المحتوى الرئيسى

تونس: تنامي ظاهرة الجهاديين بعد خمس سنوات على الثورة

01/12 14:40

تونس العاصمة، تونس (أ ف ب)

منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في مطلع العام 2011، انضم آلاف التونسيين إلى تنظيمات جهادية، في ظاهرة يردها محللون إلى قمع بن علي للإسلاميين والفراغ الذي تلى سقوطه، بالإضافة إلى الفقر وترامي الحدود مع ليبيا حيث تنتشر شبكات تجنيد وتدريب لتنظيم الدولة الإسلامية.

وذكر تقرير صادر عن ''فريق عمل الأمم المتحدة حول استخدام المرتزقة'' في 2015 أن أكثر من 5500 تونسي، تتراوح أعمار معظمهم بين 18 و35 عاما، انضموا إلى التنظيمات الجهادية في سوريا والعراق وليبيا، مشيرا إلى أن عدد المقاتلين التونسيين ''هو بين الأعلى ضمن الأجانب الذين يسافرون للالتحاق بمناطق النزاع''.

وأرجع مركز ''كارنيجي'' الأمريكي للأبحاث في دراسة نشرها أخيرا، انتشار الفكر الجهادي في تونس إلى ''تضييق الخناق على الفاعلين الدينيّين'' في عهد بن علي خصوصا بعد ''الأداء الانتخابي القوي نسبياً للحركة الإسلامية'' سنة 1989.

وقال المركز ''أدّى سقوط النظام إلى خلق فراغ سمح للمجموعات الراديكالية بنشر أفكارها وتجنيد أعضاء جدد في صفوف الشباب المحرومين''.

وقال مسؤول أمني كبير لوكالة فرانس برس ''الفراغ الذي نتج عن محاصرة بن علي للشأن الديني، ملأته مواقع الإنترنت والفضائيات الدينية الأجنبية التكفيرية خصوصا منذ منتصف التسعينات، ما أدى إلى انتشار الفكر الوهابي المتطرف في دولة مالكية أشعرية''.

وتابع ''نحن اليوم ندفع ضريبة سياسة بن علي الخاطئة في التعاطي مع الدين''.

والظاهرة الجهادية ليست جديدة في تونس، إذ سبق لأعداد من التونسيين أن قاتلوا في التسعينات في البوسنة والشيشان، وفي بداية سنوات الـ2000 في أفغانستان والعراق، لكن لم يسبق أن بلغ العدد ما هو عليه اليوم، وفق ما يقول فريق عمل الأمم المتحدة.

ومنعت السلطات التونسية 15 ألف شاب من الالتحاق بتنظيمات جهادية في الخارج في الفترة الممتدة بين مارس 2013 ويوليو 2015، بحسب وزارة الداخلية.

الدعاية المركزة ضد النظام السوري

وقال أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي ان من اسباب ارتفاع أعداد الجهاديين التونسيين في سوريا ما شهدته البلاد من ''دعاية سياسية ودينية مركزة ضد النظام السوري''، زمن حكومة ''الترويكا'' التي قادتها حركة النهضة الإسلامية من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014.

وكانت تونس أول دولة عربية تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق وتعترف رسميا بالمعارضة السورية، وثاني دولة في العالم تستضيف على أرضها مؤتمر ''أصدقاء سوريا''، ما شجع ''شبكات متعددة الجنسيات'' على اتخاذ هذه الاعتبارات ''مبررا'' لتجنيد مقاتلين تونسيين وإرسالهم إلى سوريا، بحسب قوله.

وتابع أن ''حملة الدعاية المركزة'' كانت تعمل على ''تعبئة وشحن الشباب على أساس مذهبي وتقديم سوريا على أنها أرض للجهاد ضد 'النصيريين' وحلفائهم من 'الصفويين' الذين يقتلون المسلمين السنة الأبرياء''.

وأوضح أن ''سلفيين وسياسيين ومثقفين'' إسلاميين ودعاة خليجيين ومصريين استقدمتهم جمعيات إسلامية تونسية وحظي بعضهم باستقبالات ''رسمية'' في المطارات، شاركوا في هذه التعبئة.

وذكر تقرير مركز كارنيجي أن المتطرفين تمكنوا ''من تجنيد المتشدّدين في ضواحي العاصمة والمناطق الداخلية''.

وأشار المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية في دراسة حول السلفية الجهادية نشرت في 2014 إلى ''الارتباط الواضح بين خريطة انتشار التيار السلفي الجهادي وبين خريطة التهميش الاقتصادي والاجتماعي'' في تونس.

وقال أميّة نوفل الصديق من ''مركز الحوار الإنساني'' (منظمة دولية للوساطة في مجال النزاعات) إن تونسيين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية لأنهم يعتقدون انه يوفر لمقاتليه ''مستوى عيش أفضل''.

وأورد تقرير فريق عمل الأمم المتحدة ان العاملين في شبكات تجنيد المقاتلين التونسيين يحصلون على مبالغ تتراوح بين نحو 2700 و9000 يورو على المجند الجديد، بحسب ''مؤهلاته''.

وأدّى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي بعد الثورة وفشل الحكومة في معالجة المطالب المعيشية إلى ''إذكاء تطرّف'' شباب مهمش، بحسب مركز كارنيجي.

وشهدت تونس في 2015 ثلاثة هجمات دموية تبناها تنظيم الدولة الإسلامية استهدفت متحفا في باردو (شمال) وفندقا في سوسة (وسط) وحافلة للأمن الرئاسي في العاصمة، وأسفرت عن مقتل 59 سائحا أجنبيا و13 عنصر أمن.

وقتل منذ نهاية 2012 عشرات عناصر الأمن والجيش في هجمات نفذتها ''كتيبة عقبة بن نافع''، وهي جماعة جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي 2013، اغتال جهاديون المحامي شكري بلعيد والنائب في البرلمان محمد البراهمي وكلاهما معارض للإسلاميين.

ووصل العديد من المقاتلين التونسيين إلى سوريا والعراق بعد أن مروا بـ''معسكرات تدريب'' في ليبيا التي ترتبط مع تونس بحدود برية طولها نحو 500 كلم، ثم ''أقلعوا (في رحلات جوية) من العاصمة الليبية نحو اسطنبول في تركيا قبل أخذ طريق الجبهة''، وفق تقرير لمجموعة الأزمات الدولية.

وبين هؤلاء منفذو الهجومين على متحف باردو وفندق سوسة.

وقررت تونس إثر الهجوم على حافلة الأمن الرئاسي وضع مواطنيها ''العائدين من بؤر التوتر'' مثل سوريا والعراق وليبيا، قيد الإقامة الجبرية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل