المحتوى الرئيسى

«فرقان» بين الحمد والشكر لا يعرفهما البعض ذكرهما الإمام ابن كثير

01/20 13:22

اختلف أهل العلم في الحمد والشكر هل بينهما فرق؟ على قولين: الأول: أن الحمد والشكر بمعنى واحد، وأنه ليس بينهما فرق، واختار هذا ابن جرير الطبري وغيره.

وقال الطبري: ومعنى «الْحَمْدُ لِلَّهِ» الشكر خالصًا لله جل ثناؤه، دون سائر ما يُعبد من دونه، مضيفًا: «ولا تَمانُع [أي: اختلاف] بين أهل المعرفة بلغات العرب من الحُكْم لقول القائل: "الحمد لله شكرًا " بالصحة، فقد تبيّن - إذْ كان ذلك عند جميعهم صحيحًا - أنّ الحمد لله قد يُنطق به في موضع الشكر، وأن الشكر قد يوضع موضعَ الحمد؛ لأن ذلك لو لم يكن كذلك، لما جاز أن يُقال: "الحمد لله شكرًا".. تفسير الطبري" (1/138) .

القول الثاني: أن الحمد والشكر ليسا بمعنى واحد، بل بينهما فروق، ومنها: أن الحمد يختص باللسان، بخلاف الشكر، فهو باللسان والقلب والجوارح، وأن الحمد يكون في مقابل نعمة، ويكون بدونها، بخلاف الشكر لا يكون، إلا في مقابل نعمة.

قال ابن كثير رحمه الله – في معرض رده على كلام ابن جرير السابق – (1/32) : "وهذا الذي ادعاه ابن جرير فيه نظر؛ لأنه اشتهر عند كثير من العلماء من المتأخرين: أن الحمد هو الثناء بالقول على المحمود بصفاته اللازمة والمتعدية، والشكر لا يكون إلا على المتعدية ، ويكون بالجنان واللسان والأركان، كما قال الشاعر: أفادتكم النعماءُ مني ثلاثةً ... يدي ولساني والضميرَ المُحَجَّبا

واختلفوا في أيهما أعمّ الحمد، أو الشكر على قولين، والتحقيق أن بينهما عموماً وخصوصاً، فالحمد أعم من الشكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون على الصفات اللازمة والمتعدية، تقول حمدته لفروسيته، وحمدته لكرمه، وهو أخص لأنه لا يكون إلا بالقول، والشكر أعم من حيث ما يقعان عليه؛ لأنه يكون بالقول والفعل والنية، كما تقدم. وهو أخص؛ لأنه لا يكون إلا على الصفات المتعدية: لا يقال شكرته لفروسيته، وتقول شكرته على كرمه وإحسانه إليّ، هذا حاصل ما حرره بعض المتأخرين.

وأوضح أبو هلال العسكري في تفريقه بين الأمرين، أن "الفرق بين الحمد والشكر: الحمد هو الثناء باللسان على الجميل، سواء تعلق بالفضائل كالعلم، أم بالفواضل كالبر.

والشكر: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لأجل النعمة، سواء أكان نعتا باللسان، أو اعتقادا، أو محبة بالجنان، أو عملا وخدمة بالأركان، فالحمد أعم مطلقا، لأنه يعم النعمة وغيرها، وأخص موردا إذ هو باللسان فقط، والشكر بالعكس، إذ متعلقه النعمة فقط، ومورده اللسان وغيره.

فبينهما عموم وخصوص من وجه، فهما يتصادقان في الثناء باللسان على الإحسان، ويتفارقان في صدق الحمد فقط على النعت بالعلم مثلا، وصدق الشكر فقط على المحبة بالجنان لأجل الإحسان" . الفروق اللغوية" (201-202) .

وفرق ابن القيم في كتابه "مدارج السالكين" (2/246): أن الشكر أعم من جهة أنواعه وأسبابه ، وأخص من جهة متعلقاته، والحمد أعم من جهة المتعلقات ، وأخص من جهة الأسباب، ومعنى هذا: أن الشكر يكون: بالقلب خضوعا واستكانة، وباللسان ثناء واعترافاً، وبالجوارح طاعة وانقيادا. ومتعلقه: النعم دون الأوصاف الذاتية، فلا يقال: شكرنا الله على حياته وسمعه وبصره وعلمه، وهو المحمود عليها كما هو محمود على إحسانه وعدله.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل