المحتوى الرئيسى

محمود خليفة يكتب: يكاد الصنم أن يتهاوى (1-3) | ساسة بوست

01/05 11:09

منذ 7 دقائق، 5 يناير,2016

نحن نصنع أصنامنا بأيدينا ونخلع عليها صفات العظمة والكبرياء وحتى الألوهية، وأخيرًا، نعبدها من دون الله، والأصنام ليست فقط أصنام التماثيل، إنما هي موجودة حتى في الأفكار والأيديولوجيات وحتى في النظريات الاقتصادية!

لقد بدأت صناعة الأصنام وعبادتها من زمن سيدنا نوح عليه السلام، قال تعالى: “وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا”[1].

وفي تفسير ابن كثير (بتصرف): “وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله .

عن ابن عباس: أصبحت أوثان قوم نوح تعبد في العرب؛ أما ود: فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، أما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير لآل ذي كلاع.

وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عُبدت …”.

هل اكتفينا بأصنام قوم نوح؟ لا، لقد أنشأنا أصناما لآلهة متعددة عند الفراعنة وغيرهم، ومنها أنشأ السامري صنم العجل لكي يعبده بنو إسرائيل.

قال تعالى: “فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ“[2].

وفي تفسير ابن كثير (بتصرف): “عن ابن عباس أن هارون مر بالسامري وهو ينحت العجل فقال له ما تصنع فقال أصنع ما يضر ولا ينفع فقال هارون اللهم أعطه ما سأل على ما في نفسه ومضى هارون وقال السامري اللهم إني أسألك أن يخور فخار فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا رؤوسهم، وعن ابن عباس أيضا: فقالوا «هذا إلهكم وإله موسى» قال فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا شيئا قط يعني مثله!”.

عن الحسن البصري: أن هذا العجل اسمه “بهموت” وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط فألقوها عنهم وعبدوا العجل!” [3].

وماذا فعل موسى – عليه السلام – مع هذا الصنم: لقد أحرقه سيدنا موسى. قال تعالى: “قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً”[4].

وكانت عقوبة السامري ألا يمسه أحد وأن يعيش معزولا باقي حياته.

أتى دين الإسلام للعبودية لله وحده وترك الجاهلية وأصنامها، قال تعالى: “أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى”[5].

وقال تعالى: “إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى”[6].

وهذا الهدى الذي جاء من ربنا شيعناه وفرقناه وحزبناه وأعدنا عبادة اللات والعزة ومناة الثالثة والثانية والأولى في صورة عبادة الأولياء الصالحين، وانتشرت الأضرحة والمشاهد في شرق البلاد المسلمة وعرضها وشمالها وجنوبها، وقدمت لساكنيها من الأولياء الصالحين أو غير الصالحين القربات والنسك كما كانت تُقدم في الجاهلية للات ولأخواتها!

والرسول – عليه الصلاة والسلام – قال في آخر حياته: “اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَل قَبْرِي وَثَناً يُعْبَدُ، اشْتَدَ غَضَبُ الله عَلَى قوْمٍ اتخذوا قُبُور أَنبِيَائِهم مَسَاجِدَ“[7].

وعُبد الحسين بن علي – رضي الله عنهما – من دون الله، وحتى نجد أسماء للشيعة من نوعية عبد الحسين! هُبل جديد عند المسلمين! والعبودية لا تكون إلا لله وحده.

وفي مناسبة عاشوراء، يقوم الشيعة بجرح أنفسهم بالسكاكين ظنا منهم أن في هذه الخزعبلات تقربًا إلى الله وتكفيرًا عن ترك الحسين ليلقى حتفه وحيدا! فهذا دين جديد لم يبعث به الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم!

حاشا لله أن يعاقب الأجيال اللاحقة لجيل أنصار الحسين الذين تقاعسوا عن نصرته بسبب ذنب آبائهم. حاشا لله أن يأمرنا في القرآن الكريم بألا تزر وازرة وزر أخرى ثم يفعل هو – سبحانه وتعالى – عكس ما أمرنا به.

سجود الشيعة لقبر محمد الصدر

هل بعث الرسول محمد (ص) بالإسلام لنسجد لغير الله؟!

صور طقوس الاحتفال بعاشوراء عند الشيعة

النفس البشرية ملك لله وحده ونحن مأتمنون عليها ولا يحق لنا أن نؤذيها أو نهدرها هكذا!

ولم نكتفِ بأصنام الجاهلية لنعيد عبادتها في صورة الأضرحة والمشاهد، إنما صنعنا أصناما أحياء بأيدينا لنعبدها من دون الله ومنها صنم تركيا الحديث.

صنم تركيا الحديث (مصطفى كمال أتاتورك أو صنم العلمانية)

قيل أن أصله من يهود الدونمة، وهم اليهود الذين خرجوا من الأندلس عند سقوطها في يد الصليبيين الذين اضطهدوا اليهود فخرجوا منها ولفظتهم كل البلاد حتى توسطت لهم روكسلان اليهودية زوجة الخليفة العثماني سليمان القانوني فوافق على استضافتهم في بلاد الخلافة. وهم مسلمون ظاهرًا ولكن في الباطن يهود، وقاموا بالدور الأكبر في خلع السلطان عبد الحميد وإسقاط الخلافة كلها!

وهذا هو سجل أعمال هذا الصنم الحديث:

إلغاء الخلافة الإسلامية لأول مرة في التاريخ الإسلامي. ألغى المدارس الدينية ووزارة الأوقاف ووزارة الشرعية. محا كل علاقة بالدين والإسلام. ألغى الحروف العربية وأحل محلها الحروف اللاتينية. ألغى الآذان باللغة العربية. ألغى عيد الفطر والأضحى. جعل يوم الأحد هو يوم العطلة الرسمية. منع رحلات الحج والعمرة. حول المساجد إلى متاحف مثل مسجد أيا صوفيا الذي حوله إلى متحف. حتى الموسيقى التركية منعها، ومنع الأغاني التركية والشرقية واكتفت الإذاعة بإذاعة الموسيقى الغربية كما أمر.  أجبر الأتراك على ارتداء القبعة اقتداء بالغرب المسيحي. باع أذربيجان للروس! [8]

وبعد رحيل اللا مأسوف عليه صنم تركيا الحديث، تحولت العلمانية ذاتها في تركيا إلى صنم يعبد من دون الله، والجيش يرابط لكي يدفع عنه أي ثمة معارضة، وحينما قام رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيًّا بأغلبية ساحقة، عدنان مندريس، بإعادة الأذان باللغة العربية، قام حامي حمى العلمانية بانقلاب عسكري وحكم على مندريس بالإعدام عام 1960 بتهمة محاولة تحويل تركيا لدولة دينية!

وفي انتخابات تركيا الأخيرة ونجاح حزب العدالة والتنمية لرابع مرة على التوالي، لدليل قوي على تهاوي صنم العلمانية من قلوب الأتراك ونجاح التيار الإسلامي بقوة في كل المجالات، ويكفي التطور الاقتصادي.

[1] الآية 23 من سورة نوح

[2] الآية 88 من سورة طه

[3] انظر تفسير ابن كثير في تفسير سورة طه

[4] الآية 97 من سورة طه

[5] الآية 19 و20 من سورة النجم

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل