الفنّ في عقل الإخوان.. مكروه ولكن مرغوب

تجدّد النقاش حول علاقة الإخوان بالفنانين في مصر خلال الأيّام الماضية، بعد إعلان نقابة الممثلين عن فصل وجدي العربي ومحمد شومان من عضويّتها، والإثنان مقرّبان من الحركة المصنّفة إرهابيّة في البلاد حاليّاً. فبالرغم من تعاطي التيار الإخواني مع الفنّ على أنّه حرام، تحاول الحركة استقطاب ممثّلين لتقديم برامج عبر قنواتها التلفزيونيّة

في حزيران من العام 2013، وخلال ما عرف إعلاميّاً بـ «فضيحة مؤتمر سدّ النهضة»، عقد الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي اجتماعاً، حضرته شخصيات سياسية، لمناقشة أزمة السدّ والعلاقات مع إثيوبيا.

شهد الاجتماع اقتراحات وصفها الإعلام وقتها بالكوميدية، كان أحدها تصريح رئيس «حزب العمل» المقرّب من الإخوان مجدي حسين الذي دعا إلى إيفاد الممثل المصري عادل إمام (المعروف بمواقفه المعارضة للإسلاميين) إلى إثيوبيا، لتحسين العلاقات بين البلدين. وقال حسين في الاجتماع، «حين كنت في قرية أفريقية سألني طفل هل تعرف عادل إمام؟ سلم لي عليه». تختصر تلك الحادثة نظرة تيار الإسلام السياسي المرتبكة تجاه الفن، إذ إنّه يدعو صراحةً لتحريمه، لكنّه يرى فيه حاجةً ملحّة للتسويق السياسي، خصوصاً في بلد مثل مصر، حيث للفنانين تأثير كبير.

اقتراح مجدي حسين (المسجون حالياً بتهمة التحريض على العنف) يجري العمل به ولكن بشكل مختلف حالياً، من خلال استقطاب الإخوان لعدد من الممثلين المصريين للظهور على الشاشات الدائرة في فلكهم، سواء تلك التي تتبنّى خطاباً سياسيّاً مؤيّداً لهم، أو تلك التي تروّج لهم بشكل مباشر وصريح.

على سبيل المثال، يقدّم الممثل هشام إسماعيل برنامج «70، 80، 90» على «شبكة التلفزيون العربي»، وهو معروف بأداء شخصيّة فزّاع الكوميديّة.

على القنوات الأكثر مباشرةً وفجاجة في ترويجها للإخوان، يظهر الممثل المعتزل منذ سنوات طويلة وجدي العربي كضيف دائم على برامج قناة «الشرق». القناة الإخوانيّة تعاقدت كذلك مع الممثل محمد شومان ليقدم برنامجاً كوميدياً بعنوان «شومان شو».

آخر من تلقى عروضاً من الإخوان هو الممثل هشام عبد الله (لا ينتمي للإخوان بل هو معروف بمواقفه الثورية المعارضة لهم). وتفيد مصادر إعلامية أنّه سيقدم برنامجاً على قناة «وطن» المؤيدة للإخوان من تركيا. يرفض عبد الله أن ينفي أو يؤكد الخبر في رسالة مع «السفير» عبر حسابه على «فايسبوك»، مكتفياً بالقول إنّه موجود في تركيا لأعمال خاصة، وأنّ موافقته على أيّ عرض ستعلن بشكل رسمي عبر حسابه. لكن حسابات لشخصيات وقيادات إخوانيّة في تركيا أكّدت خبر موافقته على تقديم برنامج سياسي على شاشة «وطن».

ترحيب الإخوان بالممثلين على شاشاتهم، تنبع من إيمانهم بتأثيرهم الشديد على المصريين. فعقب سقوط حكم مرسي العام 2013، عمل فريق من لجان الإخوان الإلكترونية على إدارة حسابات وهمية لعدد من الفنانين على «تويتر»، أبرزهم الممثلة جيهان فاضل، وكتبوا تغريدات مؤيّدة لمرسي وللجماعة. بعض المواقع المصرية لا زالت تنقل تغريدات حساب فاضل المزوّر على أنّها حقيقيّة، بالرغم من أنّ الممثلة أكّدت في تصاريح إعلاميّة أنّ الحساب لا يخصّها. الأمر ذاته تكرّر مع نجوم آخرين منهم أحمد حلمي، والراحل خالد صالح، وإيمي سمير غانم، ودرّة، وكندة علوش الذين أصدروا بيانات رسميّة تؤكد أن حساباتهم المؤيّدة للإخوان مزيّفة.

يظهر التناقض الشديد في نظرة الإخوان للفنّ من خلال تعاطيهم مع أخبار موت بعض الفنانين، بمنطق التشفي والشماتة، واختيار عناوين من نوع «وفاة الممثلة/الممثل المؤيد للانقلاب». ذلك ما حصل عند نشر أخبار رحيل الممثلين خالد صالح، وفاتن حمامة، والكاتب جمال الغيطاني، والشاعرين عبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم.