المحتوى الرئيسى

بالإخلاء القسري.. هل يُكرر بوتين سيناريو الشيشان في سوريا؟

01/18 14:05

بعد 114 يوما من الاحتلال الروسي سوريا، انكشفت نوايا الدب تجاه الشعب السوري، خصوصا بعد أن ازدادت مجازره ضد المدنيين بهدف تهجيرهم مثلما فعل في الشيشان قبل سنوات.

السياسة الانتقامية الروسية حسبما وصفها الخبراء، لم تتغير، فالعقيدة العسكرية الروسية لا تعرف "الرحمة"، ولاتفرق بين مدني أو عسكري، وهو ما كشفته الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الروس ضد المدنيين في سوريا، والتي أسفطت آلاف القتلى والجرحى.

فموسكو التي تعمدت خلال غاراتها الجوية استهداف للمدنيين تسعى إلى تطبيق خطة "تهجير السكان"، مثلما فعلت قبل أعوام في الشيشان، حيث أجبرت المدنيين على مغادرة المناطق التي يقيمون فيها بترهيبهم من المجازر الوحشية، وذلك بعد فشلها في التغلب على المقاتلين الشيشان بالقوات البرية.

ومنذ أن وطأ بوتين قدمه سوريا قبل أربعة أشهر، لم تتوقف المجازر اليومية، وازداد حصار المدن، وهرب آلاف السكان تاركين ديارهم، خاصة من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المعتدلة.

وكثّفت المقاتلات الروسية غاراتها الجوية في أكتوبر الماضي على محافظات إدلب وحماة وحمص فضلاً عن شمال محافظة حلب، وبدأت بعد منتصف الشهر نفسه، باستهداف المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة جنوبي إدلب وجنوبي وشمالي حلب، ومنطقة جبل التركمان "بايربوجاق" ذات الغالبية التركمانية في ريف محافظة اللاذقية، شمال غربي سوريا.

الدكتور عماد الدين المصبح المعارض السياسي السوري قال: للأسف هناك حراك ديموجرافي خطير في سوريا والمنطقة، والعرب صامتون إزاءه، مضيفا :"هناك عملية تهجير داخلية تتم تحت وقع القصف والتجويع أو حتى من خلال عقد الصفقات لتبادل ديموجرافي على قواعد طائفية، وهناك تهجير عبر الحدود إلى أوروبا وتركيا والأمريكيتين وأستراليا.

وأوضح المعارض السوري لـ"مصر العربية" أن المتأثرون بشدة من هذه العملية هم العرب السوريون السنة والآشوريون والسيريان، وهم من أهم مكونات الشعب السوري عددياً وحضارياً وإنسانياً، قائلا: "الشيعة يفعلون الأعاجيب بالعرب السنة في سوريا والعراق. "قتل ممنهج وتهجير وإعادة رسم للخارطة الديموجرافية لتطويب إيران حاكمة على الإقليم.

وتابع: "الأكراد أيضاً يمارسون عمليات تهجير بشعة ومدانة ضد الآشوريين والسيريان في سوريا (بخلاف العراق) بالإضافة إلى العرب السنة في الجزيرة السورية مما يتيح لهم بسط نفوذهم العددي مايبرر لهم المطالبة بالاستقلال الناجز أو على الطريقة الكردستانية العراقية.

في حين قال المحلل السياسي السوري عمر الحبال: "لا يمكن مقارنة الشيشان وماحصل فيها بسوريا وما يحدث فيها، الشيشان دولة صغيرة جدا لايتعدى عدد سكانها مليون وربع، وعندما اجتاحتها روسيا ( الاتحاد السوفييتي ) بالمقارنة مع سوريا التي تعدى عدد سكانها 25 مليون، رغم نزوح نصف السكان، إضافة إلى أنها دولة حدودية  بالنسبة لروسيا يسهل دخولها وزج قوات بشرية ومعدات عسكرية بسهولة وسرعة لاتتوفر لهم في سوريا.

وأضاف لـ"مصر العربية" أن سوريا أيضا اليوم تجذرت فيها الثورة واستوطنت، وخرج أكثر من 85% من الأرض والحدود عن سيطرة عصابات النظام، الذي فشلت كل قوات حزب الله وايران والعراق في حمايته وأتت روسيا بقواتها الجوية معتمدة على وهم أن الأسد فقد قدراته الجوية والصاروخية، لكنها اليوم فهمت أنه ينقصه جيش وشعب ليدافع عنه ويحميه، وهذا لم يعد موجودا، وروسيا لن تستطيع أن توفر له ما وفرته للشيشيان لأسباب لوجستية أولا واقتصادية وسياسية ثانيًا.

وتابع: هنا نجد أن روسيا هي الأكثر اهتماما للخروج بشيء من الحلول السياسية، وطبعا لازالت تتصنع وتكابر أنها قادرة على الاستمرار بعملياتها الهمجية في قصف المدنيين لتهجيرهم رغم أن المتواجدين في تلك المناطق منتشرون على عشرات آلاف المواقع في الأرياف والبساتين وقرى صغيرة.

إضافة لوجود حوالي مليون شاب حاملين للسلاح، في حين، لم يتجاوز حاملي السلاح في الشيشان 10 آلاف مسلح، طبعا ليس كلهم منضوين ضمن فصائل مسلحة، لكن نجدهم يحملون سلاحهم عند كل هجوم يستهدف مناطقهم وينضمون إلى الكتائب العاملة في منطقتهم ليتم إفشال كل الهجمات البرية حتى الآن.

وتابع: تتمكن عصابات الأسد وميليشيات إيران من الاستيلاء على مدينة سلمى ليس إلا استيلاء مؤقت بسبب كثافة نارية قد تكون الأكبر من نوعها في حروب العصر الحديث يستهدف قرية صغيرة تسمى سلمى، ولايزال الثوار يستهدفونها يوميا لعدم وجود قوة بشرية لتمسك بالأرض لدى مؤيدي الأسد الذين همهم الأول النهب والسرقة والقتل دون قتال.

وأضاف: "كما أن مساحة سوريا والتوزيع السكاني عليها كبير جدا ويتعدى 7 آلاف قرية تغطي أكثر من 80% من مساحة سوريا التي تبلغ مساحتها أكثر من 180 ألف كيلو متر مربع مقابل مساحة الشيشان التي تقل عن 20 ألف كيلومتر مربع ولاتبعد عن موسكو بأكثر من 1500 كيلومتر.

وأنهى الحبال كلامه، "كل تلك المفارقات توضح الفرق الشاسع بين سوريا والشيشان التي طبق الاتحاد السوفييتي عليها نفس وسيلة الأرض المحروقة، لكن الفشل الروسي واضح بعد قرابة 4 أشهر، قامت بها القوات الروسية بأكثر من 12 ألف غارة جوية عدا آلاف القذائف الصاروخية من البوارج وماوراء البحار وعلى الأرض من رجمات الصواريخ الحديثة التي ستفشل مقابل شعب يصر على الصمود والقتال بمعنويات أسطورية لاتخطئها عين متابع أو مراقب لما يحدث على أرض سوريا الثائرة.

يذكر أن الروس ارتكبو جرائم حرب وإبادة جماعية في الشيشان في الحرب الأخيرة والتي اندلعت بين الجانبين في الفترة مابين 1994 و1996. وذلك بعد إعلان الشيشان استقلالها عقب تفكك الاتحاد السوفيتي، وتمكن خلالها المقاتلون الشيشان من إلحاق هزيمة برية كبيرة بروسيا، أعقبه توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الطرفين، إلا أن روسيا التي كانت راضية عن الاستقلال، قامت باحتلال هذه الجمهورية المتمتعة بالحكم الذاتي، عام 1999، وأدخلت قواتها الجوية إلى الحرب.

ووفقاً لمصادر متعددة، فإن القوات الروسية شنّت نحو ألف و700 غارة جوية على العاصمة الشيشانية جروزني والمناطق المحيطة بها، خلال الفترة ما بين نهاية أغسطس ونهاية سبتمبر من عام 1999، وتواصلت الغارات التي استخدمت القنابل العنقودية، نحو ستة أشهر، قُتل جراءها مئات المدنيين واضطر نحو مئة ألف للنزوح عن المناطق التي كانوا يقيمون فيها. وهو الأمر الذي يتبعه بوتين في سوريا.

وكانت الهجمات الروسية ضد المدنيين الشيشان، تهدف لتشكيل ضغط نفسي وجسدي على الشعب، ليقطع دعمه عن المقاتلين المحليين، وعند فشلها في تحقيق ذلك، أجبرت روسيا الناس على الهجرة من مناطقهم.

وفي سوريا، استهدفت المقاتلات الروسية المدنيين في حلب وإدلب والاذقية والريف، مسنهدفة الأحياء والمناطق السكنية الخاضعة تحت سيطرة المعارضة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل