المحتوى الرئيسى

د. خالد فهمي يكتب: الفضيحة التي أطاحت بمدير مكتبة الكونجرس

01/08 11:08

في أول يوم من هذا العام قدم جيمس بيلنتجتون استقالته من منصبه كمدير لمكتبة الكونجرس. وقد شغل بيلتجتون هذا المنصب لفترة ناهزت الثلاثين عاما، إذ أن رونالد ريجان كان قد عينه في هذا المنصب المرموق عام ١٩٨٧.

ومن المعروف أن أصول مكتبة الكونجرس تعود لعام ١٧٨٣ عندما اقترح جيمس ماديسون، رابع رئيس للولايات المتحدة، فكرة تأسيس مكتبة لخدمة أعضاء الكونجرس. إلا أن المكتبة افتتحت رسميا عام ١٨٠٠، وسرعان ما أن أصبحت فعليا المكتبة الوطنية للولايات المتحدة، أي مكتبة عامة تخدم الجمهور. وبمرور الوقت أصبحت مكتبة الكونجرس ثاني أكبر مكتبة في العالم (المكتبة الأكبر هي المكتبة البريطانية بلندن) حيث يبلغ عدد الكتب بها أكثر من ٢٤ مليون كتاب، بالإضافة لملايين أخرى من الخرائط والمخطوطات والتسجيلات الصوتية والصور الفوتوغرافية. 

وبالرغم من أن بيلتجتون كان يود استكمال فترة رئاسته الثالثة التي ستنتهي عام ٢٠١٧، إلا أنه اضطر في يونيو الماضي لأن يخبر الرئيس أوباما بعزمه على الاستقالة بعد أن صدر تقرير رقابي عام ٢٠١٣ موجها له اتهامات خطيرة.

هذه الاتهامات لم تكن تتعلق باختلاسات مالية، ولا بفساد إداري، ولا بقضية تحرش، بل كانت تتعلق بتقاعسه عن تقديم خدمات متطورة للجمهور. فكمدير لأكبر وأهم مكتبة في الولايات المتحدة كان يجب على بيلتجتون أن يطور من أداء مؤسسته في مجال الرقمنة، وتحديدا كان عليه أن يبذل مجهودا لكي تكون لمكتبة الكونجرس الريادة في إتاحة محتوياها للجمهور بشكل رقمي.

على أن التقرير الرقابي أثبت أنه هناك ملايين الوحدات التي ظلت مكدسة في المخازن دون فهرسة، وبالتالي فهي غير معروفة للجمهور. كما أن نسبة المقتنيات التي رُقمنت نسبة ضئيلة للغاية. وكان من نتيجة ذلك أن مكتبة الكونجرس، التي كانت تلعب دورا محوريا في اقتناء وفهرسة التراث الحضاري والثقافي للبشرية، أصبحت تلعب دورا هامشيا في هذا المجال.

فنحن لا نكاد نرى لمكتبة الكونجرس دورا في الثورة الرقمية، وهو ما قاله روبرت دارنتون، مدير مكتبة جامعة هارفارد (التي تحتوي على أكثر من ١٨ مليون كتاب) حين لام بيلتجتون لوما عنيفا متهما 

إياه بأنه يعيش في الماضي، غير مدرك أهمية الثورة الرقمية، وكان من نتاج ذلك أن قبعت محتويات المكتبة على الأرفف دون بذل مجهود كاف لإتاحتها للجمهور.

وفي سياق متصل، أعلن متحف المتروبوليتان من يومين إتاحة مطبوعاته على مدار خمسة عقود مجانا بشكل رقمي على موقعه على الإنترنت، وهو المجهود الذي سبقته فيه مكتبة نيويورك العامة التي أتاحت أكثر من ١٨٠ ألف صورة رقمية مجانا على موقعها على الإنترنت.

إن عظمة المكتبة العامة لا تكمن في حجم مقتنياتها أو فرادة تلك المقتنيات. فرسالة المكتبة لا تنحصر في اقتناء الكتب أو زيادة حجمها، ولا تكمن أيضا في الحفاظ على تلك الكتب وترميمها وفهرستها. رسالة المكتبة، شأنها شأن أي مؤسسة ثقافية، هي خدمة الجمهور عن طريق إتاحة مقتنياتها له.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل