المحتوى الرئيسى

محمود رزق يكتب: أسئلة العلم المحيرة | ساسة بوست

01/06 23:18

منذ 7 دقائق، 7 يناير,2016

“مديح الأسئلة الصعبة، ألغاز العلم المحيرة” هذا هو عنوان الكتاب الذي ترجمه عبد الله الحاج، والصادر عن المجلة العربية عدد 188، والذي جمع فيه مترجمه الأسئلة التي تواجه العلم في الربع الأول من القرن الـ21. حيث أصدرت مجلة العلم (science) الأمريكية عددًا تذكاريا خاصا يحتوي على 125 سؤالا، وضعها علماء ومحررو المجلة، تدور الأسئلة حول العلم وما وصل إليه أو بشكل أكثر تحديدًا ما الذي لا نعرفه إلى الآن؟

يقول المترجم، بأن القاعدة التي وضعها المحررون في وضع الأسئلة هي: ما المواضيع العلمية التي يجب على العلم الإجابة عليها خلال الـ25 سنة القادمة أو على الأقل يعرف العلماء الطريقة التي يجب أن يتبعوها. ثم قاموا بترتيب الأسئلة التي وردت إليهم من خبراء وعلماء كل في تخصصه، واختاروا منها 125 سؤالًا، ثم اختاروا منها 25 سوالًا تمثل التحدي الأكبر للعلم في الربع الأول من القرن الـ21.

يضيف عبد الله الحاج بأن هذه الممارسة، أي وضع أسئلة للمواضيع العلمية التي لم يتمكن العلم من الإجابة عليها، هي ممارسة تلجأ إليها المؤسسات العلمية لكي تقف على حدود العلم وما يستجد فيه، فعلى سبيل المثال وضعت مجلة (العالم اليوم) عشرة أسئلة لا إجابات لها خاصة بالحياة، وسمتها بأسرار الحياة، وكانت تلك الأسئلة هي:

كيف بدأت الحياة؟ كم عدد أنواع الكائنات الحية الموجودة على الأرض؟ هل ما زلنا في حالة تطور؟ لماذا ننام؟ هل الذكاء أمر لا مفر منه؟  ما هو الوعي؟ ما فائدة العملية الجنسية؟ هل باستطاعتنا القضاء على الشيخوخة؟  ما هي الحياة؟ هل هناك حياة في كواكب أخرى؟

افتتح عبد الله الحاج كتابه بمقالة لتوم سيغفرد؛ رئيس تحرير مجلة أخبار العلم، والتي تصدر من واشنطن، والتي عنونها بثلاث كلمات (مديح الأسئلة الصعبة)، وافتتحها بمقولة لقاضي المحكمة العليا الأمريكية أوليفر وندلي: إن القضايا الكبيرة قد تؤدي إلى تشريع سيء. في حين أن توم سيغفرد يؤكد على أن الوضع في الأمور العلمية يختلف عن مثيله في الأمور القانونية، حيث أن الأسئلة العظيمة تؤدي في أغلب الأحيان إلى علم جيد.

يرى سيغفرد أن القضايا الغامضة توفر للعلم الإثارة وتدل على الطريق، فالفجوات على طريق المعرفة العلمية لا تعتبر عثرات بل يجب اعتبارها فرصًا يجب أن تستغل. مؤكدًا على أن أعظم التطورات العلمية قد حصلت على الحدود المتداخلة بين العلم والجهل، حيث تم طرح أكثر الأسئلة عمقًا.

لقد آمن البعض في زمن مضى أن العلم قد ردم جميع الفجوات وأنهى عصر الجهل، فعندما ولدت مجلة العلم عام 1880 كان جيمس ماكسويل قد توفي قبل ذلك بعام واحد، بعدما نجح في شرح ماهية الضوء والكهرباء والمغناطيسية والحرارة، وإذا أضفنا إليهم الجاذبية التي برع في شرحها نيوتن بعد قرنين من ذلك الزمان، فقد ظن البعض أن الفيزياء قد اكتملت كعلم. وفي تلك الأثناء كان قد وضع داروين المبادئ الأساسية المحددة لعلم الأحياء، كما اكتشف ماندليف الجدول الدوري للعناصر الكيميائية.

عند وفاة ماكسويل كانت نظريته عن الحقول الكهرومغناطيسية لم تكن مقبولة بشكل كافٍ، فقد كان العلماء آنذاك ما زالوا يجادلون عما إذا كانت الكهرباء والمغناطيسية تنقل أو تنشر تأثيرها عن بعد كما تفعل الجاذبية مثلا، مما طرح سؤالًا أعمق حول إذا ما كان بالإمكان توحيد الجاذبية مع المغناطيسية؟

بجانب ذلك طرح الجدال حول العوالم المتعددة في الكون، وما إذا كانت المجرة التي تضم الأرض والمعروفة بدرب التبانة، والتي ما هي سوى واحدة من تجمعات نجمية عديدة، السؤال حول حركة تلك المجرات والتي وجد أنها تتباعد ببطء من نقطة واحدة مشتركة، مما يعني أنها كانت قريبة من بعضها البعض في الماضي البعيد، وأنها بدأت رحلتها من نفس المكان، مما وسع من دائرة السؤال حول حركة النجوم إلى سؤال أعمق يحاول البحث عن أصل الكون ذاته. وبتطور العلم والإجابة على كثير من أسئلته، أخذ يطرح الكثير من الأسئلة الأكثر عمقا، فقد أصبح السؤال الآن يدور حول احتمال وجود أكوان أخرى تسكنها أنواع أخرى من الكائنات الحية التي قد تكون أبناء عمومة لنا.

وقد أثارت حياة الإنسان العديد من الأسئلة؛ من احتمال الخلود إلى تشخيص الأمراض من أجل القضاء عليها، بجانب طرح السؤال الأعمق حول إذا كان بالإمكان القدرة على خلق أنواع جديدة من الكائنات الحية، أو على الأقل محاكاة قدرة التجمع الذاتي للكائن الحي.

يضيف سيغفرد بأنه كما تقدم العلم في العمر فإن الأسئلة الكبرى تغيرت أيضًا، فالسؤال القديم – مثلا – عن عمر وبنية الأرض قد استبدل به مواضيع تهتم بما إذا كان بقدرة هذا الكوكب تحمل تكاثر أعداد السكان وزيادة عمر الإنسان. فالأسئلة العميقة قادت العلم إلى مجالات دقيقة وتفاصيل أكثر عمقًا، فالجدل القديم حول التطور والاختيار الطبيعي قد تحول لنقاش حول دينامكية النوع، أو كيف تنبثق سلوكيات معينة مثل سلوكيات التعاون من قوانين المنافسة الفردية؟

وينهي سيغفرد مقاله مؤكدًا على أنه كلما تقدم العلم كلما ازدادت أسئلته صعوبة، وهذا ما يجعل العلم قادرًا على التجدد دائمًا، ويهدم الفكرة السخيفة التي ترى أن مهمة العلم سوف تنتهي في يوم من الأيام.

والآن قبل سرد الأسئلة يجب علينا أن نذكر شيئًا بسيطًا عن مجلة العلم، والتي تأسست عام 1880 بتبرع من المخترع الأمريكي إديسون، وقد أصبحت الآن إحدى المجلات العلمية الرائدة في العالم وتنشر لأهم العلماء وأهم الأبحاث في جميع المجالات، ولدى المجلة مجلس علمي يضم أكثر من 100 عالم، يعتبرون الأبرز عالميا في تخصصاتهم، وتتسلم المجلة أكثر من 12 ألف بحث علمي سنويًّا لا ينشر منهم سوى ما يقارب الـ8% بعد أن يمروا بلجان تحكيم قاسية.

وأود أن أذكر أن الكتاب قد احتوى على شرح ومناقشة بشكل منفصل حول كل سؤال من قبل طرحه، ولكني هنا ذكرت الأسئلة فقط، التزامًا مني بعدد كلمات محدد للمقال، فعلى من يريد المزيد حول تلك الأسئلة الرجوع للكتاب، ولعل الهدف من المقال هو مجرد لفت الانتباه حول تلك الأسئلة التي ما زال العلم يطرحها، مع الأخذ في الحسبان أن العلم منذ الفترة التي طرحت فيها هذه الأسئلة إلى الآن، قد استطاع الإجابة على بعضها…

نرشح لك

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل