المحتوى الرئيسى

إسلام أنور المهدي يكتب: «تيدي كروس»، وسِرّ السيف الذهبي! | ساسة بوست

01/13 11:39

منذ 2 دقيقتين، 13 يناير,2016

لا، ليست هذه المقالة مقدمة الجزء الثاني لرواية تِنْتِن المصورة الشهيرة (تان تان وصولجان الملك أوتوكار)! وإن كانت كل قصصنا الواقعية الأليمة صارت قصصًا مُصوَّرة! نحن نعيش في عالم مبتذل من «الكوميكس» في الحقيقة، كوميكس ملئية بالأشرار Villains لكن بلا أبطال خارقينSuper heroes ! نعيش في جوثام بلا ﭘاتمان! ميتروﭘوليس بلا سوﭘرمان! في جاهلية بلا عنترة! ودمار تتري بلا قُطُز! واحتلال صليبي بلا صلاح الدين!

وهذه القصة المصورة التي هي حامية الوطيس لكن يشاهدها الناس كالخيال؛ فلا يتدخلون فيه بسلب ولا إيجاب لم تبدأ اليوم! بل بدأت منذ زمان قديم!

«تيدي» هي تدليل «تيودور» وأصل «تيودور» هو «ثيودوروس» باللاتينية وتعني «العبد الطيّب».

كان «تيودور روزفلت» رئيس أمريكا في رحلة صيد، فقام مرافقوه بإنهاك جَرْو دُبٍّ صغير عن طريق إطلاق كلاب الصيد خلفه، ولما أضناه التعب قيّدوه ودعوا «تيودور روزفلت» ليطلق عليه الرصاص ويقتله! لكن «تيودور» رفض أن يكون إطلاق النار صيدًا وأعلن أنه موت رحيم بعدما تسبب فيه المرافقون من عذابات لجرو الدب الصغير هذا! ونُشر كاريكاتور عن هذه الحادثة اشتهر جدًّا وأشهر الحادثة بين الغربيين!

فسارعت شركات أمريكية وألمانية لصناعة دمية دب صغير محشوة لطيفة الشكل، وأسمتها على اسم التدليل للرئيس «تيدي» وأضافت إليه اسم الدب بالإنجليزية Bear فكان الـ “تيدي بير”Teddy Bear، ومن يومها فهذا الدب تيدي هو اللعبة المفضلة للغربيين التي يدَّعون بها الرحمة والشفقة على بني الحيوان؛ بينما هم أخس من الحيوانات في معاملة غيرهم من البشر بل بعضهم بعضًا!

فلن يلبث كوكب الأرض بعد هذه الحادثة طويلًا حتى أفنى الغربيون في صراعهم عبر حربين عالميتين ما يقترب من 71 مليون إنسان! وكان هذا التيدي الرحيم أحد أطراف الحرب الأولى تأييدًا للحلفاء! وكان عنصريًا جدًا تجاه أبناء أمريكا من أصول أيرلندية وألمانية واتهمهم بعدم الولاء واتخذ إجراءات متشددة ضدهم!

لكن ليس هذا التيدي هو التيدي الذي أتحدث عنه! بل أتحدث عن صاحب الاسم المعرّب عن ثيودور.. أعني.. «تواضروس»!

وبعد 110 سنة بالتحديد من حادثة تيودور روزفلت «تيدي»، طلب تواضروس الثاني عند تجليسه على الكرسي الباباوي أن يكون في ثوبه الرسمي لتلك المناسبة سيفًا كبيرًا على صورة صليب من الذهب! وصرّح حينها بأن أمام المسيحيين «عصر استشهاد» قادم يتطلب هذا الشعار! ودعني لذلك أسميه «تيدي كروس Teddy Cross» وهو اسم لطيف على غرار «تيدي بير» بدلًا من أن أسميه كما ننطقه بالمصرية العامية «تادروس أبو صليبة»!

ولم يكذب تواضروس خبرًا فقد كان حاضرًا وقائدًا وحاكمًا يوم 3 يوليو 2013 في بيان الانقلاب على أول رئيس مسلم منتخب في مصر! والآن ترى السيسي ألعوبة في يده يذهب كالمهرج الأجير في قداس الميلاد ليصرّح بأنه لن يترك كنيسة في مصر إلا وقام بترميمها بينما رجال جيشه البواسل يشوون اللحم على بوابات الطرق السريعة ويهدونه لسائقي السيارات المسيحيين يوم عيدهم في 7 يناير الماضي –بينما اللحم الوحيد المذكور على أيدي الجيش في أيام عيد المسلمين هو لحم المسلمين أنفسهم الممهوك بطلقات محرمة دوليًّا يُضربون بها وهم يصلُّون لله العزيز الحميد!- وتصريح السيسي هذا يعني أنه لن يترك شبرًا في مصر إلا مسخ هويته الإسلامية ليصبغه بصبغة مسيحية واضحة، ولم لا؟

وهو الذي يقتفي أثر عبد الناصر الذي منح البابا كرلس 6 مليون جنيه من خزينة الدولة وأرض جراج النقل العام في العباسية ليبني عليها الكاتدرائية المرقسية في قلب القاهرة، يبنيها على شكل صليب! حتى إذا نظرت من الفضاء أو من الطائرة وجدت الصليب منغرسًا في قلب مدينة الألف مئذنة! أو لنقل التي صارت مدينة الألف برج كنيسة أو مدينة الألف ناقوس! من يوم أن سمح مبارك ببناء برج لهذه الكاتدرائية التي لم يكن لها برج منذ عهد عبد الناصر ثم توالت الأبراج تُزرع بأجراسها في ربوع مصر كلها ويعلو دقُّها صوتَ الأذان في كل حيٍّ! ويشتكي الناس من أصوات ميكروفونات المساجد فتُزال وتُكمَّم ويُسحل المؤذنون في أمن الدولة! بينما أصوات أجراس الكنائس على قلوب المنافقين (زيّ العسل!).

لم أكتب هذه المقالة لأقارن بين رحمة مزعومة لتيودور روزفلت وكوارث دموية كالتي حاكها ويحيكها تواضروس الثاني – أقول حاكها لأنه شريكٌ وقائدٌ مع السيسي والبرادعي والطيب وبرهامي في كل مجزرة صنعها الانقلاب-.. لكن كتبت هذه المقالة لأربط خيوطـًا لا يسعك أن تربطها إلا من التاريخ!

صليبٌ خيوطه من ذهب لا يُنسج على ثوب البابا ولكن تُنسج شباكُه على ربوع مصر كلِّها!

انظر إلى ما حكاه «جمال حمدان» عن الاحتلال الصليبي للشرق الأوسط منذ قرابة الـ 500 سنة. 1497-1499م «وفي هذا الصراع العربي-البرتغالي في الهند تحالف البرتغال مع الحبشة المسيحية التي قدمت لهم مساعدات كثيرة ضد مصر خاصة، وكان التعاون بينهما قد بدأ في الواقع قبل الكشف بقرن كامل إبان الصليبيَّات، وكان بينهما مشروع خيالي لتحويل مجرى النيل الأزرق في الحبشة إلى البحر الأحمر لتجف مصر وتنقرض جوعًا!

وقد حاول البوكيرك بعد الكشف تنفيذ هذا الحلم (الفاوستي) المريد، ولكن الجغرافيا سخرت منه وبددته تبديدًا، وعمومًا فقد كانت استراتيجية البرتغال أن تكتسح العرب من الباب الخلفي بعد إذ عجزت من الباب الأمامي، وحاولت أن تطوقهم بكماشة فكّاها في المغرب وبحر العرب» [استراتيجية الاستعمار والتحرير،ص67] فها هو الاستعمار يريد تعطيش مصر منذ ذلك الزمان البعيد ليقطع خيرها عن العرب المسلمين!

ولو راجعت السيناريو الذي تحدثت عنه هنا لعلمت أن عودة الكولونيالية الصليبية إلى بلاد العرب تحتاج دمارًا شاملًا لمصر بحيث تكون هي والشام عتبة وثب الاستعمار إلى جزيرة العرب، أو على الأقل أن تكون مفاتيح الخير فيها بأيدي المسيحيين حلفاء الغرب فلا تعين العرب ولا تطعم نفسها من باب أولى! فأي تنفيذٍ لهذا السيناريو أقوى وأوعى من كون محبس المياه الآن في يد إثيوبيا التي تسوقها وتحكمها كنيسة الحبشة الأرثوذوكسية التي هي فرع سياسي تاريخي لبطريركية الكرازة المرقسية بالإسكندرية؟!

سيناريو عمره 500 عام تم تفعيله على يد تواضروس! ولم تكن زيارته للقدس مؤخرًا إلا إعلانـًا للتحالف مع اليهود الذين يمولون سد النهضة بكل تأكيد! واتفاقـًا على اقتسام مصر: بحيث يكون شرقها لليهود، وغربها للميسحيين، بينما كلما جف فرعٌ من النيل رُدِمَت فيه جثث المسلمين الغافلين اللَّاهين! حتى  تصير الأرض لصهيون ويسوع ويخرج منها من بقي حيًا من المسلمين إلى الشتات العربي يُذبحون من جديد!

هذا ليس خيالاً يا عزيزي القارئ! ولا سوداوية! بل ربط خيوط تراها أنت جميعَها ربما بلا رابط! لكن لا رابط لها إلا هذا! وانظر إلى تمكين إسرائيل والعالم لبشار من استئصال المسلمين وإبادتهم في سوريا ومن ثم محاولة تسليمها للعلويين من جديد بل تجنيس الشيعة العراقيين والإيرانيين فيها، ومن قبله استئصال أمريكا المسلمين من العراق وتسليمها للشيعة، ثم تمكينهم السيسي من استئصال المسلمين وإبادتهم في سيناء وفي سائر ربوع مصر ومن ثم تسليمها للمسيحيين مع إقامة دولة كبرى لهم في غرب مصر، مع محاولات دائبة لإقامة دولة كردية كبرى في الشام والعراق؛ لتعرف أيضًا صدق ما قاله حمدان في الكتاب ذاته حين قرر أنه: «وهدف إسرائيل الكبرى أن تستوعب كل يهود العالم في نهاية المطاف، ومثله لا يمكن أن يتم إلا بتفريغ المنطقة من أصحابها إما بالطرد وإما بالإبادة» [ص174] فانظر إلى خواء المدن السنية في العراق وسوريا وإلى خواء رفح! لتعرف إلى أين تم تنفيذ هذا المخطط القديم!

وإذا كان حمدان قد قال أيضًا في مطلع الكتاب «وأنت لن تستطيع أن تفهم نمو الاستعمار العالمي ولا تطور صراع القوى الدولية إذا قصرت بؤرتك على المنظور المعاصر، أكثر مما يمكنك أن ترى ناطحة سحاب إذا نظرت إليها من سطحها» [ص9] فتعال معي أعرض عليك طرفـًا من تاريخ الدولة المسيحية في مصر. وهو مستفاد من كتاب [أكذوبة الاضطهاد الديني في مصر، أ.د. محمد عمارة].

«1938، إسرائيل تُنَظِّم رحلات سياحية لأرض معركة هرمجدون المزعومة في سفر حزقيال، وهي بين بحيرة طبرية والبحر الميت.

1940-1945، مخطط «برنارد لويس» لتمزيق العالم الإسلامي والشرق الأوسط وتمكين الأقليات غير المسلمة من حكمه.

1948: «نظير جيد» -الذي أصبح البابا شنودة فيما بعد- يكتب مقالاً في مجلة مدارس الأحد يتهم الإخوان المسلمين بحرق كنيسة في الزقازيق محاولاً إشعال فتنة طائفية.

يناير 1952: «نظير جيد» مرة أخرى يتهم الإخوان بحرق كنيسة في السويس! ليشوش على أعمال مقاومة الإنجليز!

سبتمبر 1952: إشهار جمعية «الأمة القبطية» برئاسة «إبراهيم هلال» تتبنى كل مطالب نظير جيد في مقالاته من النهضة بالأقباط وإنشاء دولة لهم في مصر! وكان إعلان الجمعية في شهر «توت» وهو عيد الشهداء عند الكنيسة القبطية – ولاحظ توافق دلالة هذا مع ما صرح به تواضروس عند تجليسه على الكرسي البابوي- واشترك في الجمعية 92 ألف قبطي!

وكان شعار الجماعة صليبًا مصريًا «مفتاح توت» وتنص مطالبها على: ألا ينص الدستور أن دين الدولة هو الإسلام، وأن يكون نائب رئيس الدولة قبطيًا، وكان لهم شعارٌ رسمي يرددونه دومًا هو «مصر كلها أرضنا التي سلبت منا بواسطة العرب المسلمين منذ 14 قرنًا، إن أرضنا هي مصر، ونحن سلالة الفراعنة، وديانتنا هي المسيحية، وسيكون دستورنا هو الإنجيل، وتكون لغتنا الرسمية هي اللغة القبطية».

سبتمبر 1952: الجمعية تختطف البابا يوساب بابا الأقباط آنذاك وتولي مكانه أحد أعضائها البابا كرلس.

1954: عبد الناصر يقبض على القيادات ويحل الجميعة.

يونيو 1954: نظير جيد ييأس من النهضة بالأقباط من خارج الكنيسة فيقرر الترهبن باسم أنطونيوس السرياني.

1963: المجمع المسكوني المقدس – المتحدث باسم الصليبية العالمية- يعلن تبرئة اليهود من دم المسيح!

نوفمبر 1971: نظير جيد يتولى البابوية باسم شنودة الثالث، ويبدأ التأسيس لمنهج «عموم ولاية الكنيسة» ويظهر مصطلح «شعب الكنيسة» ويبدأ تنفيذ مشروع حكم مصر فعليًا –لاحظ التقارب الفكري الشديد مع مبدأ «ولاية الفقيه» الذي ابتدعه الخوميني-.

1972: «أحداث الخانكة» حيث أشعل شنودة الفتنة الطائفية وبدأ ببث الروح العنصرية الطائفية والتطرف بين المسيحيين، وكان هذا قبل ظهور الجماعات الإسلامية المتهمة بالإرهاب! وقبل الإفراج عن الإخوان المسلمين!

1982: مبارك يُعيد شنودة، وتبدأ الكنيسة عمليًا في حكم مصر عبر يد المسيحية بشهادة مذكرات البروتوكول الغربية «سوزان مبارك»!

2010: شنودة يعرقل مخطط التوريث بغرض تمكين نائب رئيس مسيحي ومبارك يضغط عليه بالسلفيين فيما اشتهر بقضية كاميليا شحاتة.

مارس 2012: وفاة شنودة الثالث.

نوفمبر 2012: تجليس تواضروس الثاني على الكرسي البابوي ليصبح البابا 118 للكنيسة القبطية.

يوليو 2013: الكنيسة تحكم مصر بلا منازع!

فهل ترى أخي القارئ في «جماعة الأمة القبطية» تلك إلا نقيضًا Villain لجماعة الإخوان؟! صنعه الغرب ليشتت جهود إحياء الخلافة بالجهاد التي كانت نهج البنّا –ولم تعد نهج من بعده من مرشدي الإخوان للأسف-؟! ألا ترى في حديثهم عن «عصر الاستشهاد» معارضة صارخة لشعار الإخوان «الموت في سبيل الله أسمى أمانينا»؟ وفي اتخاذهم الصليب شعارًا معارضة لشعار الإخوان «الله غايتنا»، وفي مطالبتهم بالإنجيل دستورًا معارضة لشعار الإخوان «القرآن دستورنا»؟!

ألا ترى أنهم حقـًا تجار دين يئسوا من تحريك الأقباط عبر المجلات والجرائد فلجأوا لتسييس الكنيسة ليحكموا بها ما أسموه «شعب الكنيسة» ويقودوه عبر 6 عقود كاملة لينهض ويحكم ويتمكَّن وفق مخطط «برنارد لويس» الدقيق! ألا ترى شنودة هو «حسن البنّا» جماعة الأمة القبطية الذي لم يغتاله الملك؟! ألا تشعر أن تواضروس هو «سيد قطب» الكنيسة الذي يُدير السيسي بدلاً من سيد قطب الإخوان الذي أعدمه عبد الناصر؟!

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل