المحتوى الرئيسى

الإمام الأكبر: بعض الإعلاميين يتعمد تضليل الناس عن طريق القرصنة الفكرية

01/15 14:49

قال فضيلة الإمام الأكبرإن الأزهر الشريف مضى عليه الآن أكثر من 1060 عامًا، وهو يحافظ على وسطية الإسلام والمسلمين التي تعني عدم التعصب لمنهج أو مذهب معين، مع احترام مذاهب وأديان الآخرين، والنأي عن المهاترات المذهبية تمامًا، وكتاب الثقافة الإسلامية المقرر على الصف الثالث الإعدادي وصفوف المرحلة الثانوية يلخص كل هذه المعاني الإنسانية السامية التي أقرها الإسلام ونحن نربي عليها طلابنا، بل إن المنهج الأزهري منهج سلمي يحافظ على إشاعة السلم فيما بين المسلمين وفيما بينهم وبين غيرهم سواء أكان هذا الغير متدينًا أم لا

كما أنه منهج تعددي يجمع كل المذاهب الإسلامية ويقف بها تحت لافتة الإسلام، لا يكفر ولا يقصي أيَّ مذهب آخر، ولا يفسقه أو يبدعه

وأضاف فضيلته في حديثه الأسبوعي الذي سيذاع اليوم الجمعة على الفضائيَّة المصرية: “التعليم الأزهري يقابله في بعض البلدان أنواع كثيرة من التعليم تربي الطالب على مذهب واحد وتعلمه منذ الصغر أن مذهبه هو المذهب الصحيح، وما عداه مرفوض ويجب محاربته، وتطور الأمر إلى أن أصبح لهذا النوع من التعليم الأحادي –إن صح التعبير- دعاة وأرصدة وميزانيات وجامعات، وهذه الأحادية هي ما نعاني منها الآن

مؤكدًا أن الأزهر الشريف هو المؤسسة التعليمية الوحيدة التي تدرس المذاهب الفقهية –الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي- وتترك لطلابها الحرية في دراسة أيٍّ منها، وهذا يغرس في أذهانهم المنهج التعددي الذي لا يحصر الطالب في تجاه محدد يكفر به الآخر، ويعمق في نفس الطالب الصغير احترام وجهات نظر الآخرين التي تتساوى مع وجهة نظره، كما أنه يقضي في سن مبكرة على هذه الحساسية بين المذاهب والأديان.

وتابع فضيلة الإمام الأكبر: الأزهر يدرس في المرحلة الثانوية نشأة الفرق والمذاهب الكلامية حيث ندرس العقيدة الأشعرية، والماتريدية ومختلف مدارس أهل الحديث وغيرهم، بل والمذهب المعتزلي، والإباضي، والشيعي أيضا

كما يدرِّسها بتوسع في المرحلة الجامعية، فكثير من رسائل الدكتوراه في كلية أصول الدين في قسم العقيدة مسجلة عن علماء من الشيعة الإمامية، وهذا الدراسة

الى جانب انها تعبر عن سعة الأفق، وتقضي في الوقت نفسه على الحساسية المفرطة من جانب المتشددين داخل الفكر الإسلامي, والمهاجمين للوسطية الاعتدال والنظر الهادئ الرزين.

والناظر في بعض وسائل الإعلام يأخذه العجب من شيوع الاتهامات عن المنهج الأزهري، وهي مقولات لا يعرفها الطالب الأزهري ولم يدرسها، ولا أنا شخصيا أعرفها على مدار أكثر من نصف قرن قضيتها في الأزهر، وهنا أتساءل، لماذا لم يكن في الأزهر متطرفون في الألف سنة قبل الستين عاما الماضية؟! أين المتطرفون في هذه الفترة؟ ولِمَ أغمض هؤلاء الشانئون عيونهم عن أئمة وقادة الحركات المتطرفة المسلحة الذين لم يتخرجوا من الأزهر، وتركوا الجامعات الأخرى التي أفرزت مثل هؤلاء المتطرفين، فكل يهمل عن عمد، وتوجه السهام للأزهر الذي لم يخرج متطرفًا مسلحا واحدًا، وهذا يقودنا إلى أن هناك حملة ممنهجة ضد الأزهر الذي تعرض لحملات كثيرة من هذا النوع

لأن الأزهر هو قلعة الإسلام، ولا يظن هؤلاء أنهم يستطيعون النيل من الأزهر، فالأزهر باق بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يؤدي دوره التعليمي والدعوي ونشر السلم والسلام والأمن والأمان.

وأشار فضيلته إلى أن بعض القنوات تعتمد اعتمادًا كليًّا علي ضعف مستوى الثقافة الإسلامية واللغة العربية لدي نسبة كبيرة من المشاهدين، فيضللون الناس بنزع بعض النصوص من سياقها في بعض كتب الحديث والتراث، وهذه قرصنة واستغلال لعدم معرفة الناس بأمور اللغة، لأنه من المستحيل أن يتحدث في علوم الأزهر إلا أزهري متخصص ودقيق، لا أزهري متميع، ولا من لم يدرس كتابا واحدا في الأزهر ولا يعرف عن علومه شيئا، ويُنصِّب نفسه حكما وقاضيا علي مناهج الأزهر، وما كنا نتمنى أن تهبط الأمور إلى هذا المستوى من عدم الشعور بالمسئولية، لافتا إلى أن الأزهر يخرج المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي علي قدم المساواة، فليس في الأزهر مذهب وسطي واحد بل أربعة مذاهب فقهية.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن الأزهر من قديم الزمن يتبنى المذهب الأشعري من بين المذاهب العقدية، لأنه مذهب وسطي يعترف بالكل ولا يكفر أحدا ممَّن يصلي إلى القبلة ويشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولا يجرؤ أحد علي تكفير فعل ما فعل، ارتكب كبيرة أم لا، لكن هو مسلم عاص أو آثم أو مرتكب كبيرة، ولا يمكن إخراجه من الإسلام، وهذا مما ينفرد به المذهب الأشعري الذي قعَّده الإمام أبو الحسن الأشعري على ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين –رضوان الله عليهم- وذلك بخلاف غيره من المذاهب العقدية الأخرى فبعض علماء الشيعة الإمامية يكفرون أهل السنة، ويقولون بارتداد الصحابة

والمذهب المعتزلي يقول: إن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين لا هو مؤمن ولا هو كافر و”السلفية المتشددة الغالية” ترفض الفكر الأشعري، وتكفر وتفسق وتبدع، وتقول بعدم جواز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة، ومع ذلك نسمع من لم يقرأ جملة واحدة لا في المذهب الأشعري ولا في المذهب السلفي يقول إن الأزهر اختار المذهب الأشعري ليبقى سلفيًّا مع أن بين غلاة بعض السلفية وبين الأشاعرة بعد المشرقين.

وشدد فضيلته على أن المنهج الأزهري منهج وسطي في الفقه وفي العقيدة، لكن حينما يقال في بعض الفضائيات إن المنهج الأزهري هو منهج داعشي، فهذه جريمة خلقية في المقام الأول وعلى مَنْ يدعي ذلك أن يراجع نفسه وألا يكذب على نفسه وعلى الناس

هل قرأ وتأكد ونزل إلى المعاهد وعرف ما يدرس بها؟ هل أحصى عدد الأزهريين؟ هل هناك منهم من قاد حركات مسلحة وحركات إرهابية وحركات متطرفة من أين تخرج هؤلاء المتطرفون؟!

وإذا لم يكن منهم أزهري واحد، وأغلبهم تخرج من كليات أخرى غير الأزهر، فلماذا لا توجه كلامك إلى هذه الكليات؟! لماذا لا تبحث عن الأسباب الحقيقية التي أنبتَتْ هذا التطرف؟ هل لأنه طُلِبَ منه أن يشوِّه الأزهر أو كُلِّفَ بذلك، لافتًا إلى أن الأزهر كيان كبير ويسير في الطريق الصحيح، ولذلك يخافونه ويحاولون بشتى الصور أن يشوهوا صورته حتى إنهم إذا ما وجدوا شيئا قالوا: كتب الأزهر لونها أصفر، ويدينون الأزهر بلون الكتاب، لأنهم لا يعنيهم إلا الهجوم على الأزهر بأي شكل من الأشكال، ومع ذلك فصدرنا رحب، والأزهر مفتوح لمن أراد أن يعرف مناهجه وما يدرسه لطلابه، ويفتح الباب للنقد المحترم ويضع يده في يد مَن يقودنا ليقدم شيئًا لهذا الوطن.

واختتم فضيلة الإمام الأكبر حديثه بأن هدم الأزهر هدم للوطن باعتباره القوة الناعمة لمصر وللعالم العربي والعالم الإسلامي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل