيسية خلال المكان فقط، وليس الزمان.

المكتشفون يقولون إن هذا الجهاز يمكن أن يطبق على بعض الأجهزة الطبية المتعلقة بالأشعة مثل أجهزة الرنين المغناطيسي. الاستفادة هنا ستكون بحصول الأطباء على صور واضحة من مسافات أبعد بكثير، وربما لن نضطر إطلاقًا لنقل المريض من غرفته إلى غرفة الأشعة، وسيجعلنا نتخلى عن الشكل المغلق لجهاز الأشعة الذي يجب أن يتواجد الشخص في داخله.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل