المحتوى الرئيسى

أحمد أمين يكتب: «جون» من بيع الليمون إلى السرطان إلى صاحب أكبر سلسلة فنادق في العالم! | ساسة بوست

01/06 17:38

منذ 11 دقيقة، 6 يناير,2016

قصة نجاح باهرة واستثنائية سطرها “جون”، ذلك الشاب الأمريكى الذى استطاع فى سنوات معدودات وبكثير من الجهد والإخلاص والحب أن يبنى مجدا شخصيا، بعد أن حقق أرباحا خيالية جراء استغلاله لأخطاء الآخرين، وتحديه للظروف مهما كانت صعبة ومعاكسة فى كثير من الأحيان.

فلنتعرف على سطور القصة معاً

وُلد “جون” في ولاية “يوتاه” الأمريكية في عام 1900 وتربى في مزرعة أبيه حيث كان أبوه راعيا للماشية. واعتمد عليه أبوه وحملّه المسئولية وهو في سن صغيرة. ثم انتقل إلى سان فرانسيسكو وهو في الرابعة عشر من عمره، وتخرج من جامعة يوتاه في عام 1926، وبعد التخرج مباشرةً قررّ الانتقال إلى العاصمة واشنطن حيث بدأ حلمه هناك.

بدأ حلمه في واشنطن، حيث تزوج، ثم قام هو وزوجته عام 1927 بفتح كشك صغير لبيع عصير الليمون خلال الصيف للزوار الذي يأتون لزيارة “الكابتيل هيل” وهو أكبر حي سكني تاريخي في مدينة واشنطن الأمريكية.

إن من أهم ما تميز به “جون” هو شغفه وحبه لهذا العمل البسيط، وهذا ما بدا جلياً عند محاورته لزبائنه، فكان معظم مرتادي الفنادق يقفون عنده ليسمعوا قصصه الممتعة بأسلوبه الساخر والجميل، كان “جون” يمتلك أسلوباً مميزاً في التعامل مع الزبائن، يخطف انتباهم بابتسامته، ويتبادل الأحاديث السريعة معهم. استطاع من نقاشاته مع الزبائن معرفة تعليقاتهم العديدة وشكواهم المستمرة من سوء الخدمة في الفنادق المحيطة ورداءة الغرف الفندقية وسوء الطعام المقدم. ومن خلال حديثه الدائم معهم، أصبح على علم تام بما يحبون وما يكرهون، حيث إن نجاح “جون” بعد ذلك اعتمد كليًا على هذه الخبرة التي اكتسبها من وقوفه أياماً طويلة تحت شمس واشنطن الصيفية الحارقة، وهو يقدم للناس ما يروي به عطشهم ويكسب به قلوبهم.

استمع “جون” إلى هذه الانتقادات جيدا، واستمر في بيع العصير، وجمع النقود، واضعا نصب عينيه هدفا واضحا، ألا وهو افتتاح مطعم يقدم طعاما جيدا وشهيا. وبالفعل، وبعد سنوات، تحقق أول حلم عند “جون” ونجح في افتتاح مطعم صغير بدلا من كشك بيع العصير، يقدّم المطعم الوجبات الساخنة والشهية للناس، ووظف معه عمالا مميزين يشبهونه تمامًا، واعتمد على الجودة في الخدمة، وكان يتقاسم الأرباح مع موظفيه، وكان دائماً ما يقول: “إن سعادة الموظفين ورضاهم ستجعلك تحقق الكثير من الأرباح وأيضا ستسعد الزبائن”. أسلوبه الملهم وانتشار صيته فتح الأبواب أمامه للشراكة مع طهاة كبار من واشنطن ونيويورك ويوتاه، واستقطاب أفضل الطهاة والنادلين والمحاسبين في المطاعم الأمريكية. اتسع حجم الأعمال في المطعم، وتولى المطعم إدارة خدمات الطعام في وحدات الدفاع والمباني الحكومية، مثل وزارة الخزانة الأمريكية، وذلك في العام 1928.

في عام 1935 شعر بآلام شديدة وأظهر التشخيص على الفور إصابته بالسرطان في الغدد الليمفاوية، وتنبأ الأطباء بوفاته بعد أشهر رغم العمليات العديدة التي أجراها، لكنه عاش 50 عاماً أخرى، وتُوفي في العام 1985 تاركا وراءه نجاحات غير مسبوقة.

إنه “جون ويلاد ماريوت” صاحب سلسلة ماريوت العالمية.

إن الخبرة والعمل والنجاح الباهر الذى حققه “جون ماريوت”، وأيضا علاقته الرائعة مع الموظفين والزبائن، دفعه كل ذلك لتحقيق حلم ثان، حيث راودته فكرة افتتاح أول فندق باسمه يقدم ملاءات عطرة نظيفة، وخدمة مميزة، وطعاما ساخنا وجيدا، وكان يوقن أنه سينجح؛ لأن المنافسين يقدمون كل ما هو سيئ، إلا أنه قرر أن يكون افتتاح الفندق مجرد افتتاحا تجريبيا لفترة ثلاثة أشهر دعا إليه أقاربه وأصحابه بمبالغ زهيدة.

يُعد “جون ماريوت” هو أول من ابتكر تلك الورقة المتواجدة الآن بكل مطاعم وفنادق العالم، والخاصة بشكاوى واقتراحات العملاء، حيث ترك في كل غرفة قلما ودفترا صغيرا كتب أمامهما: “اكتب رأيك بصراحة في مستوى الخدمة هنا. نعدك أن نلبي مطالبك عند زيارتك في المرة المقبلة” للحصول على آراء ومقترحات وشكاوى العملاء ودراستها. وبالفعل انتهت فترة الثلاثة أشهر، وبدأ في الافتتاح الرسمي بعدما وضع في الاعتبار المقترحات والشكاوى التي زادت من نجاح مشروعه.

كان الافتتاح فى عام 1957 في ولاية فيرجينيا، وأطلق عليه اسم: “توين بريدجز موتور”، ثم قام بتغيير اسم الشركة بعد ذلك في عام 1967 لتصبح مؤسسة “ماريوت”، ثم أضاف إلى هذه المؤسسة سلسلتين كبيرتين من المطاعم: “بيج بوي” في عام 1967 و”روي روجرز” في عام 1968. وأصبح اسم عائلته “ماريوت” الذي اختاره اسما لفنادقه ومنتجعاته واحدا من أشهر العلامات التجارية في العالم.

إن أهم ما يميز “جون ماريوت” هو فكره، واقتناعه بأن النجاح يأتي بمساعدة الآخرين، وأن النجاح لا ينتهي بعمر الإنسان، بل يجب أن يستمر للأجيال القادمة، ففي عام 1964 أصبح عمر ماريوت 64 عاماً، وأصبح غير قادر على العطاء كالسابق، فقام بتسليم كل شيء لابنه “جونيور ماريوت”،  والذى كان يبلغ من العمر 32 عاماً، وكان قد تربى على حلم أبيه منذ الصغر، وأراد أن يكمل مسيرة أبيه، وأن يحقق نجاحات جديدة.

لم يخيب الابن ظن أبيه، فبدأ بالتوسع وتحقيق نجاح تلو الآخر، حيث تخطى حدود الولايات المتحدة ليصل إلى فنزويلا عن طريق تزويد وتوفير الأطعمة لخطوط الطيران، ثم بعدها غير اسم الشركة لتصبح “ماريوت العالمية”، حيث قام بأخذ الحق بإدارة الكثير من سلاسل المطاعم للوجبات السريعة مثل  ” Host ” و “Gino”، واحتل بعدها في المرتبة الأولى في تزويد الوجبات السريعة للمطارات والرحلات. وفي عام 1983 تبنت شركة “ماريوت العالمية” مجموعة من المنتجعات بأمريكا، وأصبحت تسوق لبرامج العطلات والرحلات السياحية.

وفي عام 1985 توفى “جون ماريوت” الأب، و كانت حينها شركة ماريوت العالمية لديها أكثر من 140,000 موظف في أكثر من 25 دولة، وتدير 1400 مطعم، ولديها 143 فندق ومنتجع حول العالم.

نجح ماريوت لأنه استمع إلى هموم الناس، وكان محبا للعمل لدرجة الإدمان. يحرص على المرور شخصيا مع زوجته وأولاده على جميع مؤسساته، وتميز بالرفق الشديد والتواضع مع جميع العمال، فلم يكن يقبل أن يزور موظفيه إلا وهو يلبس كلباسهم، ويأكل معهم مستمعا لمشاكلهم وهمومهم ومحاولا قصارى جهده حلها. ويحكى كثيراً كيف كان يرتدي ملابس موظفي الاستقبال أحيانا ويساعد الزبائن، ويتداول الانتقادات اللاذعة بنقاشات تسهم في الوصول إلى حلول. اقتحم مجالات عديدة وحرص على التنويع الدائم في نشاطاته، فهو أول من أدخل خدمات الطعام على متن الطائرات، وأصبحت شركاته أشهر من يقوم بتقديم الأطعمة على متن الطائرة.

وفي عام 1987 قام ماريوت الابن بالتوسع أكثر فأكثر، حيث قام بتأسيس ماريوت سويتس، وريزدنس، كما قسم عمليات الشركة لقسمين هما: ماريوت لامتلاك الفنادق، والثانية هي ماريوت انترناشونال لإدارة الفنادق.

وحاليا تعتبر فنادق ماريوت العالمية من أفضل الأسماء في مجال الفنادق والأطعمة حول العالم، والجدير بالذكر أن فنادق ماريوت لا تحمل كلها اسم ماريوت، مثل رنيسانس وريزيدنس إن ورامادا.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل