المحتوى الرئيسى

الداخلية: «معندناش إخفاء قسري».. وتقارير حقوقية ترصد 797 حالة خلال عام

01/18 21:52

من "ماصوني" و"أسرة كاملة بالغربية".. إلى "أشرف شحاتة" وطالبي الهندسة ومهندس البرمجيات وحارس عقار مدينة نصر

أم أحد المختفين : "هاتوا لي ابني ولو كان ميت عشان نار قلبي تبرد"

عمر جمال.. اختطفه ضابط مباحث من نادي الطيران لجهة أمنية غير معلومة

مدير مركز"الحقانية": النظام الحالي يسير علي خطي مبارك في اختطاف وتصفية شباب الثورة

مدير برنامج "مصر" بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: 60 حالة اختفاء قسري وتصفية منذ عهد مبارك

عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان: لا نعرف مصير أشرف شحاتة 

مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان.. عودة "زوار الفجر" والاحتجاز بدون وجه حق قبل أيام من ذكرى الثورة

مؤسس "ضحايا الاختفاء القسري": النظام مسئول عن جرائم اختطاف منظمة لشباب الثورة

"عامان أكتب لك ولا يصلني الرد.. أكتب إليك خطابًا لا أعلم كيف يصل إليك، أكتب إليك ولا أعلم متى نلتقي، وهل لنا بلقاء عن قريب.. عامان لا أعرف عنك شيئًا.. عامان أرسل لك خطابات.. ولا يصلني الرد منك، وسأظل أرسل لك خطابًا أو قصيدة أو هاجسًا يؤرقني أو عن أشخاص أحبهم حتى ترد عليّ".. عبارات تقطر وجعًا، ورسائل مُغرقة بالألم، دونها الكاتب والسيناريست باسم شرف ضمن رسائل كتابه الصغير "ياسلمى.. أنا الآن وحيد".

الكتاب يدخل ضمن أدب الرسائل، يبعثها إلى شخصية متخيلة، تدخل في حيز الغياب، تنطبق على مئات الحالات المصرية المختفية من شباب الثورة والنشطاء، ممن غابوا عن الأنظار، واختفوا في ظروف غامضة، ولم يبق منهم سوى ذكرى وألم، يبحث ذويهم عنهم في كل مكان، دون أن يفقدوا آخر أمل لهم في الرد عليهم وعودة الروح إليهم من جديد برفقة أحبابهم.

أشرف شحاتة.. ظهر في تقرير "القومي لحقوق الإنسان" واختفى في بيان "الداخلية"

744 يومًا مرت منذ "اختفائه"، فاض الكيل بـ"مها مكاوي"، وهي تبحث عن زوجها أشرف شحاتة، أو معلومة واحدة تهدئ من حيرتها وتهديها إلى مكانه.. هكذا وصل الحال بزوجة "شحاتة"، عضو حزب الدستور، قبل أن يعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه محتجز في سجن الزقازيق.

لم تكد تلتقط أنفاسها المتقطعة من كثرة الترحال والبحث، حتى تفاجئها وزارة الداخلية بـ"النفي"، وتقول أن المحتجز في سجن الزقازيق شخص آخر، والمسألة "مجرد تشابه أسماء".

الزوجة الحائرة طرقت كل الأبواب خلال 750 يومًا؛ لمحاولة تقفي أثره أو الوصول لمعلومة موثقة عن مكان احتجازه، بداية من تتبع آخر أرقام التليفونات التي اتصلت به، مرورا بالسؤال عنه في عدد كبير من أقسام الشرطة ولدى وزارة الداخلية، وصولا إلى طرق أبواب المستشفيات والمشارح لمراجعة دفاتر المرضى والمتوفين ولكن في كل مرة يأتيها : "مانعرفش عنه حاجة".

ولم يتوقف "لغز" اختفاء شحاتة عند هذا الحد، فمصلحة الجوازات قالت إنه متواجد خارج حدود البلاد، بحسب شهادة رسمية حصلت عليها زوجته.

797 حالة اختطاف لنشطاء وطلبة في نصف عام

"شحاتة" لم يكن الحالة الوحيدة، فبحسب ما أوردت عدد من الحملات والجهات الحقوقية والبلاغات المقدمة من أهالي مختطفين، تم رصد وتوثيق نحو797 حالة اختفاء قسري أو احتجاز دون تحقيق في أقل من عام، في 22 محافظة مختلفة.

وبحسب ما جاء في قاعدة البيانات الخاصة بالرصد الموثق لوقائع الإختفاء احتلت محافظة القاهرة العدد الأكبر من حالات الإخفاء القسري بـ445 حالة، تلتها محافظة كفر الشيخ بـ31 حالة، ثم الجيزة 16 واقعة، والدقهلية 13 حالة.

رصدت منظمة هيومن رايتس مونيتور 582 حالة اختفاء قسري في النصف الأول من العام الجاري، من بينهم 378 رجل و23 سيدة و56 قاصرا و128 طالب وطالبة.

وجاء في تقرير المفوضية المصرية للحقوق والحريات نحو 215 حالة اختفاء قسري جديدة في شهري أغسطس وسبتمبر فحسب، تمكن الأهالي من معرفة أماكن احتجاز 63 منهم، بينما ظل الباقون مجهولي المصدر، من بينهم 8 حالات اختفت من أماكن احتجازهم المعلومة بعد صدور قرار من النيابة العامة بإخلاء سبيلهم.

7 حالات في دفتر الغياب

بعد أن فاض به الكيل، وطرق كافة السُبل والأبواب؛ للبحث عن شقيقه محمد سعيد، الذي خرج منذ شهرين ولم يعد، لم يجد طريقا آخر غير التقدم ببلاغات إلى منظمات المجتمع المدني شكاوي إلى الجهات الحقوقية وتلغرافات لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والنائب العام، لتوثيق الواقعة ومساعدتهم في أي معلومة شاردة أو واردة عن أخيه الذي لم يكمل بعد عقده الثاني واختفي في ظروف غامضة .

يحكي شقيق "محمد" واقعة اختفائه، وتوثيق شهادته بأوراق رسمية، تمثلت في تحرير محضر بالشرطة، وصورة من تلغراف مرسل للنائب العام، وصورة من وثيقة السفر، وتأكيد تذاكر الطيران بوصوله مصر لحظة اختفائه.

تناول "محمد" السحور في رمضان الماضي برفقة ابن عمته، ثم مضيا في طريقهما للعودة إلى المنزل عبر موتوسيكل خاص به، ولكنهما اصطدما بميكروباص كان يستقله أحد أفراد قسم شرطة عين شمس، فوقعت مشاجرة بينهم بعد التحقق من شخصيته والاشتباه في اسم العائلة، التي تحمل لقب عائلة إخوانية عريقة، فاصطحبهما معه إلى قسم شرطة السلام، وحرر محضرا لهما برقم 13819 لسنة 2014 جنح السلام وتم عرضهما على النيابة بتهمة الإنتماء إلى جماعة محظورة، وبعد مرور أربعة أشهر من قرار تجديد الحبس تم إخلاء سبيلهما وحُفِظ المحضر في تاريخه الموافق 8 أبريل الماضي لعدم كفاية الأدلة.

خرج محمد سعيد من تلك التجربة المريرة يائسا بائسا، فاقدا الأمل في أي تغيير، ومن هنا كان قرار الهجرة إلى الخارج بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، فوقع الاختيار على تركيا لاستكمال دراسته الجامعية هناك، لكن زفاف شقيقته كان في الثالث من أكتوبر الماضي، فقرر العودة من جديد لحضور زفاف شقيقته في القاهرة، وأثناء عودته تم إيقافه بميناء القاهرة البري، وأبلغ شقيقه بأن الشرطة اصطحبته، وسيخرج بعد قليل، ومنذ ذلك الحين لم يخرج محمد سعيد يوسف زاهر أو يعثر له على مكان.

"كعب داير" قطعه ذووه في رحلة البحث عنه بين جهاز مباحث الأمن الوطني بـ"لاظوغلي" في وسط القاهرة، وقسم شرطة النزهة، وتم شطب اسمه من على قائمة تذاكر السفر الخاصة بالطيران التركي، حين فقد جواز سفره واستخرج وثيقة رسمية للسفر خلال يومين، وتم توثيق حالة الاختفاء بتحرير محضر بذلك يحمل رقم 161 لسنة 2015، وتلغراف آخر مرسل للنائب العام تحت رقم (00900062)، ورغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على واقعة اختفائه، لازال الوضع حتى اليوم قاتمًا وغامضًا ولم يُستدل على مكانه بعد.

مصطفي محمود ماصوني، شاب يبلغ من العمر 26 عامًا، اعتاد أن يجلس مع أصحابه في وسط القاهرة بشارع قصر العيني يتسامرون معًا حتى الصباح، وفي إحدى تلك الليالي، توجه ماصوني لشراء طعام له وأصدقائه.. لكن لم يعد حتى الآن، بعد مرور أكثر من مائتي يوم على اختفائه، دون معلومة أو دليل واحد على مكان احتجازه.

تقول شقيقته إنه خلال رحلة بحثهم عنه في مقر الشركة الخاصة، التي كان يعمل بها، أكد لهم المدير أنه تلقى اتصالا هاتفيا من قبل أحد الأفراد للتأكد من عمله في الشركة، وأخبروهم حينذاك أنه في "أمن الدولة" للتحري عنه وسيخرج بعد ذلك.

وهناك في "لاظوغلي"، أخبرهم الجميع بأن شقيقها ليس عليه تهمة، والموضوع "مجرد وقت"، وسيخرج بعد أن تنتهي التحريات عنه، دون أن يرونه أو يلتقون به خلال تلك المدة، ومنذ عيد الأضحى حتى الآن اختفى ماصوني نهائيًا، ونفت وزارة الداخلية علمها بمكان احتجازه، مثلما حدث مع الحالات الأخرى المشابهة.

تقدمت شقيقته ببلاغ إلى النائب العام، يحمل رقم 19028 عرائض النائب العام، بعد بلاغ آخر لقسم شرطة القطامية، يحمل رقم 2886 إداري القطامية؛ للإبلاغ في واقعة اختفاء شقيقها منذ يونيو الماضي.

تضيف في حسرة: "كده أخويا بقاله 6 أشهر مختفي ومحبوس عندهم، ومش عاوزين يخرجوه، أو يعرفونا على الأقل مكان احتجازه، ولم تسجل ضده تهمة أو قضية، واسمه مش مسجل في أي قسم أو مشرحة أو مستشفى أو محضر نيابات وسجون".

أشرف شحاتة.. مصيره لازال مجهولًا

من جانبه تلقى المجلس القومي لحقوق الإنسان ردًا صباح اليوم من وزارة الداخلية، بوجود عدد من المختفين قسريًا لديهم محتجزين في السجون، ليعلن عن قائمة من المقبوض عليهم تصل إلى 121 اسمًا، وهم ضمن قائمة طويلة من المختفين خلال العامين الماضيين التي وثقها المجلس بإجمالي 191 حالة، لازال بينهم 70 حالة تعاني من مصير مجهول.

وبدوره أوضح ناصر أمين، عضو المجلس، أنهم لعبوا دورا كبيرا في ممارسة الضغط علي السلطات من أجل إجلاء مصير هؤلاء الأشخاص المحتجزين دون محاكمات، والمطالبة بالتحقيق في وقائع احتجازهم بدون وجه حق، وفي حالة ثبوت ذلك كما حدث في واقعة أشرف شحاته وآخرين، وإنكار أماكن وجودهم واحتجازهم لدى "الداخلية"، فإنه يجوز إقامة دعاوي قضائية والتقدم بهذه الشهادات أمام المحاكم والقضاء للمطالبة بالتعويض المالي ومقاضاة وزارة الداخلية وبعض ضباط الأمن الوطني المتهمين في وقائع الاحتجاز خارج إطار القانون.

وأوضح أمين في تصريحات خاصة أن أشرف شحاتة، عضو حزب الدستور، لازال في قائمة المختفين قسريًا، والاسم الذي ورد اليوم في القائمة التي أعلنتها "الداخلية" اُدرج بالخطأ، لسجين آخر محكوم عليه بالسجن 5 سنوات في قضية منشورات.

على خطى "إسلام عطيتو".. اختفاء طالب أزهري بأسيوط

وعلي غرار واقعة الطالب إسلام عطيتو، الذي لقي مصرعه بعد اختطافه من أمام مبنى كلية الهندسة بجامعة عين شمس، واحتجازه وتعذيبه وإلقاء جثته في الصحراء، ألقى أفراد من الأمن الإداري بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر بأسيوط، القبض على الطالب عبد التواب محمد توني، بعد انتهائه من امتحان آخر العام، وسلمته إلى الشرطة، ولم يظهر إلى الآن، ولم يعرض على النيابة، وقد تقدم مركز الحقانية للمحاماة والقانون، ببلاغ للنائب العام بالقاهرة، والمحامي العام بأسيوط، حول الواقعة للتحقيق فيها، وذلك في يوم 27 مايو الماضي، ولا جديد في القضية.

يقول محامي المركز، محمد عبدالعزيز، إنه تم ترحيل "توني" إلى مقر الأمن الوطني بالمنيا، فتقدم ببلاغ للنائب العام، وآخر للمحامى العام لنيابات شمال المنيا الكلية، يوم 31 مايو الماضي، دون جدوى، معقبًا: "قدمنا شكوى فى نيابة أسيوط وبلاغ باختفائه، لكن لم يرد علينا أحد، ولم يعرض على النيابة إلى الآن، فذهبنا إلى فرع الأمن الوطني في المنيا للسؤال عنه، فأخبرونا بأنه لا يوجد أحد عندهم بهذا الاسم، ونحن لا نعرف كيف نستدل عليه".

مدير "الحقانية": النظام يسير على خطى مبارك

في هذا الإطار، يؤكد المحامي الحقوقي محمد عبدالعزيز، مدير مركز الحقانية، أن النظام الحالي ينتهج سياسات الاختطاف والاختفاء القسري للطلاب المُشاركين في أي حراك، وينتهك كافة حقوق الإنسان المقرة على مستوى العالم، فخلال الشهرين الماضيين تم اختطاف عشرات من الطلاب على مستوى الجمهورية، واحتجازهم في أماكن وتحت ظروف غير معلومة، وظهور بعضهم بآثار تعذيب بعد فترات، واستشهاد بعض منهم مثل طالب هندسة عين شمس إسلام عطيتو والناشط السيناوي صبري الغول وأخرين.

بلاغ للنائب العام باختفاء أسرة بالغربية

نور الدين السيد محفوظ خليل، طالب جامعي بكلية الحقوق من أهالي مركز السنطة بمحافظة الغربية، وسبق أن عمل مساعد نفسي للاجئين السوريين لدى عدد من المنظمات الحقوقية.

تحكي عنه والدته أنه سبق أن تم اعتقاله ثلاثة شهور على خلفية قانون التظاهر في الذكرى الثالثة لإحياء الثورة، وفي فجر يوم الأحد 24 مايو2015، هاجمت قوات الأمن منزله بالغربية للقبض عليه دون إذن من النيابة، ولم تكتف قوات الأمن بالقبض عليه وحده، بل ضبطت والده "السيد محفوظ خليل"، ضابط جيش متقاعد، وشقيقه الأكبر "إسلام"، مدير مبيعات، بعد مقاومة ورفضهما لتسليم نور بدون إذن نيابة، وتم اقتيادهم لمكان غير معلوم بعد تغمية أعينهم.

أرسلت والدة "نور" عدة تلغرافات بالاختفاء القسرى للنائب العام في يوم 25 مايو لإثبات الواقعة، وبعد48 ساعة، أفرجت الداخلية عن نور، بعد ضغط حقوقى واسع، لكن دون والده وشقيقه.

مؤسس"ضحايا الاختفاء القسري": النظام يخطف النشطاء

من جانبه يقول إبرام لويس، مؤسس رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري، إنه من أجل الوقائع السابقة وغيره، أنشأ هذه الحملة، متهمًا النظام وقوات الداخلية بتنظيم "حملات اختطاف لتصفية النشطاء، في ظل تقاعس النيابة العامة عن ممارسة سلطاتها المخولة لها، بنص المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية، الذي يمنحها السلطة بالتفتيش علي أماكن الاحتجاز في السجون العامة والمركزية، للكشف عن المحتجزين بطريقة غير قانونية".

عمر جمال.. اختطف من نادي الطيران لجهة أمنية غير معلومة

"أخدوك من وسطنا يا عمر ويقولوا مخدناش حد، وديتوا أخويا فين".. كلمات مفعمة بالمرارة، قالتها سندس، شقيقة عمر جمال عبد الحافظ، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الهندسة، الذي اختطف يوم 2 يونيو الماضي من نادى الطيران، الكائن بحى مصر الجديدة، بواسطة 8 أشخاص يرتدون زي مدني، دون أن يظهرون هوياتهم، وأجبروه على استقلال ميكروباص، واقتادوه لجهة أمنية غير معلومة، مع العلم بأن الضابط الذي اعتقله، عرف نفسه على بوابات النادى بأنه النقيب أحمد من مباحث الزيتون، بحسب رواية شقيقته.

وبالبحث والسؤال داخل قسم شرطة الزيتون، نفى مأمور المركز وجوده بالقسم، وبالمثل الحال في قسم النزهة، كما أنكر قطاع الأمن الوطنى وجود عمر جمال، الذي لم يعرض على نيابة أو توجه إليه أى تهم حتي الآن.

تقول شقيقته لـ"التحرير"، إنهم "لفوا كعب داير" للبحث عن عمر، دون جدوى، وحين سألوا عنه داخل قسم شرطة الزيتون، قالوا لهم: "محدش خرج من عندنا متاخد من مصر الجديدة، شوفوه فى قسم النزهة، وبالفعل توجهنا لقسم النزهة، وقالوا مخدناش حد من نوادي، شوفوه في أمن الدولة، وفي مقر الأمن الوطني قالوا إحنا معندناش بنى آدمين أصلا ده مبنى إداري، عندنا ورق بس".

جهة سيادية وراء اختفاء مهندس البرمجيات

هاشم محمد السعيد عبد الخالق خطاب، الشهير بـ(هاشم خطاب) ويعمل مهندس برمجيات، وهو خريج كلية الحاسبات والمعلومات جامعة القاهرة 2013، اختطف يوم 31 مايو الماضي، بعد خروجه من العمل، وبعدها بيومين، اقتحمت قوات الأمن منزله فجرًا، وفتشت غرفته دون إذن نيابة.

"لحد دلوقتي مافيش أي معلومات عنه"..هكذا تحدث والده بعد مرور نحو 7 شهور على غياب ولده، مضيفا أنهم تقدموا ببلاغات لرئيس نيابة البدرشين، وآخر للنائب العام، بواقعة اختطافه واقتحام المنزل ولكن بلا فائدة.

كل يوم يخبرهم المحامون المتابعون لقضية "خطاب" باحتجازه في مكان مختلف، بداية من البدرشين وأبو النمرس، ومرورًا بمديرية الأمن العام في العباسية، وصولا إلى إخبارهم مؤخرا أنه محتجز داخل سجن في مدينة نصر، وهناك رفض ضباط القسم تحرير محضر لأهله بالاختفاء والاختطاف، تحت دعاوي أنه معتقل من جهات سيادية بحسب شهادة والده.

5 أشهر على اختفاء حارس عقار بمدينة نصر

وقائع الغياب والاختفاء الغامض لم تكن قاصرة على النشطاء وأصحاب التوجهات السياسية المعارضة فحسب، بل وصلت العشوائية والتخبط في القرار إلى وقوع أحد المواطنين البسطاء الذين يعملون في حراسة "عقار" بمدينة نصر ضحية الاختفاء القسري، دون ذنب أو اتهام، باستثناء بحثه عن "لقمة العيش" التي تكفيه ولأولاده وزوجته .

عم هاني محمد عبدالستار، يعمل حارس عقار في أحد العقارات بحي مدينة نصر ويوجد ضمن العقار شقة خاصة بخدمات الكمبيوتر، وفي يوم 10 أغسطس الماضي صعد لينظف الشقة كعادته اليومية ولكنه فوجئ بعدد من قوات الأمن تقتحم عليه الشقة وتلقي القبض على كل المتواجدين بها بمن فيهم حارس العقار .

توجهت زوجته إلى قسمي شرطة مدينة نصر أول وثان وفي مقر الأمن الوطني بالحي السابع، للبحث عنه دون جدوى وتقدمت ببلاغ للنائب العام يحمل رقم 14614 لسنة 2015 عرائض النائب العام، فضلا عن الإستغاثات العديدة والتلغرافات التي أرسلتها لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء .

المفارقة هنا أنه بعد مرور شهرين على واقعة الإختفاء الغامضة ظهر أصحاب الشركة التي كان يقوم "هاني عبدالستار" بتنظيفها وأخبروا ذويه بأنه لقي مصرعه في "لاظوغلي" بعد يومين من اختطافهم من أثر التعذيب .

هنا ذهب أهله إلى مشرحة زينهم لإستلام جثته فلم يعثروا عليه أو يجدوا اسمه في كشوف المرضى بالمستشفيات الواقعة في محيط مدينة نصر وما زال البحث جاريًا عنه حتى الآن .

كواليس رحلة الاختفاء من الغياب إلى المحاكمة

بعد رحلة بحث شاقة استغرقت أكثر من أسبوعين، قام بها محرر "التحرير"، بمرافقة بعض أهالي المتغيبين والمختطفين وبعض الحقوقيين عبر السجون والأقسام ومديريات الأمن وبعض مقرات الأمن الوطني في محافظات القاهرة والقليوبية والجيزة والغربية، توصلنا إلى أن الأمر أشبه ما يكون بعمليات الخطف الممنهجة.

وعن رحلة المخفين قسريًا، من الاختفاء إلي باب السجن، أو العودة إلي الظهور مجددا في إحدى النيابات بعد شهور وسنوات من الغياب، يقول المحامي الحقوقي محمد الباقر، مسئول الحريات بحزب "مصر القوية"، وأحد المسئولين عن الملف، أنه في معظم الأحوال يتم اقتياد المختطفين إلي مكان خارج عن إطار القانون، ولا تستطيع سلطة في مصر دخوله أو الإقتراب منه، وتحدث بداخله جريمة الاحتجاز غير القانوني كاملة، بالتعاون بين أجهزة الداخلية على رأسها "الأمن الوطني"، "أمن الدولة سابقا"، من ممارسة عمليات (خطف، تدمير ممتلكات، تغمية العين، ربط اليدين من الخلف، إهانة لفظية، تعذيب بدني، احتجاز في عنابر الخطف، واستجوابات وانتزاع اعترافات تحت الإكراه والتهديد، وتلفيق التهم).

وهذا هو حال الكثير من (المحتجزين، المختطفين) الذين لا نعلم عنهم شئ حتى الان بالمقرات السوداء بحسب توصيفه، في سلخانات وقبور أمن الدولة ومديريات الأمن، والنيابة العامة ترفع شعار (لا نرى، لا نسمع، لا نتكلم).

مدير "القاهرة لحقوق الإنسان": عودة "زوار الفجر" والاحتجاز دون وجه حق

المحامي الحقوقي بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، أكد لـ"التحرير"، أن حملة الاعتقال العشوائي الأخيرة والاختفاء القسري بين المواطنين، تتنافى مع ما جاء في مواد الدستور ضمن نصوص المادة 54، التي تلزم جهاز الأمن بإبلاغ المحتجز فورًا بأسباب احتجازه، و حق إبلاغ محاميه أو أسرته، وتحويله لجهة التحقيق خلال 24 ساعة، لكن العشوائية التي تم بها القبض علي هؤلاء الشباب لا تدل إلا على عودة ظاهرة زوار الفجر- التي كانت سائدة خلال نظام مبارك البائد-  بقوة قبل أيام من ذكرى ثورة 25 يناير.

تابع حسن: "الاختفاء القسري يُشكل جريمة ضد الإنسانية، كما أن التزامات مصر الدولية تُلزمها بمنع جريمة مثل جريمة الاختفاء القسري وعدم ترك مرتكبيها يفلتون من العقاب والمحاسبة علي جرائمهم في حق الوطن والمواطنين".

المحامي محمد زارع: 60 حالة اختفاء قسري وتصفية في عهد مبارك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل