المحتوى الرئيسى

«الرهاوى».. من هنا يبدأ تلوث فرع رشيد بـ«الصرف الصحى والصناعى»

01/28 11:24

جزيرة كبيرة تقع بين محافظتى الجيزة والقليوبية، تشق نهر النيل وتشطره إلى فرعين، وتجرى المياه فى الفرعين بسرعة نحو الشمال من خلال قناطر قديمة شرع فى بنائها محمد على باشا، لتحويل نظام الرى فى مصر من «الموسمى» إلى «الدائم».. قنطرتان كبيرتان على فرعى النيل، يصل بينهما رصيف كبير، و3 ترع كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر، لتغذية الدلتا، وهى الرياحات الثلاثة «المنوفى، والبحيرى، والتوفيقى»، وتضم القناطر الخيرية 71 بوابة على فرع دمياط، و61 بوابة على فرع رشيد، بإجمالى 132 بوابة، وقد خصصت كل بوابة لسريان المياه منها فى اتجاه وبحجم معين، ويصل عرض كل واحدة منها إلى حوالى 5 أمتار.

الرشاح القاتل ينقل مليونى متر مكعب يومياً من جميع خطوط مجارى الجيزة إلى النيل.. وعكارة المياه تستمر لمسافة 150 كيلومتراً بعد مصب المصرف

خلف قناطر فرع رشيد، توجد عدة جنادل نباتية تهدئ سرعة المياه المتدفقة للشمال، والمياه فى هذه المنطقة تبدو نظيفة إلى حد ما، ورائقة ولونها يميل للزرقة، بعد نحو 7 كيلومترات من القناطر تتحول المياه النقية والنظيفة إلى مياه سوداء ذى رائحة كريهة ومليئة بكافة أنواع الملوثات بعد التقاء مياه النيل بـ«مياه الصرف الصحى والصناعى» المتدفقة من «مصرف الرهاوى» الذى ينقل مياه شبكة الصرف الصحى بالجيزة إلى النيل مباشرة، من خلال محطتى «أبورواش، وزنين»، وتصرّف الشبكتان حوالى أكثر من 2 مليون متر مكعب من المياه الملوثة يومياً إلى النيل.

«الوطن» كانت قد أجرت قبل عام ونصف العام، تحقيقاً استقصائياً عن تلوث مياه الشرب فى قرى «الرهاوى وكفر حجازى وأم دينار» بسبب مصرف الرهاوى، كشفت فيه عن عدم مطابقة مياه المصرف للمواصفات، بسبب عدم قدرة محطات المعالجة على استيعاب آلاف الأمتار المكعبة من مياه المجارى يومياً، ولا تقوم بتنقيتها بالوسائل اللازمة، ما يجبر إدارة الرى بالجيزة على تحرير محاضر ضد الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالجيزة، وغالباً تحكم المحكمة بغرامة مالية قدرها ألف جنيه عن كل محضر.. هذا بالإضافة إلى شبكات الصرف الصحى العشوائية وسيارات نقل المجارى التى تفرغ حمولتها بالكامل فى المصرف، تسير كل هذه الملوثات مسافة 15 كيلومتراً حتى تصل إلى نهر النيل فرع رشيد، وهذه المشكلة بدأت تتفاقم منذ عام 1982 مع انتشار شبكات الصرف الصحى بالجيزة.

يؤثر «مصرف الرهاوى» أيضاً على مياه النيل فرع رشيد، حيث تسببت مياهه فى نفوق الأسماك فى منطقة المصب، ومعظم المناطق الواقعة بعد «الرهاوى» فى اتجاه المنوفية والغربية، وتزداد الأزمة فى فصل الشتاء مع السدة الشتوية لنهر النيل وانخفاض منسوب المياه بالنيل، حيث تزيد نسبة التلوث بالمياه، ويعتبر «مصرف الرهاوى» الملوث الأكبر لفرع رشيد لأنه يحول المياه النظيفة قبل المصب إلى مياه ملوثة بالصرف الصحى والصناعى، ورغم وعود الدولة المتكررة بحل الأزمة فإنها ما زالت تتفاقم بشكل أكبر كل عام.

فى مواجهة قرية الرهاوى، التابعة لمركز منشأة القناطر بالجيزة، توجد قرية «منية العروس»، التابعة لمركز أشمون بالمنوفية، على الضفة الشرقية من فرع رشيد، حيث تنتشر المحاصيل الزراعية والفواكه، وبجانبها توجد مكامير الفحم التى تتطاير منها الأدخنة السامة، وبجوار أحد المكامير تنحدر التربة للأسفل نحو مياه النيل، حيث يجلس بعض الصيادين داخل عشة مكونة من الحطب الأصفر، فى الجهة المقابلة لمصب مصرف الرهاوى مباشرة.. يشتكى هؤلاء الصيادون من نفوق الأسماك بسبب تلوث النيل بسبب فرع رشيد.

أحمد محمد، من قرية الرهاوى، يعمل فى صيد الأسماك فى فرع رشيد منذ نعومة أظافره، ملامح وجهه لا تعكس عمره الذى لم يزد على الـ30 ربيعاً، يقول غاضباً: «مصرف الرهاوى عامل أزمة كبيرة فى المنطقة لأنه بيلوث النيل وبيموت السمك، لو أخدت بالك هتلاقى مياه النيل نضيفة قبل ما تختلط بمياه المجارى، المشكلة الأكبر أن تأثيره يمتد لمسافات كبيرة، وليس كما يدعى المسئولون أن جريان المياه يرسب الملوثات إلى أسفل النهر».

يضيف «أحمد»: «تستطيع شم رائحة المجارى من الشاطئ المواجه لمصب المصرف بوضوح، وهى رائحة كريهة جداً، تعكس حجم التلوث الذى يصيب النيل، والمصرف قديم وتأثيره ممتد منذ سنوات».. يشير كذلك إلى بعض المعوقات والكتل الخضراء داخل فرع رشيد، التى تعوق تدفق المياه وجريانها: «مفيش تطهير خالص، الكراكات بتيجى تطهر وتشيل الفروع وورد النيل من النهر لكنها تجرى مع المياه وتتوقف فى أماكن أخرى ويتراكم عليها العفش من جديد، أصحاب الكراكات بيقولوا إن الصيادين يعوقون عمليات التطهير، هو إحنا نكره إن النيل ينضف لكن هم بييجوا هنا وبيعملوا مصالح مع الفلاحين بيتفقوا معاهم يشيلوا الطينة من النيل ويحطوها على الجسر عشان يعرضوا أراضيهم».

يلتقط «علاء» طرف الحديث من شقيقه «أحمد»: «نهر النيل الأول كان واصل لحد فوق لكن انحصرت مساحته جداً الآن، وأصبح ضيقاً بسبب عمليات الردم وزراعة جوانب النهر، يعنى النهر اتردم منه حوالى 40%، وآخر عملية تطهير حدثت للنهر هنا تمت منذ 4 شهور تقريباً، وآخر مرة تم تعميق المجرى النهرى فيها منذ 7 سنوات، العفش خارب بيوتنا وبيقطع الشبك بتاعنا».

مصرف «الرهاوى» ينقل مخلفات محطتى «أبورواش» و«زنين» للصرف الصحى بالجيزة إلى فرع رشيد بإجمالى 2 مليون متر مكعب من المياه الملوثة يومياً.

«الرهاوى» من أخطر بؤر التلوث فى مصر بما تحمله من ملوثات كيميائية وبيولوجية ناتجة عن مخلفات الصرف الصحى والصناعى والزراعى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل