المحتوى الرئيسى

المفكر الشيعى على الحسينى: «المراجع» المنتقدة للسعودية تنفذ أجندة «مصالح شخصية»

01/07 11:13

أكد المفكر الشيعى السيد محمد على الحسينى، الأمين العام الحالى للمجلس الإسلامى العربى فى لبنان، أحد كبار المفكرين الشيعة، أن هناك مشاريع إيرانية تسعى لإثارة الاضطرابات فى بعض الدول العربية، ودعا الشيعة فى كل الأقطار إلى عدم الانسياق وراء تلك المشروعات الهادفة لاستغلالهم، داعياً إلى اتباع الوحدوية الرافضة لمنطق الفتنة ودعاتها. وشدد، فى حواره لـ«الوطن»، على أن أبناء المذاهب الإسلامية فى أى دولة عربية جزء لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعى وملزمون باحترام سيادة وقانون كل دولة منعاً لاستغلالهم من أى جهة خارجية خاصة خلال الآونة الأخيرة التى شهدت تمدداً للمشاريع الإيرانية فى الدول العربية. وسبق للعلامة «الحسينى» أن تدخل مرات عدة لتقديم النصح والمشورة للشيعة ممن يقومون بالإخلال بالأمن والنظام فى عدد من الدول العربية التى شهدت بعض الإشكالات، ودعاهم للالتزام بقوانين بلادهم واعتماد لغة الحوار والتشاور مع القادة والحكومات لنيل المطالب إذا وجدت، وأوضح أن مرجعية الشيعة فى النجف تعرضت لمحاولات إيرانية عديدة لاختراقها، ونجحت بعد اتساع مناطق الصراع فى العراق فى إضعافها واحتلالها من قبَل رجال دين من أصل إيرانى، وتطرق «الحسينى» إلى العديد من القضايا المطروحة على الساحة بشأن الصراع المذهبى، وإلى نص الحوار:

■ كيف تنظر إلى «حوزة النجف» وهل ما يتردد بشأن اختطافها من قبَل مرجعية قُم وإيران صحيح؟

- حوزة النجف الأشرف هى أقدم وأهم المراكز الدينية الشيعية، ويقيم ويدرس فيها علماء أجلاء، بحيث تخرج منها الكثير من المراجع، ولكنها تاريخياً تعرضت لتدخلات إيرانية كثيرة، فضلاً عن منافسة حوزات أخرى مثل قم الإيرانية، ولكنها لم تنجح فى إضعافها أو حرفها عن أهدافها، إلا أن التدخل الإيرانى بعد انهيار نظام صدام حسين، وما تلاه من تطورات عسكرية وسياسية، نجح إلى حد ما فى مهمة إضعاف مرجعية النجف، خصوصاً من خلال تربع رجال دين عراقيين من أصل إيرانى على مقاليد الحوزة.

«طهران» لن تسمح بحل أزمتى سوريا واليمن.. وستنسف مساعى التهدئة فى العراق

وهذا التدخل لم ينجح بفعل الدعاية الدينية الإيرانية، بقدر ما كان ترجمة للصراع السياسى العراقى الذى تحول بفعل التدخلات الخارجية إلى فتنة مذهبية ساهمت طهران فى تزكيتها، وهذا ما شكا منه كبار المراجع، خصوصاً السيد على السيستانى، ووصل الأمر إلى أن يوجه إمام صلاة الجمعة فى النجف، الشيخ صدر الدين القبانجى، ذات مرة، انتقادات مباشرة إلى إيران مؤكداً أنها تتدخل بشكل سافر فى العراق، وطالب بعدم تحويل بلاده إلى ساحة للصراع بين طهران وواشنطن، كما وصف المرجع آية الله الشيخ فاضل المالكى، المراجع والعلماء من أصل إيرانى، وجميع الذين يتدخلون فى العراق، بأنهم «حمالة الحطب»، رغم أن المرجع المالكى يقيم فى إيران، ويدير «حوزة الثقلين»، ويعتبر نفسه المرجع الشيعى العراقى الوحيد المنفى فى قم، إلا أن هذا لم يمنعه من توجيه النقد لطهران، حيث قال نصاً: «أنا هنا فى إيران، وأرى أنهم لا يسمحون لأى مرجع حتى لو كان أعلم علماء العالم أن يتدخل فى شئونهم الداخلية والسياسية، ونحن فى العراق نقول لهم لا تتدخلوا بشئوننا الداخلية تجنباً للحساسيات والاختراقات ولأن المرجع ابن البلد أفهم بشئون بلده».

وسأل «المالكى» حينها موجهاً حديثه للإيرانيين: «هل من الإنصاف أن يسمح لعلماء غير عراقيين فى النجف أن يتصرفوا فى الشأن السياسى والفتوى، بينما لا يسمح للعراقى الأصيل أن يعلن رأيه وصوته؟ هؤلاء المراجع من أصل إيرانى يصولون ويجولون فى بلادنا، والسبب أنهم جزء من معادلة تم التفاهم عليها وفق أجندة إقليمية ودولية، مفادها أن يكون هؤلاء الغطاء الشرعى لهذه العملية السياسية الخاطئة، وهم دخلوا للعراق من كل القنوات حتى الحوزة والدين».

إيران اختطفت «النجف الأشرف».. وموّلت الميليشيات لتفتيت العراق

■ النجف هى المرجعية الأولى للشيعة حيث عاش الشيعة والسنة فى العراق سنوات طويلة دون فتن مذهبية، فكيف تفسرون الأوضاع الراهنة بعد انهيار النظام البعثى وسيطرة حزب الدعوة الإسلامى على الحكم فى بغداد؟

- لا علاقة للنجف بالأحداث الدموية بين السنة والشيعة، وفى الأصل ما يجرى فى العراق ليس صراعاً دينياً أو مذهبياً، بل هو صراع سياسى بين قوى تتبع إيران تحاول الهيمنة على العراق بالقوة، ومارست فى سبيل ذلك أبشع الجرائم والمجازر، واستدرجت ردات فعل مذهبية، كانت طهران تغذيها أيضاً، إلا أن مسئولية النجف تمكن فى عدم التصدى لتلك المخططات، حيث تقاعست عن الوقوف أمام تحركات نظام حكم نورى المالكى، حين كان رئيساً للوزراء، أو السكوت عنه فى أحسن الأحوال، وهو المعروف بتبعيته لإيران، كما تقاعست النجف عن فضح ممارسات الميليشيات المذهبية التى مولتها وسلحتها إيران، وكانت هى السبب فى تقوية تنظيم القاعدة الإرهابى ومتفرعاته، والواقع يؤكد أن مرجعية النجف فقدت قدرتها على التأثير السياسى فى الأحداث، وبات دورها يقتصر على إصدار فتاوى دينية أصبحت موضع سؤال ونقاش.

■ هناك انتقادات من بعض المراجع لأداء الحكومة العراقية فيما يخص أزمة إعدام الشيخ نمر النمر، فى حين أن الأغلبية العظمى من الشيعة اتفقوا على التصعيد ضد السعودية من زاوية مذهبية، فما سبب ذلك التحول فى الفكر الشيعى العراقى؟

- لا أوافق على القول إن أغلبية الشيعة العراقيين يريدون التصعيد ضد السعودية، لكن هناك قوى سياسية عراقية عديدة تدعى تبنى المذهب الشيعى، لكنها فى الواقع أدوات لطهران، فهى التى تمولهم وترعاهم لتحقيق أهدافها فى العراق، فإذا أرادت هذه القوى مساندة إيران فى موقفها من قضية الشيخ «النمر» فذلك لا يعنى أنها تمثل الشيعة فعلياً، ومن ناحية أخرى لم أسمع أياً من المراجع المعروفة فى العراق تنتقد الحكومة العراقية على موقفها من مسألة «النمر»، وإذا تحدث البعض فى هذا الاتجاه فإنه لا يعبر عن الموقف الشيعى العام، بل عن الموقف الإيرانى لأسباب مصلحية، والجميع يعرف أن فى المذهب الشيعى اجتهادات عديدة، ومواقف مختلفة من القضايا السياسية وغيرها.

■ برأيكم ما الحلول المناسبة لاحتواء الفتنة المذهبية ومنع تفاقم الصراع الطائفى فى المنطقة؟

- الحل المناسب هو فى الابتعاد عن أمرين أولهما الحكومات الدينية الطائفية، والثانى الحكومات العلمانية المناهضة للدين، والعمل على تشكيل حكومات مدنية تحكم على أساس القانون واحترام مفهوم المواطنة، فالدين يرفع الآن فى معارك لتصفية الحسابات السياسية، أو يستغل كوسيلة للوصول إلى السلطة، وعندما يتحرك حزب ما من أجل السلطة متخذاً من أحد المذاهب غطاء، فإنه سيثير رد فعل مماثلاً لدى الآخرين، فهكذا تم استخدام الفتاوى الدينية بشكل سيئ، وجرى توظيف المذهب الشيعى سياسياً بزعم أن ولاية الفقيه جزء منه، من أجل الوصول إلى نظام محاصصة طائفية أو نظام هيمنة مذهبية، أضف إلى ذلك أن الطائفية لا تعنى الصراع والنزاع وإنما التعدد الدينى، ولكن تحريض النخب والأحزاب، فمن الممكن جعل التعددية وسيلة للكسب السياسى، فإن الناس من طوائف مختلفة وهم قادرون على العيش معاً تحت سقف القانون.

■ هل يجدى الحوار مع إيران فى ظل الأوضاع الملتهبة فى اليمن وسوريا والعراق؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل