المحتوى الرئيسى

التنين الصيني يقتحم الشرق الأوسط: اتفاقات اقتصادية .. ووساطة إقليمية

01/20 01:50

14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، هي الحصيلة الأولى للجولة التاريخية التي استهلها الرئيس الصيني شي جينبينغ للمنطقة العربية، وتحديداً في أولى محطاتها، الرياض، التي ينتقل منها اليوم الى طهران، ومن ثم الى القاهرة، في ما يعكس رغبة التنين الآسيوي في توسيع مروحة شركائه الاقتصاديين، في الوقت الذي يتجه فيه الى فرض عملته، اليوان، كوحدة نقدية عالمية، مدفوعة بتوقعات بنمو اقتصادي كبير.

وتأتي زيارة الرئيس الصيني، في وقت يشهد الشرق الأوسط تحوّلات مصيرية، لعلّ ابرزها، في الفترة الأخيرة، تصاعد التوتر بين السعودية وايران، وخروج الجمهورية الاسلامية من عزلتها الدولية، على المستويين السياسي والاقتصادي، مع دخول الاتفاق النووي حيّز التنفيذ يوم السبت الماضي.

وفي خطوة هي الاولى من نوعها، وتهدف الى تعزيز الحضور الاقتصادي للعملاق الاسيوي في الشرق الاوسط، حط الرئيس الصيني، يوم امس، في الرياض، حيث أجرى محادثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز.

ونقلت وكالة «انباء الصين الجديدة» الرسمية (شينخوا) عن شي قوله، خلال اللقاء مع سلمان، انه «منذ نسج الروابط الدبلوماسية بين الصين والسعودية منذ 26 عاما، تطورت علاقاتنا على قدم وساق، مع ثقة سياسية متبادلة تتعمق بشكل مستمر، ونتائج مثمرة في التعاون بمجالات مختلفة».

واضاف «اعتقد ان زيارتي ستكون رحلة ودية مع انجازات مثمرة، وتؤدي بالتالي الى رفع تعاوننا في مجالات مختلفة الى مستوى جديد، ورفع التعاون الجماعي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي».

من جهته، قال الملك سلمان ان السعودية والصين «تسعيان معاً للاستقرار وتعزيز السلم والأمن في العالم، ونحن نقدر لفخامتكم جهودكم في هذا الإطار»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الانباء السعودية الرسمية «واس».

وسيشارك شي وسلمان، اليوم، في افتتاح مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية في الرياض. كما سيعلنان تدشين شركة «ينبع ارامكو سينوبك» («ياسرف») لتكرير النفط، وهي ثمرة تعاون بين شركة «ارامكو» النفطية السعودية و «سينوبك» الصينية للبتروكيميائيات.

وشهد الملك السعودي والرئيس الصيني توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات مكافحة الإرهاب، وإقامة مفاعل نووي، بالإضافة إلى مجالات الاقتصاد، والتقنية، والملاحة، والاستثمار الصناعي، والاتصالات والمعلومات، والتطوير البيئي، والتنمية، والطاقة المتجددة وغيرها.

وشهدت العلاقات الصينية – السعودية تطوراً ملحوظاً، منذ إقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين في تموز العام 1990.

تبادل الرئيس الصيني السابق هو جينتاو والملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز الزيارات في العام 2006، وتوصلا الى اعلان نوايا حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وخلال توليه منصب نائب الرئيس، قام الرئيس الصيني الحالي بزيارة للرياض، في العام 2008، تضمنت توقيع بيان مشترك بشأن تعزيز التعاون والعلاقات الودية الاستراتيجية.

واثر ذلك، قام الرئيس الصيني هو جينتاو بزيارة السعودية للمرة الثانية في شباط العام 2009، حيث شهدت الزيارة توقيع خمس وثائق للتعاون في مجالات الطاقة والحجر الصحي والصحة والتعليم والنقل.

كما قام ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بزيارة للصين في ايلول الماضي، تم خلالها التوقيع على أربع وثائق متعلقة بمجالات فحص الجودة والفضاء والاستثمار وغيرها.

وشهد التعاون الاقتصادي بين الصين والسعودية نموا سريعاً خلال السنوات الماضية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 69.1 مليار دولار في العام 2014، توزعت بين واردات للصين من السعودية بقيمة 48.5 مليار دولار، وصادرات من الصين الى السعودية بقيمة 20.6 مليار دولار.

وتستورد الصين من السعودية أساسا النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية، فيما تصدّر لها المنتجات الكهروميكانيكية والصلب والملابس.

وعلى المستوى السسياسي، تـأتي زيارة الرئيس الصيني للرياض في خضم ازمة دبلوماسية بين السعودية وايران منذ اعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في الثاني من كانون الثاني الحالي. وقد حاولت الصين القيام بوساطة بين الدولتين، بإرسال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الى طهران والرياض، في محاولة لرأب الصدع.

ومن المؤكد ان الرئيس الصيني سيسعى الى استكمال هذه الجهود، خصوصاً ان جولته الاقليمية تشمل السعودية وايران معاً.

كما تأتي الزيارة بعد اقل من ثلاثة ايام على اعلان الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي رفع عقوبات اقتصادية عن ايران، بموجب الاتفاق حول برنامجها النووي، والذي تم التوصل اليه مع الدول الكبرى في تموز الماضي.

وكانت الصين واحدة من الدول الست التي خاضت مفاوضات شاقة مع ايران حول الملف النووي.

وفي هذا السياق، قال الاستاذ في جامعة بكين تشاو داوينونغ لـ «فايننشال تايمز» ان «الصين لا تريد ان تضيّع فرصة بناء علاقات جيدة بالنسبة الى فرص الاستثمارات الجديدة في إيران»، مشيراً الى أن الصين كانت أكبر مستورد للنفط الخام منذ وضع العقوبات على تصدير النفط الإيراني في العام 2011، ومذكراً بأنّ الرئيس الايراني حسن روحاني اكد مؤخراً ان الجمهورية الاسلامية «لن تنسى الأصدقاء الذين ساعدوها» أثناء الحصار الدولي.

ونقلت «فايننشال تايمز» أيضاً عن نائب مدير الغرفة التجارية الإيرانية الصينية ماجد رضا حائري قوله إن «رفع العقوبات يعني فرصة لتوسيع العلاقات التجارية بين البلدين»، مشيراً الى ان «لدى إيران علاقات تجارية مع الصين في الوقت الحالي، ولكننا نتوقع مشاهدة الاستثمارات الصينية في مشاريعنا للبنى التحتية». كما أوضح ان ايران في حاجة الى ما بين 30 إلى 50 مليار دولار في الاستثمارات السنوية، وجزء كبير من هذا المبلغ أمنته الصين لهذه القطاعات، مثل الطرق والسكك الحديدية والنقل الجوي والزراعة والصناعات البيتية والنسيج والرخام.

وتعتمد بكين على الشرق الاوسط في القسم الاكبر من وارداتها النفطية لكنها لا تتدخل عادة في التوترات والنزاعات الإقليمية.

وفي هذا الإطار، اشارت «فايننشال تايمز» البريطانية الى ان زيارة الرئيس الصيني الأولى للشرق الاوسط تمثل تحديا لموازنة العلاقات الديبلوماسية الحساسة بين بلاده ودول المنطقة، التي تعيش مرحلة من التوتر، وبخاصة التوتر الأخير بين إيران والسعودية، مشيرة إلى أن الدور الصيني في المنطقة بدا واضحا من خلال غيابها في السنوات الماضية، فقد كانت آخر زيارة لرئيس صيني قبل سبعة أعوام، وتم تأجيل زيارة جينبينغ إلى السعودية العام الماضي، في خضم الحرب السعودية على اليمن.

بدوره، قال الاستاذ في كلية العلاقات الدولية في جامعات بكين تزو فينغ لوكالة «فرانس برس»: «من الواضح ان ثمة توترات حاليا بين السعودية وايران، لذا سيذهب (الرئيس الصيني) الى هناك محاولا تأدية دور المُقنِع»، مضيفاً «ستحاول الصين القيام بما يمكنها، لكنها لن تؤدي دورا اساسيا».

ورأت «فايننشال تايمز» ان زيارة الرئيس الصيني للشرق الأوسط تمنحه فرصة للتوسط بين ايران والسعودية.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن ديبلوماسيين قولهم إن الزيارة ستمتحن علاقات بكين مع كل من طهران والرياض، وستشكل اختباراً لشهية الصين لأداء دور إقليمي، برغم اشارتهم الى ان تزامن الزيارة مع التوتر الأخير في العلاقات الايرانية - السعودية كان محض صدفة.

وتعد الصين، نظرا الى تأثيرها الاقتصادي، وعضويتها الدائمة في مجلس الامن، من الدول المؤثرة والمعنية بنزاعات الشرق الاوسط، وان لم تنخرط فيها بشكل مباشر.

واستضافت بكين، الشهر الماضي، مسؤولين من النظام السوري والمعارضة، مكررة الدعوة الى حل سياسي للنزاع المستمر منذ نحو خمسة اعوام.

وسبق للصين ان استخدمت حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن رفضا لقرارات تدين نظام الرئيس بشار الاسد، تماشيا مع موقف روسيا، ابرز الداعمين الدوليين للنظام.

اما الرياض الداعمة للمعارضة السورية، فاستضافت في كانون الاول الماضي مؤتمراً موسعا لاطياف مختلفة سياسية وعسكرية من المعارضة السورية، سعيا لتوحيد رؤيتها تجاه اسس التفاوض.

وفي هذا الإطار، قال تزو فينغ ان «الصين هي اكبر مستورد لنفط الشرق الاوسط... لذا فالاستقرار في الشرق الاوسط هو ما ترغب الصين في رؤيته».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل