المحتوى الرئيسى

الطلاق الثاني بين السعودية و«القاعدة».. و«داعش» يتربص

01/07 09:59

انفكاك عرى الزواج الثاني بين تنظيم «القاعدة» من جهة والسلطات السعودية من جهة ثانية، هو أفضل توصيف لعملية الإعدامات التي شهدها 12 موقعاً في أنحاء المملكة، وشملت بالإضافة إلى رجل الدين البارز نمر النمر عشرات من قادة وأعضاء «القاعدة».

وكان الزواج الأول الذي دام لأكثر من عقدين من الزمن قد انتهى في أعقاب هجمات 11 أيلول والغزو الأميركي لأفغانستان. وإذا كان الزواج الأفغاني قد اتسم بالشرعية لمباركته من العديد من الدول، على رأسها الولايات المتحدة، وتمّ على رؤوس الأشهاد، فإن اختلاف الظروف بعد أكثر من عقد من الزمن اضطر الطرفان إلى اللجوء إلى «زواج المسيار» شبه السري، والتنقل فيه بين سوريا واليمن وبعض الدول الأخرى بحسب الحاجة.

وكان واضحاً أن الرياض باشرت بمعاملة الطلاق منذ مطلع العام 2013، عندما أصدرت مجموعة من التشريعات التي صنفت بموجبها «جبهة النصرة» (فرع «القاعدة» في الشام) على لائحة الإرهاب، كما فرضت على من يمارس القتال في الخارج عقوبات شديدة، غير أن العلاقة، رغم ذلك، استمرت بين الطرفين على شكل تحالفات غير معلنة في اليمن باسم «المقاومة»، وفي سوريا باسم «جيش الفتح»، إلى أن قررت الرياض أن الوقت حان لإنفاذ الطلاق وجعله واقعاً على الأرض. وكان إعلانها عن ذلك على شكل سلسلة من عمليات الإعدام غير المسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي، طالت 47 شخصاً من المتهمين بقضايا الإرهاب والمساس بأمن المملكة بحسب قرار إعدامهم.

وغالبية المُعدمين من المنتمين إلى تنظيم «القاعدة»، وبينهم قيادات كبيرة مثل فارس آل شويل الزهراني وعبد العزيز الطويلعي، كما من بينهم متعاطفون أو موالون لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» مثل حمد الحميدي الذي سُرِّبت له رسالة يطالب فيها القيادييَن في «قاعدة اليمن» قاسم الريمي وناصر الوحيشي بمبايعة «الخليفة أبي بكر البغدادي».

وقد شهدت السعودية موجة ضخمة من التفجيرات بين عامي 2002 و2006 رداً على انقلابها على العلاقة مع «المقاتلين من أجل الحرية»، كما كان يسميهم الإعلام الخليجي والغربي في ثمانينيات القرن الماضي عندما كانوا يقاتلون ضد عدو مشترك، هو الاتحاد السوفياتي.

غير أن الوقائع الحالية تشير إلى أن رد الفعل تجاه الانقلاب الثاني سيكون أكثر عنفاً مما شهدته المملكة في السابق، لسببين، الأول أن الأمر لم يعد متعلقاً بتنظيم «القاعدة» فقط، بل ثمة تنظيم آخر يتربص شراً بالمملكة هو «داعش»، ما يعني أن الرد سيكون مزدوجاً وأكثر إيلاماً، لا سيما أن «القاعدة» لديها ثأر قديم يعود إلى أيام طرد عناصرها من المملكة ولجوئهم إلى اليمن، كما أن «داعش» ينظر إلى الرياض كمنافس له على قيادة العالم الإسلامي «السنّي». وكان قد بدأ بالفعل في توجيه ضربات قاسية ضد بعض الأهداف داخل المملكة حتى قبل الإعدامات. والثاني، أن أوضاع المملكة حالياً تختلف عن أوضاعها في بداية القرن الحالي، فهي تخوض حرب استنزاف قاسية في اليمن، وتعاني من أوضاع اقتصادية متردية نتيجة انخفاض أسعار النفط وتكاليف الحرب اليمنية، كما أنها تشعر بعدم الثقة والأمان بسبب توقيع الاتفاق النووي والانكفاء الأميركي عن المنطقة.

وكان تنظيم «القاعدة في الجزيرة العربية» قد عبّر عن موقفه في بيان تهديدي صدر قبل تنفيذ الإعدامات، وذلك في محاولة استباقية على ما يبدو لمنع السلطات السعودية من القيام بها. حيث أصدر بياناً قبل ساعات من تنفيذ الإعدامات هدد فيه «عسكر وحكام آل سعود» برد قاسٍ، وجاء فيه «تبادر إلى مسامعنا نبأ الإعدامات التي تنوي حكومة آل سعود تنفيذها في أسرانا، فإن دماءهم الطاهرة لن تجف قبل أن تسفك دماء عسكر آل سعود، ونعاهد الله أن العيش لن يطيب من دون النيل من رقاب حكام آل سعود». وأضاف البيان «الهدم الهدم، والدم الدم، ونشهد الله أننا لن نخذلكم يا أسرانا حتى فكاكم، أو نذوق ما ذاق حمزة بن عبد المطلب».

بدوره، كان زعيم «داعش» قد استبق الإعدامات بتحريض الشباب السعودي على الانتفاض بوجه «طواغيت آل سلول المرتدين». ووصف الردة يتفق به «داعش» و «القاعدة» حيث سبق للقيادي في «قاعدة اليمن» قاسم الريمي قبل مقتله أن وصف حكام السعودية بالمرتدين وطالب مباهلتهم على ذلك. كما كان للبغدادي، في خطابه الأخير الذي حمل عنوان «فتربصوا إنا معكم متربصون»، وقفة مع من أسماهم «الأسرى»، حيث قال «وإن وصيتي لكم إخراج أسرى المسلمين في كل مكان، وخصوصاً طلبة العلم في غياهب سجون الطواغيت، فاصبروا يا أسرانا ولا تظنوا أن يطيب لنا عيش ولمّا نخرجكم جميعا بحول الله وقوته».

وتجدر الإشارة إلى أن أحد أبرز الذين جرى إعدامهم، وهو حمد الحميدي كان موالياً لـ «داعش»، وقد سرّبت له رسالة يطالب بها قيادة «قاعدة الجزيرة العربية» بمبايعة البغدادي، ما يشير إلى أن «داعش» سيكون له حافز قوي للرد على عملية الإعدامات، لا سيما أن المطالبة بإخراجهم جاءت من زعيمه مباشرة، وهو ما يطرح التساؤل: هل فتحت المملكة على نفسها أبواب جهنم؟

وما يعزز من خطورة الموقف السعودي أن تداعيات الإعدام لن تتوقف على إمكانية القيام بعمليات انتقامية، سواء من قبل «داعش» أو «القاعدة»، بل سوف تتعدى ذلك وتترك تأثيراً مباشراً على المجريات الميدانية في كل من اليمن وسوريا خاصة. فبالنسبة لليمن لم يعد خافياً أن هناك تحالفاً غير معلن بين قوات التحالف، الذي تقوده السعودية، ومقاتلي «القاعدة»، حيث يقاتل الطرفان في معظم جبهات القتال جنباً إلى جنب ضد أعدائهم الحوثيين كما يسمونهم، لذلك فإن انسحاب «القاعدة»، الذي يسيطر على حضرموت وعاصمتها المكلا، من هذا التحالف سيحدث تغييراً في موازين القوى على الأرض، كما أنه سيعرّض قوات التحالف السعودي لتهديدات ومخاطر إضافية. وبالرغم أنه لا يمكن حالياً تقدير حجم مثل هذه التغييرات أو المخاطر، لكنها بالتأكيد ستكون من الوزن الذي لا يمكن الاستهانة به، هذا إذا لم يصل الأمر إلى درجة الاشتباك المباشر بينهما فوق الأراضي اليمنية.

أما في سوريا، فلن تكون هناك ارتدادات مباشرة، غير أن الأمر لن يخلو من تأثيرات سلبيات. وقد بدأت ملامح ذلك بالظهور بعد امتناع حركة «أحرار الشام» عن التعزية بمن أعدمتهم السعودية، الأمر الذي أثار ضدها عاصفة كبيرة من الاحتجاجات من قبل قيادات وعناصر في «جبهة النصرة»، الذين أخذوا على الحركة أنها قدمت التعازي بضحايا أحداث باريس (الكفار بالمعايير السلفية)، وهو ما يضيف عاملاً جديداً إلى عوامل سابقة ذات طابع سياسي أدت إلى مباعدة المسافة بين «النصرة» و «الأحرار»، وجعلت من التلاقي بينهما متعذراً بعد سلسلة الخلافات التي طرأت منذ تبني الحركة للحل السياسي. يضاف إلى ذلك أن علاقة الرياض مع «جبهة النصرة»، ضمن إطار «جيش الفتح» الذي نشأ في ظلال الثلاثي السعودي ـ القطري ـ التركي، لا يمكن أن تبقى كما كانت قبل تنفيذ الإعدامات وإدانة «النصرة» لها، ما يعني أن «جيش الفتح» قد يكون من بين الذين صدر بحقهم قرار الإعدام أيضاً.

اشتهر بأنه من المبايعين لتنظيم «داعش» وهو داخل سجنه. ويعد من رجال الدين الحافظين للمتون ولا سيما صحيح مسلم والبخاري.

وسُربت له رسالة موجهة إلى القيادييَن في «قاعدة اليمن» نصر الوحيشي وقاسم الريمي يطالبهما فيها بمبايعة زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، ومما جاء فيها «فنحن نوصي الجميع، خاصة أنتم لما لكم من السابقة من نصرة الدين، فحريٌ لكم مبايعة الخليفة، فهي بيعة صحيحة لا غبار عليها ولله الحمد». وتعرض للاعتقال عدة مرات بين العامين 2000 و2005، آخرها أثناء «معركة الرس» في القصيم في العام 2005 حيث أصيب بطلق ناري. ومن مؤلفاته «جهاد المطلوبين وحقهم في الدفاع عن النفس» و«حتى لا تسمع للجهاد منادياً».

يعد من أبرز منظري الفكر «الجهادي»، وله العديد من المؤلفات التي تعتبر مرجعاً لأتباع التيار السلفي «الجهادي». ونال شهرة واسعة، كما يحظى باحترام كبير عند تلامذته وأنصاره، برغم أنه لم يشارك في القتال على أي جبهة.

وهو من مواليد العام 1977 ومتزوج ولديه طفلان. ومن أشهر كتبه «الباحث عن حكم قتل أفراد المباحث»، وهي رسالة في تأصيل جواز قتل أفراد المباحث السعودية، وكتاب «وصايا للمجاهدين» الذي يضم مجموعة وصايا لـ «المجاهدين» في أحوال كثيرة، كالاعتقال أو التحقيق أو كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل