المحتوى الرئيسى

محمود خليفة يكتب: يكاد الصنم أن يتهاوى (2 – 3) | ساسة بوست

01/18 12:57

منذ 2 دقيقتين، 18 يناير,2016

تحدثنا في الجزء الأول من المقال عن أصل عبادة الأصنام منذ زمن سيدنا نوح عليه السلام، ومررنا بصنم السامري أيام سيدنا موسى عليه السلام، وأصنام الجاهلية قبل الإسلام، وأصنام المسلمين والتي تمثلت في الأضرحة والمشاهد ومنها صنم الحسين، وصنم العلمانية في تركيا وكمال أتاتورك (الرجل الصنم).

والآن ندلف إلى أهم الأصنام الشهيرة في القرن العشرين:

صنم ماوتسي تونج وثورته الثقافية:

في 16 مايو 1966، حذر الزعيم الصيني ماو تسي تونغ ممن أسماهم بممثليّ البورجوازية قد اخترقوا الحزب الشيوعي، وأتبع تحذيره بتدشين ثورة البروليتاريا الثقافية الكبرى…

وكان إعلانًا مزّق المجتمع الصيني كما تقول موسوعة ويكيبيديا الشهيرة.

دعا الرئيس ماو الشباب بعد الإعلان عن ثورته الثقافية أن يقوموا بالانقلاب على الزعامة الشيوعية في البلاد. واستجاب لدعوته ألوف الشباب الذين عُرفوا فيما بعد باسم الحرس الأحمر وبعدها لحق بهم العمال والجنود كما يقول الأستاذ عبد الرحمن النجار في مقاله المترجم في ساسة بوست بعنوان “كيف كانت الثورة الثقافية؟” في 27/6/2014.

وغرقت الصين في الفوضى التي راح ضحيتها مئات الألوف، وجرى تعذيب الملايين، وتخريب جانب كبير من تراث الصين الثقافي!

وبإشارة من الصنم ماو، تحرك الطلبة بسرعة من مهاجمة مدرسيهم ومسئولي مدارسهم إلى مهاجمة البيروقراطية المحلية؛ فتم جّر المسئولين المكروهين في المدن (كان معظم المسئولين مكروهين) من داخل مكاتبهم وعُرِضُوا في مواكب في الشوارع يرتدون برانيط للأغبياء أو يافطات معلقة حول رقابهم وأرغموا على الاعتراف “بجرائمهم” في محاكمات شعبية.

يقول الأستاذ عبد الرحمن النجار في المقال السابق:

“كانت أولى الأماكن التي استهدفها الحرس الأحمر هي المعابد البوذية والكنائس والمساجد، كما جرى إحراق النصوص المقدسة والتماثيل الدينية وغيرها من التحف. فقد كان يتم استهداف أي معلم يقترن بحقبة ما قبل الثورة”[1]…

وامتد الإرهاب ليشمل أهدافًا أوسع وأوسع. تم تحطيم كل شيء يمكن اعتباره “برجوازيا” أو “إقطاعيا”، وتم حرق المكتبات ونهبت المعابد والمتاحف التي كانت تحتوى على أعمال لا تقدر بثمن، وأصبح أي شخص تعلم في الغرب أو عاش جزءًا من حياته في الغرب (هدفًا للنضال)!

أفراد من الجيش الشعبي الأحمر يرددون بعضًا من تعاليم ماو تسي تونغ من الكتاب الأحمر

إهانة المثقفين في الشوارع (الجزيرة نت)

إهانة المثقفين كانت تجري لأتفه الأسباب (الجزيرة نت)

ولم يكتفِ ماو بذلك، بل جعل الشعب الصيني يعبده ويسجد لصورته!

“وأخذت عبادة ماو تمتد إلى درجات قصوى لم تشهدها حتى روسيا ستالين. لقد كان ماو يوصف بأنه “الشمس الحمراء في قلوبنا” واعتبرت عدم القدرة على تسميع مختارات من كتاب ماو “الكتاب الأحمر الصغير” دليلًا على عدم الولاء. وكان ينتظر من كل أسرة أن تبدأ يومها بالانحناء أمام صورة ماو، بالضبط كما كانوا ينحنون أمام آلهة الأسرة”[2]… كما تقول موسوعة ويكيبيديا.

وانداحت الفوضى في أرجاء الصين، واستفحلت العصابات التي تقتل بالشبهة، وكان يوجد في مدينة ووهان في وسط الصين على الأقل 54 من تلك العصابات، ولقد أسفرت إحدى المعارك عن مقتل 250 شخصًا وإصابة 1500 على الأقل!

وفي حرم جامعة قنجهوا العريقة ببكين، وقعت المعارك واستخدمت فيها قذائف الهاون والقنابل المصنعة منزليًّا. وفي مدينة تشانجشا، لجأت مجموعة فشلت في إخراج أعدائها من مبنى بوسط المدينة إلى استخدام الصواريخ المضادة للطائرات لإخراجهم.

لم ينسفوا أعداءهم فقط بل نسفوا المبنى كله!

وبحلول أواخر 1966 وصلت الفوضى إلى درجة اضطر ماو معها إلى تهدئة الحركة. واتضح أن هذا مستحيل – لقد خرج الموقف تمامًا عن سيطرته…

وبحلول صيف 1967 كانت أجزاء كبيرة من الصين تتجه بسرعة نحو حرب أهلية شاملة. كان هناك تقارير كثيرة عن مصرع بائعي خضراوات أبرياء بطلقات عشوائية، بينما ثبت الناس نوافذهم من الداخل بالملصقات ليحولوا دون تحطيمها لأن المدينة كانت تهتز بالانفجارات وبإطلاق النار. وفي أثناء الليل كانت الدنيا تضاء تمامًا ثم تظلم مع سقوط الصواريخ!

وبنهاية عام 1968 كانت الثورة الثقافية قد جعلت الصين على شفا حرب أهلية، كان رد فعل الدولة زيادة القمع!

مع نهاية 1968، بدأت ترحيلات جماعية للشباب إلى الريف في محاولة لكسر الحرس الأحمر بناءً على أوامر ماو؛ وأدت هذه الترحيلات الفرصة الذهبية للمسئولين المحليين – العائدين الآن إلى مراكزهم بعد أن أُهِينوا – للانتقام من معذبيهم…

“كان هناك ما هو أسوأ من الترحيل؛ ففي مقاطعة جوانكس الجنوبية أدى القمع إلى موت حوالي 100 ألف وتحطم معظم المدينة التي تدعى ووزهو. ووقعت مذابح مماثلة في عدد من المقاطعات الأخرى خاصة في جواندونج ووسط منغوليا”[3]…

تم إنهاء الثورة الثقافية رسميًّا في المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني 1969. ولكن استمرت اضطرابات خطيرة لفترة من الوقت ولم تعد الطبقة الحاكمة سيطرتها الكاملة إلا في 1971.

“بانحسار حدة العنف في الشوارع، تمحورت الثورة الثقافية في السنوات الست أو السبع التالية حول الصراع على السلطة بين قيادات الحزب الشيوعي. بحلول 1971، شن ماو ونائبه، لين بياو، محاولات اغتيال متبادلة.

وقد حاول بياو الفرار هو وأسرته إلى الاتحاد السوفياتي، إلا أن طائرته تحطمت، حيث يعتقد أن مسئولين صينيين أو سوفييتًا قد أسقطوها”[4]…

“بحلول منتصف السبعينيات تم ترحيل ما يقرب من 17 مليون شخص (أي حوالي 10% من تعداد سكان المدن) إلى الريف” كما تقول موسوعة ويكيبيديا.

وبتقدم ماو في العمر وتدهور حالته الصحية، سيطرت زوجته وثلاثة من المقربين منها سموا وقتها “عصابة الأربعة” على وسائل الإعلام الصينية، وبدأت بتوجيهها لشن حملات تشويه ضد المعتدلين في البلاد كما يقول الأستاذ عبد الرحمن النجار في المقال السابق.

جيانج كينج (زوجة ماو تسي تونج)، التي كانت عضوًا قياديًا في الحزب، والمقربون لها تشانج تشون تشياو وياو ون يوان ووانج هونج ون، وسيطرت عصابة الأربعة بشكل فعال على أجهزة السلطة في الحزب الشيوعي الصيني خلال المراحل الأخيرة من الثورة الثقافية[5]…

نتائج الثورة الثقافية وعبادة الصنم ماو:

في أربعة أعوام، لم يتخرج طالب واحد حيث قضى معظم الصينيين في فترة الثورة الثقافية في زراعة الأرز وتنظيف الشوارع!

لقد وصلت كارثة الثورة الثقافية أن يقوم الابن بقتل أمه رميًا بالرصاص لأنها من مزقت وأحرقت صورة ماو كما حدث مع زهانغ هونغبينغ[6]…

4- ترهل جهاز الدولة الإداري.

5- صراع الطبقة الحاكمة على الحكم وتحطيم الصنم ماو:

“كان زاو إن لاي يجادل بأن الحل الوحيد يكمن في فتح الاقتصاد للرأسمالية الغربية – وبالذات الولايات المتحدة واليابان – للحصول على التكنولوجيا والمصانع المتقدمة. مثل تلك الإستراتيجية كانت حتمًا ستثير معارضة هؤلاء الذين وصلوا للسلطة أثناء الثورة الثقافية.

وشهدت الأعوام الستة التالية سلسلة من النزاعات المعقدة والعنيفة بين الفرق؛ حيث كانت كل مجموعة تسابق من أجل الحصول على ميزة مؤقتة ضد الأخريات. تم قتل لين بياو، الخليفة الذي اختاره ماو مع أفراد من أسرته.

صعد دينج زياو بينج للسلطة، تم خلعه، ثم عاد مرة أخرى.

إلا أنه لم يأت المَخرَج الحاسم من هذه الحلقة من داخل الطبقة الحاكمة بل من انتفاضة في الشوارع كانت أهم تحدٍ للنظام منذ تأسيسه – انتفاضة ميدان السلام السماوي – في إبريل 1976 عندما شارك في بكين وحدها أكثر من 100 ألف شخص في معارك نزالية مع البوليس وقوات المليشيات والجيش”[7]…

6- وفاة ماو في سبتمبر 1976، والانقضاض بعد شهر من وفاته على عصابة الأربعة (زوجة ماو وثلاثة من معاوني ماو):

والعجيب أن أفراد عصابة الأربعة أدينوا بأنهم كانوا عملاء للرأسمالية!

7- وبموت ماو واعتقال أقرب مؤيديه، أصبح المسرح خاليًا أمام “فرقة  التحديث” بقيادة دينج زياو بنج لفرض سيطرتهم على الطبقة الحاكمة ككل.

“وبحلول عام 1978 كان دينج قد أزال المعارضة الفعالة المتبقية وبدأ بطريقة منظمة في هدم إستراتيجية ماو الاقتصادية. وقد تم التخلي عن اقتصاد الحصار في مصلحة الانفتاح على الرأسمالية الغربية واليابانية وتطوير (اشتراكية السوق) بوصفها الطريق الوحيد لجذب الصين خارج الركود والفقر اللذين خلفهما ماو”[8]…

محاكمة عصابة الأربعة في عام 1980

8- في عام 1980، حوكمت عصابة الأربعة وعصابة لين بيانو في محاكمة متلفزة على الهواء مباشرة، وأدين المتهمون العشرة باضطهاد 727420 شخصًا وقتل 34284 فردًا، وحُكِم بالإعدام على “جيانج تشينج” زوجة ماو تسي تونغ، وتشانج تشن شياو “حاكم شنغهاي”، وعدل الحكم بعد ذلك إلى السجن مدى الحياة. وحُكِم على هونج ون “نائب رئيس الحزب السابق” بالسجن مدى الحياة أيضًا. وعوقب وان ون يوان بالسجن عشرين عامًا. وتراوحت أحكام بالسجن ما بين 16 و18 عامًا لكل من تشن بودا سكرتير ماو وكبار القادة العسكريين (أعضاء عصابة لين بياو).

انتحرت زوجة ماو في عام 1991 وهي في سجنها[9].

[1] انظر إلى مقالة “كيف كانت الثورة الثقافية” الأستاذ عبد الرحمن النجار في ساسة بوست وهذا هو رابطه:

[2] انظر إلى موسوعة ويكيبيديا “الثورة الثقافية”.

[3] انظر إلى موسوعة ويكيبيديا “الثورة الثقافية”.

[4] انظر إلى مقال الأستاذ عبد الرحمن النجار في ساسة بوست: “كيف كانت الثورة الثقافية”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل