المحتوى الرئيسى

هل ستنمو الرياضة الإلكترونية في المنطقة كما سبقتها مجالات أخرى؟

01/26 14:52

اللاعبون يستعدون للمعركة في خلال بطولة "كاونتر سترايك". (الصورة من سامويل وندل)

قبل بضعة أيام، أعطى الجيل الصاعد من الرياضيين النجوم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتفرجين لمحةً عن مستقبل الرياضة.

فعلى مرّ ثلاثة أيّام من المنافسة الحادة، اجتمعَت فرقٌ من كافة أنحاء المنطقة، يتألّف كلٌّ منها من خمسة أشخاص، وتسابقت مع بعضها البعض كاشفةً عن مهاراتها وخفة حركتها وقدرتها على التحمل.

ولكن مع حلول نهاية البطولة في 19 كانون الأول/ديسمبر، انتصر فريقٌ واحدٌ، هو فريق "فيفا ألجيريا" Viva Algeria. وهذا الأخير ليس بفريقٍ رياضي معتاد، فاللعبة التي لعبها كانت "كاونتر سترايك: جلوبال أوفنسيف"Counter Strike: Global Offensive، وهي ليسَت إلّا لعبة فيديو.

أمّا المسابقة الحامية فكانت "بطولة ‘كاونتر سترايك‘ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" MENA CS:GO Championship، مسابقة الرياضة الإلكترونية عبر الإنترنت التي ينظمها موقع "ايه اف كاي جي" AFKG.com وهو منصّة لألعاب الفيديو قائمة في عمّان الأردن وتركّز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

المسابقة التي كانت برعاية "منظمة الرياضة الإلكترونية في شمال أفريقيا"North Africa eSport Organization، شكّلت انطلاقةً لقطاع ألعاب فيديو محترف وشديد المنافسة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومع أنّ المعدات والملاعب كانت كلّها افتراضية، إلاّ أنّ اللاعبين كانوا محترفين يجنون المال من التنافس.

ضمت البطولة 32 فريقاً، تمّت دعوة 15 فريقاً منها مباشرةً فيما توجّب على الفرق الـ15 الأخرى اللعب للوصول إلى المسابقة. وفيما بلغ مجموع الجوائز 15 ألف دولار، نال الفريق الأول "فيفا ألجيريا" 7 آلاف دولار منها.

وفقاً لأحمد حجازي من "إيه أف كاي جي"، تشكل "بطولة ‘كاونتر سترايك‘ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" حدث الرياضة الإلكترونية الأكبر في المنطقة حتى الآن. وفي المرحلة القادمة يكمن هدف الموقع في إطلاق العنان لإمكانات اللعب التنافسي في المنطقة عبر استضافة فعالياتٍ مماثلة بانتظام.

لطالما كانت المسابقات المنظّمة، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، جزءاً من ثقافة ألعاب الفيديو، ولكن في السنوات الاخيرة شهدت أعداد مشاهدي الرياضة الإلكترونية والمشاركين فيها زيادةً هائلة.

في عام 2014، لعب أو شاهد 205 ملايين نسمة الرياضات الإلكترونية، وفقاً لشركة بحوث السوق "نيو زو" Newzoo.

يفوق ذلك عدد سكّان مصر والعراق والأردن ولبنان وفلسطين والسعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعةً، كما يُتوقع لهذا العدد أن يبلغ 335 مليون نسمة بحلول عام 2017.

من جهةٍ ثانية، قُدّرت العائدات من الرياضات الإلكترونية في العام 2014 بـ 194 مليون دولار وفقاً لـ "نيوزو". ويتوقع لها أن تصل إلى 465 مليون دولار بحلول العام 2017.

وكما هي الحال في الرياضات التقليدية، تتغذّى هذه الأرقام من المسابقات المباشرة التي تسمح بزيادة أعداد المتفرجين ورعاية العلامات التجارية وتشجيع الرياضيين.

ولكن بينما تزدهر الرياضات الإلكترونية في أماكن مثل آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا، ما زال لديها الكثير من الإمكانات غير المستغَلّة بعد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعن هذا الأمر قال حجازي: "إنها مجرد مسألة وقت قبل أن تبدأ المنظمات وسلاسل الامتيازات franchises العالمية بالنظر استراتيجياً إلى منطقتنا التي ما زالت سوقاً غير ناضجة، بحيث يمكنها تنميتها وتوسيع ما تقدمه من قيمةٍ فيها."

كما ذكر أنّه وشركاءه المؤسِّسين بدأوا التفكير في تأسيس منصّة رياضة إلكترونية تركّز على المنطقة منذ عام 2009، ولكن السوق لم تكن جاهزةً بعد في ذلك الوقت.

كانت المشكلة الأساسية آنذاك تكمن في التكلفة العالية للإنترنت ذي النطاق العريض، والتي كانت تمنع الكثير من اللاعبين في المنطقة من التنافس في البطولات عبر الإنترنت. وبالتالي كان اللاعبون المرغمون على اللعب بسرعات إنترنت أدنى يواجهون البطء والتأخّر، وهو أمرٌ أشبه بحكم الإعدام في مسابقات الألعاب عالية الرهانات عبر الإنترنت.

ولكن في السنوات الأخيرة، تحسّنت بنى الإنترنت التحتية في المنطقة، وظهر من التطورات الأخرى التي ساعدت اللاعبين منصّة "تويتش.تي في" twitch.tv لبثّ الفيديو مسابقات ألعاب الفيديو مباشرةً على الهواء. 

الفرق الـ 32 التي شاركت في بطولة "إيه أف كاي جي" الأولى للرياضات الإلكترونية. (الصورة من AFKG.com)

"إنّ استحداث ‘تويتش.تي في‘ في عام 2011 كان عاملاً مغيراً للعبة في العالم أجمع. فهذه المنصّة تسمح ببثّ وعرض المباريات والفعاليات المباشرة لملايين المشاهدين، وتوفّر لك في الوقت عينه منصّةً يمكنك تحقيق الأرباح منها."

ويُذكر أنّ موقع "تويتش" الذي يتبع لشركة "أمازون" Amazon.com، أفاد في عام 2015 أنّه يستضيف أكثر من 1.5 مليون جهةٍ باثّة ويحظى بأكثر من 100 مليون زائر في الشهر.

إذاً، هذا التوافر المتزايد لمنصّات البثّ عبر الإنترنت، وبالأخصّ "تويتش تي في"، بات عاملاً أساسياً في نموّ مسابقات الرياضات الإلكترونية والترويج لها.

أشار حجازي إلى أنّ الأمر في هذا المجال بات "تماماً كما في الرياضات التقليدية، حيث يتمّ بثّ فعاليات الرياضة الإلكترونية مع معلّقين ومكتب تحليل تكتيكي واستراتيجي،" مضيفاً أنّ المشاهدين في المقابل، باتوا يشاهدون محتوىً أكثر تفاعليةً واحترافاً، ويوجّهون شغفهم تجاه المباراة في بيئةٍ مألوفة لهم كما يحصل لدى مشاهدة مباريات كرة القدم".

بالإضافة إلى ذلك، يتم الآن العمل على تطوير ألعاب متعدّدة اللاعبين مصمّمةٍ خصيصاً للمباريات التنافسية. ومن الألعاب الأكثر تأثيراً في المنطقة، لفت حجازي إلى "ستار كرافت 2" Starcraft 2 و"ليج أوف لجندز" League of Legends و"دوتا 2" Dota 2 و "كاونتر سترايك: جلوبال أوفنس" CS:GO، و"هارث ستون" Hearthstone.

ترافق تحسين البنى التحتية واستحداث الألعاب وتقنيات اللعب جديدة مع زيادة اهتمام الناس في المنطقة بالرياضة الإلكترونية. وبتنا "نرى المزيد من اللاعبين الذين ينتقلون من اللعب الهاوي إلى اللعب المحترف ويبلون بلاءً حسناً على المستوى العالمي،" بحسب حجازي.

وفقاً لهذا الرياديّ أيضاً، بات اللاعبون الماهرون ينبثقون على الدوام من المنطقة، ومنهم عامر برقاوي (الذي يُعرف في عالم الألعاب بـالـ"ميراكل" Miracle أي "المعجزة") وهو شاب في الثامنة عشرة من عمره مصنّف على أنّه أحد أفضل لاعبي "دوتا 2" في العالم. فاز برقاوي وفريقه "أو جي" OG مؤخراً في بطولة "دوتا 2" الأوروبية بعنوان "فرانكفورت ماجور" Frankfurt Major التي بلغ مجموع جوائزها 3 ملايين دولار.

كل هذه التطوّرات، أقنعَت حجازي وشركاه بأنّ الوقت حان لتنمية المباريات التنافسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقاموا في أوائل عام 2015 بتأسيس موقع "ايه اف كاي جي" AFKG.com؛ غير أنّ إنشاء مجتمعٍ للألعاب التنافسية في المنطقة لا يخلو من التحديات.

"عندما يتعلق الأمر بالرياضات الإلكترونية واللعب المحترف، من الصعب جداً جمع المعلومات،" وفقاً لحجازي. فشركة "إيه أف كاي جي" كواحدةٍ من أولى الشركات الناشئة المعنية بالرياضة الإلكترونية في المنطقة، لا تواجه سوقاً غير مستغلّةٍ إلى حدٍّ كبير فحسب، بل أيضاً سوقاً غير واضحة المعالم. وذلك كان أحد الأسباب التي دفعت الشركة إلى إطلاق "بطولة ‘كاونتر سترايك‘ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

وبحسب الشريك المؤسِّس، "بما أنّنا نتطلع إلى استضافة فعالياتٍ كثيرة للرياضة الإلكترونية في عام 2016، كان علينا أن نتعرّف إلى حجم القطاع وإلى مجتمعات اللاعبين في أنحاء المنطقة". وبالتالي تمّ تصميم البطولة بجزءٍ منها لجمع المعلومات بشأن عدد المشاهدين واللغات المحبّذة والأعمار والجنس وأحجام الفرق والمواقع وغيرها. ومن شأن ذلك أن يحيط فريق الشركة بمعلومات بالغة الأهمية بشأن ما يجب أن يركز عليه فيما يبني منصّته.

من جهةٍ ثانية، برزَت مسألة إنشاء عمل قابلٍ للصمود، خصوصاً وأنّ مشاريع مؤسّسات الرياضات الإلكترونية تعتمد إلى حدٍّ كبيرٍ على الإعلانات والرعاة لتوليد العائدات. لذا تأمل شركة "ايه اف كاي جي" أن تستقطب المعلنين والرعاة عبر تزويدهم بإمكانية الوصول إلى جمهورٍ شاب كبير عن طريق البثّ المباشر لفعاليات الرياضة الإلكترونية.

ومع أنّ جزءاً كبيراً من مهمّة الشركة يتمثّل بتمكين المزيد من لاعبي المنطقة من بدء التنافس عالمياً، شرح حجازي أنّ المنصّة نفسها ستركّز على سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا غير، "فالمشهد العالمي بات مشبعاً أصلاً."

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل