المحتوى الرئيسى

الاستثمار العقاري العالمي: مهمة معقدة!

01/24 12:10

تؤثر التداعيات المعقدة لتغيّر أنماط الثروة، إلى جانب التوجهات الشاملة مثل العولمة والنمو السكاني، بشكل كبير وحاسم على الأسواق العالمية. ونتيجة لذلك، أصبح تحديد الفرص الاستثمارية التي تتماشى مع استراتيجيات معينة، مهمّةً متزايدة التعقيد تتطلب مدخلات وإرشادات من خبراء الصناعة.

تشير تقديرات إلى نمو قطاع إدارة الأصول العالمية من 65 تريليون دولار أمريكي إلى 100 تريليون دولار أمريكي، فيما ستتجاوز الاستثمارات البديلة في غضون السنوات الخمس المقبلة الـ13 تريليون دولار أمريكي (تقرير إدارة الأصول 2020، شركة بي دبليو سي).

وفي الوقت نفسه، تشهد الأسواق الناشئة نمواً في الثروات والمستثمرين، ما يقود المزيد من الطلب على دعم استثماري متطور في جميع أنحاء العالم. وبالطبع، هذا هو الحال بالنسبة للمستثمرين في الشرق الأوسط. ومع نمو معدل الثروات في مختلف أنحاء المنطقة بنسبة 8.2 % حيث وصل إلى 2.3 تريليون دولار أمريكي في عام 2014 (تقرير الثروة العالمية،2015 من رويال بنك أوف كندا «آر بي سي» وكابجيميني). وهناك توقعات بأن تشهد منطقة الشرق الأوسط أكبر زيادة في معدل الأفراد من ذوي الملاءة المالية العالية خلال العقد المقبل. ويحرص عدد متزايد من المستثمرين في المنطقة، على التأكد من تنفيذ استراتيجياتهم الاستثمارية لتحقيق كامل إمكاناتها.  ولطالما شكّل دعم المراكز المالية العالمية لإدارة الثروات الخاصة أساساً للعلاقات القوية التي تجمع المنطقة بهذه المراكز، حيث يسعى المستثمرون إلى الاستفادة من قوة هذه المراكز لإدارة وحماية ثرواتهم.

ويعود نجاح المراكز المالية العالمية في تلبية احتياجات المستثمرين بمنطقة الشرق الأوسط، في ما يتعلق بإدارة الثروات، إلى الهياكل العديدة التي توفرها هذه المراكز، فضلاً عن نهجها المرن وفهمها الممتاز للتخطيط المستمر، والتحكم بالمخاوف والمخاطر وقدرتها على توفير أطر تنظيمية وتشريعية قوية.

وترى جيرسي فاينانس، على سبيل المثال، طلباً قوياً من المستثمر الخليجي على الأمانات الاستثمارية، وهياكل وأسس تملّك العقارات، كما هو الطلب على مجموعة من المنتجات المالية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية.

وفي ظل النشاط المعقد لسوق الاستثمار العالمي  والتركيز المتزايد على الاستثمار، وإيجاد الدعم لإدارة الثروات، تتطور العلاقة بين المراكز  المالية العالمية والمستثمرين في الشرق الأوسط.

لا يزال المستثمرون، الذين قاموا ببناء علاقات قوية مع المراكز المالية العالمية على مدى السنوات الماضية، يبحثون عن خدمات لحماية الأصول والتخطيط العقاري، ويعتمدون على هذه المراكز كنقطة انطلاق تسهم في تعزيز استراتيجياتهم للدخول في قطاعات وأسواق جديدة تتماشى مع دينامياتهم العائلية الحديثة متعددة الأجيال ومتعددة الولايات القضائية.  

ونتيجة لذلك، ازداد طلب الوصول إلى استثمارات بديلة وأسواق ناشئة، وبرز دور المراكز المالية العالمية خصوصاً مع سعي مستثمري القطاع الخاص والمؤسسات الاستثمارية في الشرق الأوسط إلى تنويع استراتيجيات استثمارهم والنظر في الخيارات الدولية، حيث باستطاعة هذه المراكز توفير الخبرات الواسعة في مجال هيكلة الصناديق البديلة وتقديم الخدمات الأساسية التي تتوافق مع ارتفاع معدل العمليات التجارية العابرة للحدود.

وهذا هو حال القطاع العقاري، وهو فئة من فئات الأصول التي تتطور باستمرار وتحافظ على أداء متميز، في وقت تراجعت فيه أسواق السلع وبلغت أسعار الفائدة أدنى مستويات لها واضطربت أسواق الأسهم.

وفي ما يتعلق بالنشاط العقاري العالمي، على سبيل المثال، تم تخصيص 86 مليار دولار أمريكي للصناديق العقارية الخاصة خلال الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام، لتتجاوز مبلغ الـ 75 مليار دولار أمريكي الذي خُصص لنفس الفترة من العام الماضي (شركة Preqin، أكتوبر/تشرين الأول 2015) .

وجاء ذلك نتيجة إدراك المؤسسات العالمية والمكاتب العائلية والمستثمرين من القطاع الخاص في المنطقة، الحاجة إلى تخصيص المزيد من الأصول في العقارات التجارية. ويخصص المستثمرون اليوم في منطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال، أكثر من ربع (25.4 %) استثماراتهم في العقارات وذلك إذا ما استثنينا مساكنهم الأساسية الفاخرة (تقرير الثروة العالمية، 2015).

ولا يزال الاستثمار في الأصول العقارية في المملكة المتحدة يمثل الخيار المفضل لدى المستثمرين، على الرغم من قيام المستثمرين في منطقة الخليج بتنويع توزيع وموقع وهيكلة أصولهم لتشمل التمويل الإسلامي والاهتمام المتزايد بمجالات متخصصة مثل الديون الأوروبية والعقارات المتعثرة ومشاريع فئات الأصول الاستثمارية البديلة بما في ذلك البنية التحتية.

وبصورة خاصة، نمت شركات الصناديق العقارية التابعة لجيرسي بنسبة تعدت الـ 16 % خلال عام ما يعكس الثقة بالسوق العقاري في الوقت الحاضر وفي المراكز المالية العالمية المتخصصة بهيكلة القطاع العقاري. وعلى نطاق أوسع، يستمر نمو فئات الأصول البديلة، التي تمثل نحو 70 % من مجموع الأموال التجارية التابعة لجيرسي، حيث بلغ النمو السنوي الإجمالي للأعمال التجارية البديلة حوالي 15 %.

ومع اهتمام المستثمرين المتزايد بمختلف مجالات سوق الاستثمار العقاري، هنالك فرصة حقيقية للمستثمرين المحنكين  للاستفادة من خبرات المراكز المالية العالمية المتخصصة في المجالات المتعلقة بالصناديق البديلة بحيث يمكنها أيضاً توفير استجابة راشدة وذكية لتغييرات السوق وتغير القواعد التنظيمية لضمان اعتماد وتنفيذ استراتيجيات الاستثمار العقاري العالمي بكفاءة ونجاح.

توفر لمحة عن نشاط الصفقات العقارية على مدى الأشهر الأخيرة، والتي أجريت عن طريق الولايات القضائية، نظرة ثاقبة عن كيفية استفادة المستثمرين من قوة المراكز المالية العالمية للحصول على صفقات عقارية ذات قيمة عالية في لندن بشكل خاص والمملكة المتحدة بشكل عام.

وقادت جيرسي عدداً من مشاريع الاستثمار العقاري والتطوير والتجديد الكبرى في لندن وتشمل محطة كهرباء باترسي شارد، ومنطقة كناري وارف، فضلاً عن وحدات تخزين، ومكاتب، ومعامل، ووحدات صناعية، ومكاتب خدمات، وغرف اجتماعات في جميع أنحاء إنجلترا واسكتلندا، ومشاريع سكنية كبرى ومساكن الطلاب في لندن وجنوب شرق إنجلترا، ومركز التسوق «إيست جيت» في إينفيرنيس.

وعلاوة على ذلك، كشفت دراسة حديثة قامت بها مجلة «بروبرتي ويك» أن أكثر من 30 مليار جنيه إسترليني تم استثمارها من قبل مستثمرين أجانب في عقارات بالمملكة المتحدة خلال كل سنة من السنوات الثلاث الماضية، وأنه تم استثمار ما مجموعه 263 مليار جنيه إسترليني منذ عام 2000 من خلال المراكز المالية العالمية، وجاء ثلث هذا المبلغ عن طريق «جيرسي».

وفي ما يتعلق بنشاط منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، تدعم خبرة «جيرسي» تركيز المستثمرين الخليجيين المتزايد على فرص استثمار عقاري فاخرة، وتساعد شركات متعددة المستثمرين في مجموعة من المعاملات، بما في ذلك:

• ساعدت شركة Minerva عائلة تقطن في دولة الإمارات على تنفذ هيكلية تتوافق مع الشريعة الإسلامية لأغراض تخطيط التعاقب، والتي تضمنت تمويل عقد المرابحة لشراء عقار في لندن.

• نصحت شركة Volaw بإنشاء صندوق يتوافق مع الشريعة الإسلامية ويسهم بإعادة تطوير مجمع فنادق فخم في اليونان.

• ساعدت شركة  Ogier  بنك غيتهاوس في أكثر من 12 معاملة، تشمل التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية والتمويل التقليدي، وذلك باستخدام هياكل شركة جيرسي الشرائية لشراء عقار في المملكة المتحدة، بما في ذلك سكن الطلاب ومخازن ومباني المكاتب.

• ساعدت شركة Bedell Cristin   مجموعة أشخاص على تشكيل استثمار مشترك وهيكل تمويل يتوافق مع الشريعة الإسلامية، يشمل عقارات تجارية بقيمة 11 مليون جنيه إسترليني تقريباً وسوف يخضع لإعادة تحديث بتكلفة عدة ملايين ليتحول إلى واحد من أكثر العقارات الفاخرة في لندن.

وكشفت دراسة حديثة ارتفاع القيمة الإجمالية للاستثمار الأجنبي المباشر من قبل مستثمرين عالميين بنسبة 6 % سنوياً في عام 2013 حيث بلغت 1.41 تريليون دولار أمريكي، فيما يرتفع عدد الاستثمارات الموجهة من خلال المراكز المالية العالمية بشكل لم يسبق له مثيل. كما تدفق حوالي  80 مليار دولار أمريكي كنتيجة للاستثمار الأجنبي المباشر للشركات من خلال هذه المراكز في عام 2012، وهو ما يمثل حصة 6 % من الإجمالي العالمي.

بالإضافة إلى ذلك، ساعدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة عن «غرينفيلد»، والتي تعرف بأنها استثمارات تؤدي إلى خلق عمليات تشغيلية جديدة مثل المصانع ومراكز الخدمات والمقرات الإقليمية، والموزعة عن طريق جيرسي في تنفيذ 94 مشروعاً بين عامي 2003 و 2014، بقيمة إجمالية بلغت 13.34 مليار دولار أمريكي، وولّدت أكثر من 39,000 فرصة عمل خارج البلاد، وساهمت في ارتفاع عائدات الضرائب الأجنبية لتصل إلى 445 مليون دولار أمريكي، ما يؤكد التأثير الإيجابي للتوجيه الاستثماري عن طريق المراكز المالية العالمية على الاقتصاد العالمي.

ومن خلال تجربتنا، نسلط الضوء على اتجاه أساسي بالنسبة لهذه المراكز  يكمن في توجيه الاستثمارات عبر الحدود، حيث يشكل هذا النوع من الدينامية العالمية لهيكلة الاستثمار، وبخاصة الروابط مع الأسواق الناشئة، أمراً ينبغي أن يدركه المستثمرون من منطقة الشرق الأوسط عند استكشاف خيارات استثمارية في قطاعات وأسواق جديدة.

وعموماً، وجد التقرير أن المراكز المالية العالمية هي مصدر رئيسي للأدوات الاستثمارية والخدمات المالية الداعمة التي تعمل على زيادة معدل رأس المال ومرونة حركته لجعله أسهل وأكثر أمناً وأماناً وكفاءة للمستثمرين بهدف تلبية الأهداف العالمية.

وبالإضافة إلى ذلك، كشف التقرير عن السبب في استمرار المستثمرين بالاعتماد على المراكز المالية العالمية لاستثماراتهم العالمية والذي يكمن في قوة هذه المراكز في الأسواق المالية ونوعية الخدمات التي تقدمها، فضلاً عن أدواتها الاستثمارية الملائمة  والبيئة المؤسسية والضرائبية والتنظيمية المستقرة التي توفرها للصفقات العابرة للحدود.

وهنالك أسباب عدة أدت إلى نجاح المراكز المالية العالمية في دعم النشاط الدولي للاستثمار العقاري. على سبيل المثال، توفر المراكز التي تستفيد من ظروف اقتصادية وسياسية وتنظيمية معينة  نسبة استقرار وحماية أكبر للمستثمرين.

وبالإضافة إلى ذلك، شكلت إمكانية الوصول إلى الأسواق قضية رئيسية في السنوات الأخيرة، لا سيما في أوروبا مع إدخال قواعد توجيه الاتحاد الأوربي حول مديري الصناديق الاستثمارية البديلة.  ومع إمكانية إغلاق نحو خمس صناديق عقارية في الربع الثالث من عام 2015 بأوروبا، تستمر هذه القارة في أن تكون سوقاً مهماً للصناديق العقارية (شركة بريكين، أكتوبر/تشرين أول- 2015).

ويمكن للمراكز المالية العالمية أن توفر منصات مرنة وفعالة وثابتة في ما يتعلق بهذا الشأن، مع الاعتماد الكبير على آلية National Private Placement Regimes (NPPRs) في أوروبا. وفي يونيو/حزيران  عام 2015، جرى تسويق 205 صندوق تابع لجيرسي في أوروبا من خلال  NPPRs، وقد تعززت ثقة المدراء في هذا الصدد من خلال  توصية  هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية (ESMA) بمنح جيرسي خيار الحصول على تصريح الدخول إلى الاتحاد الأوروبي .

وفي الوقت نفسه، تتمتع المراكز المالية العالمية التي تقع خارج الاتحاد الأوروبي بالقدرة على تقديم نظام خارج عن نطاق تنظيم قواعد التوجيه حول مديري الصناديق الاستثمارية البديلة لجميع الدول، ما يمكنها من تلبية احتياجات الصناديق التي تستهدف الأصول والمستثمرين في أسواق النمو التي تقع خارج الاتحاد الأوروبي. ويتعلق هذا الأمر بشكل خاص بالمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط الذين يسعون دائماً إلى إيجاد وسيلة فعالة لنشر رؤوس الأموال الاستثمارية في مجالات عقارات وأسواق مختلفة.

وبعيداً عن قواعد التوجيه حول مديري الصناديق الاستثمارية البديلة، تؤثر مبادرات تنظيمية أخرى على قرار الاعتماد على مراكز مالية عالمية متخصصة بهيكلة الاستثمار العقاري، ولا سيما مسألة «المضمون» المترتبة على مشروع « تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح» من منظمة ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ في الميدان الاقتصادي.

ويمكن لمتطلبات هذه المبادرة التي توجب المدراء عرض «مادة فعلية» في الولايات القضائية التي يعملون فيها أن تكون فعلاً قادرة على زيادة الحاجة إلى مراكز مالية عالمية معينة تعطي أهمية كبرى لمسألة المضمون. وهذا يشمل، على سبيل المثال، وجود معدل حوكمة شركات جيد وشبكة يسهل الوصول إليها من مقدمي الخدمات الميدانيين، فضلاً عن مساعدة ضرائبية وقانونية ومساعدة في ما يتعلق بالملكيات العقارية تدعم الاحتياجات المتزايدة للمدراء لتنظيم وإثبات ترتيبات الحوكمة الخاصة بهم.

وفي حال تمكنت الولاية القضائية من إظهار هذا النوع من الالتزام بالمضمون، ذلك سيؤدي حتماً إلى جذب مجتمع أكبر من مديري صناديق الاستثمار، الذين يمكنهم الاعتماد على بيئة المراكز المالية العالمية لمنحهم الثقة بالأماكن التي يقومون بإدارة أموالهم فيها. وهذا بدوره يمكن أن يعطي الكثير من الثقة للمستثمرين العقاريين الذين يبحثون عن مراكز ذات مهنية عالية تقدم خبرة كبرى في المجال المرتبط بالصناديق البديلة.

وفي حين لا يزال المستثمرون في منطقة الشرق الأوسط يولون أهمية كبرى للأمن وحماية الأصول،  بدا جلياً تطور وتنوع وشمولية نشاطهم الاستثماري، ما أدى بالتالي إلى زيادة الطلب على خدمات عالية الجودة ومعرفة بالأسواق وتشريعات قوية عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في العقارات التجارية في منطقة الخليج.

ويشكل التعاون الدولي والتنظيم القوي والشفافية القضائية، أولوية لدى المستثمرين، ما يؤكد مسؤولية المراكز المالية العالمية لضمان وجود وعي كاف بين المجتمع الاستشاري المحترف في منطقة الشرق الأوسط حول موقعهم في النقاشات الشفافة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل