المحتوى الرئيسى

نجيب الريحاني.. تزوج «بديعة» وهرب من «حكم قراقوش» تاركًا مصحف وإنجيل

01/21 05:43

في 21 يناير عام 1889 وُلد.. لأب موصلي عراقي اسمه "إلياس ريحانة"، ورث عنه تراجيديا الواقع التي تجسدت في بعض أعماله.. ولأم مصرية طبعته بطابع الفكاهة والضحك، فأضحى نجيب الريحاني "كشكش بيه" الكوميديان الضاحك الباكي الذي استغل نشأته في حي باب الشعرية ليؤدي أدوار الموظف البسيط في أفلامه على أكمل وجه..

بحسب ما جاء في مذكراته، أنتج الريحاني لسيد درويش وعزيز عيد أوبريت "العشرة الطيبة" المأخوذة عن مسرحية فرنسية بعنوان "اللحية الزرقاء" أسند تمصيرها لمحمد تيمور وكانت تعد أكبر أوبرا كوميك في مصر، إلا أن خصوم الريحاني استغلوا الأوبريت للتأكيد علي أنه دسيسة إنجليزية لأن العرض يركز علي مساوئ الأتراك في عيون المصريين. 

وكان المسرح يشهد كل ليلة من يطالب بسقوط الريحاني عميل الإنجليز وربيب نعمتهم ولكن الأغلبية كانت تؤكد علي وطنيته وقد كتب مرقص حنا وكيل اللجنة المركزية للوفد بعد أن شاهد الرواية مقالاً يشيد فيه بالريحاني وبعمله الوطني، وفي قمة هذا النجاح انهالت الكوارث علي رأس الريحاني الذي اشترى كماً هائلاً من العملات الأجنبية فهبطت أسعارها جميعاً مما أصابه بتدهور مالي وانهيار معنوي فأهمل عمله وعمت الفوضى في ثنايا المسرح ثم اختلف مع عزيز عيد وسيد درويش بسبب الوشايات فقرر أن يترك لهما الجمل بما حمل.

أما المصيبة الأكبر فكانت انهيار علاقته بصديقته لوسي التي اعتبرها وش السعد عليه، وللخروج من هذه الكوارث قرر أن يقوم برحلة إلى لبنان وسوريا وما إن وصل إلى بيروت حتي وجد نفسه أمام مصيبة أكبر بعد أن اكتشف أن أمين عطا الله - وكان ممثلاً بفرقته قبل سنوات- استطاع أن ينسخ كل رواياته وأن يغتصب اسم كشكش بيه وأن يكون فرقة من مواطنيه في سوريا ويقدم بها هذه الروايات، ولذلك رأى الناس أنه مجرد مقلد لكشكش بيه الأصلي الذي هو أمين عطا الله ولم تنجح الرحلة فنياً أو مادياً وزادت هموم الريحاني. 

ومع ذلك لم تخل رحلة الشام من فوائد حيث اتفق الريحاني مع الراقصة بديعة مصابني على أن تنضم لفرقته بمرتب 40 جنيهاً في الشهر. وعاد من الشام لتتواصل رحلته مع الكوارث حيث رحلت والدته عن الدنيا كما اختفي شقيقه الأصغر. وفي عام 1923 عاد يوسف وهبي من إيطاليا واتفق مع عزيز عيد علي تكوين فرقة جديدة في شارع عماد الدين فقرر الريحاني الاستعداد للمنافسين الجدد. وكتب بديع خيري أول رواية من تأليفه وهي (الليالي الملاح) بعد أن كان يكتب الأزجال ويشارك الريحاني في التأليف، وقد أعجب الجمهور ببديعة مصابني وتوالت المسرحيات.

تزوج من الراقصة السورية بديعة مصابني التي هجرته لأنها آثرت الاهتمام بفنها، عاودا الارتباط لفترة لينتهي بهما الحال إلى الطلاق إذ كانت بديعة تعتبر الزواج عائق بوجه طموحاتها وأن غيرة نجيب الريحاني تزيد الطين بلة، لم يرزق منها بأطفال لكن بديعة قامت بتبني فتاة يتيمة بعد طلاقها منه. 

كما تزوج أيضا من "لوسي دي فرناي" الألمانية بين عامي 1919 - 1937 وأنجب منها "جينا" ولكنها نسبت في الوثائق إلى شخص آخر كان يعمل ضابطا في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني

في حوار لها قالت ابنة بديع خيري صديق العمر لنجيب الريحاني، إن الريحاني كان يريد أن يسلم ليتزوج من ناعوم يهودية الديانة وقررت هي الأخرى أن تشهر إسلامها، خاصة أنه كان يحبها ولا يعرف كيف يتزوجها لأن الكاثوليك ليس عندهم طلاق وكان متزوجاً في ذلك الوقت من بديعة مصابني.

وقيل إنه وجد مصحف للقرآن الكريم بجوار سريره في المستشفى، لكن ابنته قالت إن هذا كذب وتضليل يصل لحد "الهذيان".

من بين أعماله التي تسببت في خروجه من مصر هربا من الاعتقال أو بطش الملك به مسرحية "حكم قراقوش"، والتي كتبها صديقه الفنان بديع خيري، وهاجم فيها الملك فاروق والأكثر من ذلك أن الملك عندما طلب منه تقديم مسرحية في قصره ليشاهدها، أصر على تقديم هذا النص ضاربا باعتراض خيري عرض الحائط، ورغم عدم ندمه على هذه الخطوة خاف بعدها وفضل السفر خارج مصر متجها للبرازيل.

وكانت المسرحية تحكي قصة ملك ظالم، يعيش شعبه حياة الفقر والحرمان، وفهم فاروق أنه هو الحاكم المقصود، وأن الشعب الفقير هو الشعب المصري، وأن أحداث المسرحية إسقاط على ما يحدث في مصر.

وبحسب ابنته جينا - التي أنجبها من ألمانية تزوجها - في العديد من الحوارات الصحفية واللقاءات التليفزيونية، فأن الملك فاروق منح لقب البكوية للفنان يوسف وهبي واستثني الريحاني ولم يمنحه اللقب، عقابا له، موضحة أن سفره للبرازيل جاء بناء على نصيحة تلقاها من رجل الاقتصاد المصري طلعت حرب، خاصة بعد انتشار أقاويل تتهم نجيب بأنه جاسوس ألماني.

رحل نجيب الريحاني عام 1949 قبل إتمام مشاهده الأخيرة من فيلم "غزل البنات" أمام المطربة ليلى مراد والفنان أنور وجدي، وهو ما جعل أنور مخرج الفيلم يضطر لتغيير النهاية.

توفي الريحاني متأثرا بمرض "التيفود"، وبحسب ما ينسب للدكتور أحمد سخسوخ الناقد المسرحي، أرجع وفاة الريحاني للاهمال الطبي من قبل إحدى الممرضات التي اعطته جرعة زائدة من عقار الاكرومايسين.

وذكرت ابنته جينا أن رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا، عندما علم بمرض الريحاني أرسل إلى أمريكا في طلب حقن تشفيه من مرض التيفود، لكن الريحاني مات قبل وصولها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل