المحتوى الرئيسى

ذكرى الهولوكوست.. مأساة مفجعة أم صناعة التسول؟

01/27 18:37

في السابع والعشرين من يناير عام 1945، دخل جنود الاتحاد السوفيتي بوابات معسكر أوشفيتز بجنوب غرب بولندا، بعد أن تم إخلاء الموقع من النازيين قبل ذلك بأيام، والموقع ذاته هو ما شهد أكبر عملية إبادة جماعية عرفها التاريخ في مكان واحد فيما عرف بالمحرقة النازية أو الهولوكوست، ولا يزال هناك جدل إلى الآن حول الحصر الدقيق لعدد القتلى في المحرقة النازية في هذا المعسكر، فبحسب متحف الهولوكوست التذكاري الأمريكي فإن عدد القتلى يقدر 960 ألف يهودي من أصل مليون و 300 ألف تم ترحيلهم إلى معسكر أوشفيتز.

وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فقد راح ضحية الهولوكوست من غير اليهود نحو 74 ألف بولندي، و21 ألف إيطالي، و15 ألف سجين سوفيتي، و10 آلآف ضحية من جنسيات أخرى؛ ليعتبر بذلك من لقوا حتفهم في معسكر أشفيتز أكثر من ضحايا أي معسكر نازي آخر.

وعثر الجنود السوفييت على أدلة مفزعة على المحرقة عقب دخولهم المعسكر، حيث وجدوا نحو 7000 سجين على قيد الحياة تعرضو للتعذيب عن طريق التجويع، وملايين المتعلقات الشخصية الخاصة برجال ونساء وأطفال، إلى جانب 6350 كجم من الشعر البشري، حيث لم تقتصر مأساة معسكر أوشفيتز على القتل بطرق وحشية إلا أن المعسكر ذاته كان مكانًا لإجراء التجارب والأبحاث الطبية على المساجين اليهود والإيطاليين، الذي كان يتعرضوا أحيانًا للإخصاء وتناول العقاقير السامة.

وأوردت صحيفة ديلي إكسبريس البريطانية، قصة أحد اليهود الناجين من الهلوكوست في معسكر أوشفيتز، ويدعى ليزل كلاينمان، بعد مرور 70 عامًا على الواقعة، ويبلغ من كلاينمان 85 عامًا حيث ولد في مايو 1929 في إحدى قرى رومانيا في لعائلة يهودية أورثوذوكسية، وبدأت قصته المآسوية عام 1940 عندما ضمت المجر قريته ثم احتلتها القوات الألمانية، ويقول كلاينمان إن كلا من المجريين والنازيين كانوا معادين للسامية.

واعتقلت السلطات المجرية والد كلاينمان عام 1944، وأودعته معسكر أوشفيتز والذي قتل فيه فيما بعد، بعد أسبوعين من اعتقال الوالد عادت الشرطة المجرية لعائلة كلاينمان، وأجبروا على ترحيلهم إلى حارة اليهود في مدينة ساتو ماري الرومانية، حيث عانوا من ظروف معيشية قاسية أهمها ندرة الغذاء، إلى أن أمروا بترحيلهم إلى مدينة أخرى في عربات شحن، بشكل غير آدمي حيث حمات الشاحنة الواحدة 110 فرد، بعد يومين وصلت عائلة كلاينمان إلى معسكر أوشفيتز- بيركناو في بولندا، حيث تم فصل كلاينمان عن بقية أفراد عائلته، وقيل له أنهم سيذهبون للاستحمام.

وظل كلاينمان في معسكر أوشفيتز وحيدًا دون أن يرى عائلته، يعاني قلة الطعام وندرة المياه والعمل المرهق، حتى أنه يذكر أن الجنود أطلقوا النار على معتقل هولندي رفع رأسه أثناء العمل وعندما سأل الجنود عن سبب قتله قالوا أنه هنا كي يعمل لا كي يرفع رأسه، وفي واقعة أخرى يروي أنه أحد الجنود عاقبه بـ30 جلدة لأنه ظل في المرحاض لمدة 20 دقيقة ليستريح من عناء العمل.

وسيق ليزلي كلاينمان برفقة معتقلين آخرين إلى ما يسمى بمسيرة الموت، وهي طريقة لقتل المعتقلين من خلال إجبارهم على السير على الأقدام ليموتوا جوعًا وإرهاقًا، ويقول أنه تضرع إلى الله، ونذر أن يعود إلى الدراسة في المعهد اليهودي لمدة سنة، وكانت هنا نقطة تحول في حياته حيث أنه بمجرد أن أنهى صلاته أعطاه شخص ما بعض القهوة وقطعة خبز.

لم يات الفرج إلى يوم 22 إبريل عندما تقرر نقل توجيه المعتقلين في مسيرة الموت إلى معسكر داخاو في ألمانيا، ويذكر كلاينمان تلك اللحظة التي وصلوا فيها إلى غابة على مقربة من معسكر داخاو، فلاحظ فجأة احتفاء جميع الحراس النازيين اختفوا ووجد بعضهم يغير ملابسهم العسكرية بأخرى مدنية، وفروا جميعا في اتجاهات مختلفة، وظل كلاينمان في حالة رعب لمدة عشرين دقيقة حتى حضر إليه أحد الجنود الأمريكيين وسأله: "هل أنت يهودي؟"، فأجابه بنعم.

فاصطحب الجندي الأمريكي كلاينمان إلى أحد المستشفيات وأعطاه حذائه العسكري ومعطف، ويقول ليزلي كلاينمان عن هذا اليوم إنه عيد ميلاده الثاني، الذي يحتفل به حتى بعد مرور 70 عامًا.

وبعيدًا عن الاضطهاد والقمع الذي لاقاه اليهود على أيدي النازية الألمانية، إلا أن هناك من يرى أن الأجيال الجديدة من اليهود استغلت معاناتهم في تحقيق مصالح سياسية واقتصادية ومصالح الكيان الصهيوني بشكل عام، وتحدث الكاتب الأمريكي نورمان فينكلشتاين في كتابه "صناعة الهولوكوست" عن هذا المفهوم، حيث يرى أن ما أسماه بصناعة الهولوكوست أفسد الثقافة اليهودية وشوه ذكرى الهولوكوست بشكل عام.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل