المحتوى الرئيسى

«مجدى» بعد 41 عاماً من الجرى وراء الوهم: سأصل للكنز

01/28 11:24

«ربنا كبير يا بيه.. أكيد بعد أربعين سنة من البحث سأصل.. لسه عندى أمل ربنا يكرمنى.. وكل ما آجى أقف وأبطل تجيلى رؤية تقولى كمل»، قالها الرجل الستينى ونظر للسماء منتظراً الهبة الإلهية.. على مدار أربعين سنة وبعد أكثر من 70 محاولة فاشلة للتنقيب عن الآثار ما زال عم مجدى، أحد أشهر منقبى الآثار بالأقصر، عند حلمه.. ورغم مسيرة طويلة من الفشل ما زال الامل يراود الرجل العجوز.

حفرت فى كل الجبال المحيطة بنا وفى عشرات المنازل وكنت قريباً جداً من الوصول إلى «المساخيط»

فى ليلة شتوية باردة، قبل 41 عاماً، كسر شيخ مغربى الصمت الذى لف كل أركان النجع الصغير المتاخم لجبال مدينة إله الحرب عند الفراعنة «منتو»، الطود حالياً، والواقعة جنوب الأقصر، بطرقات متلاحقة على باب المؤذن، رضوان عبدربه، ففتح له الابن الأوسط «مجدى»، ورغم أنه لم يكن أكمل 12 عاماً وقتها، إلا أن تلك الزيارة الليلية المفاجئة غيرت حياته إلى الأبد.

رحب والد «مجدى» بالشيخ المغربى، الذى أخبره بوجود مقبرة أثرية كبيرة أسفل المنزل، وطلب منه أن يتبع تعليماته حرفياً، حتى يتم إخراجها، ليصبح بعدها من الأثرياء، ثم أشار إلى الأب قائلاً: «فتحت لك أبواب السعادة يا رضوان، اتبعنى ولن تخسر شيئاً»، ومن وقتها اتبعه «رضوان»، ثم ابنه على مدار 40 عاماً، دون الوصول إلى نتيجة، ودون أن يتوقف الابن عن الحلم.

«الوطن» التقت الابن مجدى رضوان، الذى دخل عامه الـ53، ليحكى عن تفاصيل الليلة التى غيرت حياته تماماً، يقول: «تغيرت حياتى 180 درجة بعد هذه الليلة، ورغم أن اللقاء لم يستمر لأكثر من نصف ساعة، إلا أننى لم أعد أفكر فى شىء سوى هذا الكنز، الذى شغلنى عن مدرستى وكتبى، وحتى لعب الحجلة وكرة القدم مع أصدقائى، فكل ما كنت أفكر فيه هو الثراء السريع الذى ينتشلنا من الفقر المدقع الذى نعيش فيه».

شيخ مغربى أبلغ الأب بوجود مقبرة أسفل المنزل.. ثم هرب بعد الوصول إلى 11 متراً

قبل وصول الشيخ المغربى إلى منزل «رضوان» وأبنائه، كانت حياة الأسرة بائسة تماماً، حسبما يقول الابن: «وقتها كنا نخلع ملابسنا لنغسلها، وننتظر حتى تجف لنرتديها مرة أخرى، وكنت أبيع النبق والدوم مع أشقائى بعد خروجنا من المدرسة، لنساعد فى الإنفاق على الأسرة، وعندما أخبرنا الشيخ المغربى بوجود الكنز أسفل منزلنا البسيط، شعرت مع أشقائى الأربعة أن الدنيا ابتسمت لنا أخيراً، وبنينا قصوراً وزرعنا حدائق فى خيالنا، وشعرنا أننا سنترك الفقر بلا رجعة».

كان والد «مجدى» يعمل مؤذناً فى أحد مساجد الأقصر، التى تبعد عن الطود مسافة 40 كيلومتراً، ما يضطره إلى الخروج من المنزل فى التاسعة صباحاً والعودة فى العاشرة مساءً، يقول «مجدى»: «كلفنى والدى بأن أساعد الشيخ مع إخوتى، وأن نقدم له كل ما يحتاجه لإنهاء العمل، وكان الشيخ يحضر ظهر كل يوم، حاملاً معه خرائط وكتباً وبخوراً، ويطالبنا بأن نحفر فى مكان محدد داخل حوش صغير لتربية الطيور، وعلى مدار 50 يوماً استمر الحفر بشكل متواصل، حتى وصلنا إلى عمق 11 متراً، وبقطر 3 أمتار، دون أن نجد أى علامات أو شواهد على وجود آثار».

وأبلغ الشيخ المغربى الأسرة بأن العمل سيتوقف مؤقتاً لفترة، لأن حارس الكنز أو «الرصد» سحب الكنز إلى عمق أكبر، مؤكداً لهم أنه يخوض حرباً شرسة فى الخفاء معه، وبحسب «مجدى»: «كان الشيخ يتمتم بكلمات غير مفهومة، ويشعل النار فى ورق يكتبه بخط يده، ويرميه داخل الحفرة، واستمر هذا الوضع أسبوعين تقريباً، ثم فوجئنا به يختفى تماماً، فاعتقدنا فى البداية أنه ربما يكون أصيب بإعياء، أو لديه أمور أخرى ينهيها، لكن طال الغياب، وهرب الشيخ تاركاً كل شىء خلفه، بعدما فشل فى مهمته التى بنينا عليها أحلامنا».

ويصف «مجدى» حال والديه عقب هروب الشيخ المغربى، قائلاً: «أبى كان مكبر دماغه، فالموضوع لم يكن يفرق معه، سواء وجدنا الكنز أم لا، أما أمى فكان شغلها الشاغل ألا نصاب بمكروه خلال عمليات الحفر الخطرة، خاصة أننا لم تكن لدينا أى خبرة فى الحفائر، أما أنا وأشقائى فكنا الأكثر حزناً على هروب الشيخ، الذى كان يحكى لنا كثيراً عن أشخاص تغيرت حياتهم، بعدما نجحوا فى استخراج الكنوز من منازلهم».

وبعد هروب الشيخ، ردم الأشقاء الحفرة، لكن الفكرة استمرت مسيطرة على كل تفكير «مجدى»، فأصبح يقرأ كثيراً عن الحفائر والاكتشافات، وأصبحت هوايته الوحيدة هى الذهاب إلى الجبال القريبة من معبد الطود، والبحث عن أى خيط يدله على الكنز، حتى لو كان واهياً، ودون يأس، وهو يقول: «من يومها بدأت مسيرة لم تنته حتى الآن، فما زال الأمل يراودنى فى العثور على الكنز».

وعلى مدار 41 عاماً، لم يترك «مجدى» مكاناً به أى شواهد أثرية دون أن يحفر فيه، ولم يسمع عن شيخ إلا جلبه للمنزل، ووصل عدد عمليات التنقيب التى شارك فيها إلى 70 عملية، ويؤكد: «رغم أن كل محاولاتى باءت بالفشل، إلا أننى ما زلت متمسكاً بالأمل، ففى مرات عديدة كنت قريباً من إيجاد الكنز، لكن مرة خذلنى الشيخ، ومرة تعرضت لأشياء غريبة أثناء الحفر، أبعدت الحلم عنى».

وعن أهم عمليات التنقيب أو «الحفر خلسة»، كما يطلق عليها الأثريون، والتى عمل فيها «مجدى»، يقول: «منذ عامين تقريباً، بدأت عملية تنقيب بناء على رؤية لأحد المشايخ المتخصصين فى البحث عن الآثار، والذى أكد لى أنه شاهد رؤية فى منامه، تؤكد وجود مقبرة كبيرة مليئة بالكنوز الخاصة بأحد الكهنة، وحدد لنا مكانها أسفل أحد الجبال، وبالفعل حفرنا إلى عمق 23 متراً تقريباً، ووجدنا ما يشبه البئر المردومة، لكن لم نعثر على شىء آخر، وما زال الشيخ يؤكد أن هناك كنزاً، لكنه فشل فى تحديد المنطقة الموجود فيها».

ويضيف: «بعض عمليات الحفر تتم عن طريق رؤى فى المنام، فأحد الأصدقاء شاهد والده فى رؤيا، وأخبره بوجود كنز أسفل منزله، وحدد له المكان بالضبط، وعندما حفرنا معاً إلى عمق 17 متراً، شعرنا بأننا نقترب من الكنز، وبعد فترة طالبنا الصديق بالتوقف، لأنه شاهد رؤيا أخرى قال له فيها والده، المتوفى فى عام 1967، إنه سيجد الكنز عندما يجد علامة معينة فى المكان المحدد، وهى مياه مرشوشة فى هذا المكان، وأكد له أيضاً أن هناك أشخاصاً يساعدونه، ولا يريدون له الخير، وربما يغدرون به، ففضل البحث عن الكنز بمفرده».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل