المحتوى الرئيسى

علي الهلباوي: تجربتي مع السبكي ليست للشهرة.. ومن يحرم الإنشاد الصوفي مختل

01/16 03:27

تجلى في عشق الإله؛ فترنح سامعيه على طربه عندما قال، "نسيم الوصل هب على الندامى .. فأسكرهم وماشربوا مدامى .. فمالت منهم الأعناق شوقاً.. لأن قلوبهم ملئت غراما"، وتغزل في حب النبي، فأنست الآذان بقوله،" قسماً بنور المصطفى وجماله.. لم يخلق الرحمن مثل صفاته".

العفة كانت منهجة في وصف الحبيب، فتغنى"قل للمليحة"، وعندما زادت في دلالها أرسل لها "مرسال لحببتي".. أنه المشد الشاب علي الهلباوي.

كانت لنشأة الهلباوي دوراً كبيراً في إثراء حياته الفكرية والفنية؛ فوالده هو المبتهل الراحل محمد الهلباوي، ما جعله يحظى بمجالسة أعلام الإنشاد في مصر، والتعلم علي يديهم.

وجاءت بدايته الفنية بتقديم مشروع فني مشترك مع المرنم ماهر فايز؛ يهدف إلى إحياء التراث الصوفي والترانم القبطية.

 واستطاع  خلال مشواره الفني أن يصنع مزيجاً مختلفاً يجمع بين الأغاني الصوفية، والمديح النبوي، والأغاني الشبابية "الرومنسية"، وهو ما لاقى ترحيباً واسعاً بين قطاعات عريضه من الشباب.

ويصف الهلباوي من يجرم الإنشاد الصوفي، بالمختل، ويرى خلال حواره الذي أجراه مع "مصر العربية"، أن تجربته الفنية مع السبكي في فيلمه الأخير "الليلة الكبيرة"، جاءت بهدف نشر الفن الصوفي بشكل أوسع، وليس من أجل الشهرة.

بداية.. ما الذي جعلك تسيرعلى خطى والدك الشيخ محمد الهلباوي؟

الحقيقة أنا لم أسير على خطى والدي؛ بل أردت أن أجمع الشباب حولي، وعندما يسألني البعض هل أنا مطرب أم منشد؟ تكون إجابتي دائماً، "إنسان مسلم، لما يحزن يغني، ولما يعشق الله يغني، ولما يحب بلدة بردة يغني، ولما يتغزل في حببته يغني بكلام عفيف".

ماذا عن تأثير والدك على حياتك الفنية، وغيره من كبار المنشدين الذي تعرفت عليهم من خلاله؟

كان لوالدي تأثير كبير على حياتي الفنية؛ فأعلام الموسيقى في مصر درسوا وتعلموا علي يده، مثل، كوكب الشرق أم كلثوم، وسيد مكاوي، لكني في نفس الوقت لا أسير على خطاه.

ويعود له الفضل في أنه جعلني أحظى بمجالسة كبار المشايخ والمبتهلين في مصر، الذين أثروا حياتي الفكرية والفنية، من بينهم، المبتهل الشيخ محمد عمران، والشيخ محمد رمضان الذي تعلمت منه قرأة القرأن.

لكن نشأتك وضعتك في قالب الإنشاد الصوفي والمدائح النبوية، فماذا عن الأغاني الرومانسية التي تغنيها الآن؟

استطاع الإسلام أن يجسد لنا العديد من قصص الحب التي جمعت الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وأوضح لنا جلياً كيف كان يهتم بمعاملتهن، من خلال وحرصه الشديد على مشاعرهن.

وأنا عندما أتغنى عن الحب، والعشق بين الأحبة، أميل  إلى اختيار كلمات الغزل التي تصل إلى درجة العفة، وليس الإسفاف أو خدش الحياء.

كيف ترى إقبال الجماهير على الغناء الصوفي في الآونة الأخيرة؟

الجمهور الصوفي متواجد ومنتشر من فترة زمنية كبيرة، لكنه كان يقتصر على الكتاب والمثقفين، وفي الآونة الآخيرة اتسع الإقبال الجماهيري على هذا اللون من الغناء، بعد أن اصبحت تقدم بشكل مباشر من خلال عدد من المطربين الشباب، الذين سعوا إلى تبسيط الكلمات والتلحين، وهو ما ساعد على انتشارها بشكل كبير.

ماذا عن  انتشار الفرق التي اتجهت إلى الغناء الصوفي مثل "زجزاج"؟ وكيف ترى تجربة عامر التوني؟

الحقيقة أن "الكل يغني على ليلاه"، لكن الأمر يختلف بشكل كبير عندما نتحدث عن  تجربة فرقة "المولوية المصرية"، لمؤسسها المبتهل عامر التوني؛ لأنها تعمل على  إحياء التراث "المولوي" الذي تعود جذوره  إلى مولانا جلال الدين الرومي.

علت بعض الأصوات التي تحرم الغناء الصوفي، كيف ترى ذلك؟

أرى أن هؤلاء مجموعة من المختلين، فهناك من لهم حسابات غريبة مثل السلفيين، وكأنهم يرون أن الله هو المدير وهم ليسوا سوى تلاميذه.

لكن الصوفية تختلف تماماً عن هذا النهج؛ فالصوفي يرى الله في الأشياء التي خلقها، ويتغزل في جماله من خلالها، مثل من يرى شجرة خضراء فيشعر بالنشوة ويهيم في جمالها تغزلاً في صانعها.

كيف ترى وضع الأغنية المصرية في الآونة الأخيرة، وماذا عن ظهور ما يعرف بغناء المهرجانات؟

منذ فترة وجه لي سؤال "لماذا الذوق الراقي في مصر غير منتشر؟"، فكانت إجابتي وقتها أن السبب يرجع إلى انتشار من يطلق عليهم "صناع"، وليسوا "فنانيين"، وهناك فرق كبير بين الاثنين.

فعلي سبيل المثال، لو أردت أن أجني أموال طائلة، وانتشر بشكل أكبر مما أنا عليه الآن، سوف اتجه إلى الغناء الشعبي، لكني دائم الحرص علي فني وموهبتي التي حباني بها الله، وألا أسئ إلى سمعة والدي، بقول أن نجله تصرق بشكل غير لائق.

لكن إذا نظرنا إلى أوكا وأورتيجا، وشعبان عبد الرحيم، لن نجد لهم نجاحاً حقيقياً على أرض الواقع، وما يحدث الآن ما هو إلى مجرد فرقعة؛ لأن ليس لفنهم أي معنى أو شكل.

ماذا عن الصعوبات التي تواجهه فرق الإنشاد الصوفي في مصر؟ وكيف يمكن معالجتها؟

الصعوبة تكمن في كيفية جذب الجمهور إلى هذا النوع من الفنون، خاصة أننا نخاطب قطاعات عريضه من الشباب، ذات أمزجة وميول مختلفة، لذلك الحل في أن نعمل خلال الحفلات على المزج بين الغناء الصوفي والمديح النبوي، والغناء الشبابي، "الرومانسي"، وهو ما يساعد على انتشارها؛ للارتقاء بالذوق العام.

ما هو دور الدوله في إحياء وانتشار الإنشاد الصوفي؟

الدولة تمتلك فرق للإنشاد الصوفي، تقوم بتقديم عروضها على مسرح دار الأوبرا المصرية، لكنها تعمل على وتيرة واحد منذ حقبة السبعينات، من القرن الماضي، وحتى الآن.

وأرى أن على الدولة الأهتمام بقصورالثقافة، والعمل على تطويرها أكثر من ذلك؛ لتكون منفذاً أمام الموهوبين من المنشدين على مستوى قرى ونجوع مصر.

فعندما قام المنشد محمود التهامي، بتأسيس نقابة الإنشاد الديني، طفنا جميع المحافظات لاكتشاف المواهب، وجدنا الكثير من الأصوات الشابة المدفونة؛ لأنها لا تجد ملجأ حقيقي لها.

هناك مدارس مختلفة من الإنشاد الديني مثل سوريا وماليزيا، ما رأيك بها؟

الجميع أخذوا من الأصل المصري، الذي يعود إلى جذور قراءة القرآن المجود الممتدة  في مصر، لكنهم أضافوا عليها ما يتناسب مع لغتهم وموسيقاهم، التي تميز كل بلد عن الأخرى.

شاركت في العديد من المهرجانات خارج مصر، كيف يستقبل الجمهور هذا اللون من الأغاني؟

في  باريس عام 1988م، سألت مديرة مسرح مونت كارلو، والدي محمد الهلباوي، رحمه الله،  بتعجب، كيف تنتقل بين المقامات الموسيقية بدون وجود آله مصاحبة لها؟!!، فأجابها، وكيف تستمعون إلى هذا اللون من الإنشاد بالرغم من إنكم لا تعرفون العربية؟!!، فقالت له أنت تأخذنا إلى عالم لا ندرك مداه.

حدثنا عن  تجربتك في فيلم "الليلة الكبيرة"؟ وهل ترى أن عملك مع السبكي يعد مجازفة، خاصة بعد ما أثير حوله مؤخراً؟

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل