المحتوى الرئيسى

الزيارة الأولى

01/08 22:27

لا بد أن أذهب إلى البرلمان لاستخراج بطاقة العضوية.. انتابتنى حالة من النشوة والفرحة.. أخيراً سوف أشاهد هذا المكان الذى رأيته فى صفحات الكتب وصور المجلات.. شارع مجلس الشعب.. الكتل الخرسانية تغطى واجهة المبنى الرائع، وأيضاً تغطى على مجلس الوزراء المقابل له، الذى كان قصراً للأميرة «شويكار»، ابنة أحمد باشا رفعت، ابن إبراهيم باشا.. وقد أهدته لمجلس الوزراء فى إحدى حكومات النحاس باشا.. استقبلنى شاب جميل محترم ليقودنى إلى حيث الإجراءات الخاصة باستخراج البطاقة.. وأنا أسير مثل السيّاح أريد مشاهدة كل ركن فى هذا المبنى.. هذا الممر يؤدى إلى مجلس الشورى، أو مجلس الشيوخ قديماً.. هذا المبنى بناه الخديو إسماعيل ليكون أول مجلس نيابى عرفته مصر وأُطلق عليه «مجلس شورى النواب».. لم يكن هذا المبنى قد اكتمل بعد فكان على الخديو إسماعيل أن يأمر بانعقاد أول جلسة فى مجلس محمد على القديم بالقلعة، كان الافتتاح يوم الأحد 25 نوفمبر عام 1866، وكان برئاسة إسماعيل باشا راغب، وهو صاحب أول صورة فى قاعة رؤساء المجالس فى متحف البرلمان.

وهذا المبنى حوكم فيه أحمد عرابى، وولد فيه دستور 1923، وحُرق للأسف عام 2008، وتم إعادة بنائه من جديد.. قصة البرلمان تبدأ مع تصريح 22 فبراير لعام 1922 الذى أصدره الإنجليز المحتلون وأصبحت مصر بعد هذا التصريح مستقلة وإن كان استقلالاً ناقصاً.. وعلى الفور تكونت لجنة الثلاثين لوضع الدستور.. وأمر الملك فؤاد بإنشاء البرلمان المصرى.. تم بناؤه خلف «مجلس شورى النواب»، وتم ربط المبنيين ببهو طويل وعريض صُمم بالأعمدة الفرعونية والرسومات الفرعونية الملونة والمذهّبة الجميلة، وأُطلق عليه «البهو الفرعونى».. وذهبت إليه بسرعة لأن بداخله سوف أقوم بكل إجراءات استخراج البطاقة.. سألت وأنا أدور بعينى فى كل ركن: أين قُتل أحمد باشا ماهر؟ أشار لى: هناك عند مدخل البهو من ناحية مجلس الشورى، وقفت قليلاً.. قرأت له الفاتحة.. هذا الرجل أحببته جداً من صفحات الكتب.. كان وطنياً شريفاً.. عندما أنتهى من البطاقة سوف أسرع إلى المتحف.. متحف البرلمان.. هذه العربة الملكية أهداها نابليون الثالث، ملك فرنسا، للخديو إسماعيل بمناسبة افتتاح قناة السويس عام 1869 خصصها الخديو لافتتاح «مجلس شورى النواب» فقط، وعلى هذا الأساس يكون قد استعملها بعد «إسماعيل» الخديو توفيق.. الخديو عباس حلمى الثانى.. السلطان حسين كامل.. السلطان فؤاد، ثم الملك فؤاد.. ثم الملك فاروق، وكان النظام وقتها أن يذهب الحكام إلى المجلس وبجوارهم رئيس الحكومة يوم افتتاح البرلمان؛ ها هو كرسى العرش وبجواره عمودان من الخشب المذهّب مثبتة بهما ستارة خضراء مذهّبة تعلو فوق الكرسى بالشارة الملكية.. هذا الكرسى لم يجلس عليه سوى الملك فؤاد والملك فاروق.. وكلاهما حلف اليمين وهو واقف أمام هذا الكرسى وفى مواجهة اجتماع مشترك من مجلسى النواب والشيوخ.. الملك فؤاد حلف اليمين الدستورية يوم السبت الموافق 15 مارس عام 1924، والملك فاروق تولى سلطاته الدستورية وقام بحلف اليمين فى الساعة التاسعة والدقيقة الخامسة والأربعين من يوم الخميس الموافق 29 يوليو عام 1937، ونص اليمين الدستورية فى تلك الأيام هو «أحلف بالله العظيم أنى أحترم الدستور وقوانين الأمة المصرية وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه»، وهذه الصيغة هى التى وردت فى المادة (50) من دستور 1923.. قاعة صور رؤساء المجلس تبدأ بصورة إسماعيل باشا راغب 1866.. وتنتهى بـ«الكتاتنى» لعام 2012.

لا شىء يُنزع من حقائق التاريخ.. يظل بالقائمة كل من سعد زغلول والنحاس باشا وأحمد ماهر ودكتور هيكل وعبدالسلام فهمى جمعة وآخرين، وبعد «الكتاتنى» سوف توضع صورة الرئيس القادم قريباً بإذن الله.. قاعة المجلس.. القبة.. اللون الأخضر.. المنصة تغيرت بعد 1952.. بدلاً من كرسى العرش يوجد النسر المصرى، الحمد لله أُدخلت لوحات التصويت الإلكترونى بشكل رقيق ودقيق لم يؤثر على روح الزمن التى تملأ المكان.. ياااااه.. على هذه المنصة وقف زعماء مصر الوطنيون قبل 1952.. وجلس رؤساء المجلس من المصريين الوطنيين بعد 1952.. فى مقاعد الجهة اليسرى الأولى صورة لسعد زغلول يجلس بصفته عضواً فى البرلمان.. على المنصة السفلى وقف النحاس باشا يوم 8 أكتوبر عام 1951 أمام اجتماع مشترك لمجلسى النواب والشيوخ ليعلن إلغاء معاهدة 1936، على هذه المنصة توفى حسن باشا صبرى، رئيس الحكومة، وهو يتلو خطاب العرش بجوار الملك فاروق.. يوم الخميس 14 نوفمبر عام 1940.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل