المحتوى الرئيسى

حسام عبد الرب يكتب: اليمن، عمق النظام السابق وقاعدته المتمثلة بـ«الإمامة» | ساسة بوست

01/18 22:14

منذ 3 دقائق، 18 يناير,2016

نجاح ثورة ١١ فبراير أثمرت في إزاحة رأس الفساد والطغاة المخلوع علي عبد الله صالح، إلا أنها غفلت عن عمق النظام الفاسد والاستبدادي.

اليوم المشهد الحاصل في اليمن، عدونا الذي نقاتله هو تلك المنظومة السياسية الفاسدة التي ظلت تحكم اليمن لأكثر من ربع قرن، صحيح أن رأس الاستبداد قد تنحى بفعل الثورة السلمية، لكن بؤرة الفساد بقت بعد الثورة تحاول بلورة نفسها مجددًا، وتلتأم جراحه أيضًا، لتعود للهيمنة على اليمن مرة أخرى، متجهة في نهاية المطاف إلى التحالف مع ميليشيات الحوثي.

تلك المنظومة السياسية التي تربط بينها وبين حلفائها في الداخل والخارج، شبكة متعددة من المصالح، جزأ من هذه الشبكة أيضًا متعلق بالكتلة الإمامية التي بقيت بعد ثورة ٢٦ سبتمبر المجيدة، وتلك الكتلة وللأسف الشديد تشكل قاعدة تلك البؤرة الفاسدة التي قذف منها المخلوع صالح إلى الحكم، واتجه هو بدوره مسارعًا إلى ضرب الخصوم السياسيين كما حدث في الاغتيالات المشهورة في بداية وصوله إلى السلطة، وأيضًا ضرب النخبة السياسية الاشتراكية بعد الوحدة بثلاث سنوات، هي نفسها المنظومة السياسية أيضًا التي قامت باغتيال كل من لم يعمل لصالحها من رؤساء الجمهورية اليمنية العربية السابقين كالحمدي والغشمي وغيرهم.

بعد أن شعرت بالخطر على مصالحها وحكمها ظهرت بكل تلك الأسلحة الثقيلة والكتائب الصفوية إلى المشهد اليمني بقوة، متسترة بقناع التزييف الشعبي وتزيين قبحها بمكياج الثورة التصحيحية ومستقلة حافلة المسيرة القرآنية، وبعد أن خرج الرئيس عبد ربه منصور هادي من صنعاء متجهًا إلى عدن، تخبطت هذه المنظومة الاستبدادية الطاغية وأرسلت كتائبها في كل مكان مزيلة قناعها التي كانت تتستر به ومظهرة ملامحها البشعة، معلنة ولائها لذاك العهد القديم الغابر، ومعلنة قتالها لشعب اليمن على لسان المخلوع صالح، ولسان عبد الملك الحوثي، اليوم تسيل دماء أحرار الشعب اليمني مدافعين عن ثوراتهم، ثورة ١١ فبراير، وثورة ٢٦ سبتمبر، صحيح أن ثورة ٢٦ سبتمبر المجيدة انتصرت، إلا أن فكر الإمامة بقي مخيمًا على صعدة وغيرها من مناطق شمال الشمال.

اليوم تكشف تلك المنظومة السياسية عن قبحها ، وتتحرك عجلة مصالحها بسرعة غير مدركة أنها تتجه نحو هلاكها لا غير، اليوم إيران الراعية الرسمية للحوثيين تتحالف مع الشيطان الأكبر إسرائيل تحت ما يسمي بالتنسيق الروسي الإسرائيلي، وفي ظل الصحوة العربية، ينكشف زيف ممانعتها، اليوم يسلب الربيع العربي منا، وأمام عيوننا، اليوم تونس تقاتل نخب الحداثة الزائفة ومتعرضة أيضًا إلى السياح الإيرانيين الجدد وحركة التشيع في ظل سكوت غريب للأحزاب العلمانية الشرسة التي شهدنا منها في السابق مهاجمة السنيين والإسلام السياسي المعتدل، اليوم سوريا غارقة بين بندقية الوكيل الطاغية الأعظم والكفيل القيصري ومباركات ملالي طهران ومنبر حسن نصر الله الكاذب، اليوم مصر عادت إلى حكم العسكر وتجفيفه، وبقي الشعب المصري بين الحسرة والحيرة على ديمقراطيتهم التي اغتصبها عسكر مصر والمال الخليجي الفاسد بمساعدة المخابرات البريطانية، تحت إشراف العم سام الداعم لديمقراطية في حال فقط كانت تليق بالاستثنائيات الأمريكية.

اكتشفنا وللأسف أن أنظمتنا كانت مرتبطة بالقوى الاستعمارية السابقة، نقاتل من ثرنا عليهم في القرن الماضي، وكأنهم فقط غيروا بروتوكول الحكم فقط أو البروفايل، مثلاً اليمن والإمامة، وأيضًا نشاهد تدخلات فرنسا إلا مبررة في المغرب العربي، ليبيا والتدخل الخشن وتونس وتدخلها الخفي، بل تصرفات الإعلام الفرنسي التي ليس لها حدود، بل إيقاف شعب الجزائر قبل أن يثور.

للأسف؛ جزء كبير من الشباب الذي كان مع الثورة، وقع في الفخ الإعلامي الذي نصبته قوى الانقلاب في كل أرجاء المعمورة العربية، حملات تشوية وتشكيك وتخويف من الإسلام السياسي في المنطقة العربية، نشهدها منذ زمن ما قبل الثورة، في كثير من الإعلام سواء أكان محليًا أم دوليًا، وأيضًا الإعلان الهزلي الصادر من بريطانيا عن أن الإخوان منظمة إرهابية (سهلت لإيران استلام ملف محاربة الإرهاب) واستخدمته في خدمة مصالحها الشخصية في ضرب الثورات والإخوان المعتدل الذي كان يعتبر وللأمانة هو الكيان المتكامل القادر على حمل الحكومات العربية وتحقيق مساعي شعوب أمتنا بعد الثورة، وللأسف مصانع الكذب الإعلامي وخاصة تلك التي تمتلك البراعة العالية في التأثير على الرأي العام، جعلت شبابنا وهم حتى في أوج ثورتهم اليمنية، يراقبون كل صغيرة وكبيرة ويتذمرون ليل نهار من الإخوان (حزب الإصلاح)، بل حتى في ظل هذه الحرب الهمجية التي تشنها قوى الظلام، أرى كثيرين يعتقدون بأن ميليشيات الحوثي وصالح، لم تأت إلا لضرب حزب الإصلاح، وأنا أؤيدهم بجزاء كبير من كلامهم، لأني أرى الميليشيات عندما تحتل أية منطقة تبدأ بالبحث عن قيادات حزب الإصلاح أولاً، لكن أخالفهم في تلك النظرة السطحية التي يصدقونها،  فمن دبر وصنع هذا الانقلاب كان هدفه الأول هو ضرب الثورة، والثاني ضرب الخصوم السياسيين.

كتائب الموت تلك بين؛ بين فوهة المدافع، والشعارات الخضراء، تدافع عن إحدى أبشع منظومات الفساد في الوطن العربي، عوضًا عن حملها لمشروع استبدادي دخيل عن وطننا وعاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا، ومع هذا فإن من الواضح جدًا أن المسألة قد تخطت “الحسين وعليًّا” نعم كل ما تجلبه إيران إلى الوطن العربي هو مشروع صفوي، لكن هذا في ظاهره، أما في باطنه يحمل طيات مصالح استعمارية لا دخل لها في الدين، أو في الممانعة والمقاومة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل