المحتوى الرئيسى

إسلام ماهر يكتب: الخِلافَة الرَّاشِدَة | ساسة بوست

01/16 16:38

منذ 3 دقائق، 16 يناير,2016

بوَفاة النَّبي بدأت مَرْحَلَة جَديد في تاريخ الأُمَّة وإن كانت اِمْتِدادًا حَقيقيًّا لمَرْحَلَة النُّبُوَّة (اقرأ إن شِئت)؛ تلك هي الخِلافَة الرَّاشِدَة، والَّتي اِسْتمرَّت ثَلاثين سَنة كما أخبر رَسول الله –صلى الله عليه وسلم-([1]). وأوَّل ما يَسْتَرْعى اِهْتِمامنا هو الطَّريقَة الَّتي اُختير بها الخُلفاء، أو بالأَحْرى الأساس الَّذي تقوم عليه طَريقَة الاِخْتيار، لأن الطَّريقَة قد تختلف – وهو ما حَدَث بالفِعْل – ويكون الأساس واحِد لم يتغيَّر، فالخَليفَة الأوَّل أبو بَكر الصِّدِّيق – رَضي الله عنه – أجْمَع أهل الحَل والعَقْد مِن المُهاجِرين والأنصار في سَقيفَة بَني ساعدة على اِخْتياره، والخَليفَة الثَّاني عُمَر بن الخَطَّاب – رَضي الله عنه – اختير قبل وَفاة أبي بَكر ليكون خَليفَة له؛ بمُوافَقة مِن أهل الحَل والعَقْد، وقبل وَفاته ألَّف عُمَر مَجلِس شُورى مِن كِبار الصَّحابَة لاِخْتيار خَليفَة له؛ اِنْتهى إلى اِخْتيار عُثْمان بن عَفَّان – رَضي الله عنه – ليكون ثالِث الخُلفاء الرَّاشِدين، وبعد اِسْتِشْهاد ذي النُّورين كانت الآراء مُجْمِعَة على اِسْتِحقاق علي بن أبي طالِب – رَضي الله عنه – بالخِلافَة؛ بما في ذلك طَلحَة بن عُبيد الله والزُّبير بن العَوَّام ومُعاويَة بن أبي سُفيان – رَضي الله عنهم أجمعين -، إلَّا أن مُبايَعتهم لعَلي لم تتم بسبب الخِلاف([2]) حول “الأَولويَّات”، فهُم رأوا أن البَيْعَة لا تتم قبل القِصاص مِن قَتَلة عُثْمان، وعَلي رأي أن القِصاص يستلزِم أوَّلاً تَوْحيد صُفوف المُسلِمين وإحْكام السَّيطرة على البِلاد؛ إذ كيف يُمكن القِصاص مِن قَتَلة عُثْمان ولكُل واحِد مِنهم قَبيلة يحتمي فيها، وفي أوضاع مُضْطرِبَة كالَّتي كانت عليها البِلاد؟!

كما نَلْمَح أن كُل خَليفَة مِن الخُلفاء المَهْديين قد لَعِب – وَفْق المِنهاج النَّبوي – الدَّوْر التَّاريخي الأمثل الَّذي يُحقِّق به الخَير للأُمَّة الإسْلاميَّة ، فقام أبو بَكر بتَثبيت أركان الدَّوْلَة النَّاشِئة بعد الاِضْطِرابات الَّتي حَدَثت عَقْب وَفاة النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقام الفاروق عُمَر بتَرسيخ مَفاهيم الحُكْم والعَدالَة في الدَّوْلَة والبَدء في الفُتوحات، وفي عَهد عُثْمان جُمِع القُرْآن الكَريم([3]) وتوسَّعت الفُتوحات الإسْلاميَّة. أمَّا علي فقد خاض المَعارِك في فَتْرَة خِلافته مَدفوعًا بأحداث الفِتْنَة، إلى أن قَتَله أحد الخَوارِج بعد مَعْركَة النَّهْروان.

لسنا نقصُد بالطَّبع أن نحصُر إنجازات الخُلفاء الرَّاشِدين في تلك السُّطور، وكذلك لا يتَّسع المَجال للحَديث عن فضائل الخُلفاء أنفسهم، ولا عن الأُصول الَّتي قامت عليها الخِلافَة الَّتي وَصَفها النَّبي بأنَّها على مِنهاجه الشَّريف؛ غاية ما نُريد هو أن نتتبَّع المَرْحَلَة تِلْو المَرْحَلَة في إيجاز شَديد، لنَعرِف كيف صار المُسلِمون مِن القُوَّة والعِزَّة إلى الضَّعف والذُّل، ومِن ثَم نُصْلِح على بيِّنَة مِن الأمر وبَصيرَة.

([1]) قال رَسول الله: الخِلافة ثَلاثون سَنَة، ثُم تكون بعد ذلك مُلْكًا. (السِّلْسِلَة الصَّحيحة، 459)

([2]) يرى أهل السُّنَّة والجَماعَة أنَّهم اِجْتَهَدوا وأخطأوا فلهم أجر، وعَلي اِجْتَهَد وأصاب فله أجران.

([3]) ليس حِفْظًا للكِتاب – الَّذي هو مَحفوظ بحِفْظ الله – بقدر ما كان حِفاظًا على المُسلِمين مِن التَّفرُّق والتَّحزُّب الَّذي قد يحدُث إذا تعدَّدت الرِّوايات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل