المحتوى الرئيسى

عبد السلام المرخي يكتب: الذكرى الخامسة للثورة، موعد نحييه أم نرثيه؟ | ساسة بوست

01/17 11:22

منذ 3 دقائق، 17 يناير,2016

يناير العظيم هكذا، هو عند الشعب التونسي خاصة وعند الشعوب العربية عامة، في مثل هذا اليوم 14 يناير منذ خمس سنوات، هرب من قال “فهمتكم” لشعبه بعد فوات الأوان، يوم قلب الموازين في البلاد والمنطقة العربية برمتها، فهو اليوم الذي أرسل رياحه نشرًا لميدان التحرير في القاهرة، وهو الذي رسم صورة ميدان بنغازي يغتص برافضي حكم “القذافي”، وهو أيضًا من جعل من ساحة التحرير في صنعاء تصرخ ضد “علي عبد الله صالح”، دون أن ننسى طبعًا حماة و درعا وإشعال فتيل ثورة لم تنطفئ إلى اليوم بسوريا.

هكذا كان أثر هذا اليوم الذي يعتبره الجميع يوم تغيير في العالم، بغض النظر عن اتجاه هذا التغيير نحو السلب والإيجاب، فلهذا اليوم وقف البرلمان الأمريكي تحية لما قام به شعب تونس، وله صيغت ديباجات الإطراء من طرف الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، وبه أصبح اسم تونس محفورًا في أذهان الجميع، وتحول على إثره اسمها من “ثورة الحرية والكرامة” إلى “ثورة الياسمين”.

تتعدد أوجه النظر اليوم في تونس تجاه هذا اليوم، حيث يراه أبناء الثورة يومًا مقدسًا يحتفلون به مع كل عام، ويرى بعضهم الآخر أنه يوم انقلاب على سلطة الشعب وعلى ما بدأ فيه “البوعزيزي”، أما الساسة فهم يحيونه دائمًا، لأنه هو اليوم الذي ولدهم من جديد وهو الذي فتح أمامهم الطريق لحكم البلاد، ويرى شق كبير من عامة الشعب أن هذا اليوم نكسة على البلاد بسبب غلاء المعيشة وتردي الأوضاع الاجتماعية بها.

اختلاف الآراء لا محالة لا يمنع هذا اليوم من قيمته الاعتبارية عند أكثر التونسيين، لكن بعد ما وصلت إليه البلاد اليوم من استنساخ للنظام الذي أسقطه 14 يناير وعودة الأوضاع تقريبًا لما كانت عليه سياسيًا وحتى اجتماعيا واقتصاديا مع بعض التغييرات طبعًا، فإن شباب “ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية” لا “ثورة الياسمين”، يرى أن هذا اليوم أصبح مجرد ذكرى ميتة في عروقهم، فاليوم الثورة صارت بيد الشيوخ، ورجل في التسعين يحكم البلاد دون أن نتغافل أن من سقطوا في هذا اليوم هم الذين يتحكمون في البرلمان الآن بأغلبية أعطاها إياهم الصندوق.

فكيف نحتفل بهذا اليوم في هذه السنة، فالميت نرثيه في عزائه لا نرقص له، هكذا لسان حال شباب تونس بعد خمس سنوات من ثورتهم المجيدة، ثورة أبهرت العالم وأسكتت الديكتاتورية، ولكن أنفاسها كانت أقل من قاتليها على الأقل إلى اليوم، حال البطالة لم يتغير بل في ازدياد، شعب مهمش في كل مكان، اغتيالات وتفجيرات وقطع رؤوس الفقراء في كل لحظة، ساسة لا يعرفون شعبهم، حكومات تتغير، والشيوخ هم من تحكمون في مصير شباب البلاد.

هكذا حال تونس بعد خمس سنوات من سقوط نظام بن علي، بلاد تترنح في منزلة ما بين المنزلتين، بين دولة الشعب وشعب الدولة، بين شباب يختارون مصيرهم وأناس يرسمون لهم طريقهم كما يريدون، هذا كله يجعلنا نتساءل بحرقة كبيرة، أنحيي هذا اليوم أم نرثيه؟

لكن قبل الختام أردت أن أهدي شباب يناير في تونس وشباب دول الربيع الثائرين وشباب الدول التي ستثور يومًا، أهدي لكل صديق صاح معي في شوارع البلاد والبوليس يحيط بنا، كل أخ أو رفيق سهر الليالي لحماية بيته ومدينته، كل صوت هتف للثورة وكل دمعة سُكبت فرحة أو لوعة، وخاصة كل قطرة دم سُفكت وكل روح شهيد طاهرة رُفعت للسماء، أهديهم ما قاله “درويش” ذات قصيدة:

“يا صديقي!… أرضنا ليست بعاقر

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل