المحتوى الرئيسى

النسر الأسمر فى انتظار «كارت الأحلام»

01/23 09:41

كان مولده في عام 1973 «بشرة خير» وكأنه خبر من طرف نصيبه في الدنيا.. وكأنه علي موعد مع «نصر عظيم».. هذا البطل «الأسطوري» القادم من بلد لا يعرف أهلها مستحيلاً.. ولد.. إذ رفعت مصر هامتها بين الأمم فضربت المثل التاريخي «الأزلي» في التحدي والصبر حتي النصر.. وها هو إبراهيم الحسيني حمدتو ابن دمياط يعبر حاجز الصدمات ويتجاوز حدود الإعاقة.. وينطلق من عتمة العجز إلي نور «الإعجاز» يطير في سماء النجومية.. يحلق بين النجوم بجناحي «نسر» ممسكاً «مضرب» البطولات بأسنانه عوضاً عن ذراعيه.

لتتحول معه لعبة تنس الطاولة إلي عرض مبهر أقرب إلي الخيال منه إلي الحقيقة «حمدتو» نافس أبطال العالم من ذوي الإعاقة والأصحاء.. فكشف عن مهارات لا يضاهيه فيها أحد.. وتحقق مبارياته أعلي نسب المشاهدة والإعجاب.

«الوفد» تحاور «النسر الأسمر» لتتعرف علي أسرار قوته.. ويكشف لغز أحزانه.. وكيف تتعلق أحلامه اليوم بـ «كارت التأهيل المباشر»!

في قريته كفر سعد التابعة لمركز كفر سعد بمحافظة دمياط يعيش البطل «حمدتو» مع أسرته الصغيرة، الزوجة والأبناء بأحلامهم الصغيرة التي حلق بها رب الأسرة.. خارج حدود المكان والزمان ليصبح وهو البالغ من العمر الآن 42 عاماً بطلاً فريداً في العالم كله.

فقد ظهر «حمدتو» ضمن أشهر شخصيات في العالم في البرنامج الإسباني الأشهر «البطل» الذي يستضيف أكثر الشخصيات شهرة وتميزاً في جميع المجالات الثقافية والفنية والرياضية، تأتيه في قريته من كل أنحاء العالم دعوات ليشاهدوه وهو يلعب التنس علي طريقته الخاصة جداً ممسكاً مضرب تنس الطاولة بأسنانه عوضاً عن ذراعيه بعد أن فقدهما في حادث أثناء فترة الطفولة.. الدعوات تأتيه من الاتحاد الدولي وكوستاريكا وسنغافورة والاتحاد الأفريقي، وهو كابتن بطولة أفريقيا أعوام 2011 و2013 و2015، كما أنه حاصل علي جائزة الشيخ محمد بن راشد وأفضل لاعب رياضي عام 2014، وأحسن لاعب في بطولة سلوفانيا ضمن 411 دولة مشاركة وقائد تضمن آلاف اللاعبين.

وكان أول سؤال أوجهه للنسر الأسمر «حمدتو» عن تأهله لريو دي جانيرو 2016 وكانت الإجابة مفاجأة.

- هناك خمسة لاعبون تأهلوا من خمس قارات وأنا حاصل علي 110 بونت من البطولات الخاصة وسافرت المغرب وسنغافورة وحصلت علي كابتن بطولة أفريقيا عام 2015 لكن أنا في انتظار الوايت كارت أو كارت التأهيل المباشر، حيث ترسل اللجنة الباراليمبية أسماء اللاعبين لاختيار من سيلعب في ريو وآخر موعد لتقديم الأسماء يوم 15 فبراير وأتمني أن أكون ضمن هذه الأسماء، فلقد سبق وحرمت من كأس العالم لأن مصر لم ترسل اسمي في عام 2012، وأكد لي رئيس الاتحاد الأفريقي ذلك وأنا معروف في الاتحاد الدولي للعبة والفيديو الخاص بي حقق أعلي نسبة مشاهدة في العالم 2٫5 مليون مشاهدة، وقد لعبت مع أبطال العالم مثل مالونج الصيني بطل العالم رقم 1 وسينوف، وتم استضافتي عام 2014 في الاتحاد الدولي كنوع من التكريم لي بحضور أبطال اللعبة من الأسوياء لأثبت للعالم كله أن «مفيش مستحيل».

- حالياً لا أشارك في بطولات دولية كثيراً لأسباب خارجة عن إرادتي.

- المشاركات الدولية مكلفة جداً وأحياناً أسافر علي حساب الاتحاد الأفريقي، والدول التي ترسل لي دعوات.

- ألعب منذ 26 عاماً ولم أحقق أي مكسب مادي من وراء اللعبة وأحياناً أحرم من المشاركات الدولية بسبب تكاليف المشاركة.

- لدي أمل وعزيمة وإيمان وأنا أعشق تنس الطاولة.

- بالفعل.. لقد تعرضت لحادث قطار، كان ذلك عام 1983 كان عمري وقتها 10 سنوات، وكان من الممكن أن يؤثر هذا الحادث علي مستقبلي، خاصة بعد أن فقدت ذراعي، لكني اخترت طريق التحدي، ولم أقبل أن أضعف أو أصبح إنساناً هشاً، بل رسمت لنفسي طريقاً لأسير عليه حتي أحقق النجاح وأعيش كأي إنسان عادي بل وأكثر من ذلك.

- أعمل موظف إداري بالتربية والتعليم، وقد حصلت علي شهادة الثانوية الأزهرية واجتهت بعدها لاكتشف الجوانب المضيئة في حياتي.

- منذ بحثي عن طريق للتميز وبالفعل أنا رياضي وأعشق هذه اللعبة والطريقة التي ألعب بها تعتمد علي المهارة والإبداع ويوفقني الله في كل خطواتي.

- طبعاً لقد أنعم الله عليّ بأسرة رائعة، ولدي «محمد» طالب بكلية الهندسة، و«محيي» بالمرحلة الابتدائية، و«ملك» ابنتي الصغري وهم جنتي الحقيقية.

- أحياناً أنظر في عين أبنائي وكأن نظراتهم تقول: أنت تحب اللعبة، ولم تستفد شيئاً فلماذا تسافر وهم يقدرون بطولاتي ويقولون أنت أكثر رياضي من ذوي الإعاقة رفع اسم مصر في كل مكان، والناس تطلق عليّ «أسطورة دمياط».

- أنا خطاط أمسك القلم بأسناني وأشعر بأني أعزف وأرسم الحروف.

- أشعر بالفخر والحمد لله أيضاً، وفي عام 1991 حصلت علي المركز الأول والميدالية الذهبية في بطولة أفريقيا والفضية عام 2011 والمركز الثاني عام 2013، وحصلت علي المركز الرابع للمعاقين عام 2006 ولعبت سنوات طويلة في فريق اتحاد الشرطة الرياضي لتنس الطاولة، وتمت دعوتي لألعب عدة مباريات استعراضية في بطولة كأس العالم للأسوياء في اليابان.

- أنشأت جمعية لخدمة ورعاية ذوي الإعاقة بكفر سعر البلد، وبها عدد كبير من أبناء دمياط ممن تحدوا إعاقتهم وحققنا إنجازات كبيرة وتمكن الشباب من الصعود للدوري الممتاز للكرة الطائرة للمعاقين وقد انضم للفريق أكثر من لاعب من أبناء دمياط الذين لعبوا في الأندية بالدوري الممتاز.

- نعم.. من كتر الظلم مش عارف أفرح.. وأنا من ضمن الناس الذين استغلوا في عمل شو إعلامي وبعض رجال الأعمال وعدوني علي الهواء في بعض البرامج برعاية ومكافآت وحل مشكلاتي لكن دون جدوي، حتي حينما تم تكريمي في عهد محافظ دمياط الأسبق المستشار أحمد عبدالعزيز سلطان، بمنحي شقة أسكن فيها كان ذلك علي الورق وفي الصحف فقط.. فأنا أسكن في بيت عائلة أبي الآن، كل ذلك وأنا أري غيري يحصلون علي مكافآت وتكريمات لا حدود لها ولا يبذلون ما أبذل ولا حققوا نصف ما حققت من شهرة ونجاح رياضي، حتي التكريم المعنوي لم يحدث فهناك قرار بكتابة اسمي علي الصالة الرياضية برأس البر، اتخذ هذا القرار المحافظ عبداللطيف منصور ولم يحدث شيء أيضاً.

أثناء الحوار مع إبراهيم حمدتو تسرب إليّ إحساس مرير لأن مثل هذا البطل الذي لم يجلب الفخر إلي بلدته دمياط فحسب بل إلي كل مصري وعربي يشعر بكل هذه المرارة وكأنه لا كرامة لنبي في أرضه، في حين يتم تكريمه وتقديره عالمياً، فهو اللاعب الوحيد في العالم الذي يلعب تنس الطاولة بهذه الطريقة المبهرة، وقد أمسك مضرب التنس بأسنانه فأصبح بطل أفريقيا وأسطورة يتحدث عنها العالم كله، ويتابعون مبارياته بكل شغف وانبهار أمام قدراته الإبداعية الفائقة، «حمدتو» سبق وشارك في عام 2012 في البطولة الثامنة لألعاب السلام الدولية بليبيا تحت عنوان «ليبيا بكل الألوان» التي أقيمت في القرية الأوليمبية، فكان ممثلاً للفرق الغربية إذ لم تشارك أي دولة عربية في البطولة سوي مصر، يلعب «حمدتو» معتمداً في الإرسال لكرة التنس علي أصابع قدميه وممسكاً المضرب بفمه وقد حقق في تلك البطولة وقتها فوزاً غالياً وثميناً علي 6 دول منها: هولندا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا والسويد وأوكرانيا وبولندا، مما دفع عشاق اللعبة للمطالبة بشراء كرة التنس التي لعب بها «حمدتو» لتباع في المزاد العلني بـ 400 دولار لتصبح أغلي كرة تنس طاولة في التاريخ وقد اشتراها وقتها رئيس الاتحاد الليبي لتنس الطاولة وسط هتافات المعجبين بـ «حمدتو».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل