المحتوى الرئيسى

5 سنوات مرت على ثورة العدالة الاجتماعية..'الواسطة' تخرج لسانها لـ'الغلابة'.. وعائلات كاملة تحتل بعض المؤسسات

01/24 14:48

ليس من الضرورى أن تحصل على تقدير خرافي عند تخرجك، و ليس مهما أن يندرج اسمك ضمن قائمة كشوف أوائل الطلبة فى نهاية كل عام.. بعد أن بات الأهم هو أن تحاول خلق نوع من "الواسطة" فى مجال ما، كى تضمن حصولك على وظيفة تساعدك فى أن تحيا حياة" شبه كريمة" من أجل كسب قوت يوم حلال فى مستقبل لا يعلم مصيره إلا الله.

وعلى الرغم أن القضاء على الواسطة و "المحسوبية" كان من أوليات ثورة 25 يناير ورغم مرور 5 سنوات.. مازالت موجودة .. " الواسطة" مصطلح يعنى طلب العون من شخص ذى نفوذ وبيده القرار لتحقيق مصلحة معينة لشخص لا يستطيغ بمفرده أو بمجهوده أن يحققها.

"صدى البلد" يحاول فى هذا التحقيق أن يكشف الغمامة عن عيون المجتمع المصرى بهدف تكثيف الجهود لمكافة هذا الوباء الذى لم تنجح 3 ثورات فى التخلص منه بداية من ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم الرحل جمال عبد الناصر، والتى هدفت إلى محاولة خلق تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن، مروراً بثورة 25 يناير والتى هدفت إلى تحقيق المساوة والعدالة الاجتماعية وحاربت فكرة التوريث، ثم ثورة 30 يوينو.. وعلى الرغم من كل هذا إلا أن الواقع مازال مريراً ولم يحرك ساكناً .

بعيون يملؤها اليأس نظر إلينا محمد السيد، 29 سنة ، بكالوريوس تجارة وتحدث قائلاً : "أنا دفعة 2003، ومنذ 12 عاماً وحتى الآن لم أجد فرصة عمل واحدة من الدولة على الرغم انى ليس جاهل أو غير لائق، قدمت أوراقى فى أكثر من 12 وظيفة سواء فى المصالح الحكومية أو القطاع الخاص، لم أترك مسابقة إلا وقدمت بها ولكن مشكلتى الوحيدة إنى ماليش واسطة".

وتابع: "لما أكون خريج 2003 ويتم تعيين الكثير من معظم الدفعات التى تخرجت بعدى وأقل تقدير منى يبقى أكيد بالواسطة وحرام أظل أعمل بوظائف مؤقتة بمرتب لا يكفى لمدة أسبوع واحد ولا استطيع أن أبدأ حياه أو أفتح بيت مثل  أى شاب فى عمرى فى أى دولة قائمة على العدل".

" قبل أن تبحث عن وظيفة.. ابحث عن واسطة" .. بهذه الكلمات بدأ شريف عبد المنعم ، 23 سنة حديثه إلينا وقال : " أنا خريج كلية الهندسة

ومنذ أن فتحت عنيا على الدنيا وأنا حلمى الوحيد أن أكون مهندس مرموق له قيمة فى بلده، وبالفعل ذاكرت وتعبت كثيراً إلى أن التحقت بكلية الهندسة وتخرجت ومن وقتها وأنا أبحث عن عمل شعرت بعد تخرجى أن طموحاتى تحتضر، وفى الوقت الذى من المفترض أن العديد من الشركات الهندسية تحتاج مهندسين وموطفين للعمل بها بعد الكثير من المشروعات القومية التى تُقام فى البلد هذه الآونة لا أجد عملاً أنا و كثير من المتفوقين من خريجى الهندسة واليوم معى أوراقى وذاهب للتقدم فى وظيفة باحدى الشركات ومازالت أحاول أن أعيش حياة ’دمية فى بلد أصبح فيه العيش حلما صعب المنال".

" واسطتى ربنا.. ويارب ألقى نصيبى فى الجنة".. هذا ما تمناه أحمد عادل، 28 سنة، خريج كلية حقوق وتابع: "ظليت أبذل كل جهدى خلال 4 سنوات من أجل تحقيق حلمى وهو أن أصبح وكيل نيابة ومنذ أن التحقت بكلية الحقوق وانا أذاكر ليل نهار من أجل هذا الحلم وبالفعل كنت متفوق وتخرجت بتقدير عام جيد جداً وهذا لا يحدث كثيراً نظرا لصعوبة الكلية وبعد تخرجى ذهبت وقدمت فى جميع مسابقات التعين القضائية سواء النيابة العامة أو الإدارية أو مجلس الدولة وفى كل مرة بكون على يقين انهم لن يقبلونى وهذا بالفعل ما يحدث وأتفاجا بعد ذلك أنهم قبلوا من هم أقل تقديراً أو أحدث تخرجاً وكل هذا لأننى لا أمتلك " واسطة" وهذا سبب كافى فى مصر أنه يموت وليس فقط أن الإنسان يكون عاطلا والآن تخليت عن كل أحلامى وفضلت أحلم "حلم على قدى" وبحاول أن أعمل محامى فى أى مكتب محاما".

" أنا كيميائى وبعمل فى السياحة ولو مكنش معايا واسطة مكنتش اشتغلت أساساً" .. هذا ما قاله أحمد صلاح، 28 سنة، بكالريوس علوم، واستطرد قائلاً: " كلية العلوم تعتبر من أصعب الكليات فى مصر ومن بعد أن التحقت بها وأنا بذاكر مذاكرة غير طبيعة ومجهود خيالى إلى جانب المصروفات العالية فى الدراسة، إلى أن تجحت وتخرجت وبعدها بدأت المأساة حاولت أعمل بنفس المجال الذى أحببته وأفنت سنوات طويلة من عمرى فى دراسته، ولكنى فشلت فى أن أجد وظيفة واحدة وهذا لاننى ببساطة لا أملك "واسطة" فى العلوم ورغم عشقى للمجال بدأت أكرهه وأكره الدراسة لأنى زرعت ولم أحصد منهما شيئاً وفى النهاية وجدت " واسطة" فى السياحة وعملت بها".

وبنبرة صوت تفوح بالوجع وفقدان الأمل تحدث إلينا محمد محمود قائلاً: "أنا معهد فنى تجارى كنت أعمل بشركة ما وبعدها قررت الشركة الاستغناء عن عدد من الموظفين، ومن بعدها وأنا بقدم فى جميع المسابقات أو الوظائف الإدارية التى تعلن عنها الدولة أو فى الشركات الخاصة، لدرجة أن العامل وهو يشاهدنى أتقدم بأوراقى نظر إلى و قال "أنت تبع مين هنا يا ابنى.. ماتتعبش نفس كل ده شكل والمتعينين معروف اسمائهم" .

=من جانبه أوضح شحاتة محمد شحاتة، مدير المركز العربى للنزاهة والشفافية أن الواسطة تُعد نوع من أنواع الفساد الذى نعانى منه فى مصر بشكل مرير، واستطرد قائلاً : " لو الدولة ترغب حقاً فى القضاء علي الواسطة ، لقضت عليها من بكره الصبح ولكن الحكومة تتركها بإراداتها ربما تحتاجها فى تعيين أحد رجالها فى أى وقت".

وتابع " شحاتة" أن هناك نوعان من الحلول للقضاء على الواسطة و المحسوبية فى مصر أولهما يتمثل فى ان تضع الدولة إستراتيجية متكاملة للقضاء على الفساد فى مصر بشتى صوره وهذا الحل طويل المدى ، بينما الحل الأخر وهو المُتاح أمام الحكومة و يمكنها ان تطبقه سريعاً للتخلص من هذا الوباء خاصة فى مسابقات التعيينات التى تعلن عنها الحكومة من حين لأخر و الخاصة بتوفير وظائف فى مختلف المجالات و الوزرات هو أن يتم تشكيل لجنة مختلفة فى كل مسابقة ويكون أفرادها جميعا من خارج الجهة المُعلن بها المسابقة ولابد أن يكون مشهود لهؤلاء بالنزاهة.

واستنكر "مدير المركز العربى للنزاهة والشفافية" مبدأ تعين أبناء العاملين فى مختلف مؤسسات الدولة بشتى صوره ، وقال: "لابد أن يتم تعيين الأفراد فى أى مؤسسة وفقاً لقانون الخدمة المدنية و طبقاً لمعايير ثابتة وهى الأقدم تخرجاً و الأكبر سناً ثم الأعلى تقديراً فى المؤهل ، أما فكرة تعين أبناء العاملين ما هى إلا إختراع بمثابة عُرف لا يمُت القانون بصلة، فلا يوجد مادة فى الدستور توُجب بتعين أبناء العاملين ولكنه يؤكد على مبدأ تكافؤ الفرص ولكنها مع مرور الوقت أصبحت اليوم حق مُكتسب وشبه رسمية بمعنى أن هذا الأمر أصبح يُطبق فى العلن دون اللجوء إلى رشوة أو غير ذلك ، فبعض المؤسسات قد نجد بها عائلة كاملة ".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل